في حوار خاص مع مصراوي؛ تحدث الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، عن عدة قضايا مجتمعية ودينية مهمة، وتطرق إلى انعقاد المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء الذي أقيم يوم 12 من شهر أغسطس، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، قائلًا إن هذا التوقيت جاء ليحمل دلالات بالغة الأهمية، فهو ليس مجرد لقاء علمي أو أكاديمي فحسب، وإنما هو رسالة واضحة بأن المؤسسات الدينية تدرك جيدًا حجم التحولات المتسارعة التي يشهدها عالمنا اليوم، خاصة مع الطفرة التكنولوجية الكبرى التي أحدثتها ثورة الذكاء الاصطناعي، وما يترتب عليها من قضايا أخلاقية وقانونية وفقهية تحتاج إلى اجتهاد علمي رصين. ويقول فضيلة مفتي الجمهورية: حرصنا أن يكون المؤتمر بمثابة منصة دولية للحوار والتفكير المشترك حول كيفية صناعة المفتي الرشيد الذي يمتلك أدوات هذا العصر، ويواكب واقعه الرقمي بكل ما فيه من تحديات وتعقيدات، مع الالتزام الأصيل بروح الشريعة ومقاصدها العليا. وإلى نص الحوار: *فضيلة المفتي، كيف ترون أهمية انعقاد المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء في هذا التوقيت تحديدًا، وما أبرز القضايا التي جرى تناولها؟ جاء انعقاد المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء في هذا التوقيت ليحمل دلالات بالغة الأهمية، فهو ليس مجرد لقاء علمي أو أكاديمي فحسب، وإنما هو رسالة واضحة بأن المؤسسات الدينية تدرك جيدًا حجم التحولات المتسارعة التي يشهدها عالمنا اليوم، خاصة مع الطفرة التكنولوجية الكبرى التي أحدثتها ثورة الذكاء الاصطناعي، وما يترتب عليها من قضايا أخلاقية وقانونية وفقهية تحتاج إلى اجتهاد علمي رصين، ومن هنا حرصنا أن يكون المؤتمر بمثابة منصة دولية للحوار والتفكير المشترك حول كيفية صناعة المفتي الرشيد الذي يمتلك أدوات هذا العصر، ويواكب واقعه الرقمي بكل ما فيه من تحديات وتعقيدات، مع الالتزام الأصيل بروح الشريعة ومقاصدها العليا. لقد ناقش المؤتمر عددًا من القضايا المحورية التي تعد في صميم حاضرنا ومستقبلنا، من أبرزها: معايير تكوين المفتي العصري بما يجمع بين التأصيل الشرعي والوعي بالواقع، وضوابط استخدام الذكاء الاصطناعي في الفتوى بحيث يكون معينًا لا بديلًا عن الاجتهاد البشري، فضلا عن آليات مواجهة الفتاوى المتطرفة التي تسيء إلى صورة الدين وتضر بالمجتمعات، كما لم يغفل المؤتمر التأكيد على أهمية تعزيز التعاون الدولي بين دور وهيئات الإفتاء لتوحيد الرؤية، وتبادل الخبرات، وتشكيل جبهة علمية موحدة تستطيع أن تتعامل مع التحديات العالمية الراهنة والمستقبلية. وبهذا، فإن المؤتمر العاشر لم يكن فقط محطة للاجتماع وتبادل الأفكار، بل مثل خطوة إستراتيجية في مسار طويل يهدف إلى ترسيخ مكانة الفتوى الرشيدة كأداة لبناء السلام الفكري والاجتماعي، وصياغة وعي جديد يربط بين ثوابت الدين ومتغيرات العصر. *المؤتمر ضم علماء من مختلف المدارس الفقهية، فكيف تم التوفيق بين الآراء المختلفة للخروج بتوصيات موحدة؟ نحن ندرك أن الاختلاف سنة ماضية وثراء للأمة، لكن إدارتنا للخلاف كانت من خلال التحرير العلمي المنضبط والالتزام بالمقاصد الكلية للشريعة، فقد دارت نقاشات المؤتمر في مناخ من الاحترام المتبادل، وتم التركيز على المشترك بين المذاهب لا على ما يفرقها، وفي النهاية، خرجت التوصيات بروح جماعية تُعبر عن الوفاق الإفتائي لا عن اجتهاد فردي أو اتجاه بعينه، وهو ما يعكس دور الأمانة العامة في جمع الكلمة وتوحيد الرؤية. *كيف يمكن للمؤسسات الدينية الرسمية مواجهة الفتاوى المتطرفة التي تحرض على العنف والفوضى، وتستغل القضية الفلسطينية لتحقيق أغراض سياسية؟ الفتوى المتطرفة تنشأ من اجتزاء النصوص وإغفال المقاصد، ولذا فإن دور المؤسسات الرسمية هو إبراز الفتوى الصحيحة المتوازنة المبنية على علم راسخ ومقصد رحيم. ونحن نعمل على كشف زيف الفتاوى التي تتاجر بالقضية الفلسطينية أو توظف الدين لتحقيق أغراض سياسية، ونؤكد أن نصرة فلسطين واجب شرعي وقومي لا يكون بنشر الفوضى أو التحريض على العنف غير المشروع، وإنما بدعم صمود الشعب الفلسطيني، وتوحيد الكلمة، والتمسك بالقيم العليا للشريعة. *كيف يمكن للمؤسسات الدينية أن تستخدم الذكاء الاصطناعي لمواجهة الشبهات والأفكار المتطرفة التي تنتشر عبر الإنترنت؟ الذكاء الاصطناعي يعد من أهم الأدوات الحديثة التي يمكن للمؤسسات الدينية الاستفادة منها في مواجهة الفكر المتطرف على الساحة الرقمية، فمن واقع مناقشات ومحاور المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء، توصلنا إلى أن التقنية تتيح إمكانات واسعة في عدة مجالات: من أهمها الرصد والتحليل: وذلك عبر تقنيات تحليل البيانات الضخمة وتعقب أنماط الخطاب المتطرف، والكشف المبكر عن الشبهات قبل أن تتحول إلى موجات واسعة الانتشار، وكذلك إدارة المعرفة الشرعية: بمعنى أن الذكاء الاصطناعي يساعد على فهرسة ملايين النصوص والمراجع الفقهية، مما يتيح للمفتين سرعة الوصول إلى الأدلة الموثوقة، ويضمن تقديم إجابات دقيقة ومسنَدة. إضافة إلى المحتوى التفاعلي: حيث يمكن استثمار الذكاء الاصطناعي في توليد محتوى تعليمي موجه للشباب بلغات متعددة، وبأساليب عصرية مثل الفيديوهات القصيرة أو المحادثات التفاعلية، بما يسهل وصول الرسائل المعتدلة إليهم، إلى جانب الكشف عن التلاعب: حيث تستطيع خوارزميات الذكاء الاصطناعي رصد الحسابات الوهمية والمحتويات المضللة التي توظف الدين في غير مقاصده، وبالتالي تساعد المؤسسات الدينية على التصدي لها بسرعة. لكننا نؤكد دائمًا أن هذه الأدوات لا بد أن تكون تحت إشراف علماء الشريعة، لأن التقنية مهما بلغت دقتها تبقى عاجزة عن إدراك المقاصد الكلية للشريعة وروحها الإنسانية، ومن هنا، فإن الاستخدام الرشيد للذكاء الاصطناعي في يد المؤسسات الدينية يمكن أن يشكل سياجًا معرفيًّا وأخلاقيًّا يحمي الشباب من الانجرار خلف الفكر المنحرف، ويجعل المنصات الرقمية مجالا لبث القيم السمحة بدلا من استغلالها للتحريض والتطرف. *ما هي رسالتكم للمسلمين في فلسطين وخارجها، خاصة في ظل الأوضاع الراهنة؟ وكيف يمكن للفتوى أن تساهم في بث الأمل والصبر في نفوسهم؟ أقول لأهلنا في فلسطين: أنتم في قلب الأمة وضميرها الحي، وصمودكم وبطولتكم شرف لنا جميعًا، إن ما تقدمونه من تضحيات يذكرنا بمعاني الإيمان الحقيقية وبقيمة الدفاع عن الكرامة والحق، وفي هذا السياق تؤدي الفتوى دورًا محوريًّا، فهي ليست مجرد بيان للحكم الشرعي، بل هي أيضًا رسالة روحية ومعنوية تعمق الأمل وتشد من أزر الناس، وتذكرهم بالثواب العظيم الذي وعد الله به الصابرين والمرابطين. كما أن الفتوى الصحيحة تسهم في توجيه الأمة إلى سبل النصرة المشروعة، وتوضيح أن الدعم لا ينحصر في الجانب المادي فحسب، بل يمتد ليشمل الدعاء الصادق، وبث الوعي، ومساندة القضية في مختلف المحافل، ونحن نؤكد أن الفتوى يمكن أن تكون قوة ناعمة تُذكي روح التضامن، وتبني وعيا جماعيا راسخا بأن النصر آتٍ مهما طال الزمن، وأن الأمة حين تتوحد خلف قيمها ومبادئها تزداد قوة وصلابة. *كيف يمكن لدار الإفتاء أن تعزز من وعي الشباب بقضايا الدين والوطن وتحصّنهم من الأفكار المتطرفة؟ نعتمد على خطاب شبابي مباشر يراعي لغة العصر، مع إنتاج محتوى قصير وهادف على المنصات الرقمية، وفتح قنوات للحوار، كما نركز على إبراز قيمة الانتماء للوطن باعتباره جزءًا من العقيدة، وأن حماية المجتمع والدفاع عنه من الإرهاب واجب ديني. هذا إلى جانب برامج التدريب والمحاضرات التي ألقيها بنفسي في عدد من الجامعات، إضافة إلى الندوات التفاعلية التي نطلقها لتساعد على بناء عقلية نقدية لدى الشباب تحميهم من الانسياق وراء دعاوى التطرف. *ما أبرز الفتاوى التي أصدرتها الدار مؤخرًا وتخص قضايا مجتمعية مهمة؟ من أبرز ما أصدرته الدار في الآونة الأخيرة فتاوى تتعلق بالتعاملات المالية الرقمية كالعملات المشفرة وضوابطها الشرعية، وفتاوى حول قضايا الأسرة مثل الطلاق الإلكتروني وأحكام النفقات، وكذلك فتاوى بشأن القضايا البيئية كحماية الموارد المائية وترشيد الاستهلاك، هذه الفتاوى تستجيب لحاجات المجتمع الواقعية وتواكب مستجداته. *ما معاييركم في اختيار القضايا التي يتم تناولها في الفتاوى؟ نحن في دار الإفتاء المصرية نعتمد في اختيار القضايا المطروحة للفتوى على جملة من المعايير الدقيقة، يأتي في مقدمتها حاجة الناس الفعلية وما يواجهونه من نوازل ومستجدات، مع مراعاة الأثر المجتمعي للفتوى بحيث تسهم في الحفاظ على الاستقرار، وتسد أبواب الفتنة، وتبني جسور الثقة بين الناس ومؤسساتهم الدينية. كما أن الدار تمتلك منظومة متكاملة من القنوات للتواصل المباشر مع الجمهور، ومن خلالها ترصد آلاف الأسئلة يوميا، فنفرز منها ما يمثل ظواهر عامة أو اتجاهات لافتة تتطلب معالجة خاصة. وإلى جانب ذلك، أنشأت الدار مراصد بحثية ومراكز متخصصة تتابع عن كثب اتجاهات الرأي العام وقضاياه، وعلى رأسها مركز سلام لدراسات التطرف والإسلاموفوبيا، والمؤشر العالمي للفتوى، حيث تقوم هذه المراكز بمتابعة وتحليل القضايا الفكرية والفقهية والمجتمعية التي تهم الناس في الداخل والخارج، وكذلك رصد النوازل والمستجدات عالميًّا، بما يضمن أن تكون الفتوى دائما معبرة عن هموم الناس، وواعية للتطورات السريعة التي يشهدها العالم. *كيف يتم التواصل مع الجمهور وتلقي أسئلتهم، وهل هناك طرق جديدة للتفاعل غير المباشر؟ التواصل مع الجمهور وتلقي أسئلتهم يشكل أحد أهم أركان عمل دار الإفتاء المصرية، ولذلك حرصنا على أن نمد جسورًا متعددة تضمن الوصول لكل سائل بأيسر طريق. فلدينا الفتوى الهاتفية عبر الخط الساخن، حيث يتلقى المستفتون إجابات مباشرة من العلماء المتخصصين، ولدينا أيضا الفتوى الشفوية بالحضور المباشر داخل مقر الدار، وهي ما زالت تحتفظ بأصالتها وخصوصيتها، إلى جانب ذلك، أطلقنا الفتوى الإلكترونية عبر الموقع الرسمي، حيث يمكن لأي شخص أن يرسل سؤاله ويحصل على إجابة دقيقة وموثقة. كما أدخلنا تقنيات حديثة لتلبية احتياجات العصر، فلدينا تطبيق خاص لتلقي الأسئلة على الهواتف الذكية، يتيح سهولة التواصل مع الدار في أي وقت ومن أي مكان، وإلى جانب ذلك، هناك تطبيق "فتوى برو" الذي خُصص بشكل أساسي للتواصل مع المسلمين في الخارج، حيث يستقبل أسئلتهم بلغات مختلفة، بما يضمن وصول رسالة الإفتاء الصحيحة إلى أبنائنا في الجاليات المسلمة حول العالم. ودار الإفتاء تهتم بهذا الأمر على مستويين: داخليًّا عبر خدمة المواطنين في مصر بكل الوسائل المتاحة، وخارجيًّا عبر خدمة المسلمين في الخارج والتفاعل مع قضاياهم وهمومهم، ولذا أنشأنا مسارات متعددة تجمع بين القنوات التقليدية والمعاصرة، من الهاتف والمقابلات المباشرة، إلى التطبيقات الذكية والمنصات الرقمية وصفحات التواصل الاجتماعي، كما أننا نطور باستمرار هذه المنظومة لتكون أكثر شمولا وتكاملا، مع توفير محتوى تثقيفي شامل يجيب عن الأسئلة المتكررة، ويسهم في رفع وعي الناس قبل أن يسألوا. بهذا الشكل نضمن أن الفتوى الصحيحة تصل إلى أوسع شريحة ممكنة، داخليًّا وخارجيًّا، مع مراعاة السرعة، والموثوقية، والسياقات الاجتماعية والخصوصية واحتياجات الناس المتنوعة. *ما خططكم المستقبلية لتطوير العمل الإفتائي في مصر، سواء على مستوى المنهج أو التقنية؟ نعمل في دار الإفتاء على تطوير العمل الإفتائي عبر مسارين متكاملين، الأول هو المسار العلمي الذي يركز على إعداد المفتي العصري القادر على استيعاب الواقع ومواكبته، وذلك من خلال تحديث مناهج التدريب، وإدماج علوم جديدة مثل الذكاء الاصطناعي، وفقه البيئة، ومقاصد الشريعة، بما يعزز من قدرة المفتي على معالجة النوازل والمستجدات بوعي علمي ورؤية مقاصدية دقيقة، كما تسعى الدار إلى الاستفادة من خبرات المراكز البحثية التابعة لها في قراءة اتجاهات الرأي العام ورصد القضايا الأكثر إلحاحًا. أما المسار التقني فيتمثل في تحديث البنية الرقمية لدار الإفتاء من خلال تطوير قواعد بيانات فقهية شاملة، وإطلاق منصات تفاعلية متعددة اللغات، وتوسيع نطاق التطبيقات الذكية مثل "فتوى برو" لخدمة المسلمين في الداخل والخارج، كما تعمل الدار على توظيف الذكاء الاصطناعي بصورة منضبطة كمساعد بحثي وتقني، بما يضمن سرعة الوصول إلى الفتاوى الصحيحة والموثوقة، وبما يرسخ دور المؤسسة كمرجع عالمي رائد في صناعة الفتوى الرشيدة. *ما رسالتكم التي تودون توجيهها إلى المسلمين في العالم، خاصة في ظل التحديات الراهنة؟ رسالتنا إلى المسلمين في مختلف أنحاء العالم تنطلق من جوهر رسالة الإسلام التي جاءت رحمة للعالمين، لتؤكد أن هذا الدين العظيم يقوم على العدل والإنصاف وصيانة الكرامة الإنسانية، وفي ظل التحديات الراهنة التي تتنوع بين صراعات سياسية وأزمات اقتصادية وفكرية، بل وتحديات التكنولوجيا الحديثة وما تفرضه من واقع جديد، فإننا نؤكد أن سبيل النجاة يكمن في الوحدة والتعاون والتكامل، بعيدًا عن كل صور التناحر والانقسام. ونحن ندعو المسلمين إلى التمسك بنهج الوسطية والاعتدال، وتفعيل قيم الحوار والتعايش مع الآخر، والتصدي لخطابات الكراهية والتطرف التي تشوه صورة الدين وتسيء إلى مقاصده، كما نحث كل مسلم ومسلمة على أن يكونوا في مجتمعاتهم سفراء للقيم الأخلاقية الرفيعة من صدق وإحسان ورحمة، بحيث يشهد الناس للإسلام من خلال أفعالهم قبل أقوالهم. ونؤمن أن الفتوى الرشيدة، إذا صدرت من مؤسسات علمية راسخة، قادرة على أن تكون أداة فعّالة لبناء الوعي وتصحيح المفاهيم وإرساء السلام الاجتماعي، وهو ما نعمل عليه من خلال الأمانة العامة ودار الإفتاء المصرية بالتعاون مع شركائنا في العالم الإسلامي، فغايتنا النهائية أن نرى عالما أكثر عدلا وسلاما ورحمة، يعكس الصورة الحقيقية للإسلام بعيدا عن كل ما يلصق به من صور مغلوطة أو انحرافات فكرية. *هل هناك مشاريع تعاون مشتركة بين دار الإفتاء المصرية ومؤسسات إفتائية أخرى حول العالم؟ نعم، لدينا بالفعل العديد من المشاريع المشتركة في إطار عمل الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، التي تضم تحت مظلتها أكثر من مائة دار إفتاء وهيئة ومؤسسة دينية من مختلف دول العالم، وقد أصبحت الأمانة إطارا مرجعيا للتنسيق والتعاون عبر تبادل الخبرات وبناء القدرات وتوحيد المعايير المهنية، بما يسهم في ترشيد الخطاب الديني وصناعة المفتي العصري القادر على مواجهة تحديات العصر. ولعل من أبرز جهودها تنظيم المؤتمر العالمي السنوي للإفتاء، الذي يصدر عنه جملة من المشاريع والمبادرات العالمية الهامه وتبادل الخبرات والرؤى الإفتائية، فضلا عن إطلاق برامج تدريبية وتأهيلية للمفتين من مختلف البلدان. أما على صعيد المشاريع النوعية الحديثة، فقد شهد المؤتمر الدولي العاشر للإفتاء إطلاق «وثيقة القاهرة حول الذكاء الاصطناعي والإفتاء» لتكون مرجعًا عالميا أخلاقيا وشرعيا يحدد الضوابط والآليات اللازمة لضمان إصدار فتاوى رشيدة في البيئة الرقمية المعاصرة، وكذلك إطلاق مركز الإمام الليث بن سعد لفقه التعايش والذى يعد خطوة نوعية تهدف إلى مواجهة خطاب الكراهية وتعزيز القيم الوسطية، ليكون منارة علمية تسهم في نشر قيم التسامح والتعايش في العالم، كما تعمل الأمانة عبر مركز سلام على مواجهة الفكر المتطرف والإسلاموفوبيا، كذلك أطلقت في وقت سابق تطبيق "فتوى برو" لتوفير خدمات إفتائية مترجمة بعدة لغات بما يخدم المسلمين حول العالم، بجانب إصدار العديد من المؤلفات والبحوث العلمية التي تمثل رصيدًا معرفيًّا عالميًّا يعزز من مهنية وموضوعية الإفتاء.