أكد د. أحمد جلال مدير منتدى البحوث الاقتصادية نائب رئيس البنك الدولى سابقا أن أداء الاقتصاد المصرى فى العقدين الأخيرين تحسن بشكل تراكمي، مقارنة بما كان عليه الاقتصاد فى الستينات والسبعينات، موضحا أنه بالنظر إلى السياسات الاقتصادية المتبعة الآن يتضح أنها جيدة فى مجملها، لكونها استطاعت أن تحرك الاقتصاد وتحقق نتائج هامة للغاية كزيادة نسب النمو والاستثمار بغض النظر عن التراجع الناتج عن الأزمة المالية العالمية. وقال د. جلال ل"مصر الجديدة": على الرغم من أن سياسات الحكومة الاقتصادية خلال العقدين الأخيرين تتسم بالإيجابية بشكل تراكمي، إلا أنه من الممكن إدخال بعض الإصلاحات، التى من شأنها الإسراع بنسب النمو والخروج الآمن من هذا الوضع المأزوم، فالسياسات النقدية لا تزال مقصرة فى سعيها لمواجهة التضخم المتزايد، الذى يطحن عظام محدودى الدخل، ويؤدى بدخولهم إلى التآكل. واتهم سياسات البنك المركزى بالمسئولية عن زيادة نسبة التضخم وليس الاحتكار أو غيره كما يدعى البعض، فالبنك المركزى هو المسئول عن طبع النقود، وهو فى ذلك يزيد من حجم النقود، التى تضخ فى السوق لشراء أكبر قدر من الدولارات لزيادة الاحتياطيات لديه، وبالتالى تأتى السياسات النقدية غير مستهدفة للتضخم بقدر استهدافها تثبيت سعر صرف الجنية مقابل الدولار. وأشار إلى أن عجز الموازنة العامة الذى بات مرضا مزمنا ملازما للاقتصاد المصرى أمر خطير للغاية، خاصة إذا تعدى حدود الأمان، وهى 2 أو 3% من إجمالى الناتج القومي، لأن هذا العجز له أثار تضخمية كبيرة، فالأمر ببساطة شديدة أنه فى الوقت الذى تتكدس فيه الأموال بالبنوك التجارية تضطر فيه الدولة للاقتراض من هذه البنوك لسد عجز الميزانية، فتكون بذلك أزاحت هذه الأموال من سوق الاستثمار، الذى هو النشاط الاقتصادى الأكثر إفادة، موضحا أنه لذلك كله تحتاج سياساتنا النقدية لإعادة نظر؛ لتكون أكثر ملائمة للمرحلة التى يعيشها الاقتصاد. وشدد أحمد جلال على أن أجندة الإصلاح الاقتصادى لم تنتهى بعد، بل هى ما تزال فى البداية، وما يزال أمام الحكومة مشوار طويل، ولكن لابد أن تتم فيها إعادة النظر إلى منظومة السياسات الاقتصادية لخدمة الاجتماع، لأن السياسات النقدية المريضة سوف تؤثر على أصحاب الدخول الثابتة، وبالتالى لابد من الاهتمام بالجانب الاجتماعى للاستثمار، ولتعيد الحكومة حساباتها فيما يتعلق بالخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم والطرق وغيرها، لتقدمها وبجودة عالية وبأسعار تناسب محدودى الدخل. وأوضح أن سعى القطاع الخاص لتحقيق الربح هو أمر جيد، لأنه إذا لم يسع لذلك تصبح هناك مشكلة كبيرة للاقتصاد، مشيرا إلى أن هذا القطاع لا ينمو ولا يشارك بالقدر الكافى المنتظر منه فى الفترة الحالية, كما أن أداء القطاع الخاص تدن مؤخرا سواء فى الاستثمار والتشغيل أو التصدير، لأنه لا يجد ربحية معقولة تحفزه على ذلك بسبب مجموعة السياسات الاقتصادية التى يواجهها، فالدول التى نجح بها القطاع الخاص هى الدول التى استطاع خلالها صانعو القرار القيام بحزمة من الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية تؤدى إلى تحقيق توليفة من المصالح العامة والخاصة فى نفس الوقت. وخلص مدير منتدى البحوث الاقتصادية إلى أنه على الرغم من حالة الشكوى العامة التى تسود المجتمع إلا أنه لا يزال متفائلا بمستقبل الاقتصاد المصري، لأنه بمقارنة ما يحدث الآن من تنمية اقتصادية بما كان عليه الاقتصاد فى فترات الستينات والسبعينات يتضح الفارق الشاسع، الذى يصب فى مصلحة السياسات الحالية، علاوة على ذلك أن المعروف أن الدول تقلد بعضها مثل الأفراد، ومن ثم فالاقتصاد المصرى لن يجد هذه الآونة ما يسعى لتقليده غير الأنظمة القوية سواء فى أسيا أو أمريكا اللاتينية أو أوربا وأمريكا الشمالية، ومن ثم فالأمر لا يدعو أبدا للتشاؤم، كما يدعى البعض.