لن أجتر الحديث المكرور المتناقل عن الرئيس السابق حسني مبارك بأن البديل عنه هو الفوضى ، فالمناخ السياسي والاجتماعي كفيل بترديد هذه المقولة التنبؤية لفضيلة الساحر والكاهن الكبير مبارك الذي يتمرمغ في سريره من كثرة الضحك والشماتة وهو يصفق لمشاهد الفوضى التي تعتري البلاد والعباد الآن ، وربما لن أكترث لحديث بعض الأصدقاء الذين يؤكدون ليل نهار بأن مبارك هو الذي زرع الفوضى منذ عقود وها نحن اليوم نحصد هذا الغرس لأنه باختصار رحل عن المسرح السياسي وهو أكثر فوضوية وأشد انفلاتاً ، وغادر هو والطرف الثالث الخفي والفلول المعزولون سياسياً بأمر الدستور الذي لا أعلم متى ستطبق مواده وعلى من والشعب اغتصب القانون وهتك عرض القضاء والأمن علانية، وهؤلاء جميعاً رحلوا نهائياً عن سيرك السياسة بعد مغالبة واقتناص حفنة من التيارات السياسية حصة مصر وشعبها في أرضها ومؤسساتها المدنية والدينية والعسكرية قريباً إن شاء الله. مصر تحترق بكل دلالات الكلمة ومعاني الحرق وليست تحترق فقط بالنيران ، بل بوسائل أخرى متعددة ، بوعود السيد الرئيس الشرعي للبلاد والعباد الدكتور محمد مرسي الذي لم ينفذها ولن يقدر على تحقيقها واسألوا خطة الأيام المئة ومشروع النهضة ، تحترق بسبب سلبية وفشل وتخاذل وتقاعس وترهل حكومة الدكتور هشام قنديل التي يلاحقها الفشل وراء الآخر ، حكومة تعاني من ضعف الأداء وقلة الخبرة وكفاءة الإدارة ، ووزراء يعانون بالفعل من نقص القدرة على مواجهة الأزمات ، أما وزارة الداخلية التي بدأت في الشروع بحملة اعتقالات يكفيها من العيب والفشل ظهور جماعات بلاك بلوك وكتائب مسلمون والفرقة 95 إخوان ليعلنوا جميعاً استعدادهم لمواجهة الفوضى في حالة العجز الأمني التام. ويقولون إن مصر تنهض ، ويدعون ليل نهار على وسائل إعلام الفلول ، ويطالبون بإسقاط جبهة الإنقاذ والتيار الشعبي وكافة القوى المدنية ، وأحمد الله أنني لست مع السابقين ولن ألحق بالنظام السياسي الحالي فالكل في الفشل والعجز سواء. الجميع في مصر المحروسة يعلمون من المسئول عن كل مظاهر الفوضى في مصر ، ولو أنني أختلف تماما مع مثلث جبهة الإنقاذ في مصر الدكتور البرادعي الذي لا أعرف من أين أتى وجاء وفكر ودبر ، والسيد عمرو موسى الساقط في انتخابات الرئاسة والزعيم وسط أنصاره فقط الصحفي حمدين صباحي الذي لم أقرأ له كتاباً أو مقالاً لكنني لست مع الذين يكيلون لهم الاتهامات عبر الفيس بوك وتويتر والصحف الموجهة دينياً لأنهم بالفعل فاشلون حتى وسط أنصارهم ويكفي أن تستمع لشباب مصر الواعد وهم يقولون أن هؤلاء لا يمثلونهم من الأساس ، لذلك يصعب علينا أن نعطيهم أدوار البطولة في فيلم مصر الفوضى. كافة السياسات هي التي أدت إلى ذلك ، وربما اعترض علي البعض حينما قلت على السيد الرئيس محمد مرسي ضرورة أن يضرب بيد من حديد على كل المشجعين للفوضى الحصرية مصرية الصنع ، وأن تنهض وزارة الداخلية لا لمزيد من الاعتقالات بعد خراب مالطا بل قبيل وقوع الفوضى ولكن يبدو أن الشرطة منذ الثورة الثانية استمرأت مشاهدة الأفلام الهندية القديمة جدا حينما كان رجل البوليس يأتي بعد قتل كل أبطال الفيلم. لا أستطيع تحديد ملامح للوطن ، ولست أريد أيضاً أن أنضم لقافلة فلول الإعلام الذي يندد ويشجب ويسكب الزيت على النار ، أو يدغدغ المشاعر بكلمات مفادها تدمير الطاقات الإيجابية لدى المصرية ، لكني أريد أن يستفيق النظام ويعي دروس الماضي وأن تتناول حكومة الدكتور قنديل مشروب بريل المستهدف للرجال فقط ، أريد وطن بحكومة حازمة . وكم تضحكني بقدر حجم بكائي أيضاً وأنا أسمع أو اقرأ كلمة "مجهولون" ، فهذة الكلمة تناسب دولة المماليك أو مصر في القرن السادس عشر على التحديد ، فهناك مجهولون يشعلون إطارات السيارات ، ومجهولون يطلقون النار من أعلى كوبري أكتوبر ، ومجهولون يقتحمون قسماً للشرطة ، هل هذا يصلح في وطن بحجم مصر علمت الدنيا الحضارة وفنون الأمن والتربص وكانت رائدة في فن البص والبصاصين والعسكر ، ويبدو أن شعارات يسقط حكم العسكر قد جاءت بنتائجها الفعالة فالعسكر بالفعل سقط حينما اقرأ كلمة "مجهولون" تلك بدليل عدم قدرة أي جهاز أمني في مصر على تحديد هوية هؤلاء المجهولين. غاضب منك يا وطني بقدر حزني عليك ، ويائس من نهضة تأتي وأنت على عينيك أسوار الظلام وأقدامك مقيدة والحاقدون متربصون بك ليل نهار ، وإذا كانت مصر الآن تحت رحمة الفوضى فأنا على يقين ثابت ودائم بأنني تحت رحمة الله وهي بحق واسعة.