نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني في جميع المحافظات عبر بوابة التعليم الأساسي 2024    تعرف على أدوار القديس فرنسيس في الرهبانيات    تراجع سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 25 مايو 2024    خبير اقتصادي: الحرب بالنسبة لأصحاب القضية تتطلب التضحية بالنمو الاقتصادي    وليد عبدالعزيز يكتب: المقاطعة أهم أسلحة مواجهة الغلاء.. «المُستهلك سيد السوق»    محافظ الغربية: إزالة 8 حالات تعدي ومخالفات بناء بالغربية| صور    «شيء يضحك».. عمرو أديب عن نشر إسرائيل صورة محمد شبانة    قوات الاحتلال تطلق قنابل مضيئة في بلدة سلواد شمال شرق رام الله    بولونيا يودع مدربه بهزيمة مفاجئة أمام جنوب بالدوري الإيطالي    6 نهائيات.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    عمرو أديب يتوقع نتيجة مباراة الأهلي والترجي في نهائي إفريقيا: «دستة جاتوه» (فيديو)    الأرصاد تحذر من ارتفاع شديد في درجات الحرارة: يشبه الموجة الماضية    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية بالقاهرة، اعرف نتيجتك بسرعة الترم الثاني من هنا    مصرع طفل دهسته سيارة في القليوبية    مع انطلاقها.. متى تنتهي امتحانات الدبلومات الفنية 2024؟    مصرع طفل غرق في حمام سباحة مركز شباب بالقليوبية    بعد واقعة معدية أبو غالب.. برلماني يطالب بإنشاء كباري لتفادي الحوادث    إصابة 16 شخصًا في انقلاب أتوبيس عمال بطريق الأدبية - السويس    حبس فتاة «بلوجر» بتهمة الزنا في حلوان    علاء مرسي يقبل يد محمد هنيدي في عقد قران ابنته (صور)    أول تعليق من مخرج فيلم «رفعت عيني للسما» بعد فوزه بجائزة مهرجان كان    جيرونا ينهي موسمه باكتساح غرناطة.. وصراع مشتعل على الهداف    فالفيردي: ويليامز لعب لمدة عامين وفي قدمه قطعة زجاج    رفع اللقب في اللقطة الأخيرة.. بونجاح يتوج مع السد ب كأس أمير قطر    سيطرة إيطالية على التشكيلة المثالية للدوري الأوروبي    إنبي: محمد صلاح وراء رغبتنا في عدم انتقال حمدي وحواش للقطبين    سعر البصل والطماطم والخضروات في الأسواق بداية الأسبوع السبت 25 مايو 2024    واشنطن تعلن إرسال مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا ب275 مليون دولار    مجلس الأمن يدعو إلى حماية العاملين في المجال الإنساني    تركيا تدعو الأمم المتحدة للضغط على إسرائيل بعد قرار محكمة العدل    اغتيالات الموساد.. قصة قائمة بقيادات حماس يتوسطهم إعلامي مصري    محمد شبانة يعلن مقاضاة إسرائيل بسبب «صورته».. وعمرو أديب: «دي فيها مليون شيكل» (فيديو)    عمدة برلين يدافع عن الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الشرطة ضد متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين    سعر الفراخ البيضاء والأمهات والبيض بالأسواق فى بداية الأسبوع السبت 25 مايو 2024    أبو هشيمة يعلن مد فترة استقبال الأفكار بمسابقة START UP POWER لنهاية يونيو    تصل ل10 آلاف جنيه.. بشرى سارة بشأن انخفاض أسعار الأضاحي    حظك اليوم برج الحوت السبت 25-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    العصبية خسرتني كتير.. أبرز تصريحات أحمد العوضي مع عمرو الليثي    حدث بالفن| نجوم الفن في عقد قران ابنة علاء مرسي أول ظهور ل محمد عبده بعد إصابته بالسرطان    الفيلم السعودي "نورة" يحصل على "تنويه خاص" من مهرجان كان السينمائي    الفنان أحمد عبد الوهاب يحتفل بعقد قران شقيقته بحضور نجوم الفن (صور)    حجاج صينيون يضعون علامات على رؤوسهم أثناء دخول الحرم المكي.. ما القصة؟    مؤسس طب الحالات الحرجة: أسعار الخدمات في المستشفيات الخاصة ارتفعت 500% ولا توجد شفقة    غدًا.. إعلان نتيجة المسابقة الدينية لأبناء الصحفيين بالإسكندرية    تكوين: لن نخوض مناظرات عقائدية تخص أي ديانة فهذا ليس في صميم أهدافنا    أبو بكر القاضي: قانون"تأجير المستشفيات" يُهدد استقرار الاطقم الطبية    5 أعراض تدل على الإصابة بأمراض القلب    هل تعشق البطيخ.. احذر تناوله في هذا الوقت    15 درجة.. حسام موافي يوضح أخطر مراحل الغيبوبة    أعضاء القافلة الدعوية بالفيوم يؤكدون: أعمال الحج مبنية على حسن الاتباع وعلى الحاج أن يتعلم أحكامه قبل السفر    الوضع الكارثى بكليات الحقوق «2»    قوافل جامعة المنوفية تفحص 1153 مريضا بقريتي شرانيس ومنيل جويدة    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    من صفات المتقين.. المفتي: الشريعة قائمة على الرحمة والسماحة (تفاصيل)    التعليم العالي: جهود مكثفة لتقديم تدريبات عملية لطلاب الجامعات بالمراكز البحثية    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اسباب حصول شفيق على كل هذه الاصوات
نشر في ميدان البحيرة يوم 29 - 05 - 2012

لم تكن هناك مفاجأة للكثير من المصريين في حصول العديد من المرشحين لانتخابات الرئاسة المصرية على تلك الأصوات التي نالوها , بل أن هناك مرشحين لم ينالوا النسب التي كانوا يرجونها بحسب كتلهم التصويتية , ولكن المفاجأة كانت في حصول الفلوليين على تلك النسبة العالية من الأصوات وخاصة النسب التي حصل عليها الفريق احمد شفيق والتي أثارت عددا ضخما من علامات التعجب والاستنكار والمزيد من التساؤلات .
ومما يزيد في العجب ويحتاج للكثير من الدراسات هو وصول الفريق شفيق إلى مرحلة الإعادة متخطيا قوى ثورية كثيرة في مجتمع يفترض أن يكون ثوريا يعيش أجواء أول انتخابات بعد الثورة .
وبتحليل مبدئي لإمكانيات وقدرات الفريق شفيق يتبين لنا غرابة حصوله على تلك النتيجة والتي لم أكن أتوقعها قبل الفرز , ولكني أثناء الفرز سرعان ما أدركت أن هناك أعمالا تمت ووجهت لصالح شفيق وموسى وتوقعت كما كتبت لبعض الأصدقاء على الفيسبوك أنني أبدا في القلق إذا تخطى حاجز الثمانية ملايين صوت .
فعلى المستوى السياسي , فالرجل ليس له انتماء سياسي محدد سوى انتمائه للنظام السابق الذي قامت عليه ثورة أبناء مصر , وهو أيضا لا يمتلك تاريخا سياسيا شخصيا يمكنه الاعتماد عليه والتقدم به ليحكم دولة بحجم مصر , فلم يمارس السياسة واقعيا إلا في فترة رئاسته للوزراء في نهاية عهد المخلوع وما بعده حتى أسقط بمليونية , ولا يُعتقد أنه قد مارس السياسة خلال وجوده على وزارة الطيران المدني وهي الفترة التي لم تضف له شيئا على مستوى الرصيد السياسي , فلم تكن وزارة الطيران - شأنها شأن كل الوزارات - في عهد مبارك تفيد أحدا منهم في صنع تاريخ سياسي لهم , فما كان الوزراء برؤسائهم جميعا إلا سكرتارية لمبارك وابنه , ومن بدا عليه منهم ممارسة لدور سياسي حقيقي وأظهر استعداده لممارسة أي دور سياسي كان التعامل معه دوما بالإقصاء والاجتثاث من الوزارة وربما من الحياة السياسية كلها .
وشفيق لم يتبرأ من العهد السابق , بل يفتخر بكونه تلميذا نجيبا للرئيس المخلوع ويفخر بكونه المخلوع مثلا أعلى له فضلا عن علاقة اجتماعية أسرية تربطه بأسرة الرئيس المخلوع حيث يرتبط بعلاقة بمصاهرته لنجل المخلوع الثاني المتسبب في تخريب مصر جمال مبارك .
وعلى مستوى الإمكانيات الشخصية , فلم يُشتهر أحد بإجادته لوضع نفسه في المواقف المحرجة وصنع الأزمات لنفسه مثلما اشتهر الدكتور شفيق , وذلك من تصريحاته وردوده المتسرعة والمتضاربة كثيرا في الجلسة الواحدة , والتي تتسم بالسطحية الشديدة حينا وغير المفهومة أحيانا أخر , ويكفيه أنه ربما هو رئيس الوزراء الوحيد في تاريخ مصر الذي أسقط بسبب برنامج تليفزيوني على الهواء أُثبت فيه ضعفه الشديد وتخبط آرائه وعدم ثباته على موقف .
وتكمن الغرابة أيضا في أن تصريحاته القليلة التي اتسمت بالوضوح كانت صادمة ومريبة ومثيرة للتخوفات لقطاعات كثيرة من الشعب المصري والتي كانت تزداد مشكلاتها بتكرار ظهوره الإعلامي .
وذلك بالإضافة لكونه لا يحمل منهجا فكريا واضحا ولا يحمل مشروعا سياسيا ولا اقتصاديا , ولا يجيب في ردوده عن أية ملامح لأي موضوع يتحدث فيه , فتكثر هلامياته الكلامية المتعارضة التي لا يكاد المصريون يقفون منه على موقف واحد واضح تجاه أي قضية .
لكل هذه الأسباب كان العجب الكبير من حصوله على تلك النسب التصويتية العالية التي جعلت منه المرشح رقم 2 , الذي يدخل مرحلة الإعادة على الترشيح على رئاسة الجمهورية وهو مطمح – ظنه الشعب المصري - بعيد المنال جدا على أي رمز من رموز النظام الفاسد السابق وخاصة أن الرجل كان بالفعل على قمة الهرم السلطوي التنفيذي في مصر إبان الليلة التي سميت بموقعة الجمل , تلك الليلة التي سال فيها دم المصريين على يد بلطجية همج وذلك بعد ساعتين فقط من تعهده شخصيا في لقاء تليفزيوني مباشر بأنه سيحمي الثوار برقبته , وأنه لن يستطيع أن يمسهم أحد بسوء طالما كان هو على رئاسة الحكومة مقسما بشرفه على ذلك , وللأسف وقعت تلك الأحداث بعدها مباشرة , وللآن لا يدري احد هل كان يعلم بتلك الخطة وكذب على الشعب المصري أو أنه لم يكن يعلم وتم التصرف من خلف ظهره , وفي كلتا الحالتين لا يصلح لقيادة أمة بتاريخ وعظم الأمة المصرية .
كل هذا يدعو للعجب والاستنكار وللأسئلة حول ماهية الكتل التي أعطت الفلول صوتها وكيف تحصلوا عليها .
إننا لا نحاول أن نتساءل فقط عن الأصوات التي نالها شفيق والمقدرة بخمسة ملايين وأربعمائة ألف صوت ولكننا نتساءل عن مجموع ما ناله شفيق وموسى والمقدرة برقم يقترب جدا من الثمانية ملايين التي ذكرتها من قبل
وفي البداية لتحليل القٌوى التي ساندت الفلول وأوصلته لتلك المرتبة لابد أن نفرق بين نوعين من التزوير , التزوير المادي والتزوير المعنوي .
وأرى – حسب قناعاتي ووجهة نظري - أن كلا النوعين قد مورسا لصالحه وان كان أحدهما أظهر وأبين من الآخر .
فعلى صعيد التزوير المادي الذي لا نشك في حدوثه ولا يملك احد إثباته حاليا , وأغلب الظن أنه قد تم بطريقة مبتكرة جديدة , ولعلها في الكشوف الانتخابية وإصدار البطاقات , وخاصة أن هناك قوى كبيرة في الداخلية ترغب وتطمح في إجهاض الثورة والعودة برجال الحرس القديم حتى يستمروا على ما هم عليه ولا تأتي قوة جديدة تقض مضجعهم وتبرز مساوئهم وتتحكم فيهم وتحاكم مسيئهم , ولهذا فقد وقفت رؤوس كبرى من قوى الداخلية أمام الشعب المصري موقف الخصم والحكم , فهم خصم بتوجهاتهم المعادية للثورة الراغبة في وأدها واجتثاثها وحكم في تحكمهم المنفرد في الكشوف الانتخابية وسلطة إصدار البطاقات وتوزيع الكشوف وغيرها , وتنامت تلك التخوفات بعد رفض الداخلية إعطاء المرشحين الكشوف المحدثة , وعلى العموم فهذا التزوير – إن صدقت تلك الظنون - صعب الكشف , لكنه ليس مستحيلا وربما يتكشف بعد مرور الأيام المقبلة .
أما التزوير المعنوي فقد مورس يقينا ضد القوى الثورية كلها عامة وضد أصحاب التوجه الإسلامي خاصة من قبل الإعلاميين الذي فقدوا كل ما كانوا يحملون من نزاهة أو مهنية – إن كانوا يتحلون بها أصلا قبل ذلك – فمنذ أن قام أصحاب رؤوس الأموال - الممزوجة بدماء المصريين التي اغتصبوها في ظل النظام الفاسد السابق – بشراء عدد من المنابر الإعلامية كالقنوات التليفزيونية والصحف والمجلات ليهاجموا بها كل الإسلاميين والثوريين على حد سواء , وليحاولوا إيقاع الفتن بين كل القوى الثورية ويفرقوا بين أبناء الثورة الواحدة والصف الواحد , ويحاولوا أيضا إلصاق كل التهم بالمؤسسات المنتخبة وإلصاق كل التهم بالثورة .
وبالفعل تمكنوا من هذا التزوير الفاضح حتى ابتعد الكثير من الجمهور عن دعم الإسلاميين تحت إلحاح تلك الوسائل الإعلامية بالإضافة لارتكاب الإسلاميين لبعض الأخطاء التي استغلت أسوأ استغلال في الوقيعة بين كل طوائف الشعب , وتمكنوا من بث روح الفرقة والتخوين الدائم والمستمر بين الاتجاهات الثورية الشبابية بكل انتماءاتها الفكرية من جهة وبين الإسلامية من جهة أخرى .
فبرغم كل هذا لم يكن يتخيل أحد من الشعب المصري أن يكون داخل صفه أكثر من خمسة ملايين مفرط في الدم المصري غير مبال بحقوق المصريين التي أهدرت على مدى تاريخ النظام الفاسد السابق , ولم يكن يتصور احد أن يكون هناك رجل مصري واحد يدخل ليضع بقلمه علامة تريد إعادة النظام السابق مرة أخرى وخاصة أنه قد آذى كل الأطراف ولم تسلم من شروره مجموعة أو فرقة أو طائفة ولم ينتفع به إلا عدد قليل من الموالين له الذين سهل لهم السرقة والنصب والاغتصاب لممتلكات الدولة والذين ساهموا في بيع خيراتها بأبخس الأثمان وخاصة لعدونا الإسرائيلي .
ولكننا أمام حقيقة واقعة أنه نال أكثر من خمسة ملايين صوت فنبغي أن نمعن النظر في تركيبتهم ودوافعهم لاختيار شفيق ممثل النظام السابق ليعود مرة أخرى , ونحب أن نقسمهم هؤلاء – بحسب تلك الرؤية – إلى عدة أقسام :
منتفعي النظام السابق :
أخطأ كثير من الناس حينما تصور أن النظام السابق مختزل في صورة حسني مبارك فقط , وأخطأ أيضا حين تصور أنه بتخليه عن رئاسة الجمهورية أن النظام قد سقط , والحق أن رأس النظام الموجود ساعتها فقط هو الذي سقط ولكن جسد النظام متماسك وموجود ويعمل ليل نهار لاستعادة قوته والحفاظ على مكاسبه والدفاع عن مستقبله .
وهؤلاء ليسوا قلة يستهان بها ولهم من القدرة الكثيرة على التواصل والتنسيق والترابط , ولهم من الإمكانيات المادية ما تجعلهم يستطيعون تنفيذ مخططاتهم المتفق عليها بينهم , وهم لا يزالون في مواقعهم لم يمسسهم أحد رغم مرور أكثر من عام ونصف على الثورة , وهي فترة كافية جدا لإعادة تنظيم أنفسهم وترتيب أوراقهم وتنفيذ خططهم الكثيرة التي تستهدف النيل من الثورة وخاصة أنهم يعملون في الظل دون انتباه من الكثيرين .
فكل السلطات التنفيذية تحت أيديهم , لأننا نوقن بأن كل الوظائف القيادية في الجهاز الإداري للدولة كانت تتم مباشرة وفق أوامر وتزكيات من جهاز مباحث أمن الدولة الذي لم يكن يسمح لنيل أي منصب إداري إلا لمن يضمن ولاءهم التام للنظام , فالمحافظون لم يتغيروا ولم تتغير فلسفة تعيينهم منذ عهد مبارك , رؤساء المدن والقرى , المجالس المحلية , المديرون في المصالح الحكومية , رؤساء الجامعات والوكلاء , مديرو الشركات ورؤساء القطاعات , وغيرهم الكثير ممن يمسكون بعصب الدولة محسوبون على النظام السابق ولم يتغيروا ولا يزالون يمارسون دورهم في إقصاء الثورة والنيل منها ومعاداة أصحابها .
وإذا نظرنا إلى عدد العاملين بالجهاز الإداري للدولة , فبحسب الدكتور أحمد درويش وزير الدولة للتنمية الإدارية الأسبق الذي يذكر عدد موظفي الدولة في عام 2010 ويبلغ 6.2 مليون عامل وموظف إداري أضيف إليهم مؤخرا عدد آخر من العمالة المؤقتة التي تم تثبيتها بجهد من برلمان الثورة الذي يعادونه ويعادونها .
فمن يستهين بأكثر من ستة ملايين من الموظفين الموجهين بأوامر رسمية مكتوبة أو شفهية من رؤسائهم الذين يريدون الإبقاء على النظام السابق ويحاولون بكل جهدهم التشبث به وإنقاذه من السقوط الذي سيجرفهم معه في طريقه .
ولذلك فانه من الطبيعي أن ينال الفول ذلك العدد إن لم يحمل معه متأثرون آخرون كاسر الموظفين أو معارفهم ممن يثقون فيهم وينزلون على رأيهم .
وبالطبع هناك موظفون لم يلتفتوا لاوامر رؤساهم فينبغي استباعادهم من الرقم ليظل رقم الستة ملايين وما حولها رقم مؤثر وربما ثابت ليحصل عليه شفيق في الإعادة وخاصة أن مديريهم سيشددون عليهم في ضرورة التفافهم حول شفيق كآخر فرصة متاحة للإبقاء على إمبراطورياتهم .
أصوات عمال المصانع
وعلى جانب آخر هناك متأثرون آخرون خضعوا للتصويت للفلول رغما عنهم , مثل العاملين في الشركات التي يمتلكها المستثمرون المنتفعون المحسوبون على النظام السابق الذين انفعوا به وعملوا معه ويمنون عودته مرة أخرى , وهؤلاء لديهم قوة تصويتية كبيرة , وهذا ما نلحظه من نيل شفيق وموسى أصواتا عالية في الدوائر التي يوجد بها مصانع وشركات لهؤلاء المستثمرين كالعاشر من رمضان وستة اكتوبر وغيرها من مناطق تجمع العمال والذين حشدوا بصورة جماعية تقليدية متكررة تحدث دوما في الانتخابات .
ولا تتوفر لدي إحصاءات دقيقة حول عددهم ولكنه من المرجح ألا يقلوا عن نصف مليون صوت إن لم يزيدوا عن ذلك .
التصويت الجماعي في القرى
وهناك أيضا القرى التي تتأثر بدعم وترشيح كبيرها والتي تسير على حشد جماهيري لا يخضع صوته لمعايير ولا مقاييس سوى ما يوجههم إليه كبارهم وأثرياؤهم ورجال مجلس الشعب السابقين عن الحزب الوطني في دوائرهم وبالطبع توجد نسبة كبيرة ترى فيهم قبلة لأصواتها , وليس أدل على ذلك من نيل شفيق منفردا قرابة الستمائة ألف صوت في المنوفية وأكثر منهم بقليل في الشرقية أي أن الفلول حصلا على مليون وثلاثمائة ألف صوت في المنوفية والشرقية وحدهما .
أصوات الأقباط
يخطئ كثير من المحللين في تقدير الدور الذي قام به تصويت المسيحيين في مصر من تغيير جذري للنتيجة أو تأثير كبير عليها , فلم تكن المشكلة يوما في عدد أصواتهم أو تأثيرها بقدر ما كانت في دلالة الوجهة التي تذهب لها دوما تلك الأصوات وبتوجيه كنسي ديني .
فمن الناحية العددية وقوة التأثير , نجد أنه بحسب الإحصاءات العالمية الرسمية وشبه الرسمية لا تتعدى نسبة الأقباط في مصر نسبة ال 5% من مجموع الشعب المصري , وبحسب الكتلة التصويتية المتناسبة مع الشعب المصري التي تصل إلى النصف حيث أن من يحق لهم التصويت من المصريين حوالي ال 50 مليونا من اصل مائة مليون مصري , إذن فنحن أمام ما يقرب من 2.5 مليون ناخب مسيحي مقيد , وبحسب نسبة الحضور التي جاءت في الانتخابات عامة وهي نسبة 50 % تقريبا , فنحن أمام 1.25 مليون ناخب مسيحي , ولظروف الحشد والتعبئة ربما يزيد هذا العدد قليلا عن النسبة العامة فيصل إجمالي المصوتين المسيحيين إلى المليون ونصف المليون على أقصى تقدير للطوائف المسيحية كلها .
والشعب المصري لا يفرق ولا يهتم بالفوارق بين الملل المسيحية بل يعتبرهم كلهم فصيلا واحد رغم ما بينهم من اختلافات جذرية ظهرت في تعاملهم مع الثورة المصرية .
والقيادة الكنسية لابد وأن تبتعد عن ممارسة أي دور سياسي , فهي التي تضع المسيحيين دائما في عزلة عن المجتمع باختياراتهم السياسية المصادمة له ولتطلعاته , فيكفي أن نرى لجنة واحدة كلها من النصارى ينال فيها شفيق ما يقارب المائة في المائة من الأصوات حتى ندرك التأثير السياسي الواضح للقيادة الكنسية , ولهذا لابد وان يفرض عليها شعبها تركهم لاختياراتهم الحرة كمصريين لما فيه صالح بلادهم ووطنهم وفق ما يرونه ويقتنعون به بدلا من اباع سياسة التصويت المصحوب بالتخويف , وخاصة وأن آراءها السياسية دائما ما تتسم بالخطأ والبعد عن المصلحة الوطنية الكلية .
ففي اختياراتهم السياسية أثناء الثورة فقد رفض الأنبا الراحل شنودة بابا الأقباط الأرثوذكس المشاركة فيها وأمر أبناءه بعدم المشاركة , وظل للحظة الأخيرة يرسل رسائل التأييد لحسني مبارك أثناءها , فقد قال في تصريح للتليفزيون المصري " اتصلنا بالرئيس وقلنا له كلنا معا والشعب معه فليحفظه الله لمصر " وأضاف " آلمني ما شهدته من تجاوزات خلال الأيام الماضية ... ونحن ننتظر أن يعود الآلاف من الشوارع والمدن.. كلنا بانتظار مستقبل أفضل". والتزم أغلبية أبناء شعب الكنيسة عدم النزول والمشاركة في ثورة 25 يناير , والجميع يعرف أن القداس الذي أقيم في ميدان التحرير لم يكن من طائفة الأرثوذكس نهائيا التي التزم أفرادها بعدم المشاركة .
وحتى في السنين التي سبقت الثورة المصرية , فلا ننسى تأييد النصارى الدائم والموجه من قيادتهم للتصويت للحزب الوطني في كل الانتخابات التي مرت رغم بغض أبناء مصر لهذا الحزب الفاسد الذي كان لا يعرف النجاح إلا بالتزوير وبأصوات الأقباط , ولا ننسى أيضا تأييدها لمبدأ التوريث لجمال مبارك بمخالفة جموع الشعب المصري التي كانت رافضة له
واليوم تورط القيادة الكنسية أفرادها في اختيار شفيق ممثل النظام السابق , الذي قتل أبناءهم في كنيسة القديسين , والذي ظل – كنظام بائد يريد التشبث بالحياة - يحاول أن يوقع الفتن في مصر وسمي بالطرف الثالث فتسبب في قتل أبنائهم في ماسبيرو , فبأي وجه يؤيدون شفيق ونظام حسني مبارك ؟ وهل يُفهم من ذلك أن شكاواهم في عهد حسني مبارك كانت شكاوى وهمية أو لنيل المزيد من المكاسب حتى يسعوا الآن لإعادة إنتاج نظامه من جديد ؟
آن لشباب الكنيسة أن يرفض تجاوزها للمكانة الروحية الخاصة بها وان يرفض تدخلها واختياراتها السياسية المصادمة لجموع الثورة والتي تحاول العودة بالبلاد إلى الوراء لإعادة رمز النظام السابق , ولابد لهم أن يدركوا أن للقيادة الكنسية دورا روحيا فقط فلا يجب أن يعزلوا المسيحيين عن شركائهم في الوطن باختيارات سياسية بائدة وفاشلة تزيد من عزلتهم في المجتمع المصري , فهل يُعقل أن توجه الكنيسة أبناءها – على الرغم من قلة تأثيرهم التصويتي - لاختيار من قتلهم ويتوعد المصريين جميعا بالقتل أن ثاروا عليه ؟
إن شباب المسيحيين المصريين - الذين ذاقوا الويلات مثل أشقائهم المسلمين تماما من النظام السابق الذي لم يفرق بينهم في ظلمه للجميع - لا أعتقد أنهم يوافقون على إعادة إنتاج النظام السابق مرة أخرى في صورة جديدة قد تبدو براقة لكنها تمتلئ بالحقد والغل على أبناء مصر جميعهم , فأرجو أن يتفهم المسيحيون ذلك ويتخلصوا من أية مخاوف تجاه إخوانهم المسلمين الذين يفتحون إليهم أذرعتهم ليتشاركوا جميعا في بناء هذا الوطن , وآمل أن لا يسمحوا لأية دعوة تريد عزلهم ومصادمتهم لتطلعات المجتمع المصري كله الذي يريد التخلص نهائيا من النظام السابق وآثاره .
أخطاء الإسلاميين :
قد لا تكون أخطاء الإسلاميين قد أثرت إيجابا على المصوتين للفلول بقدر ما أثرت سلبا على ذهاب الأصوات من الإسلاميين , فتناثرت الأصوات يمنة ويسرة وذهب منها بالطبع عدد لمرشحي الفلول .
ولعل أكبر أخطاء الإسلاميين من وجهة نظري هي الأخطاء الناتجة عن افتراق الإسلاميين في بعض اللحظات عن القوى الثورية سواء في الميدان أو في الأفكار والرؤى – دون البحث الآن في ماهية ذلك الابتعاد ولا حججه - , فأثر هذا الابتعاد تأثيرا بالغا في التأثير على شعبيتهم وخاصة عند وجود عاملين مؤثرين شديدين في تلك المرحلة
فاستغل ذلك الابتعاد وصور للناس وألح وكرر أن الإسلاميين نفعيون يبحثون عن مصالحهم وكراسيهم , يعملون للجماعة ويقدمون مصلحتها أكثر من عملهم لصالح الوطن , كل ما يهمهم هو السيطرة ( التكويش ) على المناصب , فادى ذلك الإعلام المستمر لتغيير قناعات الناس وأفكارهم وخاصة من المذيعين الذين يحتفظ الناس لهم بمكانة ثورية لمشاركتهم بإعلامهم أيام الثورة , فالمصريون أوفياء لمن وقف بجوارهم يوما , فاستغلت تلك القنوات والمنابر في شن الهجوم المتواصل وخاصة عند استضافة إسلامي واحد في مواجهة أكثر من ثلاثة مهاجمين ومعهم بالطبع المذيع أو المذيعة التي تقاطع الضيف الإسلامي باستمرار ولا تسمح له بعرض فكرته كاملة ودائما ما يقال له يمكنك الرد بعد الفاصل .
ولابد أيضا من ربط التعليقات والمواقف في القنوات بالرؤية الأيدلوجية العامة للقناة وتوجهاتها , فلا تخضع لأمزجة المذيعين ومقدمي البرامج فقط , فلابد من الاهتمام الشديد بردود الأفعال والتعليقات لوجود المتصيدين الذين يتصيدون السقطات وينشرونها على اليوتيوب وينسجون حولها القصص والحكايات المكذوبة
آن الأوان لنبذ الفرقة والاختلاف
إن هذه الفترة ما بين الانتخابات والإعادة لهي منحة إلهية أرسلت لجماعة الإخوان المسلمين لتصحيح كل المسارات التي ساروا فيها ولمحاولة رأب الصدع مرة أخرى بينهم وبين القوى الأخرى في المجتمع المصري , وما كان الاختيار الإلهي للخصم ( شفيق ) إلا منحة ربانية لهم لتضييق مساحات الخلاف بين كل القوى , فلو كان غير ذلك لاتسعت الهوة بينهم وبين كل القوى ولزاد ذلك في المسافات التي تعزل الإخوان شيئا فشيئا عن المجتمع , وما أحسب ذلك إلا بإخلاص من كثير منهم لله سبحانه يصوب به أخطاءهم ويقوم فيه مسيرتهم , فهاهي الفرصة قد جاءت بكل المرشحين وكل القوى الموجودة في الشارع المصري لتلتف حول مرشح الإخوان إن لم يكن حبا فيه فسيكون رغبة في التخلص من النظام السابق بفلوله , فاسأل الله أن يحسن الإخوان استغلال الفرصة السانحة فلسنا في وقت إحساس بالزهو ولا تقسيم مغانم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.