لا يوجد علي جدول أعمال أي قمة عربية بند يحمل عنوان »المصالحة العربية«.. ورغم ذلك فهو البند الرئيسي في أي قمة. ويبدو أن هذا البند سوف يستمر الي مالا نهاية أو لأي أجل منظور.. عمرو موسي أمين عام جامعة الدول العربية فاض به الكيل واضطر الي القول في مؤتمره الصحفي الأخير بالقاهرة!! أنا كعالم ببواطن الأمور لا أجد سببا للخلافات العربية!!. حديث موسي كان بصدد رد علي سؤال عن المصالحة العربية في القمة التي تجتمع غدا بمدينة سرت الليبية. يسبق كل قمة جهود لتنقية الأجواء وتصريحات متفائلة بأن تكون قمة المصالحة.. وتلتئم القمة وتنفض، والحال كما هو، إن لم يكن أسوأ. هكذا.. أصبح حال العرب الآن.. هل أصبحوا غير قادرين علي حكم أنفسهم أم أن الثراء أصبح نكبتهم.. منذ أول قمة عربية في مدينة أنشاص بمحافظة الشرقية عام 64 لنصرة القضية الفلسطينية، كانت معظم الدول تعاني فقرا الأخريات إما تحت الاستعمار أو لم تتشكل بعد. وكانت اسرائيل العدو الأول والأخير.. ظلت كلمة العرب متوحدة تعقد القمة في وفاق ووئام، حتي أغناهم الله وتحرر البقية من الإحتلال، فدبت بينهم الخلافات ونشب الخصام وأصبحت قضية تحقيق المصالحة العربية وتنقية الأجواء بندا خفيا في كل قمة عربية، يضفي علي كل بنود القضايا المهمة والمصرية في أي قمة. تتسابق وسائل الاعلام علي متابعة من التقي من الزعماء بالآخر. وهل ستكون بداية صفحة جديدة في العلاقات، ومن الذي قام بالوساطة وأين أجتمعوا سرا وماذا أكلوا وشربوا.. هذه الأخيار تطفي في كل قمة عن سواها وتصبح هي القصة والقضية الأساسية.. وينسي الإعلاميون ماذا ناقش القادة في القمة. وما هي الاجراءات التي سيتخذونها لمواجهة الغطرسة الاسرائيلية؟ أو كيف سيتم تحرير الأرض العربية المحتلة؟ وما هي القرارات أو الخطوات الفعلية لدعم التعاون الاقتصادي أو زيادة التبادل التجاري؟.. أو كيفية جذب مليارات الدولارات من المدخرات العربية بالخارج؟.. أو تعزيز الاستثمار المشترك في عصر التكتلات الدولية وهيمنة القوي العالمية وتدخلاتها في شئون العرب، والملفات التي تمسكها للضغط عليهم عند اللزوم؟ من كل قمة الي أخري يتغير المكان وقد يكون اشخاص القادة.. ولا نسمع إلا كلمات رنانة تدعو لنبذ الخلافات والفرقة والعمل علي وحدة الصف العربي والحفاظ علي مصالحهم القومية العليا. بينما الواقع مر، ويشتد الخلاف.. علي أي شيء.. لا يعلم أحد.. وما تتصالح دولتان في قمة، حتي يستجد خلاف بين دولتين أو ثلاث في القمة التي تليها. ولذلك لم نعد ننتظر من أي قمة عربية قرارا جماعيا ضد اسرائيل أو اجراءات تنفيذية للسوق العربية المشتركة، المطروحة علي جدول أعمالهم منذ عشرات السنين. وتلتئم قمة العرب غدا.. وحالهم أسوأ من الأمس.. هكذا هو الحال ما بين المغرب والجزائر.. وما بين مصر وسوريا وقطر، وما بين لبنان وليبيا، وما بين تشاد والسودان.. والدولة التي لا تعاني خلافا مع أخري، تسودها نزاعات وتوترات داخلية تهدد بحرب أهلية في أي لحظة.. وها هو الحال في السودان واليمن والصومال.. تلتئم القمة غدا والعرب ما بين تيار الإعتدال وتيار الممانعة.. وما بين اتهامات بالتبعية لامريكا أو لايران. يبدو ان العرب قد نسوا ان فلسطين لم تعد علي الخريطة منذ 26 عاما.. وأن اسرائيل تحتل اراضي عربية في سوريا ولبنان.. ويبدو أنهم لم يدركوا بعد.. أنهم الأكثر فقرا وتخلفا بين شعوب العالم؟!