جاءت الفتاة الإيزيدية نادية مراد إلي مصر تعرض محنتها ومحنة قومها الذين يتعرضون لجرائم التطهير العرقي علي يد مقاتلي داعش الإرهابيين.. وقد وجدت هنا التعاطف والأمان والاحترام.. لكنها أثارت وراءها العديد من الأسئلة عن الطائفة التي تنتمي إليها والتي يتردد اسمها كثيرا في الأخبار هذه الأيام. رجعت إلي كتابإسلام بلا مذاهب" للدكتور مصطفي الشكعة الذي يتناول بالبحث والتحليل المذاهب والطوائف الإسلامية ويعرض لنشأتها وأفكارها فلم أعثر للإيزيديين علي أثر عنده.. وتأكد لي ما كنت أعرفه بأن هذه الطائفة لا تنتمي إلي الطوائف الإسلامية المتناثرة.. وهي مقطوعة الصلة تماما بالطائفة الزيدية الشيعية التي تتمركز أساسا في اليمن. لكن موسوعة"ويكيبيديا تنقل عن بعض الباحثين المسلمين أن الإيزيدية - أو اليزيدية - ديانة منحرفة عن الإسلام.. وينسبونها إلي الخليفة الأموي الثاني يزيد بن معاوية.. وهذا قول ضعيف عموما.. فالثابت أن الإيزيدية - كما تنطق باللغة الكردية - تعبر عن مجموعة دينية تتمركز في العراق وسوريا.. يعيش أغلبهم قرب الموصل ومنطقة جبال سنجار في العراق وتعيش مجموعات أصغر في تركيا وسوريا وألمانيا وجورجيا وأرمينيا.. وينتمون عرقيا إلي أصل كردي ذي جذور هندوأوروبية لكنهم تأثروا بالثقافات العربية والسريانية المحيطة بهم. ويري الباحثون الإيزيديون أن ديانتهم انبثقت عن الديانة البابلية القديمة.. بينما يري آخرون أن الإيزيدية تنتمي إلي الديانات العراقية القديمة.. وهي الآن خليط من الديانات الزرادشتية والصابئة والمجوسية والمانوية.. ويقدس الإيزيديون الطاووس الذي يعتبرونه ملك الملائكة الذي رفض السجود لآدم امتثالا لأمر الله بألا يسجدوا لأحد غيره.. وبعد أن تاب الطاووس الملك عن رفضه وقبل الله توبته فوضه في خلق العالم وإدارته.. ولذلك فإنهم لا يعتقدون بوجود الشيطان ويرون أن كل إنسان مسئول عن فعله دون غواية من أي قوة أخري. يؤدي الإيزيديون خمس صلوات في اليوم: الفجر والضحي والظهر والعصر والمغرب.. ويتوجهون إلي الشمس في صلاتهم.. ويؤمنون بتناسخ الأرواح وبسبع ملائكة - ويصومون أربعين يوما في السنة.. وديانتهم غير تبشيرية.. فلا يستطيع اتباع الديانات الأخري الانضمام إليهم.. ولذلك يعتبرهم البعض قومية مستقلة وديانة.. في حين يري آخرون أن الإيزيديين أكراد.. ويسعي الزعيم الكردي العراقي مسعود برزاني ضمهم إلي طائفته.. بينما يرفض قسم منهم ذلك النسب ويعتبرون أنفسهم عربا قوميين. يتحدث أغلب الإيزيديين اللغة الكرمانجية.. وقسم منهم يتحدث العربية.. وكتبهم الدينية القديمة باللغة السريانية.. ومركزهم الديني الذي يحجون إليه في"لالش" حيث الضريح المقدس للشيخ عدي بن مسافر بشمال العراق.. وعدي هذا هو الشخصية"البشرية" الأكثر محورية في الديانة الإيزيدية.. يعتبره عدد غير قليل من المؤرخين أنه أصل الديانة الإيزيدية ومؤسسها.. أما الإيزيديون أنفسهم فيعتبرونه مجدد ديانتهم القديمة جدا.. وأن"طاووس ملك" عظيم الملائكة قد تجسد فيه... حيث يقول عنه نفسه:"كنت حاضرا عندما كان آدم يعيش في الجنة.. وكذلك عندما ألقي النمرود إبراهيم في النار.. وكنت حاضرا عندما قال لي الله أنت الحاكم وأنت إله الأرض". وينقسم المجتمع الإيزيدي"أو اليزيدي كما ينطقها العرب" إلي 3 طبقات: طبقة"الشيخ" الأكثر تبجيلا واحتراما الذين تجلت فيهم الملائكة.. وطبقة"المير" وتعني بالكردية"العجوز" وطبقة"المريد" وهم غالبية أبناء الطائفة.. ويحرم الزواج بين هذه الطبقات.. كل طبقة تتزوج من بينها فقط. ورغم الاختلاف الكبير بين الإيزيدية والإسلام فإن هذا لا يعطي أي مبرر أو أي حق للإرهابيين الدواعش أن يقتلوا الإيزيديين أو يغتصبوا نساءهم.. الإسلام رسالة هداية وأمن وتعايش وليس رسالة قتل وإرهاب واغتصاب.