قال تعالى: " وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِير "ِسبا الايه 12 جلس سليمان في المحراب يعبد الله تبارك وتعالى حتى منتصف الليل واشتدت العاصفه فظل معتكفا في محرابه حتى الفجر فقام للرحيل من المحراب والعوده الى مسكنه ,فاذا به يفاجا بنور الله عز وجل فقال بعد ان شعر ان روحه تهيم في هذه الاشعه فقال : " رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي انك انت الوهاب"فشعر سليمان انه في حلم لم يستيقظ منه الا في الصباح وعاد الى قصره وظل يفكر فيما راه في المحراب وفي الدعاء الذي دعا به ربه ,فيسمع صوتا يحدثه قائلا :لقد استجاب الله دعاءك وسخر لك في ملكه ما لم يسخره لغيرك . سخرالله تبارك وتعالى الرياح لسليمان تتحرك بامره كيفما يشاء وتحرك السفن وتسقط الامطار فضلا عن تسخير الجن والشياطين في تلبية طلباته من حيث بناء المساكن والقصوروحفر الابار واصلاح الاراضي الزراعيه من اجل استصلاحها وزراعتها بالاضافه الى تسخير الطير والحيوان ليكونا من رعاياه المخلصين . وتميز "سليمان" بكثرة الشكر والثناء للمولى الكريم وكان من عباد الله المخلصين , دائم العزم على ان يهب نفسه للذي خلقه وقدره ونعمه قائلا : احمدك ربي بما انعمت علي وعلى والدي ,ساهب نفسي لطاعتك والجهاد في سبيلك فوفقني الى طريقك المستقيم . قرر سليمان عقب ذلك ان يحارب الفقر الذي يؤذي ويهين عباد الله المخلصين ,وان يتخلص من الظلم الواقع على عبيد الله وان يواجه ويرد المشركين والمرتدين عن طاعة الله تبارك وتعالى . فبدا "سليمان" عليه السلام السير في عملية الاصلاح والتعمير في بلاده من ناحيه التجارة والزراعه والمعمار ,فضلا عن تسخيره شياطين الجن بحفر الابار وبنائها في الصحراء بالاضافه الي اصلاح الاراضي المحيطه بها,فضلا عن خروج السفن التي تدفعها ريح سليمان عليه السلام لتعود بالمتاجر والخير والرزق الفياض ,وبناء المدن والامصار بالشوارع بعد ان مهدها لذلك ,وجهز بداخل كل مدينه من مدن البلاد قدرا شديد الاتساع لتاتي ليمتليء بمياه الامطار ويكون مفيدا لاهالي تلك المدينه . تميز قصر سليمان عليه السلام باحجاره التي تعد من اغلى انواع الرخام في هذا الوقت ,ويسمى رخام المرمر ويتحلى سقفه بالذهب الخالصوعاش في عهده بنو اسرائيل في امان وسلام واستقرار مادي ومعنوي. سخر الله الشياطين الى سليمان رضي الله عنه وارضاه وهي من المعجزات التي انعم الله بها على سليمان ان الشياطين تخرج يوميا الى الجبال لتعمل وتستخرج ما في بطائنها من ثروات معدنيه ,ونفيسه كالذهب, والماس, والفضه, بالاضافه الى اخرون من الجن يسبحون ويغوصون بالمياه ليستخرجون خيراتها من لؤلؤ وحلى نفيسه . وتوضع تلك الثروات يوميا في خزائن القصر الذي كان يقف لحراسته ماردان من اكبر اشراف الجن وكانت أعينهم لاتغمض عن حراسته ولا يغفو لهما جفن . كان "سليمان" عليه السلام يعاقب من يخالف امره عقاب شديد من نوعه يتضمن حبسه في اناء من الزجاج, لا يستطيع الخروج منه طوال حياته وذكر ان اتى احد الشياطين الى "سليمان " رضي الله عنه وارضاه مقيد اليدين فسال "سليمان " عن سبب تقييد يده فقيل له : انه قد اضاع لؤلؤة كبيرة وثمينه خرج بها من البحر ولم يوصلها الى خزائن الملك فساله سليمان قائلا : " اين خباتها ايها الجن " فرد عليه الجن قائلا :" لقد غصت بين الغائصين واستخرجت لؤلؤة في حجم جمجمة الانسان لم ارى في جمالها قط ,وظننت انني ساحظى برضاك وعقب عودتي فوجئت بمارد جبار لم اعرفه انقض علي من السماء وخطفها مني ثم انطلق نحو الجنوب ولم استطع اللحاق به نظرا لاختفائه بين السحاب في السماء . فرد "سليمان" عليه السلام قائلا ان صدقت فيما قلت فساعرض عليك الجن لتخرجه فيما بينهم ، فامر "سليمان "بسجنه حتى يتاكد من صدق قوله فدعى واصف وزير "سليمان" عليه السلام ليطلعه على الامر فرد عليه "واصف " قائلا : " يا نبي الله ان الشياطين لا تهتم بجمع الاليء بنفسها ولابد انها مسخره لملك من الانس ولقد اوضح الله اليك هذا الحادث ليذكرك بعهدك الذي قطعته عليك وعاهدت الله به وهو " الجهاد في سبيل الله " بما منح لك من القوى فانساك جمع الاليء عن الوفاء بما عاهدت الله به ,وارى ان تبحث في وراء هذا المارد حتى تعرف الملك الذي ارسل الجن لذلك وربما وجدته من المجوس اربابا من دون الله تبارك وتعالى . فامر "سليمان" على اثره باطلاق سراح الجن من القاروره وعقب ذهابه الى البيت المقدس واعتكافه به ليتدبر الامر حتى منتصف الليل قرر في الصباح الباكر ان يجهز الجيوش للزحف الى الجنوب .