رفض الامين العام لحزب الله حسن نصرالله السبت كل ما يصدر عن المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري من اتهامات واحكام، مؤكدا انه لن يكون في الامكان توقيف عناصر حزبه الواردة اسماؤهم في القرار الاتهامي الذي تسلمته السلطات اللبنانية اخيرا. وقال نصرالله في خطاب مباشر عبر تلفزيون "المنار" التابع لحزبه تعليقا على القرار الاتهامي، ان "هذه المحكمة وقراراتها وما ينتج عنها بالنسبة الينا اميركية اسرائيلية بوضوح. بناء عليه نرفضها ونرفض كل ما يصدر عنها من اتهامات باطلة او احكام باطلة ونعتبرها عدوانا علينا وعلى مقاومينا وظلما لشرفاء هذه الامة". واضاف "لن يكون في الامكان توقيف المتهمين لا في ثلاثين يوما او ستين يوما او ثلاثين سنة او ثلاثمئة سنة"، مضيفا "ستذهب الامور الى المحاكمة الغيابية والحكم صادر ومنته". وأمام الحكومة اللبنانية مهلة ثلاثين يوما لتسليم المتهمين، او تبلغ المحكمة انها لم تتمكن من توقيفهم بالاجراءات التي اتخذتها. وقد تقرر المحكمة بعد نشر الاسماء في وسائل الاعلام والاتهامات الموجهة اليهم ودعوتهم للمثول امامها، بدء محاكمة غيابية. واضاف نصرالله "لا تحملوا حكومة (رئيس الوزراء نجيب) ميقاتي في هذا الملف ما لا يجوز ان تحملوها، وما لم تكن حكومة (رئيس الوزراء السابق سعد) الحريري لتحمله". وتابع "لو كانت الحكومة برئاسة الحريري او (رئيس الوزراء السابق فؤاد) السنيورة (...) هل كانت تستطيع ان تعتقل هؤلاء الاشخاص؟ هل كانت تستطيع ان تنفذ مذكرات التوقيف؟ لن تستطيع وكلنا يعرف ذلك (...) ولا اعتقد انه يمكن ان يعثروا على المتهمين او يوقفوهم". وتضم الحكومة الحالية التي تستعد لمناقشة بيانها الوزاري الثلاثاء اغلبية من حزب الله وحلفائه. وكانت الحكومة السابقة برئاسة الحريري سقطت في 12 كانون الثاني/يناير بضغط من حزب الله على خلفية خلاف حول المحكمة. وانتقدت قوى 14 آذار (الحريري وحلفاؤه) تخلي حكومة ميقاتي في بيانها الوزاري عن فقرة وردت في بيان الحكومة السابقة تؤكد "التزام التعاون" مع المحكمة الخاصة بلبنان، واعتمادها بدلا عن ذلك عبارة تؤكد على "احترام القرارات الدولية ومتابعة مسار عمل المحكمة". ووصف نصرالله المتهمين الاربعة الصادرة في حقهم مذكرات توقيف دولية بانهم "مجاهدون" و"مقاومون بعضهم له تاريخ طويل وعريق في مقاومة الاحتلال" الاسرائيلي. الا انه لم يتطرق الى اسمائهم او الى اي تفاصيل اخرى تتعلق بهم. ورغم ان نصر الله هاجم المحكمة بشدة متهما اياها ب"الفساد" و"التسييس" و"استهداف المقاومة"، الا ان كلامه اتسم بالهدوء الشديد محاولا تهدئة الداخل وتجنب اي ردود فعل. وقال ان "كل الضباط والمحققين والمستشارين (في المحكمة) معادون للمقاومة"، مضيفا ان "الذين اوكل اليهم امر اكتشاف الحقيقة (...) بعضهم قاتل ومتآمر وجاسوس واغلبهم مرتبطون باجهزة الاستخبارات الاميركية". وارفق خطابه ب"وثائق وافلام" قال انها دليل على فساد المحققين والقيمين على المحكمة وارتباطهم باجهزة استخبارات غربية وباسرائيل. وعن الداخل، قال "اذا احتكمنا للعقل وتصرفنا جميعا بحكمة، اعتقد اننا نستطيع ان نعبر بلبنان من هذا الحدث الذي ينتظره الاسرائيليون منذ سنوات". واكد انه "لن تكون هناك فتنة بين السنة والشيعة بفضل وعي اللبنانيين ولن تكون حرب اهلية في لبنان". ودعا "جمهور المقاومة" الى عدم الرد على "استفزازات قد تصدر من هنا وهناك" والى "الصبر وان كان الاستفزاز الاكبر حصل من خلال استهداف الاخوة الاربعة". والمتهمون الاربعة من حزب الله هم حسن العنيسي وسليم العياش واسد صبرا، اضافة الى مصطفى بدر الدين، وهو شقيق زوجة القيادي في حزب الله عماد مغنية الذي اغتيل في 2008 في دمشق، وهو بحسب ما نقلت تقارير اعلامية عن القرار الاتهامي "من خطط واشرف على تنفيذ العملية التي استهدفت رفيق الحريري". وجاء كلام نصرالله فيما يتجه الانقسام السياسي بين الاكثرية والمعارضة الى التصاعد قبيل جلسة مناقشة بيان الحكومة في مجلس النواب الثلاثاء، وابرز البنود الخلافية الفقرة المتعلقة بالمحكمة الدولية. وفي وقت سابق من السبت، توقع عضو الامانة العامة لقوى 14 اذار المعارضة (الحريري وحلفاؤه) النائب السابق مصطفى علوش "ان تنال الحكومة الثقة، بناء على المعطيات المنطقية، اذ ان الاكثرية الجديدة (حزب الله وحلفاؤه) لديها العدد الكافي من النواب، ولكن نحن لن نمنحها الثقة". وتعقد قوى 14 اذار اجتماعا موسعا الاحد في فندق ببيروت تتخذ خلاله موقفا من القرار الاتهامي والبيان الوزاري. واسقطت الحكومة من البيان عبارة "التزام التعاون" مع المحكمة التي كانت موجودة في بيان الحكومة السابقة برئاسة سعد الحريري، نجل رفيق الحريري. ونص البيان الوزاري على ان الحكومة "ستتابع مسار المحكمة الخاصة بلبنان التي انشئت مبدئيا لاحقاق الحق والعدالة وبعيدا عن اي تسييس او انتقام وبما لا ينعكس سلبا على استقرار لبنان ووحدته وسلمه الاهلي". واعتبرت قوى 14 آذار ان الفقرة "ملتبسة ومرفوضة ولن تجدي نفعا في التحايل على المحكمة وعلى المجتمع الدولي". وفور اغتيال الحريري في انفجار في شباط/فبراير من العام 2005 وجهت اصابع الاتهام الى النظام السوري بالوقوف وراء العملية، لكن دمشق تنفي ذلك باستمرار. من جهة اخرى اعتبر رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني في تصريح نشره السبت الموقع الرسمي للمجلس، ان المحكمة الخاصة بلبنان "مسيسة" "وغير نزيهة" وان توجيهها الاتهام الى عناصر في حزب الله "لا اهمية له". وتعد ايران وسوريا الداعمين الاساسيين لحزب الله. وتتولى المحكمة الخاصة بلبنان التي انشئت في 2007 بموجب قرار من الاممالمتحدة، محاكمة المسؤولين عن اغتيال الحريري مع 22 شخصا آخرين في عملية تفجير في بيروت في شباط/فبراير 2005. كما انها مخولة النظر في عمليات اغتيال اخرى وقعت في لبنان بين 2005 و2008 اذا تبين ان هناك رابطا بينها وبين اغتيال الحريري.