تحولت عاصمة أذربيجان باكو إلى ساحة قتال في «حرب عالمية تدور في الظل» وهى الحرب بين إيران وإسرائيل، فقد اعترضت الشرطة الأذربيجانية سيارة هاربة وألقت القبض على اثنين من المشتبه بهم من مسلحي حزب الله من لبنان. وكانت السيارة تحتوي على متفجرات ومناظير وكاميرات ومسدسات كاتمة للصوت وصور استكشافية. وأوضحت السلطات في أذربيجان أنه بعد اقتحام منازل، أحبطت ما تقول السلطات إنها كانت خطة لتفجير السفارة الإسرائيلية في أذربيجان، الجمهورية السوفيتية السابقة التي تشترك في الحدود مع إيران. وقال مسؤولون غربيون في مكافحة الإرهاب إن الاعتقالات التي تمت منذ عام أحبطت انتقاما سريعا من حزب الله وإيران لاغتيال عماد مغنية، قائد العمليات العسكرية الخاصة لحزب الله، الذي اغتيل في دمشق في فبراير 2008، وتعتقد إيران وحزب الله أن إسرائيل تقف وراء اغتياله. وظلت التحقيقات محاطة بدرجة كبيرة من السرية حتى الأسبوع الحالي، عندما بدأت جلسات محاكمة مغلقة للبنانيين وأربعة أذربيجانيين باتهامات تتعلق بالإرهاب والتجسس وجرائم أخرى. وتقدم القضية نظرة من الداخل على أحد جبهات الصراعات السرية التي تحاربها إسرائيل من جانب وحزب الله وإيران من جانب آخر في أماكن بعيدة من أميركا اللاتينية إلى وسط آسيا. ونفى حزب الله أنه يقوم بعمليات مسلحة خارج لبنان، التي يقع فيها مقر أجنحته العسكرية والسياسية والاجتماعية. ورفضت إيران المزاعم بأنها ترعى الإرهاب. ولكن كل منهما تعهد بالرد على إسرائيل انتقاما لاغتيال مغنية، الذي أدى اغتياله إلى تحرك جهاز سري يجمع بين الاستخبارات الإيرانية ووحدة عمليات حزب الله الخارجية، على حد قول مسؤولين أوروبيين وإسرائيليين وأميركيين. وتوصلت التحقيقات الأذربيجانية إلى أن المشتبه بهم كانوا ينوون وضع ثلاث أو أربع سيارات مفخخة حول السفارة وتفجيرها تلقائيا. ويقول مسؤولون على صلة بالتحقيقات إن المجموعة كانت تملك مئات الأرطال من المتفجرات، والتي يزعم أن جواسيس إيرانيين أعطوها لهم، وكانوا يعتزمون جمع المزيد منها. يأتى هذا في الوقت الذي يخوض فيه حزب الله حملة قوية من أجل الانتخابات التي تجرى يوم 7 يونيو في لبنان، تشتعل التوترات بعد إلقاء القبض على خلية لحزب الله في مصر وعلى جواسيس إسرائيليين مشتبه بهم في لبنان. وقد حذر حزب الله مؤخرا من أن إسرائيل تستعد لاغتيال الشيخ حسن نصر الله، الأمين العام للحزب. ويقول مسؤولون إسرائيليون إن فقدان خبرة مغنية ألحق الضرر بقدرة حزب الله على القيام بهجمة ترد على حادث اغتياله. لكن ربما تكون الجماعة المسلحة في ترقب للفرصة المناسبة، ويقول رانستورب: «أعلن حزب الله أنه سيقرر وفقا لجدوله الزمني ما سيفعله». من جانبها اعتبرت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية في عددها الصادر اليوم أن "إحباط هذا المخطط جاء نتيجة عمل استخباري مشترك بين أذربيجان وإسرائيل"، على حد قولها. وللحكومة الأذربيجانية علاقات جيدة مع إسرائيل والدول الغربية، حيث ساهمت تل أبيب في تطوير خط أنابيب النفط الذي يمر عبر أذربيجان وجورجيا إلى ميناء جيهان التركي. وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن "السلطات الأذربيجانية اعتقلت لبنانيين من عناصر حزب الله، كما اعتقلت 4 أذربيجان للاشتباه في ضلوعهم في المخطط". واللبنانيان المعتقلان –بحسب الصحيفة- هما "علي كركي، وهو خبير في وحدة العمليات التابعة لحزب الله، وعلي نجم الدين وهو خبير في المتفجرات". وعلى الصعيد ذاته قالت الصحيفة إن "اللبنانيين كانا يتنقلان بين أذربيجان وإيران ولبنان منذ مطلع 2008 بجوازات سفر إيرانية وكونا الخلية التي كانت ستنفذ الهجوم". ومضت الصحيفة قائلة: "أجروا عمليات استطلاع للسفارة الإسرائيلية الواقعة في مجمع فنادق (حياة) ووضعوا مخططا لتفجيرها بثلاث أو أربع سيارات مفخخة بمئات من العبوات الناسفة". وأحيطت التحقيقات والمحاكمات بالسرية على مدى الشهور الكثيرة الماضية، ولكن تم الكشف عنها الأسبوع الماضي، بعدما بدأت إجراءات المحاكمة المغلقة بحق لبنانيين اثنين وأربعة أذريين بتهمة "الإرهاب والتجسس وغيرهما من الجرائم". وعن التأخر في الكشف عن القضية، قالت الصحيفة الإسرائيلية: "جمع الادعاء جميع المعلومات والأدلة على تورط المشتبه فيهم في العملية استغرق وقتا كبيرا".