"إذا استطعنا إسقاط عسكر عبد الناصر وتصعيد الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم في مصر، فسوف نتنسم راحة الموت والدم فى كل بقعة من أراض مصر، لتكن تلك غايتنا وحربنا بمساعدة أصدقائنا الأمريكيين".............. كانت هذه هي تصريحات أدلي بها الزعيم الصهيوني الشهير موشي دايان، عام 1968 لصحيفة "تشرين" اللبنانية، وهي ذاتها التى يبدو وكأنها وصية موشي ديان للرئيس مرسي، وحيث عمل الأخير جاهدا على تحقيقها، حتى تمكن فى ثلاثة شهور فقط من إزكاء نيران حرب أهلية وربما "طائفية" عما قريب، خلال شهور قلائل من صعوده وجماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم فى مصر........... تماما كما أراد العدو الصهيو - أميريكي. وكلنا نذكر أنه وفى قمة استعار الصراع بين ثوار مصر وفلول النظام البائد، لم يحدث أن يتم إطلاق رصاصة واحدة، من مواطن مصري ضد آخر، وفى الوقت الذي كان المفترض فيه أن تخطو مصر الثورة مزيدا من خطواتها نحو الاستقرار وتأسيس الجمهورية الرابعة، عقب إقامة أول انتخابات نزيهة - أو أقرب للنزاهة - فى تاريخ البلاد، إذا بنزيف الدم يتفجر، منذرا بتحول الصراع السياسي إلى حرب أهلية حقيقية. مصطلح "حرب أهلية" ليس بعيدا تماما عما جري ويجري الآن فى بر مصر، حيث انقسم الشعب بالكامل إلى شعبين، يشارك فيهما جميع الفئات والطوائف، بما فيها حتى حزب الكتبة الشهير، الذي اكتفي طوال المرحلة الماضية ومنذ قيام الثورة، بدور مشجع طرف ضد آخر. الساعات الماضية شهدت اشتباكات ضارية بين مؤيدي ومعارضي الرئيس فى عديد من المدن والمحافظات، حيث وفي جانب يتصارع أنصار التيار الإسلامي ومعه أعضاء حزب النور وحزب الحرية والعدالة، وملايين السلفيين، ضد الليبراليين واليساريين والفلول والثوار وقطاعات واسعة ممن لم يسبق أن شاركوا فى أية فعاليات على مستوي الشارع، ليس فقط منذ قيام الثورة، ولكن منذ قرون...! ونشبت في مصر أكبر أزمة سياسية منذ انتخاب مرسي بعد إعلان دستوري أصدره الشهر الماضي حصن من رقابة القضاء قرارات الرئيس وقوانين أصدرها وجمعية تأسيسية كتبت مشروع دستور للبلاد ومجلس الشورى الذي يهيمن عليه حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين. وغلب الإسلاميون أيضا على الجمعية التأسيسية التي انسحب منها يساريون وليبراليون وممثلو الكنائس الرئيسية المصرية الثلاث قائلين إن مشروع الدستور الذي تكتبه لا يمثل التنوع المصري ويقوض تداول السلطة من خلال تطبيق صارم مرجح للشريعة الإسلامية. وقد وقعت سلسلة من الاشتباكات الدامية فى مناطق متفرقة من البلاد، حيث قتل سبعة وأصيب مئات آخرون في اشتباكات بين مؤيدين لمرسي ومعارضين له استمرت ساعات يومي الأريعاء والخميس في حرب شوارع قرب قصر الرئاسة في شرق القاهرة. كما اندلعت مشادات ومناوشات كادت أن تتحول الي إشتباكات بين عدد من قليل من مؤيدي الرئيس محمد مرسي قاموا بالتجمع أمام مداخل مسجد القائد إبراهيم ومتظاهريين معارضين له احتشدوا بالمسجد بسبب إطلاق بعض المؤيدين لمرسي هتافات لمناصرة قراراته الأخيرة، واندلعت اشتباكات بالرصاص الحي والخرطوش والمولوتوف بين المتصارعين فى مدن كفر الشيخ والسويس، راح ضحيتها العشرات من القتلي والمصابين وأصيب خلالها مواطنون بالهلع. ميدانيا وفي "التحرير"، وضعت في أحد المداخل لافتة كبيرة كتب عليها "الشعب يريد إسقاط النظام". ومن بين ألوف المتظاهرين الذين احتشدوا في الميدان تطوف مجموعات به مرددة هتافات مناوئة لمرسي وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها. بينما وقعت منذ قليل اشتباكات بين المتظاهرين أمام الاتحادية، وبين قوات الأمن المركزي وهو ما ينذر بوقوع كارثة حقيقية، فى ظل تصاعد أعداد المشاركين فى مسيرات الاتحادية إلى مئات الآلاف. وأخيرا وليس آخرا، تحولت التظاهرات التى قادها حازم أبو إسماعيل وأتباعه السلفيين إلى اعتداء مشين ضد مدينة الإنتاج الإعلامي، حيث تم إشعال النيران فى عدد من الاستديوهات، بدعوي مخالفتها شرع الله، وهجومها على أنصار شريعته، ونصرة الليبراليين الكفار، على حد قولهم وبحسب هتافاتهم أثناء قيامهم بإضرام النيران فى أرض مصر.