القرصنة الاسرائيلية ومنطق القوة الذي تتعامل به اسرائيل استفز أقلام الكتاب في صحف مصرية وعربية أكدت في مجملها على وجود أزمة حقيقية تعيشها اسرائيل في مواجهة المجتمع الدولي مكرم محمد أحمد استشهد في عموده ب "الأهرام" استشهد بما كتبه أموس عوز الروائي الإسرائيلي المعروف مستشعرا خطورة عزلة الموقف الإسرائيلي والذي يقول: لابد أن تعرف إسرائيل أن للقوة سقفا وحدودا,وأن القوة يمكن أن تصبح وبالا علي صاحبها تجلب عليه الكوارث وتوقعه في المحظور إذا أساء استخدامها, وإذا كان قطاع غزة يعيش تحت حصار إسرائيل فإن إسرائيل تعيش تحت حالة حصار دولي معزولة عن عالمها.. وما من حل سوي أن ترفع اسرائيل حصارها عن قطاع غزة وتوقع إتفاق سلام مع السلطة الفلسطينية وتقبل بضمانات دولية تحول دون وصول إمدادات السلاح إلي قطاع غزة. ويقول أن الولاياتالمتحدة لن تستطيع مساندة اسرائيل لأن ما تفعله الأخيرة سوف يضع الموقف الأمريكي في أزمة حقيقية, لفهو سيعيق إمكانية حصول الولاياتالمتحدة علي مساندة دولية واسعة لعقاب إيران أمام مجلس الأمن, ولأن واشنطن سوف تجد نفسها هي الأخري في عزلة كاملة بينما العالم أجمع يطالب برفع الحصار عن قطاع غزة, خاصة بعد أن ثبت فشله في تطويع حماس وإنحصرت كل نتائجه في زيادة تعاطف العالم مع الشعب الفلسطيني, فضلا عن الحرج البالغ للسياسة الأمريكية وهي تجد نفسها وسط عاصفة الصراع بين اسرائيل وتركيا عاجزة عن إرضاء أي من الطرفين. أيضا د. رضوان السيد كتب في جريدة"الاتحاد" الاماراتية يقول: إن ردود الفعل الأولية على ضرب "أسطول الحرية"، لا تشير إلى أن الحسابات الإسرائيلية كانت دقيقة في أكثر النقاط، خاصة إذا اضطُرّت مصر لفتح معبر رفح من جهتها. وقد يتقارب الفلسطينيون ويتصالحون. ثم إن السُخط الدولي لا حدود له، والولاياتالمتحدة التي صارت حامية إسرائيل الوحيدة في مجلس الأمن، مُحرجةٌ جداً وستزداد ضغوطها على إسرائيل لتحقيق شيء في المفاوضات. وإن لم يتحقق شيء فإن إيران لا يمكن مُحاصرتها بإحكام، كما أنه لن يمكن منع العنف من الاندلاع، وفي كل عنف فإن إصابات إسرائيل ستزداد، ولن تحميها قواتها العسكرية. ويضيف:لكن، ما الذي سيفعله الفلسطينيون والعرب الآن بالتفاوض؟ يوم الأربعاء الماضي عاد ميتشل للمنطقة التي لم يغادرها منذ عام وسبعة أشهر، وقال له عباس إنه لن يستطيع متابعة التفاوض قبل رفع الحصار عن غزة، والإقرار بحدود عام 1967، وكانت إسرائيل تصرُّ على البحث في الأمن والمياه قبل الحدود والاستيطان. وهكذا فالوقت ضاق على الجميع: على الإسرائيليين الذين لا مبرر لاستمرار احتلالهم من أي نوع. وعلى الأميركيين الذين يريدون إعلاناً سريعاً عن نجاح من نوع ما، وعلى أبومازن الذي يريد تحقيق شيء وسط الإعلام المُدوِّي لصالح "حماس" وممانعتها وقرب انفتاح مملكتها في غزة على العالم. وتأكيدا على ذات المعنى كتب بلال الحسن في "الشرق الأوسط" يقول: لم يستطع "أسطول الحرية" الوصول إلى غزة لرفع الحصار عنها بصورة عملية، ولكنه نجح نجاحا كبيرا في تحريك العالم كله ضد حصار إسرائيل لغزة. حتى أصدقاء إسرائيل في أميركا وأوروبا اضطروا إلى صياغة موقفهم، فقالوا: يجب رفع الحصار عن قطاع غزة إنما من دون تهديد أمن إسرائيل. وحدها إسرائيل وقفت أمام العالم كله تقول: لا، وهو موقف لا تحسد عليه، إنه عناد المأزوم الذي لا بد أن ينتهي. تقول إسرائيل إنها تحاصر غزة دفاعا عن أمنها، ولأن «الإرهابيين» هم الذين يحكمون غزة بدعم من إيران، بينما يرتفع صوت العالم ليدين العملية البحرية الإسرائيلية ويصفها بأنها إرهاب دولة، وبأنها إرهاب فوق المياه الدولية. وبسبب الاستنكار العالمي للهجوم العسكري الإسرائيلي على "أسطول الحرية" في المياه الدولية، نشب داخل إسرائيل صراع سياسي وإعلامي حاد، فالتراشق بالتهم يملأ صفحات الصحف الإسرائيلية، وكلهم يدينون حكومة إسرائيل، ويدينون قادتها، ويدعون لمحاسبتهم، ويرفعون شعار "المحدال" (أي التقصير)، ويدعون لتشكيل لجنة تبحث في المسؤولية عن هذا التقصير، على غرار لجنة أغرانات التي بحثت في التقصير الإسرائيلي في حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 مع مصر وسورية. لقد أصبحت الوحدة الإسرائيلية الداخلية مهددة هذه المرة، بشعارات العنصرية والفاشية، وأصبح هناك إسرائيليون يوافقون على وصف إسرائيل بأنها نمط جديد من حكم جنوب أفريقيا العنصري ضد السود، وهو وضع لم يكن قائما في إسرائيل من قبل. لقد كشفت المعركة ضد «أسطول الحرية» في عرض البحر، وما رافقها من جرائم قتل، كشفت النقاب عن كل هذه التفاعلات، التي كانت تجري داخل إسرائيل، وعلى الصعيد العالمي، وحتى في أوساط أصدقائها. وهي لا تواجه الآن معركة رفع الحصار عن غزة فقط، بل معركة اتهامها من قبل أصدقائها بأنها دولة جنوب أفريقيا العنصرية الجديدة.