في بعض وسائل الإعلام , سواء في القنوات الفضائية أو الصحف وغيرها , يستنكر البعض قيام القوات المسلحة ببعض المهام الأمنية , والتي هي من اختصاص الشرطة , وطرحت ثلاثة أسباب رأي البعض أنها أعاقت الشرطة عن القيام بدورها بحفظ الأمن والنظام في البلاد . من تلك الأسباب ما ذكره أن بعض قيادات الأمن يتواطئون في تحالف شرير مع طائفة واسعة من أقطاب النظام السابق لمنع تأسيس نظام ديموقراطي سيفتح بالتأكيد ملفات مطوية قد تكتب نهايتهم أو علي الأقل تقويض مصالح ومكاسب يتمتعون بها إلي الآن . والسبب الثاني هو وجود ثأر بين الشعب والشرطة. والثالث هو فقد رجال الشرطة الثقة في أنفسهم . ومع تقديرنا الكامل لأراء بعض الكتاب والمحللين . فإن غياب الشرطة عن مواقعها , لا يمكن تبريره بأي من تلك الأسباب التي ذكرها الكاتب للاعتبارات الآتية: أولها أننا نسمع يوميا عن سقوط شهداء من رجال الشرطة , سواء كانوا في حملات أمنية , أو دفاعا عن بعض المواطنين ضد حوادث السرقة والخطف , وهو ما ينفي فقد رجال الشرطة الثقة في أنفسهم . الأمر الثاني , أنه لم يتم الكشف حتي الآن من خلال المحاكمات التي تجري مع رموز النظام السابق , عن تورط أي من قيادات الشرطة في تسهيل أو مساعدة المتهمين باستغلال النفوذ او الكسب الغير مشروع . الأمر الأمر الثالث أن مسألة وجود مصلحة أو مكاسب لرجال الشرطة في ظل حالة غياب الأمن , لا يمكن تصديقه , لن مصلحة رجال الشرطة وقياداتها , دائما في إستjباب الأمن , فطالما هناك أمن , توجد حالة من الاطمئنان لدي رجال الأمن . والحق أن الكاتب لم يتطرق للسبب الحقيقي وراء الغياب الأمني حتي الآن . ولعل أهم تلك الأسباب : أن قوات الأمن والشرطة , لم تعوض حتي الآن خسائرها من المعدات التي تم إحراقها وتدميرها في 25 يناير , ربما بسبب ارتفاع تكاليف تلك المعدات , والتي تزيد عن الأربعة مليارات من الجنيهات, إذا وضعنا في الاعتبار أن مديرية أمن القاهرة فقط , فقد منها أكثر من ألفي مركبة ما بين سيارات خفيفة ومدرعات وسيارات نقل جنود . ولا نستطيع أن نجزم أن الأسلحة التي فقدت قد تم استعاضتها أيضا , أم لا .وبالطبع كانت هناك خسائر فادحة في المقرات وباقي مديرات الأمن في السويس والإسماعيلية والإسكندرية والجيزة والقليوبية والفيوم , فضلا عما حدث من خسائر لا يمكن تداركها في السجون . الأمر الثاني , أن عملية إدارة الأمن وجهاز الأمن لها خصوصية في , والتي تعتمد علي المركزية المطلقة , وسلطة وزير الداخلية الضاغطة علي الجهاز وأفراده , وعندما قامت الثورة أختلت تلك الخصوصية , وبدأت بعض الفئات النوعية من داخل جهاز الشرطة تحتذي حذو جماهير الشعب في المطالبات الفئوية , وربما كانت ائتلافات الشرطة , سواء كانت ائتلافات أمناء شرطة أو ضباط , أصبحت تتدخل في إدارة جهاز الشرطة , بل ورأينا اتفاقا بين ائتلاف أمناء الشرطة وائتلاف الضباط , ضد بعض قيادات مديريات أمن القاهرة والجيزة , عندما تعلق الأمر بسعات الخدمة , وهو الأمر الذي ضغطا علي إدارة الأمن بكل قياداته . الأمر الثالث . أن أجهزة الإعلام , وخصوصا بعض القنوات الخاصة التي ظهرت بعد الثورة , تتعامل مع الشرطة وقياداتها باعتبار أنهم دائما مخطئون , وأنهم دوما ظالمون , وأنهم لم ينسوا ماضيهم وما كانوا يفعلون , وغيرها من الاتهامات , وهي دائما أحاديث لا تنتهي في تلك القنوات , والتي وصلت إلي حد استضافة ضابط ومعه مجرم خطر أتهم الضابط بتعذيبه , وقام المذيع بتحقيق الجريمة علي الهواء وكأنه وكيل نيابة , كما الأمر الذي كان ولا يشكل عنصرا ضاغطا رجال الشرطة .وتركيز الإعلام علي أخطاء رجال الشرطة , ونشر الاتهامات الموجهة إليهم علي الهواء قبل أن تبدأ تحقيقات النيابة . وهو الأمر الذي يعطي صورة سلبية لدي المواطن العادي , وفقد الثقة في رجال الشرطة أثناء تأدية واجبهم . ولا يجب أن ننسي أن هناك أكثر من عشرة لاف مسجون ,من الخطرين علي الأمن لا يزالون طلقاء , وإليهم تنسب أغلب حالات الانفلات الأمني . الأمر الأخير , أن هناك منظومة محكمة , بدأت مؤخرا في الظهور العلني , وهدفها تدمير مؤسسات الدولة , بدأت المنظومة بتدمير جهاز الشرطة وسمعته , وبدأت تلتفت إلي القوات المسلحة والمجلس العسكري ومحاولة تدمير علاقتهم بالشعب , وأخيرا اتجهت إلي رجال القضاء , وبدأت في هز الثقة في سمعتهم والتقليل من شأنهم . وأعتقد أن الحل ليس في إعادة بناء الداخلية, ولا إعادة صياغة قانون الشرطة , ولا في تقسيم وزارة الداخلية وإعادة هيكلها , بقدر ما نحن بحاجة الي تغيير ثقافة التدمير التي شملت كل شئ .