شهدت منطقة البحر الكاريبي مؤخرًا توترًا غير مسبوق منذ عقود، بعدما شنت القوات الأمريكية ضربة عسكرية استهدفت قاربًا انطلق من السواحل الفنزويلية، وأسفرت عن مقتل 11 شخصًا قالت واشنطن إنهم تجار مخدرات. وردّت فنزويلا بتحركات عسكرية اعتُبرت "استفزازية للغاية"، وسط تعزيزات أمريكية واسعة في المنطقة، ما أثار مخاوف من انزلاق الأزمة نحو مواجهة مباشرة بين الجانبين. قبل أيام، حلقتا طائرتين فنزويليتين مقاتلتين من طراز إف-16 فوق مدمرة تابعة للبحرية الأمريكية في المياه الدولية بالبحر الكاريبي، مما دفع وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إلى إصدار تحذير صارم لفنزويلا من التدخل في العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة. وأعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الجمعة، أن بلاده ستنتقل إلى مرحلة "الكفاح المسلح" إذا تعرضت لأي هجوم أمريكي، لكنه في الوقت ذاته أكد أن كراكاس منفتحة دائمًا على الحوار والمفاوضات بشرط احترام إرادة الشعب الفنزويلي. كما عززت حكومة مادورو القوات على طول ساحل فنزويلا وحدودها مع كولومبيا المجاورة، فضلًا عن حث الفنزويليين على الانضمام إلى ميليشيات شعبية. ومن جانبه، علّق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حادثة التحليق، قائلًا: "إذا وضعونا في موقف خطير، فسيتم إسقاط تلك الطائرات". ويعطي ترامب لنفسه الحق في مهاجمة أعضاء في عصابة "ترين دي أراجوا" الإجرامية التي تتاجر بالمخدرات إلى الولاياتالمتحدة، بعدما صنفتها واشنطن كمنظمة إرهابية في وقت سابق من هذا العام. واتهم ترامب نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو بإدارة العصابة، تلك الاتهامات التي تنفيها كراكاس. كما أعلنت واشنطن مؤخرًا مضاعفة المكافأة المخصصة للقبض على مادورو إلى 50 مليون دولار. وأثار الحشد العسكري الأمريكي قلق فنزويلا التي رأت أنه اعتداء على سيادتها وتهديدًا مباشرًا لأمنها، إذ تتمركز الآن سفنٌ مُجهزة بصواريخ توماهوك، وغواصة هجومية، ومجموعة من الطائرات، وأكثر من 4000 بحار ومشاة بحرية أمريكيين، بالقرب من فنزويلا، وفقًا لشبكة "سي إن إن". هل تندلع مواجهة عسكرية مباشرة؟ يقول المحلل السياسي المختص في الشأن الأمريكي وعضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الأمريكي، نعمان أبو عيسى، إن الولاياتالمتحدة هي من بدأت التصعيد الأخير بضرب القارب الفنزويلي في المياه الدولية بالبحر الكاريبي. وفيما يتعلق بالتساؤل حول إمكانية أن يؤدي هذا التصعيد إلى اندلاع حرب عسكرية مباشرة بين الطرفين، يرى أبو عيسى خلال حديثه ل"مصراوي"، أنه من الصعب التنبؤ بحدوث هذا السيناريو الخطير، مشيرًا إلى أن ترامب لا يريد الدخول في حرب مفتوحة بل ضربات محدودة لكي "يُظهِر قوته". ويعتقد أبو عيسى استمرار التصعيد بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوفنزويلا، ولكن من غير المرجح الآن الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة، لأن ذلك ليس في صالح الطرفين. وبينما يواصل الطرفان تبادل الرسائل العسكرية والسياسية، يبقى البحر الكاريبي على صفيح ساخن، في انتظار ما إذا كان التصعيد سيتحول إلى مواجهة مفتوحة أم يظل في إطار استعراض القوة.