لم يستبعد مصرفيون تحدّث إليهم مصراوي سيناريو إقدام البنك المركزي على خفض سعر الفائدة مجددًا خلال اجتماعه الأسبوع المقبل، مقللين من مخاطرعودة التضخم للارتفاع التي تعد محدودة وسط زيادة التوقعات باستمرار الاتجاه النزولي للأسعار خلال الفترة المقبلة. ولأول مرة منذ أربعة أشهر، عاد معدل التضخم في مدن مصر إلى الارتفاع ليسجل 12.5% في أكتوبر مقابل 11.7% في سبتمبر، وفق بيان صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وجاء هذا الارتفاع نتيجة رفع الحكومة أسعار الوقود بعد تقليص الدعم، حيث زادت أسعار السولار والبنزين جنيهين للتر الواحد في أكتوبر الماضي للمرة الثانية خلال عام 2025. ويترقب السوق المحلي قرار البنك المركزي في اجتماعه السابع وقبل الأخير خلال 2025، والمقرر عقده يوم الخميس المقبل، لحسم مصير أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض. وكان المركزي قد خفّض أسعار العائد بمقدار 6.25% منذ بداية 2025 على أربع مراحل، آخرها بنسبة 1% في أكتوبر الماضي، ليصل العائد حاليًا إلى 21% على الإيداع و22% على الإقراض. التضخم غير مقلق رجح محمد عبد العال الخبير المصرفي، أن يواصل البنك المركزي سياسته النقدية المرنة، متوقعًا خفض الفائدة الجديدة بمقدار يتراوح بين 1% و2% دفعة واحدة في الاجتماع المقبل. وأشار إلى أن الارتفاع الطفيف في معدل التضخم خلال أكتوبر لا يثير القلق، إذ زاد بأقل من 1% مقارنة بالشهر السابق، في ظل مؤشرات واضحة على تراجع معدلاته مستقبلًا، وهو ما يأخذه البنك المركزي في اعتباره أكثر من التضخم الحالي. تحسّن الجنيه يقلل من مخاطر التضخم وأوضح عبد العال أن تحسن أداء الجنيه مقابل الدولار يسهم في تقليل الضغوط على الأسعار، بل قد يؤدي إلى تراجعها في الأسواق، وهو العامل الأهم في كبح التضخم. وأضاف أن خفض الفائدة أصبح ضروريًا لتقليل تكلفة الدين على الحكومة والمستثمرين، مشيرًا إلى أنه لا يوجد مستثمر يمكنه تحمّل فائدة بنسبة 23% على القروض. ووفقًا لبيانات وزارة المالية، فإن كل خفض بنسبة 1% في سعر الفائدة يقلل تكلفة خدمة الدين العام بما يتراوح بين 75 و80 مليار جنيه سنويًا. آراء أخرى من جانبه، قال محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، إنه لا يستبعد أن يخفض البنك المركزي الفائدة بمقدار يتراوح بين 0.5% و1% في اجتماعه المقبل، مؤكدًا أن المركزي يركّز على التضخم المستقبلي وليس الماضي. وفي المقابل، لم يستبعد نجلة أن يبقي المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير مؤقتًا، "لالتقاط الأنفاس والتأكد من مسار المخاطر التضخمية خلال الفترة المقبلة". توقعات التضخم كان البنك المركزي قد خفّض توقعاته للمعدل السنوي للتضخم العام خلال عام 2025 إلى 14% بدلًا من 15% و16% في تقديرات سابقة، كما قلّل توقعاته لعام 2026 إلى 10.5% بدلًا من 11% و12%. عوامل داعمة للتحسن من جانبها، رجحت سهر الدماطي، نائبة رئيس بنك مصر الأسبق، أن يكون خفض الفائدة هو الخيار الأقرب بنسبة 1%، إذا أكدت البيانات المتاحة لدى البنك المركزي استمرار الاتجاه النزولي للتضخم خلال المرحلة المقبلة. وأكدت الدماطي أن تحسن موارد النقد الأجنبي، ولا سيما من إيرادات قناة السويس، وتحويلات المصريين بالخارج، وقطاع السياحة، سيسهم في دعم أداء الاقتصاد وتقليل الضغوط على العملة المحلية، ومن ثمّ الحد من المخاطر التضخمية. ويستهدف البنك المركزي خفض معدل التضخم السنوي إلى متوسط يتراوح بين 5% و9% خلال الربع الرابع من عام 2026، على أن يصل بين 3% و7% في الربع الرابع من عام 2028.