رام الله : تواصل أمريكا واستطالتها الصهيونية إعادة إنتاج الاستعمار على الجغرافيا العربية، من خلال حشد كل الطاقات والأدوات التي من شأنها استباحة الأمة العربية بما يخدم إسرائيل ويعزّز وجودها شرطياً للمنطقة .. وفلسطين في قلب المواجهة والاستهداف والقدس رأس الحربة مكاناً ومكانةً وصمود مقدسيين . ويواصل القرضاوي مسلسل الفتنة والتسويغ للناتو للتدخل بقذائف الموت الحمراء والصواريخ اللاهبة وقنابل الإجرام لتدمير غير بلدٍ عربي بدأها بليبيا، وليس آخرها سوريا والبقية تأتي .. وفي الوقت الذي يصادق كنيست الاحتلال على تهجير ما يزيد على 35 ألف عربي فلسطيني من النقب في دياسبورا جديدة، واقتلاع جديد، أمام باصرتي العالم المنافق والدول العربية التي مازالت تدعم فلسطين بقلبها .. وتترك القدس غرّة الكون ورمح العرب للدفاع عن الكرامة العربية، تتركها للأنياب الاحتلالية وإجرام المستوطنين الذين يواصلون اقتحام المسجد الأقصى بمباركة من حكومة المستوطنين والموت الاحتلالي. في خضم كل ذلك تأتي زيارة القرضاوي ومن معه لغزة لتضيف التباساً آخر لسياقه وفتاواه المدانة . كنّا ننتظر من القرضاوي وأشياعه أن يرفعوا الصوت عالياً لحماية القدس من الإنكسار وتعزيز صمود أهلنا وشعبنا الذي يدافع باللحم الحي عن عروبة المدينة وقداستها .. وحماية المسجد الأقصى من التدنيس وفرض التقسيم الزمني الاحتلالي .. وإدانة اعتقال مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين لمرابطته ودفاعه عن الأقصى المبارك .. فالديار المقدسية لها من يفتي باسمها لا من يؤدي دوراً وظيفياً لدى الناتو ويطلق الفتاوى باسمها واسم العروبة . كنّا ننتظر أن يجنّد الدعم والإسناد لمدينة الله وأن يؤكّد على وحدة فلسطين وأن يسعى بكافة الطرق والأساليب لرأب الصدع الفلسطيني وتحقيق الوحدة الوطنية على أرض فلسطين وترابها الحرّ .. إلاّ أنه يعزّز الفتنة والانقسام تجاه فلسطين والأمّة على السواء .. ونذكّر القرضاوي أن فلسطين، كل فلسطين محتلة ومازالت غزة تحت قوس النار والاحتلال، الذي مازال يوغل في بلادنا استهدافاً وموتاً ناقعاً . وزيارة القرضاوي ومن معه هو انحراف للبوصلة واستمرار لنهج غير قويم .. فكل فتوى تبيح دم العروبة مدانة ومستهجنة وساقطة في اللحظة . إن التناقض الرئيسي مع أمريكا واستطالتها إسرائيل، ونذكّر القرضاوي أن فلسطين مازالت منذ مائة عام تحت حراب الغزاة ودمارهم الأسود .. وفلسطين تستحق وقفة عربية حاشدة ترفع المظلمة عن أهلنا وتعيد البلاد إلى حقّها وحقيقتها وثابتها الأكيد .. ولأنها فلسطين فهي ترفض الانقسام أو الاقتسام أو الانكسار الباهت . فما زالت تنزف شهداء وأسرى يتجرعون الموت اليومي وجرحى يعلنون العناد نخيلاً . كما تؤكّد الاتحادات والنقابات والفعاليات الشعبية أن الثقافة المحمولة على التضحيات الجسام هي آخر القلاع، وهي ما تبقى بعد سقوط كل شيء، وهي الاستراتيجيا مقابل الممكن السياسي .. والثقافة الفلسطينية ووعي البلاد ثابت على الثابت لأنه يحرس الحلم من الخلخلة والتردي المريب .. لذلك ففلسطين ليست أرضاً للبيع بتسويغات فقهية وفتاوى كسيرة. إما فلسطين وإما فلسطين .. هذا هو ثابت البلاد وقولة الثقافة الراسخة المحمولة على الدم المجيد والبطولات الوسيعة. وستبقى البلاد على قيد الصبر والمواجهة على الرغم من الخذلان ونصال الغدر التي تنهش من جسد فلسطين وشعبنا العظيم .. وطوبى لفلسطين وهي تدافع عن سقف العروبة المنهوب .. وسيظلّ المثقف الفلسطيني والعربي ومعه النقابات والاتحادات والفعاليات وكلّ حرّ ومعافى سياجاً حامياً من الإنكسار والهزيمة والمصانعة الكابية .