قتل سبعة مدنيين، بينهم طفلان، في سوريا الخميس برصاص قوات الامن خلال مداهمات وملاحقات امنية، كما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان، في حين اعلنت دمشق مقتل عشرة عسكريين وطفل برصاص "مجموعات ارهابية مسلحة"، بينما اشتد التراشق الدبلوماسي بين واشنطنودمشق على خلفية تعرض السفير الاميركي في سوريا لهجوم من حشد موال للنظام. واذ نددت بشدة بالهجوم الذي تعرض له سفيرها في دمشق روبرت فورد، طالبت واشنطندمشق باتخاذ اجراءات لحماية الدبلوماسيين الاميركيين، متهمة السلطات السورية بالوقوف وراء حملة لاخافة الدبلوماسيين الاميركيين، في حين رد النظام السوري باتهام الولاياتالمتحدة بالتشحيع على اعمال العنف في البلاد. وتعرض معارضون موالون للنظام السوري الخميس للسفير الاميركي روبرت فورد عند وصوله الى مكتب المعارض حسن عبد العظيم، رئيس هيئة التنسيق التي تضم عدة احزاب معارضة في سوريا. وقال عبد العظيم لوكالة فرانس برس ان "قرابة مئة متظاهر" حاولوا مهاجمة مكتبه في دمشق لحظة وصول السفير فورد اليه، مشيرا الى انه "لدى وصول السفير الى المكتب قرابة الساعة 11,00 (08,00 ت غ) سمعنا ضجة وهتافات معادية داخل المبنى وامام المكتب"، مضيفا "اغلقت الباب بسرعة لكنهم حاولوا اقتحامه". وتابع ان فورد بقي داخل مكتبه لاكثر من ساعتين "حتى وصلت قوات الامن وخرج تحت حمايتها". وتحدثت الخارجية الاميركية من جهتها عن محاولة اعتداء على السفير ومساعديه من قبل "حشد عنيف" الحق "اضرارا فادحة بسيارات الموكب لدى مرورها". وطالبت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون السلطات السورية باتخاذ اجراءات لحماية الدبلوماسيين الاميركيين بعد التهجم "غير المبرر على الاطلاق" الذي تعرض له السفير فورد. كما دان البيت الابيض الهجوم على السفير، حيث قال المتحدث باسم الرئاسة جاي كارني "يوما بعد اخر يعرض السفير فورد سلامته الشخصية للخطر ليدعم التطلعات المشروعة للشعب السوري"، واصفا الهجوم بأنه "ليس هناك ما يبرره". وبحسب كلينتون، فان الحادث يندرج في اطار "حملة تخويف" تستهدف ايضا دبلوماسيين لدول اخرى ومراقبين اخرين. وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية مارك تونر للصحافيين ردا على سؤال عما اذا كان يعتبر الحكومة السورية مسؤولة عن الهجوم على السفير فورد "نحن نعتقد ان ذلك جزء من حملة جارية لاخافة دبلوماسيينا .. من قبل الحكومة السورية". واغتنم كارني من جهته الفرصة "لحث مجلس الشيوخ على اظهار دعمه للسفير فورد بتأكيد تعيينه والسماح له بمواصلة عمله الشجاع". وكان تم تعيين فورد بموجب مرسوم وقعه الرئيس باراك اوباما في كانون الاول/ديسمبر الماضي. واستفاد الرئيس من عطلة الكونغرس للالتفاف على "العرقلة غير المسبوقة" من خصومه الجمهوريين الذين يتمتعون باقلية معوقة في مجلس الشيوخ. من جهتها نقلت وكالة الانباء السورية سانا عن مصدر مسؤول في الخارجية السورية ان "السفارة الأميركية أعلمت وزارة الخارجية والمغتربين صباح الخميس بأن السفير الأميركي روبرت فورد أثناء قيامه بزيارة إلى مكتب المحامي حسن عبد العظيم تعرض لتظاهرة من عدد من السوريين الذين احتجوا على السفير وتحركاته". واضافت سانا ان "وزارة الخارجية والمغتربين وفور علمها بذلك بادرت إلى الاتصال بالجهات المعنية التي قامت باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية السفير وفريقه وتأمين عودتهم إلى مقر عملهم انطلاقا من التزامات سوريا الدولية". وبحسب سانا، فقد تجمع "المئات من المواطنين السوريين أمام مكتب المحامي حسن عبد العظيم في شارع النصر بدمشق احتجاجا على زيارة السفير الاميركي له، وردد المشاركون هتافات تندد بالتدخل الاجنبي والغربي بشؤون سوريا الداخلية وعبروا عن رفضهم للسياسة الاميركية". من جهة ثانية نقلت سانا عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية قوله ان "التصريحات الأخيرة الصادرة عن المسؤولين الاميركيين (...) في تأييد استخدام الجماعات الإرهابية المسلحة العنف ضد قوات الجيش العربي السوري انما تدل وبشكل واضح على أن الولاياتالمتحدة متورطة في تشجيع الجماعات المسلحة على ممارسة العنف ضد الجيش العربي السوري". واضاف ان "وصف هذه الأعمال الإرهابية بأنها أمر طبيعي هو وصف خال من المسؤولية ومن شأنه تشجيع أعمال الإرهاب والفوضى خدمة لأهداف خارجية تتنافى مع مصالح الشعب السوري"، مشددا على ان "سوريا إذ تدين بشدة هذه التصريحات الأمريكية تؤكد تصميمها على القيام بواجباتها في حماية أمنها واستقرارها والدفاع عن مواطنيها وسلامتهم والتصدي لكل محاولات التدخل في شؤونها الداخلية". ميدانيا قال المرصد في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه انه في مدينة الرستن شمال حمص الواقعة على بعد 60 كلم شمال العاصمة "استشهد مواطنان، احدهما طفل، كما استشهدت طفلة في حي البياضة بحمص برصاص طائش خلال مداهمات امنية". وفي بيان لاحق منتصف ليل الخميس الجمعة اعلن المرصد ان "ثلاثة مواطنين استشهدوا مساء الخميس في مدينة حمص"، احدهم في حي الخالدية حيث قضى متأثرا بجراح اصيب بها عصرا وآخر سقط في الحي نفسه خلال مداهمات واطلاق رصاص مساء، بينما "استشهد مواطن ثالث في شارع الستين في حي البياضة خلال اطلاق رصاص". وفجر الجمعة اعلن المرصد سقوط قتيل جديد في حي الخالدية ليرتفع بذلك عدد القتلى الذين سقطوا في سوريا الخميس الى سبعة. واوضح المرصد انه يضاف الى هؤلاء القتلى السبعة، مدنيان سقطا بين الاربعاء والخميس. وقال انه "عثر على جثمان شاب من حي الشماس يبلغ من العمر 22 عاما كان قد فقد مساء الامس (الاربعاء)، واستشهد شاب من قرية خان السبل قرب مدينة سراقب (بمحافظة ادلب شمال غرب البلاد) متأثرا بجراح اصيب بها خلال ملاحقات امنية". واشار المرصد الذي يتخذ من لندن مقرا له انه وردته انباء "عن وجود جرحى في حالات حرجة في مدينة الرستن يصعب اسعافهم بسبب استمرار العمليات العسكرية في المدينة". واعلن المرصد من جهة اخرى ان "انفجارا كبيرا" هز حي الغوطة في حمص بعيد منتصف ليل الخميس الجمعة وترافق مع "اطلاق نار بكثافة كبيرة من العناصر الامنية بشكل عشوائي على المنازل". واكد ان اطلاق النار كان لا يزال مستمرا قرابة الساعة الثانية من فجر الجمعة (منتصف ليل الخميس الجمعة تغ) وان "أحياء حمص شهدت إطلاق نار كثيفا من الحواجز الامنية في المدينة ومن سيارات الامن حيث شملت أحياء باب الدريب وباب السباع وحي الخالدية". في المقابل ذكرت سانا نقلا عن مصدر عسكري ان "مجموعات ارهابية مسلحة" قتلت في الرستن سبعة عسكريين بينهم ضابطان، في حين قتل في تلكلخ ثلاثة من قوات حفظ النظام برصاص "مجموعة ارهابية مسلحة"، مشيرة ايضا الى مقتل طفل برصاص مجموعة مماثلة في ادلب. وصرح ناطق عسكري مسؤول للوكالة انه "بعد قيام مجموعات ارهابية مسلحة في مدينة الرستن بترويع المواطنين وتعطيل دورة الحياة في المدينة وقد عاثت فسادا وقتلا وتخريبا في المؤسسات الخاصة والعامة، قامت قوات حفظ النظام مدعومة ببعض وحدات الجيش بالتصدي لأولئك المسلحين الذين أغلقوا الطرقات العامة والفرعية بحواجز ومتفجرات". واضاف ان "المواجهة أسفرت عن استشهاد سبعة عناصر بينهم ضابطان وجرح 32 آخرين بينهم 7 ضباط من وحدات الجيش وقوات حفظ النظام التي تتابع ملاحقة أفراد هذه المجموعات الإرهابية لإعادة الأمن والاستقرار إلى الرستن ومواطنيها". كما "استشهد ثلاثة من قوات حفظ النظام في كمين نصبته مجموعة إرهابية مسلحة على طريق الحواش بالقرب من تلكلخ" قرب حمص، بحسب سانا. وذكرت سانا ايضا ان "الطفل محمد عبد العزيز دحروج (14 عاما) استشهد برصاص مجموعة إرهابية مسلحة في قرية خان السبل بمحافظة ادلب على الاوتوستراد الدولي شمال مدينة معرة النعمان". وتشهد سوريا منذ منتصف اذار/مارس حركة احتجاجية غير مسبوقة ضد نظام الرئيس بشار الاسد، وقد اسفر القمع العنيف لهذه الاحتجاجات عن اكثر من 2700 قتيل بحسب الاممالمتحدة. على صعيد آخر، اعرب المعارض السوري التاريخي ميشال كيلو عن تخوفه من انتشار فكرة "العمل المسلح السري الشامل" ومن ان تتجه الامور في سوريا الى حرب اهلية. واكد ميشال كيلو (71 عاما) انه "اذا قرر المتظاهرون ان يتسلحوا، فهناك خشية كبيرة من ان تفلت الامور من ايدي الجميع وتتجه سوريا الى اقتتال طائفي او اهلي"، مشيرا الى ان "الجميع يخسر في هذه الحالة". واضاف ان "النظام يطبق منذ البداية خطة تقضي بالضغط على الحراك الشعبي لدفعه الى التطرف وحمل السلاح. والحراك السلمي والمدني لا يناسبه. يفضل حراكا مسلحا على صلة بالتطرف الاسلامي". واكد ميشال كيلو انه من اجل التفاوض مع المعارضين، يتعين على النظام ايجاد "مناخ ملائم". وقال "يجب استبعاد الحل الامني ووقف عمليات القتل والسماح بالتظاهرات السلمية والافراج عن جميع المعتقلين السياسيين". ورفض ميشال كيلو من جهة اخرى طلب مساعدة اجنبية لاطاحة النظام. وقال "اذا ما قبلت هذه الفكرة، فاننا سنتجه نحو سوريا تدور في الفلك الاميركي وليس نحو دولة حرة وتتمتع بالسيادة". وشدد على القول ان "التدخل الاجنبي يعني ان سوريا ستدخل في نفق العنف وسيكون هناك نظام طائفي، ونحن (المعارضون) في الداخل نعارض العنف والطائفية والسلاح". على صعيد آخر، طالب البرلمان الاوروبي الخميس بالافراج الفوري عن الطبيبة النفسية السورية المعروفة رفاه ناشد التي اعتقلت في العاشر من ايلول/سبتمبر في دمشق، اضافة الى "كل السجناء الذين اعتقلوا بطريقة تعسفية". واعربت ممثلة الولاياتالمتحدة في مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة الخميس عن ثقتها في ان اعضاء لجنة تحقيق دولية حول الانتهاكات التي ارتكبت في سوريا سيتمكنون من دخول هذا البلد. وقالت السفيرة ايلين تشامبرلين دوناهوي التي تباحثت مع الاعضاء الثلاثة في اللجنة، للصحافيين ان هذه اللجنة على "استعداد للدخول الى سوريا للتحقيق حول مزاعم خطيرة بجرائم ضد الانسانية وستزور تركيا ولبنان والاردن ايضا لجمع وقائع وادلة". وفي لندن دعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الخميس المعارضة السورية الى "الوحدة والعمل معا" من اجل سوريا ديموقراطية، مطالبا مرة اخرى برحيل الرئيس بشار الاسد. وقال الوزير في ختام لقاء مع ناشطة في مجال حقوق الانسان ومعارضين سوريين ان "سوريين من كل الاتجاهات والطوائف الدينية اتحدوا لمعارضة محاولات النظام القضاء على طموحاتهم المشروعة بمستقبل افضل في غمرة اعمال العنف". وجرت هذه التطورات عشية تظاهرات دعت اليها المعارضة على صفحتها على موقع فيسبوك تحت عنوان "جمعة النصر لشامنا ويمننا، نصرة لدماء شهدائنا في سوريا واليمن".