قال تجار ومحللون ان صادرات النفط السوري توقفت فعليا بسبب العقوبات وان هذا قد يستتبعه خفض الانتاج وهو ما يضعف قدرة الرئيس بشار الاسد على الحصول على الاموال لكنه لا يهدد قبضته على السلطة حتى الان. وبعد سلسلة من الاجراءات المتدرجة عملت الحكومات الاوروبية بشكل نشط في الاسابيع الاخيرة لتضييق الخناق على الاسد بهدف كبح جماح حملته الدموية ضد المحتجين التي أودت بحياة نحو 2700 شخص في ستة أشهر حسبما تقول الاممالمتحدة. وبدءا من يوم السبت سيحظر الاتحاد الاوروبي على الشركات الاوروبية القيام باستثمارات جديدة في قطاع النفط السوري بعد أن حظر في وقت سابق واردات النفط السوري وهي مصدر ايرادات رئيسي لنظام الاسد. وقالت سوريا انها يمكنها الالتفاف على العقوبات ببيع النفط الي روسيا أو الصين. لكن تجارا قالوا يوم الخميس ان معظم المحاولات السورية لبيع النفط أو منتجاته في الاسابيع الاخيرة باءت بالفشل بسبب قلة العروض. وقال تاجر في منطقة البحر المتوسط اعتاد التعامل في النفط السوري "أصيبت الصادرات بشلل كامل. لا أحد يريد أن يمسها. البنوك لا تمول العمليات. والشركات الروسية المسجلة في (سوق) نيويورك لن تجازف." وتسمح عقوبات الاتحاد الاوروبي بواردات النفط السوري حتى 15 نوفمبر تشرين الثاني بموجب العقود الموقعة قبل الثاني من سبتمبر أيلول لكن تجارا قالوا انهم لم يروا أي شحنات جديدة في الاسابيع المنصرمة. وقال تاجر في منطقة البحر المتوسط "فيما يخص الصينيين والهنود .. قد يحاولون بالطبع شراء بعض الكميات. لكن لا توجد جدوى اقتصادية لهم والكميات أصغر من أن تبرر المخاطر." وكان رد فعل الاسواق على انقطاع الخام السوري هادئا اذ أن سوريا لا تنتج الا 385 ألف برميل يوميا أو أقل من 0.5 بالمئة من المعروض العالمي وتصدر نحو 150 ألف برميل يوميا وهو جزء ضئيل من صادرات ليبيا قبل الحرب والتي أدى انقطاعها قبل سبعة أشهر الى اضطراب أسواق النفط. وتبحث سوريا الان عن مشترين جدد لا سيما لخام السويداء الثقيل. لكن مزادا للنفط الخام ومزادا للنفتا لم يجتذبا أي عروض. وقالت مصادر لدى بضعة مشترين رئيسيين صينيين وروس اتصلت بهم رويترز انه لا نية لديهم لشراء الخام السوري وهو ما قد يجبر سوريا على تخزين النفط. وقالت تركيا التي كانت تدعم الاسد في السابق انها قد تفرض عقوبات على سوريا مما يحد بشكل أكبر من خيارات دمشق لبيع نفطها ومنتجاته. وقالت مصادر لرويترز ان شركة النفط والغاز الطبيعي الهندية (او.ان.جي.سي) المملوكة للدولة تدرس شحن النفط الى الهند من مشروعها المشترك في سوريا بدلا من بيعه في أوروبا لكنها لم تتخذ بعد قرارا نهائيا. وتستطيع سوريا تكرير ما يصل الى 240 ألف برميل يوميا فقط لذلك فانها لا تملك ما يكفي من الطاقة الفائضة لتكرير كل الخام الذي تبيعه الى أوروبا حتى الان وستضطر نتيجة لذلك لخفض انتاج الخام في مرحلة ما. وفي علامة على الاضرار الاقتصادية التي سببتها الاضطرابات قال صندوق النقد الدولي هذا الاسبوع انه يتوقع انكماش الاقتصاد السوري 2 بالمئة هذا العام بعد أن توقع في السابق نموا قدره 3 بالمئة. وقال محللون ان العقوبات بدأت تحدث تأثيرا حقيقيا على الاقتصاد السوري لكنها ستتطلب وقتا أطول لتقوض سلطات الاسد بشكل جدي. وقال أيهم كامل من مجموعة أوراسيا للابحاث "رغم أن وضع النظام في خطر الا أنه ما زال لديه قوة عسكرية كبيرة بالاضافة الى دعم رجال الاعمال في دمشق وحلب وان كان هذا الدعم قد يتلاشى مع تدهور الاقتصاد." وتوقع أن يبقى الاسد في السلطة ستة أشهر أخرى على الاقل. وتولى الاسد رئاسة سوريا خلفا لابيه الذي توفي في العام 2000 ويحظى بولاء العناصر الرئيسية في قواته المسلحة التي يتألف معظمها من أفراد الطائفة العلوية التي ينتمي اليها. وقالت كاثرين هانتر من (اي.اتش.اس جلوبال انسايت) انه سيكون من المهم معرفة الحدود النقدية التي سيفرضها الاتحاد الاوروبي على الاستثمارات الجديدة في صناعة النفط بدءا من يوم السبت. وأضافت قائلة "لا أعتقد أنه ستكون لها بالضرورة تداعيات على النظام بين ليلة وضحاها... اذا نظرت الى القيود على ايران .. فقد استغرقت عدة سنوات لتصبح واضحة من حيث مستويات الانتاج الفعلي." ويشتري الاتحاد الاوروبي كل النفط الذي تصدره سوريا تقريبا ويقول محللون ان شركات النفط لها مصلحة مع النظام الحالي الذي هيأ لها ظروفا تشغيلة مواتية. وقال دبلوماسيون أوروبيون انهم يحجمون عن فرض عقوبات كاملة على سوريا حتى لا تتفاقم معاناة الشعب السوري بقطع الوقود اللازم لتوليد الكهرباء. وايرادات النفط مهمة لسوريا بوجه خاص اذ أن قطاع السياحة الذي يشكل في العادة نحو 12 بالمئة من الاقتصاد تضرر بشدة جراء العنف. وأفادت مذكرة داخلية من شركة نفطية اطلعت عليها رويترز أن سوريا قد تواجه قريبا نقصا في المنتجات البترولية سيؤثر على التدفئة وتوليد الكهرباء والاستهلاك المحلي والنقل. وقالت المذكرة "هذا سيجعل فترة الشتاء أصعب على الشعب. وهذا سيجعل نظام الاسد في موقف أصعب أمام الشعب." من ديمتري جدانيكوف وجيسيكا دوناتي