الدكتور بطرس بطرس غالى حالة من الارتباك سادت إدارة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فى مصر بعد التقرير الحديث الصادر عن الإدارة الأمريكية الذى يطالب مسئولي الوكالة فى مصر بإعادة النظر فى توزيع المنح ووضع المزيد من الضوابط و ذلك بعد أن تبين قيام عدد من منظمات المجتمع المدني بإهدار أموال المنح وتكليف البرامج المراد تنفيذها بمبالغ تقل كثيرًا عن تلك التى تحصل عليها. وقد حفل التقرير- الذي حصلت "مصر الجديدة" على نسخة منه- باتهامات وجهت لمنظمات حقوقية وأخرى حكومية بصيغة استعلائية كريهة حتى إنه ذكر أن فرق العملة بين الدولار الأمريكى و الجنية المصرى ساعد على تعرض الوكالة للخداع!. وأكدت مصادر بالوكالة أن هذا الأمر سيؤدى الى تشدد الوكالة فى الشروط التى على أساسها سيتم تقديم منح هذا العام كما سيتدخل مسئولي الوكالة أثناء تنفيذ تلك المنظمات للبرامج المختلفة كما ستوضع تعديلات فى العقود تلزم المنظمات بتقديم تقارير مفصلة عن أوجه الإنفاق و معادلة ما تم صرفه بالجنية المصرى و الدولار الامريكى .. وذكر التقرير ضعف تأثير البرامج الخاصة بحقوق الإنسان والديمقراطية خلال العامين الماضيين والتي لم تحقق النجاح سوى بنسبة محدودة فما زالت التقارير الحقوقية الدولية تسجل تراجع ترتيب مصر فى حرية الإعلام والصحافة وزيادة معدلات الفساد والحريات المدنية والحريات السياسية والديمقراطية، كما لم تشهد البلاد أى تقدم فى مجالي الديمقراطية والحريات السياسية خلال العامين الماضيين وذلك بالرغم من توقيع مصر على معاهدة ثنائية مع أمريكا تلتزم مصر بموجبها بتنفيذ برامج الإصلاح السياسى فى البلاد ذلك فضلاً عن الملايين التى دفعتها الوكالة لمنظمات المجتمع المدنى لتنفيذ برامج دعم الديمقراطية جاء أثرها محدودًا نظرًا لتقاعس تلك المنظمات عن تنفيذ البرامج بدقة. وطالب التقرير بتفعيل طرق المراقبة والرصد للكيفية التى يتم بها تنفيذ البرامج الممولة من الوكالة والتى تقوم بتنفيذها منظمات المجتمع المدنى ودخول الوكالة كشريك فعال لتحقيق أهداف المنح والتأكد من أوجه صرفها. وذكر التقرير مثالا على ذلك أن مؤسسات النقيب لم تحقق سوى 14% من البرامج التى وكل إليها تنفيذها وكانت المنظمة قد حصلت على منحة قدرها 618 الف دولار لتدريب 2100 ناشط لمراقبة انتخابات مجلس الشورى عام 2007 لكن عددا كبيرا منهم وصل إلى نسبة 40% لم يتمكنوا من إتمام عملية المراقبة لأسباب مختلفة منها عدم استخراج تصاريح للمراقبة داخل اللجان. كما حصلت إحدى الهيئات الحكومية على 16 مليون دولار لتدريب قيادات إعلامية على أساليب الإدارة وزيادة فاعلية الرسالة الإعلامية الموجهة وكان من المقرر أن يتم ذلك من خلال 26 برنامجا تدريبيا أعددتها الوكالة إلا أن الهيئة اكتفت بتنفيذ 9 منها فقط ذلك إضافة إلى رفض الوزارات التى تحصل على منح لتدريب العاملين بها إعطاء الوكالة بيانات عن أعدادهم وتخصصاتهم وكأن من المفترض أن تعرض تلك الوزارات تفاصيل خاصة بإدرة العمل داخلها لإرضاء مسئولي الوكالة. وبالنسبة للمنح المخصصة للبعثات التعليمية خارج مصر فقد كشف التقرير أن الشخص الواحد قد يلتحق بأكثر من بعثة نتيجة الفساد والمحسوبية للقائمين على تلك المنح والتى تقدم عدد منها الى جامعات مصرية! وكشف التقرير عن رفض وزارة التربية التعليم تسلم 60 ألف كتاب مدرسى يحمل أفكارًا مسمومة كانت الوكالة قد أعدتها خصيصًا لتلاميذ المدارس. وفى محافظة قنا دعمت الوكالة مشاريع خاصة بالحكم المحلي والتى سرعان ما انهارت بسبب عدم متابعة الجهات المنفذة لها من منظمات حقوقية ورفضت الحكومة تمويل الوكالة لعدد من البرامج الخاصة بتدريب نشطاء حقوق الإنسان داخل مصر مما دفع الوكالة إلى توكيل مؤسسة "فريدم هاوس الأمريكية لتدريب النشطاء خارج مصر كما رصدت الوكالة مليون دولار لتدريب 600 مدرس و30 ألف طالب جامعى على مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، و تم تدريب نسبة 8% فقط من العدد المطلوب، كما أمدت الوكالة الحكومة المصرية ب40 ألف كتاب بكلفة 950 ألف دولار إلى وزارة التعليم التى لم تقم بتوزيع أيٍّ من تلك الكتب على المدراس. وحصلت الجمعية المصرية للتنمية وحقوق الإنسان على 49 ألف دولار لتنفيذ برامج لم تتكلف أكثر من 4 آلاف دولار فقط، كما حصلت جمعية النقيب للتدريب والديمقراطية على 46 ألف دولار لتنفيذ برنامج لم تتعدَّ تكلفته ال8 آلاف دولار كذلك. وتستعد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لتقديم منح فى مجال تنمية الديمقراطية وحقوق الإنسان هذا العام بقيمة 20 مليون دولار أقل من العالم الماضى بمليونى دولار، وذلك ضمن المنهج المتبع لدى الوكالة بتخفيض المنح الحقوقية سنويًا، بعد أن كانت الوكالة ترصد ما يزيد عن 54 مليون دولار سنويا لمنظمات المجتمع المدنى الذي رغم خفض المنح إلى النصف مازالت تعتبر منح الوكالة هى الأعلى مقارنة بالوكالة الكندية والفرنسية والبرنامج الإنمائى للأمم المتحدة. كما سيتم تخصيص 8 ملايين دولار لتنفيذ برامج خاصة بدعم حقوق الإنسان وسيادة القانون بينما يقل عن مثيلتها عام 2008 بواقع 10 ملايين وستركز البرامج على دعم شفافية الحكومة وتقوم المجموعة المتحدة لدعم الديمقراطية بتنفيذ برنامج يتضمن خطا ساخنا للتبليغ عن الفساد الحكومى وكذلك على وضع قانون جديد لتداول المعلومات تتبنى "المنظمة المصرية لحقوق الإنسان" إعداده، هذا غير برامج للحد من العنف الطائفي، كما ستعمل الوكالة على تنظيم أنشطة خاصة بالمدونين فى المركز الثقافى الأمريكى بالإسكندرية بعيدا عن الأعين. وقد أصدرت الوكالة الامريكية تقريرا آخر عن الفترة من 2004 إلى 2009 يشير إلى منح مصر مساعدات بقيمة 82 مليار دولار خلال الخمس سنوات الماضية وترجع أهمية ذلك التقرير فى التأكيد على تغير الوكالة لسياستها تجاه المنحة الحقوقية المقدمة فى مصر حيث ستشهد الفترة القادمة تفعيل دور الدبلوماسية الأمريكية كبديل عن المنح المباشرة خاصة وأن القوى المعارضة الحقيقة فى البلاد بدأت تعلن رفضها لمنح الوكالة فى حين تقبل بها جهات مشبوه غير مؤثرة بشكل كبير. وأكد التقرير على نجاح الوكالة فى تنفيذ برامج تدعم الحكم المحلى فى 13 محافظه وتدريب ثلاثة آلاف من القضاة والموظفين بما يتضمن برنامج تدريبي شامل لأول قاضيات من النساء المعينات في المحاكم الابتدائية وتحسين خدمات التسوية والمشورة من خلال التدريب لأخصائي التسوية والموظفين وقضاة محاكم الأسرة، وتقديم المنح للمنظمات غير الحكومية بالإضافة إلى إعداد استراتيجية قومية لتطبيق اللامركزية وتنفيذ نماذج رائدة في أسيوطوقنا والبحيرة لزيادة الإيرادات المحلية وزيادة مشاركة المواطنين وإنشاء لجان لحماية الطفل في كافة المحافظات البالغ عددها 29 في جميع أنحاء البلاد، وحملة توعية قومية لحقوق الإنسان، وتوزيع 180.000 من كتب الأطفال عن حقوق الإنسان وتوفير التدريب لأكثر من 2.000 من الإعلاميين مقرونًا بتعزيز ست مؤسسات للتدريب الإعلامي في القاهرة من بينها مؤسسة أخبار اليوم و وكالة أنباء الشرق الأوسط وجريدة المصرى اليوم هذا إلى جانب زيادة فرص الحصول علي المعلومات والأخبار المحلية من خلال إطلاق أول ملحق أسبوعي لجريدة قومية في الإسكندرية! وإعداد كادر مدرب مكون من أكثر من 13.000 من مراقبي الانتخابات المحلية علي الصعيد القومي ودعم إصدار 1.250 بطاقة الرقم القومي وبطاقات الاقتراع لتسهيل مشاركة المواطنين في الانتخابات القومية والمحلية.