قالت جماعة الإخوان المسلمين، لا تزال الدِّماء تسيل، والجُرُوح تنزف، والأَرْوَاح تُزْهَق، والأشلاء تَتَطاير، والأطفال والنساء والشيوخ والشباب يتساقطون على أرض سوريا الحبيبة، ولا يأتي يوم إلا والذي بعده أَشَدُّ منه، لا يحمل قلب الطاغية فيه رحمة ولا شفقة ولا تهتزُّ فيه شعرة لحرمة امرأة، أو صرخة طفل، أو دموع عجوز، أو أنَّات ثكلى ودعوات شيوخ ركع. وتابعت الجماعة، عبر بياناً رسمياً لها اليوم، الأربعاء، ولا ندري كيف أُشْرِبَت قلوب هؤلاء الطغاة كل هذه القسوة، وكل هذه الغلظة على شعوبهم؟!!.. ولَكَمْ تمنَّت الأمة كلها أن تُصَوَّب هذه الغلظة تجاه أعدائنا، ولكن شيئًا من هذا لم يحدث. وأكدت جماعة الإخوان المسلمين، على موقفها الثابت منذ البداية، وهو الوقوف إلى جانب الشَّعْب السُّوري الشقيق في ثورته ضِدَّ الظُّلم والطغيان والاستبداد، وحقِّه في الحصول على كافة حقوقه، واستعادة حريته، وبخاصة حريته في اختيار حكامه ونظام الحكم بما يضمن تداولاً للسلطة، وحياة حرة كريمة يكون للشعب فيها كامل الحرية في الإرادة والاختيار مستعيدًا أمجاده العريقة وتاريخه التليد. كما شددت الجماعة، على دعمها الكامل للشعب السوري في ثورته -مثله في ذلك مثل بقية شعوب بلدان الربيع العربي-نُؤكِّد كذلك أنه لا بد من الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، ووحدة الشعب السوري، فلا مجال بأي حالٍ من الأحوال للحديث عن أي شكلٍ من أشكال تقسيم الأراضي السورية أو تفتيتها، ولا مجال أيضًا للحديث عن تقسيم طائفي أو عشائري أو عنصري أو على أي معيار آخر، ولا يقبل إقصاء فصيل أو إبعاد أحد فإن هذا كله مرفوض رفضًا قاطعًا ولا مجال للمساومة فيه، وليعلم الجميع أن هذا كله لا يَصُبُّ إلا في مصلحة المتربِّصِين بهذه الأمة المستفيدين من تفكُّكِها وضعفها . كما أعلن الإخوان المسلمين، عن رفضهم التام والقاطع لأي شكل من أشكال التدخل الأجنبي في شئون سوريا، مؤكدين علي أن التجارب السابقة كلها تثبت أن التدخل الأجنبي لا يزيد الأزمة إلا تعقيدًا، ولا يزيد الوضع إلا تدهورًا، وما أوضاع العراق منا ببعيد. وطالب الإخوان المسلمين، من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي أن تضطلع كلٌّ بدورها، وأن تتحمل مسئوليتها كاملة، وأن تستكمل جهودها وتواصل دورها المنوط بها بشكلٍ حثيثٍ؛ مستعملة كافة صلاحياتها؛ لتحقيق كل ما يصبو إليه شعبنا في سوريا الشقيقة. وأوضحت الجماعة، بأن التحديات التي يواجهها الشعب السوري الحُرُّ الآن تستوجب أن يجمع شمله، وأن يُوَحِّد صَفَّه، وأن يُحَدِّد رؤيته، وينبذ خلافاته؛ ليكون يدًا واحدةً قوية تستطيع بإذن الله تعالى تحقيق أهدافها "ولا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وتَذْهَبَ رِيحُكُمْ واصْبِرُوا إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" (الأنفال: 46). وأهابت الجماعة، إزاء هذه النازلة التي نزلت بشعبنا الحرِّ في سوريا، وأمام هذا الجبروت والصلف لحاكم سوريا، بكل الشعوب العربية والإسلامية أن يقفوا إلى جانب إخوانهم السوريين، سواءٌ منهم من بقي داخل البلاد أم من اضطرَّ اضطرارًا إلى اللجوء إلى إحدى الدول المجاورة، فلا ينبغي لنا أن نظلمهم أو نُسلِمَهم أو نخذُلَهم، بل من الديانة والرُّجولة والنخوة أن نكون في حاجتهم ودعمهم ماديًّا ومعنويًّا، فنمدّ يد العون لهم، ونُفرِّج كربتهم من غير أن نمُنّ أو نتفضل، فهذا حقهم علينا، وشعارنا في ذلك: "ويُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ ولَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ" (الحشر: 9). وأشارت الجماعة، إلي أن الحكومات العربية والإسلامية فعليها دورٌ كبيرٌ في مساعدة اللاجئين السوريين واستيعابهم، وتيسير أمورهم، والقيام على شئونهم؛ حتى يعودوا إلى ديارهم قريبًا بإذن الله تعالى، وتقديم الدعم الرَّسمي والشَّعبي من الدول العربية والإسلامية للمبادرة الرباعية التي أعلنها الرئيس المصري/ محمد مرسي، ودعا إلى تبنِّيها من دول الجوار، وبعدما عبثت بمقدراتها تلك الأيدي الآثمة. وأختتمت الجماعة، قائلة : "يا شعبنا الحر في سوريا، ويا كل شعبٍ مضطهد على أرضه ليس بعد الصبر إلا النصر، وليس بعد العسر إلا اليسر، وليس بعد الضيق إلا الفرج بإذن الله تعالى، فارفعوا أَكُفَّ الضراعة،واستغيثوا ربكم، واستمْطِرُوا رحماته، وانصروه ينصركم ويثبت أقدامكم". "واللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ"