المقاومة اللاعنفية أو كما يٌطلق عليها المقاومة "السلمية" هي استراتيجية لتحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية دون استخدام العنف الجسدي. ويستمد هذا النوع من المقاومة قوته من فكرة " التعاون". فقوة ووجود أي نظام سياسي أو أي نظام مستبد للحكم أو استمرار أي محتل مستمد من موافقة وتعاون المحكومين. وسحب هذا التعاون من خلال أساليب سلمية يؤدي – مع الوقت – إلى انهيار تلك القوة. وتستند المقاومة اللاعنفية إلى عدة مبادئ منها الاحتجاج والاقناع كرفع العرائض أو المظاهرات، وعدم التعاون مثل المقاطعة والاضرابات وعدم الانصياع للقوانين التي تمس حقوق المواطنين، والتدخل اللاعنفي مثل الاعتصام الرمزي الذي يعطل عمل المؤسسات. ويزخر تاريخ العالم الحديث بنماذج من أفعال المقاومة اللاعنفية مثل ثورة 1919 في مصر وتعرف باسم ثورة الاستقلال عن بريطانيا، وبدأت بإضراب الطلاب والمحامين وعمال الترام والسكة الحديد والبريد والنساء للمطالبة بإلغاء الأحكام العرفية والسماح للوفد المصري برئاسة سعد زغلول للذهاب إلى بريطانيا لتقديم مطالب الشعب المصري إلى الحكومة البريطانية. وحركة إضراب المدرسين في النرويج عام 1942 لرفضهم التوقيع على إعلان يشيد بالحزب النازي، ورفضهم الانضمام للحزب والدعاية له داخل المدارس النرويجية. بالإضافة إلي حركة مقاطعة "الباصات " في جنوب أفريقيا في الفترة من 1955-1957 لمناهضة سياسة الفصل العنصري واحتجاجا على تعريفة الباصات. إضراب 150 مؤسسة في بولندا عام 1980 وهو ما عرف باسم " إضراب حركة التضامن " بسبب الزيادة في أسعار اللحوم. والثورة الفلبينية عام 1986 تحت قيادة "منظمة اللاعنف" وعرفت باسم " أكابكا" والكنيسة الكاثوليكية. أما بالنسبة لأعمال المقاومة اللاعنفية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة فقد بدأت بإضراب عام 1936 في فلسطين واستمر ثلاث سنوات، وبدأ بوقف عمل الإدارات المحلية بسبب تدفق المهاجرين اليهود واستيلائهم على الأراضي العربية. ثم تهديد رؤساء بلديات الضفة الغربية بالاستقالة الجماعية عام 1979 عقب فشل محاولة اعتقال رئيس بلدية نابلس " بسام الشكعة" وترحيله، مما دفع وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك " عيزرا وايزمان" إلى إلغاء قرار الاعتقال والترحيل. وإضراب المدرسين في مدارس الضفة الغربية عام 1986 نتيجة محاولة السلطات الإسرائيلية فرض تدريس المناهج الإسرائيلية في المدارس الفلسطينية. وعلى الرغم من تعدد أشكال المقاومة اللاعنفية وتدرجها من حيث إقرارها بعدم استخدام العنف، يرى البعض أن مصطلح المقاومة اللاعنفية مضلل لأنه استجابة لآثار ونتائج وأفعال الآخرين. كما أن كلمة المقاومة بها مكون مادي، وأن المقاومة اللاعنفية تبتعد عن الواقع. ومع تصاعد أعمال العنف وزيادة وطأة الاحتلال وممارسات الإبادة الوحشية والنزوح القسري في قطاع غزة والاستيلاء على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية بهدف بناء المزيد من المستوطنات الاسرائيلية يثور التساؤل حول جدوى المقاومة اللاعنفية مع المحتل الذي يسرف في إستخدام العنف المسلح. في الجزء الثاني نتناول الأسباب التي تدفع المقاومة اللاعنفية إلى التحول نحو مقاومة عنيفة.