اتهم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الولاياتالمتحدة ب"افتعال حرب جديدة"، بعد أن أمرت واشنطن بإرسال أكبر سفينة حربية في العالم إلى منطقة البحر الكاريبي، حيث تتمتع حاملة الطائرات "يو إس إس جيرالد آر فورد" بالقدرة على حمل ما يصل إلى 90 طائرة، في خطوةٍ تمثل زيادة هائلة في القوة النارية الأمريكية بالمنطقة. وجاء هذا التحرك بعد تنفيذ الولاياتالمتحدة عشر غارات جوية على سفن قالت إنها تُستخدم في تهريب المخدرات، ضمن ما وصفته ب"الحرب على تجار المخدرات". ويأتي ذلك بعد اتهام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره الفنزويلي مادورو بقيادة "منظمة لتهريب المخدرات"، وهو ما نفاه الأخير، بينما تتصاعد المخاوف في كاراكاس من أن يكون الحشد العسكري الأمريكي مقدمة لإزاحة خصم ترامب اللدود من السلطة. وفي هذا السياق، نرصد في السطور التالية ما هي أبرز السيناريوهات المحتملة لمستقبل الأوضاع بين البلدين، ولماذا يسعى الرئيس الأمريكي لإسقاط الزعيم الفنزويلي نيكولاس مادورو. ثلاثة سيناريوهات محتملة وفي تحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي"، عُرضت ثلاثة سيناريوهات محتملة لتطور الموقف الأمريكي تجاه فنزويلا، وسط تساؤلات حول قدرة واشنطن على إحداث تحول ديمقراطي سلمي من دون الانزلاق إلى مواجهة عسكرية واسعة. يرى التحليل أن أول السيناريوهات هو حدوث تمرد داخلي يقوده الجيش أو أطراف مدنية بدعم أمريكي غير مباشر، عبر توفير الدعم اللوجستي والاستخباراتي من القوات المنتشرة في الكاريبي، مشيرًا إلى أن واشنطن تفضل البقاء في الظل عند تغيير الأنظمة، كما حدث عام 2019 عندما دعمت المعارضة بقيادة خوان غوايدو، لكن فرص تكرار ذلك ضعيفة بسبب انقسام المعارضة وقوة الأجهزة الأمنية الموالية لمادورو. وتشير المجلة في تحليلها إلى أن السيناريو الثاني يتمثل في استخدام القوة العسكرية الأمريكية بشكل مباشر لتوجيه ضربات مكثفة ضد المنشآت العسكرية الفنزويلية، مع احتمال تكليف وحدات خاصة بالقبض على مادورو ومحاكمته، ولكن هذا الخيار ينطوي على مخاطر كبيرة، بينها التصادم مع دفاعات فنزويلا الجوية واحتمال انزلاق البلاد إلى فوضى طويلة الأمد بسبب انتشار الميليشيات الموالية للحكومة وكثرة الأسلحة داخل البلاد. أما الخيار الثالث فيتمثل في العودة إلى المسار الدبلوماسي بعد سلسلة الضربات البحرية، حيث قد يسعى ترامب إلى استثمار الموقف لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية في ملفات الطاقة والهجرة والأمن الإقليمي، لافتًا إلى إمكانية إعادة تفعيل خطة "الإطار الانتقالي الديمقراطي" التي طرحتها الإدارة السابقة، وتنص على تشكيل حكومة انتقالية مشتركة بين المعارضة والحزب الحاكم مقابل تخفيف العقوبات وتنفيذ إصلاحات تضمن انتخابات نزيهة. لماذا يسعى ترامب لإسقاط مادورو؟ وفي سياق متصل، قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن إدارة ترامب تستهدف النظام الفنزويلي لأسباب سياسية واقتصادية متشابكة، أبرزها النفط الفنزويلي والنفوذ الإقليمي. وأوضحت الصحيفة أن مادورو ومسؤولين آخرين قدموا تنازلات كبيرة لإنهاء المواجهة مع واشنطن، منها منح الولاياتالمتحدة حصة مهيمنة في صناعة النفط، ورغم أن إدارة ترامب خففت بعض العقوبات ومنحت شركة شيفرون ترخيصًا باستئناف أعمالها وزيادة الصادرات الفنزويلية، فإن التوتر تصاعد مجددًا بعد أن دعا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى نهج أكثر تشددًا ضد مادورو. وأضافت الصحيفة أن روبيو، ابن المهاجرين الكوبيين، لطالما ندد بمادورو وسلفه هوغو تشافيز بسبب دعمهما للنظام الكوبي، ويسعى إلى توظيف الملف الفنزويلي لتعزيز فرصه في الترشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2028. ويرى مراقبون أن هذا النهج المتشدد يخدم أهدافًا مزدوجة منها إضعاف نفوذ اليسار اللاتيني في المنطقة، وكسب تأييد الناخبين الكوبيين في الولاياتالمتحدة، فيما يراهن ترامب على أن نجاحه في إسقاط مادورو سيُكرّس صورته ك"رئيس للسلام القوي" على حد وصفه.