أقرّت أكبر جمعية من العلماء المتخصصين في أبحاث الإبادة الجماعية والتوعية بها حول العالم، قرارًا ينص على استيفاء المعايير القانونية التي تثبت ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة، وفق ما ذكره رئيسها يوم الاثنين. القرار الذي نقلته رويترز جاء بتأييد 86 في المئة من المصوتين، الذين يبلغ عددهم 500 عضو في الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية، وينص على أنَّ "سياسات إسرائيل وممارساتها في غزة تستوفي التعريف القانوني للإبادة الجماعية الوارد في المادة الثانية من اتفاقية الأممالمتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها الصادر عام 1948". ووصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية هذا البيان بأنه مشين و"يستند كليًا إلى حملة أكاذيب حماس". ودائمًا ما تنكر إسرائيل أن عملياتها في القطاع الفلسطيني ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، وتؤكد أنها تتماشى مع حقها في الدفاع عن نفسها. ورفعت جنوب أفريقيا في ديسمبر 2023 دعوى قضائية على إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية تتهمها بارتكاب إبادة جماعية في غزة، لكن المحكمة لم تنظر في الدعوى من حيث الموضوع بعد، وهي عملية قد تستغرق سنوات. وفي كانون الثاني 2024، حضّت المحكمة إسرائيل على بذل كل الجهود الممكنة "لتجنّب" حصول أعمال إبادة خلال عملياتها العسكرية في قطاع غزة بما يشمل توفير المساعدة الإنسانية بشكل عاجل لتجنّب وقوع مجاعة. ووفقًا لرويترز فإن القرار، المؤلف من ثلاث صفحات، يدعو إسرائيل إلى "الوقف الفوري لجميع الأعمال التي تُشكل إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك الهجمات المتعمدة على المدنيين وقتلهم، بمن فيهم الأطفال؛ والتجويع؛ والحرمان من المساعدات الإنسانية والمياه والوقود وغيرها من المواد الأساسية لبقاء السكان؛ والعنف الجنسي والإنجابي؛ والتهجير القسري للسكان". في الوقت ذاته، نص القرار نفسه على أن هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر عام 2023 يندرج تحت ارتكاب الجرائم الدولية. وقالت ميلاني أوبراين، رئيسة الرابطة، وأستاذة القانون الدولي في جامعة غرب أستراليا والمتخصصة في الإبادة الجماعية، لرويترز: "هذا بيان قاطع من خبراء في مجال دراسات الإبادة الجماعية، بأن ما يجري على الأرض في غزة هو إبادة جماعية". وأضافت: "ما مِن مبرر لارتكاب جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، أو إبادة جماعية، ولا حتى في سبيل الدفاع عن النفس". وتُعرّف الجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية نفسها على أنها منظمة عالمية غير حزبية متعددة التخصصات، تسعى إلى تعزيز البحث والتدريس حول طبيعة الإبادة الجماعية وأسبابها وعواقبها، وتطوير دراسات السياسات المتعلقة بمنعها. ومنذ تأسيس الرابطة الدولية عام 1994، أصدرت جمعية علماء الإبادة الجماعية تسعة قرارات تعترف بوقائع تاريخية أو أحداث جارية على أنها إبادة جماعية. حماس: "توثيق قانوني جديد" يأتي ذلك مع اقتراب الحرب في غزة من دخول عامها الثالث في أكتوبر المقبل، ردًّا على هجوم مباغت لحماس في عام 2023، أسفر عن مقتل 1,200 شخص واختطاف أكثر من 250 رهينة. ومنذ ذلك الحين، أسفرت العملية العسكرية الإسرائيلية عن استشهاد أكثر من 63 ألف فلسطيني وفقًا لوزارة الصحة في غزة، وتدمير أو إتلاف معظم المباني في القطاع، وإجبار جميع سكانه تقريبًا على الفرار من منازلهم أكثر من مرة. من جهتها، وصفت حركة حماس قرار الرابطة الدولية بأنه "توثيق قانوني جديد، يضاف للتقارير والشهادات الدولية التي وثّقت ما يتعرض له شعبنا من إبادة جماعية تجري أمام مرأى ومسمع العالم". ووصفت في بيان لها، "عدم تحرك المجتمع الدولي" ضد إسرائيل ورئيس الوزراء الإسرائيلي في ظل هذه القرارات الدولية بأنه "وصمة عار وعجز غير مبرر وإخفاق مدوٍ في حماية الإنسانية، وتهديد مباشر للسلم والأمن الدوليين". كما ثمّنت حماس، في بيان منفصل، الحراك العالمي الذي يقوده الاتحاد الدولي للصحفيين ومنظمة مراسلون بلا حدود، وقالت إنه يعد "فضحًا لسياسة الاحتلال الإجرامية في استهداف وقتل الصحفيين الفلسطينيين، ومحاولاته الممنهجة للنيل من الإعلام والسردية الفلسطينية، بهدف تغييب حقيقة جرائم الإبادة والتجويع التي يرتكبها بحق شعبنا في قطاع غزّة"، مشيرة إلى استشهاد أكثر من 247 صحفيًا وصحفية في قطاع غزة، وفق الإحصاءات المحلية. وتتهم منظمات حقوقية دولية ومنظمات غير حكومية إسرائيلية إسرائيل بالفعل بارتكاب "إبادة جماعية". وفي يوليو الماضي، قالت منظمتان حقوقيتان إسرائيليتان بارزتان (بتسيلم وأطباء لحقوق الإنسان - إسرائيل) إن سلوك إسرائيل في حرب غزة يُشكل إبادة جماعية بحق السكان الفلسطينيين. وقال أستاذ القانون الدولي في الجامعة المفتوحة في هولندا سيرجي فاسيلييف، وهو ليس عضوًا في الجمعية، لرويترز إن القرار يظهر أن "هذا التقييم القانوني أصبح هو السائد في الأوساط الأكاديمية، وخاصة في مجال دراسات الإبادة الجماعية". وكان المئات من موظفي مكتب مفوّض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك قد بعثوا إليه الأسبوع الماضي رسالة، اطّلعت عليها رويترز، يطالبونه فيها بوصف حرب غزة صراحةً بأنها إبادة جماعية متواصلة.