أسدلت محكمة جنح الجناين الدائرة الثانية، الستار على قضية "مسن السويس" وقضت ببراءة المتهمين بالتعدي على غريب مبارك، بعد تصالحه وتنازله عن حقه المدني والاتهام بالتعدي عليه بالضرب والسب والقذف. وقضت المحكمة ببراءة المتهمين، اليوم الأربعاء، بعد الجلسة الأولى، وقررت انقضاء الدعوى الجنائية في تهمتي الضرب والسب والقذف، بعد تنازل المجني عليه غريب مبارك عن الاتهام بالضرب، والتصالح مع المتهمين، وبرأت المحكمة المتهمين من تهمة البلطجة، واستعراض القوة. رغم التنازل الذي رآه الكثير من المحامين في السويس سينهي القضية، أو على الأقل سيخفف الحكم، إلا أن قاعة المحكمة شهدت جلسة قوية، بدأت بإثبات حضور المتهمين اللذين حرصا على ارتداء كمامة لتجنب عدسات المراسلين وعيون الحضور في الجلسة. حضر غريب مبارك، المسن المعتدى عليه الجلسة، وكان محاميه تحدث إلى وسائل الإعلام، وقال: إن موكله سيقف أمام القاضي ليعلن تنازله عن بلاغ التعدي بالضرب. لكن حضور غريب كان هادئا، فجلس وسط الحضور، وتحاشى الحديث مع المراسلين الصحفيين، وتابع الجلسة مثل غيره، دون أن يتحرك من مكانه، أو يخاطب منصة المحكمة ويعلن تنازله. قدم محامي المدعي بالحق المدني، توكيل حمل رقم حمل رقم 7318 لسنة 2025، وقال المحامي لهيئة المحكمة: إنه ضمانا للاتفاق الذي عقد بين غريب وأهل المتهمين، قدم توكيلا بالتنازل عن البلاغ، بما يسقط الدعوى المدنية الجنائية في الاتهام بالاعتداء والسب. واستمعت المحكمة لمرافعة النيابة العامة وبدأ ممثل النيابة مرافعته بالتأكيد على أن وقوف النيابة اليوم هو لتدافع عن الحق في وجه الباطل وعن الضعف في القوة. وركز ممثل النيابة العامة بالسويس على فداحة الجرم ورمزيته، واصفاً إياه ب "جريمة هزت المجتمع"، وبدأ ممثل النيابة مرافعته بالتأكيد على أن وقوف النيابة اليوم هو "لتدافع عن الحق في وجه الباطل وعن الضعف في القوة". وشددت النيابة على حق المسن في السلام والأمان، قائلة: "ألم يحق للمجني عليه السلام والأمان؟". وأضاف أن الخلاف نشب بين المسن والمتهمين، لكن نفوسهم "سوّلت لهم رغبة آثمة في طرده من عقاره وملاذه الوحيد". واختتمت النيابة مرافعتها بتأكيد قيمة الإنسان وكرامته: "إن الله كرم الإنسان ورفع شأنه وجعل له في الخلق مقامًا كبيرًا، وكل مساس به هو انتقاص لما كرمه الله به، وكل إهانة هو عدوان". واستمعت النيابة لمرافعة دفاع المتهمين والذي دفع بعدم وجود شهود في الواقعة، وبطلان شهادة ابنة المجني عليه للخصومة بينها وبين المتهمين، كما دفع دفاع المتهمين بشيوع الاتهام ولم تحدد النيابة التهم الموجهة لكل متهم تحديدا دقيقا. بينما ادعى المحامي الثاني للمتهمين، أن التقرير الطبي المقدم مؤرخ بتاريخ 15 أكتوبر، وهو سابق لتاريخ الواقعة التي حدثت في 24 اكتوبر. بينما كان الأهالي في السويس في انتظار أخر أيام الاحتفال بالعيد القومي، كان غريب مبارك وابنته في طريقهم إلى شقته المستأجرة والتي تركها قبل يوم وأقام عند حماته لتجنب تجدد الشجار بين ابناءه، وعلى وعاصم، مالكي المنزل الذي يقيم فيه بعقد ايجار، على خلفية اتهام ابنه بسرقة ملابس من مخزن ملاك المنزل. بحسب أقواله في محضر الشرطة ذهب غريب للحصول على عقار خاص بالضغط والسكر، ودواء يخفف عنه نوبات الصرع، لكنه فوجئ بمنعه من دخول المنزل في بداية الأمر، ثم جرت واقعة التعدي عليه من على المتهم الأول في القضية، الشروع في منع غريب من دخول المنزل، ثم ضربه بالصفع على وجهه، سجلته ابنته بهاتفها المحمول، وقبل غروب الشمس كانت رحمه نشرت الفيديو على حسابها بموقع الفيسبوك. تفاعل الملايين مع فيديو المسن، حالة غضب سيطرت على الرأي العام، وطالبت بسرعة قبض المتهم ومعاقبته على قيم المجتمع وضرب مسن، فحصت وزارة الداخلية الفيديو، وبعد ساعات قليلة تم الإعلان عن ضبط المتهمين، واقتيادهم لقسم شرطة الجناين تمهيدا لترحيلهم للنيابة صباح السبت للتحقيق. استمعت النيابة لشهادة غريب 64 عامًا حول الواقعة، إلا أنه شعر بالإجهاد نتيجة لخضوعه لجلسة غسيل كلوي صباح نفس اليوم قبل الانتقال للنيابة العامة، قرر وكيل النائب العام إرجاء التحقيق والاستماع لأقوال غريب بعد شعوره بالإجهاد، وانتقل غريب مبارك إلى المستشفى يرافقه فرد أمن، وبعد تحسن حالته واستقرارها عاد مرة اخرى لاستكمال للإدلاء بأقواله في التحقيقات، كما استمعت النيابة لأقوال رحمة ابنه المجني عليه والتي صورت مقطعي الفيديو المتداولين على مواقع التواصل الاجتماعي. قررت نيابة فيصل والجناين في السويس حبس " علي. غ " وشقيقه " عاصم . غ" المتهمين بالتعدي على غريب مبارك المسن في السويس 4 أيام على ذمة التحقيق، ووجهت لهم تهمة البلطجة واستعراض القوة والتعدي بالضرب والسب والقذف. عقب عودة غريب إلى شقته في المنزل الذي شهد الواقعة، حرص اللواء دكتور طارق حامد الشاذلي على زيارته، قدم المحافظ الاعتذار لغريب مبارك قائلا:" أنا بعتذر لك عن اللى حصل" وشدد المحافظ على رفضه القاطع للواقعة، مؤكدًا أنها تصرف فردي لا يمثل أخلاق أهالي السويس أو القيم المصرية. عبّر غريب مبارك عن شكره للمحافظ على اهتمامه بزيارته للاطمئنان عليه، مؤكدًا ثقته الكاملة في مؤسسات الدولة ومسار العدالة، وأكد أن أعتذر لي عما حدث له أثلج صدره، لاسيما بعد وعد المحافظ بالتدخل لتوفير سبل الأمان له أسرته في شقتهم بالمنزل الذي شهد الواقعة. صباح الاثنين قبل الماضي قرر قاضي المعارضات بمحكمة فيصل والجناين الجزئية تجديد حبس المتهمين بالتعدي على غريب مبارك المسن في السويس 15 يوما على ذمة التحقيق، وبعد يومين صدر قرار بإحالة المتهمين إلى محكمة جنح فيصل والجناين. صباح الخميس الماضي أحالت النيابة العامة في السويس المتهمين بالتعدي على غريب مبارك إلى جلسة الأحد بمحكمة جنح الجناين الدائرة الأولى، والتي نظرت القضية وقررت التأجيل لعدم الاختصاص وإحالتها للدائرة المختصة، وهي الدائرة الثانية وفقا لقرار للجمعية العمومية للموسم القضائي 2025/ 2026. قرار إحالة المتهمين لمحكمة الجنح شمل عدة إتهامات، في القضية التي حملت رقم 7318 لسنة 2025، وأفاد قرار الإحالة بأنه في يوم 24 أكتوبر 2025، قاما المتهمين بأنفسهم باستعراض القوة والتلويح بالعنف و استخدامهم تجاه المجني عليه غريب مبارك عبد الباسط وذلك بقصد ترويعه وفرض السطوة عليه لمنعه من الدلوف للعقار الخاص به محل سكنه. وأضاف قرار الإحالة أن المتهمين أحدثا عمداً بالاشتراك فيما بينهم الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الخاص بالمصاب غريب مبارك عبد الباسط بأن تعدي عليه صفعاً فاعجزه عن أعماله الشخصية لمدة لا تزيد عن عشرين يوماً. وذكر القرار المتهم الأول سب المجني عليه غريب مبارك عبد الباسط، بأن وجه إليه ألفاظ من شأنها أن تخدش الشرف والاعتبار علانية. منذ بدأت وقائع القضية يوم السبت 25 أكتوبر وهناك اتجاه لدى الجيران وكبار العائلات، للتدخل والصلح بين الطرفين فهما بحسب الجيران أهالي منطقة السيد هاشم أقارب من عائلة واحد وبينهم نسب، وعلاقة جيرة ممتدة 26 عاما. محامٍ مقرب من الأسرة أكد أن جلسة صلح عُقدت في مضيفة إحدى القيادات العائلية بالسويس، وانتهت بالاتفاق على تنازل المجني عليه، الذي ينتمي مع المتهمين لنفس القبيلة وتربطهم صلة نسب. وبناءً على ذلك، حرر "مسن السويس" توكيلًا رسميًا بالتنازل عن القضية، وتم الاتفاق على أن توفر أسرة الخصم شقة سكنية بعقد تمليك للأسرة، مقابل شقته المستأجرة في المنزل الذي شهد الواقعة. وأوضح المصدر، أن أمر الإحالة يضم ثلاث تهم: البلطجة واستعراض القوة، والتعدي بالضرب والسب، والتنازل يسري فقط على تهمة الضرب البسيط، التي لا تزيد عقوبتها عن الحبس سنة أو غرامة. بينما ظل تهمتا البلطجة واستعراض القوة قائمتين، لأنهما تمسان أمن المجتمع ولا يملك المجني عليه حق التنازل فيهما. محامي غريب قدم توكيل التنازل من المجني عليه، خلال جلسة اليوم بالمحكمة، وهو ما استندت عليه هيئة المحكمة في قرارها بانقضاء تهمة التعدي بالضرب بالتصالح، بينما برأت المحكمة المتهمين من البلطجة واستعراض القوة. اقرأ أيضا: مع اقترابها من الحسم بالتنازل.. ما مصير المتهمين بقضية "مسن السويس"؟ (صور رغم تنازله.. النيابة العامة تكسر صمت "مسن السويس" بمرافعة نارية