اختتمت القمة العربية ال22، والنتيجة بيانان، ومؤتمر صحفي، قمة كانت وليدة بيئتها وظروفها المحيطة، المناص من التحديات والمصالحة العربية أصبح عقبة كئودا كي تستقر أوضاع العرب، مرحلة خلافاتها إلى الاستثناءات، وفي تلك الحالة قمة عربية استثنائية أكتوبر المقبل. علمت "مصر الجديدة" أن خلافًا نشب بين الرئيس السوري حافظ الأسد، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، بشأن دعم المقاومة الفلسطينية، وإدراجها ضمن البند الثاني الذي اكتفى في نص إعلان سرت بتقديم تحية إكبار وإجلال للشعب الفلسطيني في نضاله للتصدي للعدوان الإسرائيلي المستمر على أرضه ومقدساته وتراثه، وكان المقترح السوري الذي دعمته كل من ليبيا وقطر، يرى ضرورة الخروج بقرار أكثر قوة بشأن دعم المقاومة، وحسب مصادر مطلعة من القمة فقد طالبت تلك الدول بدعم المقاومة بكل أشكالها. وذكرت المصادر أن الرئيس محمود عباس قام بالرد على الرئيس السوري، وطالبه بأن يقاوم من يتكلم عن المقاومة. وجرى حوارًا لا يخلو من الحدة تحدث عنها وزراء الخارجية بين الرئيسين السوري والفلسطيني تساءل خلاله الثاني عن هوية من سيقاوم إذا لم يكن الخيار العربي سلميًا؟ فعلق الأول مطالبًا عباس بأخذ زمام المبادرة وقيادة المقاومة بصفته قائدًا للشعب الفلسطيني، فيما أوضح عباس أن المفاوضات خيار عربي تدعمه المبادرة ولم يعد خيارًا فلسطينيًا فقط. كما علمت "مصر الجديدة" أن التوتر الذي شاب العلاقة بين عباس والقذافي، يرجع إلى ملف المصالحة الفلسطينية ورغبة كانت ملحة لدى القذافي بأن يقوم بإخراج حدث كبير في القمة العربية بحضور الفصائل الفلسطينية، وخاصة حركة حماس، وحركة فتح للخروج ببيان حول المصالحة الفلسطينية، وهو ما رأى الجانب الفلسطيني أن هذا الملف لدى الجانب المصري، واتصل حسب المصدر، مسئول فلسطيني رفيع المستوى بالرئيس المصري حسني مبارك، وأبلغه أنهم رفضوا العرض الليبي، وأنهم يتوقعون معاملة سيئة منهم نتيجة لذلك. وهو ما حدث بعد ذلك بالفعل، حيث لم يستقبل القذافي عباس بالمطار وأناب مندوبًا عنه، كما قام فيما اعتبره الحاضرين إهانة لعباس عندما قال له: إن شعرك قد شاب ويجب ترك الأمور للشباب الذي سيقاتل بنا أو بغيرنا، وذلك تعقيبًا على كلمة عباس في القمة، وبعدها تردد خبر انسحاب عباس وهو ما تم تداركه سريعًا القذافي، لكي لا يتم إفساد القمة، خاصة وأنها تأتي تحت شعار"دعم صمود القدس"، وجلسا معًا في جلسة ثنائية، وأكمل بعدها أبو مازن القمة. أما الخلاف الآخر فجاء بناء على مبادرة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بشأن مبادرته لسياسة الجوار العربي، والتي تضم مع الدول العربية دولا إقليمية أبرزها تركيا وإيران، الأولى يبدو أنه لا خلاف عليها، أما الثانية، فالعديد من الدول العربية يرفض اي حوار من هذا النوع معها نتيجة لاختلافات منها إيديولوجيا، وآخر لتعارض المصالح. عمرو موسى أصر على أن الحوار مع إيران ضروري ولا بد أن يكون عاجلا وإدراجها في هذا السياق الإقليمي الجديد، يتعامل مع المخاوف من البرنامج النووي الإيراني الذي ربما يكون هذا النظام وإن كان بشكل غير مباشر نظاما شرق أوسطي وفق التحديد الأمريكي الذي سمعنا عنه منذ سنوات قليلة، لكنه يستبعد إسرائيل على طريقة عمرو موسى. مصر من جانبها طالبت بالتدقيق في المقترح ودراسته بدقة، وقال الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي: إنه لا يعتقد أن الوقت قد حان ليرى العرب أن إيران غيرت موقفها تجاه الدول العربية، دول أخرى ترفض إيران، وفق مصدر مطلع من القمة العربية، وهي ، الإمارات، والأردن. وهو ما بدا في البيان الختامي "إعلان سرت" الذي بان من فحواه استبعاد إيران من تلك الرابطة، وذلك على الرغم من تحديد تلك القمة، قمة عربية استثنائية مقرر لها أكتوبر القادم، لتناقش مبادرة اليمن وليبيا بشأن إعادة هيكلة الجامعة العربية في إطار إصلاح النظام العربي، ومبادرة سياسة الجوار..وذلك بعد إعداد دراسة كما كان مطلوبا من عدد من الدول العربية. وكان أم الخلافات التي ولدت بعدها خلافات أخرى في بداية الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العرب، بين ليبيا والعراق، بسبب استقبال القذافي وفدًا من المعارضة العراقية استفزازًا للنظام العراقي الحالي، وهو ما كان سيسفر عن خفض مستوى تمثيل العراق من وزير خارجية إلى مندوب، وهو ما تم تداركه بجهود عمرو موسى، ووزيري خارجية الكويت والبحرين، وتوضيح ليبي من موسى كوسة وزير الإعلام للاتصال الخارجي. ليس هذا وفقط، بل كان هناك توتر بين العراق وسوريا، بسبب مكان انعقاد القمة العربية المقبلة وثار جدلاً حوله، حسم بعد ذلك، على أجندة القمة وخلال تصريحات المسئولين بأن ترأس القمة العراق، ويتم تحديد المكان وفق ظروف العراق حينها، وتردد ربما تكون مدينة شرم الشيخ مقرًا لانعقاد القمة ال23، مما أجج من هذا الخلاف الذي هدأ بعد ذلك خلفية العلاقة السورية العراقية المتوترة بسبب اتهام العراق سوريا بدعم العنف والتفجيرات في الأراضي العراقية. هناك قمة عربية استثنائية وتحضيرات بالطبع، هناك عملية سلام متعثرة، والمبادرة لم ينجح القادة العرب في قمتهم للتوصل إلى توافق بشأن استئناف الفلسطينيين لمحادثات السلام مع إسرائيل من عدمه مما يجعل من غير المتوقع أن تجرى المحادثات التي تستهدف استئناف عملية السلام المتوقفة في وقت قريب. فيما أَحبط الوزير السوري وليد المعلم إجماعا مفترضا تم إجهاضه هو الآخر على مسألة الخيار التفاوضي ولجنة المبادرة العربية، فقد أنسحب من الاجتماع المغلق بعد مشاحنة سياسية ضمت رئيسه بشار الأسد ونظيره الفلسطيني محمود عباس ليعلن أي المعلم- بأن سوريا لا تعتبر نفسها مسبقا جزءا من أي ترتيبات تقررها القمة العربية بخصوص الخيار التفاوضي. ورفض أبو الغيط التعليق على موضوع تدوير منصب الأمين العام، وهو الملف الذي يبدوا حساسًا نظرًا لوزن عمرو موسى الذي اعتبر في كلمته أن دورتين تكفي كأمين عام للجامعة العربية، وهو ما أصاب الكثيرين بالإحباط والآخرين بالغبطة لانتهاز الفرصة.. مصر قالت إن الوقت لا زال مبكرًا للحديث عن هذا الموضوع. فيما حسم الوزير المصري أحمد أبو الغيط مقر الجامعة العربية، عندما قال: إن القاهرة ستبقى مقرا للأمانة العامة للجامعة العربية، وذلك ردا على سؤال وليس عن خلاف. كيف تبدو القمة الآن؟ أعتقد أن قمة أخرى ربما تعتذر عما فعله العرب بطموح الشعوب، وخطورة التحديات.. وأتصور أن المصالحة العاجلة تبنى على المصالح المصيرية لتلك البلدان، واعتقد أن المصالح تفرقت، بعيد عن محيطها العربي، وليس على اتصال، وبناءًا عليه ماذا ننتظر من القادة العرب؟!