أثار افتتاح مسجد النوري الكبير في مدينة الموصل بالعراق، جدلا كبيرا بسبب تلاوة قرءانية خلال الفعاليات. وفي مطلع التلاوة القرءانية، بدأ القارئ ب"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" وفق العادة قبل البدء، في ما اعتبره البعض إساءة للإيزيديين في العراق. وفي محاولة لتدارك الموقف، اعتذر محافظ نينوى عبد القادر الدخيل للإيزيديين الحاضرين في افتتاح المسجد عقب انتهاء التلاوة، في خطو اعتبرها كثيرون "غير محسوبة". وقال الدخيل، إنه أراد احترام مشاعر الإيزيديين، مشيرا إلى أن اعتذاره جاء لأن بعضهم قد يشعرون بالإساءة من ذكر كلمة "الشيطان"، غير أن الخطوة فجّرت موجة من الجدل والانتقادات. جدل في العراق بعد اعتذار محافظ نينوى للمكون الإيزيدي عبد القادر الدخيل يعتذر للمكون الإيزيدي عن قول "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" أثناء افتتاح الجامع النوري، وسط انقسام واسع بين من يرى الاعتذار ضرورياً للحفاظ على وحدة الصف، ومن يعتبره مبالغة لأن الاستعاذة أصل إسلامي.#الساعة... pic.twitter.com/eX9VEtdNYN — الساعة (@alssaanetwork) September 3, 2025 وعلّقت النائبة الإيزيدية فيان دخيل، على اعتذار محافظ نينوى متسائلة عن مبررة وعلاقة الإيزيديين بالشيطان، في إشارة غير صريحة إلى أن الخطوة تعكس جهلا بالمعتقدات الإيزيدية من جانب سلطة المحافظة. وازدادت الأزمة حدة، مع دخول محافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي على الخط؛ إذ كتب في منشور على حسابه بموقع "فيسبوك": "إننا لا نعتذر عن تعاليم ديننا، فالتعايش لا يمكنه أن يجعلنا نقبل بأن نبدّل تلك التعاليم، إننا لا نحتاج لذلك. احترامنا للمذاهب المختلفة والأديان يقف عند احترامهم لكامل أصول ديننا وتعاليمه". ومع ذلك، فإن رفض النجيفي للاعتذار أظهر فهما خاطئا لمعتقدات الإيزيديين المرتبطة بعبادة الشيطان. في المقابل، وصف الصحفي الإيزيدي سامان داوود، في منشور على حسابه ب"فيسبوك"، اعتذار محافظ نينوى بأنه "كارثة زادت الطين بلة"؛ موضحا أنه ليس ضد أي عقيدة لكن ضد الغباء المرتبط بالخرافات"، مؤكدا أن "لا علاقة للإيزيديين بالشيطان، ومن يريد أن يتحدث باسمه فليفعل ذلك شخصيا". وأضاف داوود في تعليق على منشوره: " الإيزيديون لا يعبدون الشيطان، بل يقدسون طاووس ملك، وهو رئيس الملائكة في عقيدتهم، ويعتبرونه الملاك الموكّل من الله على شؤون العالم". وأشار الصحفي الإيزيدي، إلى أن "سبب الالتباس أن طاووس ملك – بحسب رواياتهم – رفض السجود لآدم عندما أمر الله الملائكة بذلك، ليس عصيانًا، وإنما طاعةً لأمر الله الأول بعدم السجود إلا له وحده"، مضيفا "لذلك بعض الناس خلطوا بين طاووس ملك وبين إبليس في الديانات الأخرى، وانتشر عنهم ظلمًا أنهم (يعبدون الشيطان)، وهذا غير صحيح". من هم الإيزيديون؟ في كثير من الأحيان، يشار إلى الإيزيديين بأنهم "عبدة الشيطان"، نتيجة معتقداتهم غير المألوفة، ما دفعهم إلى الانعزال في مجتمعات متفرقة شمال غربي العراق، وشمال غربي سوريا، وجنوب غربي تركيا. كما أنه لا يمكن لأحد أن يعتنق الديانة الإيزيدية سوى من ولد بها. ونتيجة ما يواجهه الإيزيديون من اضطهاد، فإن من الصعب تحديد أعدادهم الحالية والتي تشير تقديرات إلى أنها تتراوح بين 70 ألفا إلى 500 ألف، غير أنه من المرجح أن أعدادهم تراجعت بشكل كبير خلال القرن الماضي. ويرجع ما يواجهه الإيزيديون من اضطهاد في منطقة جبال سنجار غربي الموص، إلى الفهم المغلوط لأسباب تسميتهم؛ إذ تعتقد التنظيمات الإرهابية بما في ذلك "داعش" أن هذا الاسم يعود إلى يزيد بن معاوية، ثاني حكام الدولة الأموية. لكن، دراسة أظهرت عدم صحة تلك الأسباب؛ موضحة أن سبب التسمية مشتق من كلمة "إيزيد الفارسية التي تعني "الملاك أو الإله"، ما يُظهر أن تسمية الإيزيديين تعني "عبدة الرب". ومع ذلك، فإن معتنقي الإيزيدية يطلقون على أنفسهم "الدواسين"، المشتق من كلمة "ديوسيس" المقتبس من المعتقد السنطوري الكنسي القديم في تلشرق، إذ أُخذ الكثير من معتقداتهم من الديانة المسيحية؛ فضلا عن أنهم يقدسون القرآن والإنجيل معا. وتسببت السرية التي تحوط معتقداتهم، في انتشار كثير من المفاهيم الخاطئة بما في ذلك معتقد بأن الإيزيدية له ارتباط بالديانة الزرادشتية المجوسية، وكذلك عبادة الشمس.