جيش مصر خير أجناد الأرض المناورة بالقوات هي مبدأ مهم جداً من مبادئ الحرب، ويندر أن لم يكن من المستحيل كسب أي حرب دون تطبيقه، والمناورة بالقوات في العلم العسكري تعني أن يقوم القائد بتحريك قوات قبل وأثناء المعركة من مكان إلي آخر، حيث تستطيع من موقعها الجديد أن تحقق نجاحاً أكبر في القتال، ففي العمليات الهجومية يستطيع القائد الذي يطبق هذا المبدأ استغلال الفرص التي قد تظهر له أثناء القتال نتيجة سوء توزيع العدو لقواته في الدفاع أو نتيجة بدء تحركها، فيدفع قواته في الاتجاهات الضعيفة حيث يمكن اختراق خطوط خصمه الدفاعية والوصول إلي مؤخرته. ويستطيع القائد أن يحقق هذا المبدأ أيضاً في المعارك الدفاعية، فهو يستطيع أن يتظاهر بالضعف في قطاع معين سواء بالتقهقر أمام خصمه في قطاع من الجبهة أو بأن يترك ثغرة غير مؤمنة بين جناحيه تغري المهاجم علي المرور خلالها بغية الوصول إلي مؤخرة القوات المدافعة .. فإذا ما نجح القائد المدافع في استدراج خصمه إلي منطقة القتل التي يريدها انقضت عليه قواته من الأمام والخلف والأجناب لإبادتها . فالمناورة بالقوات إذاً شئ والانسحاب شئ آخر؛ فالأولي هي الاستمرار في القتال في مكان آخر، أما الثانية فهي التخلص أو الهروب من المعركة. وقد بين القرآن العظيم الفرق بين المناورة بالقوات والانسحاب في قوله تعالي: "يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا فلا تولوهم الأدبار. ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلي فئة فقد باء فغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير" [الأنفال: 15-16]. فتولية الدبر معناها الانسحاب من القتال، أما المتحرف للقتال أو التحيز إلي فئة فهو ما يطلق عليه اليوم في العلم العسكري مبدأ (المناورة بالقوات)". "من مذكرات حرب أكتوبر" للفريق سعد الدين الشاذلي (ص357).