القاهرة - تعظيم الاستفادة من القطن المصري وتصنيعه محلياً هي قضية مطروحة للمناقشة بهدف تصويب مسار صناعة الغزل والنسيج وعودتها إلي مجدها المفقود.. يري الخبراء أنه يجب الاستعانة بمجموعة عمل منقاة بعناية من خبراء حقيقيين لوضع تصور لكيفية الدخول في هذه الصناعة علي منهج علمي أو الخروج منها وفتح السوق أمام جميع المنتجات المنافسة الرخيصة. واضاف الخبراء أن عشوائية السوق تسببت في خروج عشرات المصانع منها بسبب المنافسة غير العادلة.. وهناك عشرات أخري تنتظر نفس المصير بعد أن أنهكها نزيف الخسائر. ويقول عادل العزبي نائب رئيس الشعبة العامة للمستثمرين إن هذا الموضع جاد وخطير والمفروض أن يتم تشكيل مجموعة عمل منتقاة بعناية لدراسة الاحتياجات الحقيقية من القطن المصري للسوق العالمي والسوق المحلي والنوعيات المطلوب زراعتها وكمياتها وهل هذه النوعيات مازالت تمثل احتياجاً حقيقياً أم تغيرت بسبب تغير أنماط الاستهلاك والأذواق. قال إن السعر يكاد يكون العنصر الحاكم في التبادل السلعي والتجاري علي المستوي المحلي والإقليمي والدولي بمعني أن تطوير وتنمية القدرات التصديرية والبقاء في الأسواق العالمية يرتبط مع ضغط عناصر الانتاج والعناية بالتنوع والجودة التي تتفق مع مصلحة المستهلك. وأضاف أن ما يحدث علي أرض الواقع يؤكد أن الاحتياجات المحلية والعالمية تتركز علي الاقطان القصيرة والمتوسطة أما فائق الطول والذي يستخدم في صناعات خاصة ومرتفعة الثمن لا يمثل الطلب عليه أكثر من 1/2% علي مستوي العالم. وأوضح أن زيادة القيمة المضافة من القطن المصري أيضاً يجب أن تتوافق مع برنامج واضح لإدخال تقنية تكنولوجية في هذه الصناعة من خلال اللجوء إلي التراخيص الصناعية بالاتفاق مع الشركات العالمية الكبري وهذا أسلوب نجح في منتجات ملابس جاهزة أخذت العالمية مثل جيل وجوكي وكاكاو وغيرها لدرجة أن دولة مثل إسرائيل حصلت علي علامة جوكي ومنتجاتها تجوب جميع الأسواق العالمية. واضاف أن هناك مصانع عديدة يمكن تطويرها لتحصل علي هذه التراخيص وتنتج ملابس تحت أسماء عالمية وبجودة مرتفعة.. من خلال تقديم الدعم الفني والتقني لها مما يؤدي في النهاية إلي تطوير المنتج والنفاذ للأسواق العالمية. وألمح أنه بعد مرور 10 سنوات من استقدام الماركات العالمية المشهورة وتصنيعها في مصر سيكون لمصر صناعة حقيقية قادرة علي النفاذ والمنافسة في الأسواق العالمية. ودعا إلي ضرورة الاطلاع والتعرف علي من سبقونا مثل الهند وباكستان وسوريا وغيرهم للتعرف علي تجربتهم.. مشيراً إلي أن مصر تملك قطناً جيداً ومش عارفة تستفيد منه أفضل استفادة. ويقول المهندس محسن الجيلاني رئيس الشركة القابضة للغزل أنه لكي يتم تعظيم أفضل استفادة من القطن المصري وتشغيله يتم اعطاء المصانع قطناً مصرياً متوسط التيلة ويتم فرض رسم حماية علي المنتجات المستوردة.. وفي هذه الحالة تتوقف المصانع الوطنية عن استيراد الاقطان أو الغزول القطنية. وقال إنه تم الاتفاق علي هذه المنظومة في اجتماع وزراء التجارة والصناعة والزراعة منذ أكثر من شهرين ولكن لم ينفذ أي شيء. واضاف أن الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق أعلن قبل ذلك في اجتماع أنه لا يستطيع منافسة الهند وباكستان ومع هذا فإنه يستوجب الأمر عمل خطة للانسحاب من الصناعة. وقال في حالة عدم الانسحاب من الصناعة فإن الأمر يقتضي تقديم دعم أو فرض رسم حماية. وأضاف أن الوضع الحالي هو أن المصانع الوطنية حالياً شغالة بطاقة أقل لأن زيادة الانتاج معناها زيادة الخسائر لأن القطن المستورد أغلي من ثمن الغزل المنتج. وقال أنه شغال بهذا الأسلوب لأنه مش قادر يتوقف لمعايير سياسية وهي الاستمرار في تشغيل العمالة ومحاولة التغلب علي ارتفاع أسعار الخامة بتشغيل شوية بولي ايستر أو غزول مخلوطة في محاولة لخفض التكلفة أكد أنه في حالة عدم احتضان هذه الصناعة من الدولة لا أمل فيها سواء كانت مصانع عامة أو خاصة حتي شوية الملابس التي تنتج سيكون مصيرها في النهاية مثل باقي المدخلات. وقال أن البلد مفتوحة والبضائع المستوردة تدخل لأن دولهم تعطي لهم دعماً يجعلهم قادرين علي الاستمرار وهنا أقول أنه يجب أن نعمل مثلهم أو نحكم البلد بفرض رسم حماية. واضاف أنه يطالب منذ أكثر من 20 عاماً بزراعة الأقطان متوسطة التيلة ولكن الوضع الحالي يشير إلي أنه حتي لو تم زراعته وتسليمه للمصانع بالسعر العالمي فإن المصانع لا تقوي علي المنافسة بسبب الحرب الدائرة بين الدول علي غزو الأسواق. ويقول وليد عبدالرشيد مستثمر في المحلة الكبري أغلق مصنعه منذ عامين بسبب غزو البضائع الصيني.. وقال أن البضائع الصيني رديئة.. والمستهلك المصري يطلب الرخيص بصرف النظر عن الجودة ولا يوجد توعية للمستهلكين بالتحول إلي شراء الأفضل والأجود. أضاف أن المشكلة أن 90% من المستهلكين لا يبحثون عن الجودة ويفضلون الرخيص ولا يوجد جهات رقابية تحدد مواصفات البضائع التي يجب أن تطرح بالسوق المصري. وقال أن المصنع الذي أغلق كان يعمل في مجال الملابس الداخلية للرجال والأطفال ولكن مع منافسة الصيني كانت الدستة تباع بسعر 60 جنيهات مقابل 35 جنيهاً للنوعية الصيني وحقق المصنع خسائر في الفترة الأخيرة 400 ألف جنيه وتم اغلاقه. واضاف أنه لا يفكر في العودة إلي الاستثمار إلا بعد قيام الدولة بتطبيق اجراءات تضمن دخول الجيد من المستورد المنافس إلي السوق المحلي. ويقول المهندس طارق حمودة مستثمر في المحلة الكبري أغلق هو الآخر مصنعه بسبب منافسة الصيني. وقال أن المصنع كان يعمل في تطريز العباية الحريمي والتايير والتونك والملايات ولكن في العامين الآخرين وتعرض لمنافسة كبيرة من المنتجات الصينية وأصبح التجار الذين كانوا يشترون انتاج المصنع مستوردون للبضائع المماثلة الصيني ولا يفكر في العودة من جديد للاستثمار في هذه الصناعة بسبب الخسائر وتحول إلي نشاط استصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية.