منذ أن علمت الأحزاب بأنه من الممكن أن تكون الانتخابات البرلمانية القادمة بالنظام الفردي، إلا وهبت وانتفضت لجانها الالكترونية وجهازها الاعلامي، للوقوف بشدة أمام النظام الفردي. ولا يوجد تفسير عندي لذلك سوى أنها تخشي مواجهة النظام الفردي، مع العلم أنها عندما واجهت النظام بالقائمة - ذات الأحزاب التي ترفض الفردي- لم تستطع أن تنافس أو تشكل قائمة ذات وزن نسبي، بل استعانت بالأقوياء من الوطني القديم. أندهش.. لماذا تصرون على نظام القوائم وأنتم تعلمون علم اليقين إنكم غير قادرون على المنافسة في ظل هذا النظام، لو جاز لي التعبير، وازعم أني مخالط لمعظم الأحزاب المتواجدة على الساحة، فهي لا تملك موارد مالية أو بشرية - باستثناء حزب الوفد - تستطيع أن تدخل المعترك الانتخابي بها. مع العلم أن بقايا الأحزاب الدينية، إذا ما سنحت لها الفرصة بنظام القوائم، ستحصل على نسبة لن تقل عن 25% من المقاعد، لكن ليست هذه المشكلة فقط. وإنما المشكلة الحقيقية أن كل حزب من الأحزاب الموجودة على الساحة الآن، يقيس درجة قوته الانتخابية والسياسية بحجم تواجده الإعلامي، أو عدد المشاركين له على صفحته (Facebook)، لكن ليس بالتواجد الجماهيري أو المشاركة والتواصل الشعبي، كما درسنا قديماً. إن الحياة الحزبية في مصر، وكما قلت مراراً وتكراراً، نموذجاً فريداً، فهو مجرد إخطارات حزبية على ورق، مجرد رخصة مباشرة الأنشطة الحزبية لكن على الورق، أتحدى من يستطيع أن يشكل قائمة انتخابية في ذلك التوقيت تغطي ثلاث محافظات فقط. ربما مفاجأة للبعض.. لكن هذه هي الحقيقة.. مصر على مدار عمرها الانتخابي لم ينجح لها انتخابات إلا بالنظام الفردي، حتى في الثلاث مرات التي كانت على أساس القائمة، فشل مجلسها البرلماني. لن نخوض في تفاصيل ذلك، لأن الأهم هو أن مصر تؤمن وتتعايش مع النظام الفردي، بل استطاعت أن تفرز من خلال هذا النظام أعظم برلماني الوطن العربي، وأسوأ برلماني الوطن العربي. أما نظام القائمة، فلم يكون في يوم من الأيام، معبراً عن برلمان حقيقي للمواطن المصري البسيط. دعونا نتفق على أن كل نظام انتخابي له مزاياه وعيوبه، لكن نحن نحتاج في هذا التوقيت للنظام الفردي، كفرصة أخيرة لتطهير الحياة الحزبية، وبناء أحزاب قوية وليست (فيسبوكية). الحزب السياسي لا يعتبر حزباً إلا إذا كان له أنصار ومريدين وتواجد في الشارع المصري، الحزب السياسي الحقيقي هو من كانت له كوادر وقواعد، الحزب السياسي الحقيقي هو من ينافس على الوصول للحكم.. هذا ما تدارسناه وتفهمناه، لكن الأحزاب الآن في مصر ليست من هذا القبيل. مصر لا يوجد بها حياة حزبية حقيقية، وإنما يوجد بها فتات أشخاص، تحاول أن تخلق تواجداً، وتقفز على أكتاف الحياة السياسية في مصر، 78 حزباً ورقياً، لكن هناك 4 أحزاب فعلية.. هل هذه الحياة الحزبية في مصر؟ لن أذكر أسماء أحزاب، لكن يكفيني أن يعلم فتات الأحزاب هذه - لو جاز لي التعبير - أنها لم تحصل على برلمان الشعب المصري، سواء بالفردي أو القائمة، وإنما النظام الفردي فرصة لتطهير الحياة الحزبية.