لم تتوقع "أمل" أن كارت شحن ب22 جنيها قد يضعها في موقف مهين أمام أعين المارة، ولم تكن تدري أن دموعها، وهي تغادر المحل مطرودة بكلمات جارحة، ستدق أبواب العدالة في دقائق معدودة. "أمل محسن"، فتاة في الفرقة الثالثة بكلية التجارة، لم يمنعها كونها من ذوي الهمم من أن تحيا حياة طبيعية، تدرس، تحلم، وتشارك العالم تفاصيل يومها. لكنها، في تلك اللحظة، اصطدمت بواقع مرير حين قررت شراء كارت شحن من أحد محال البقالة بقرية صلاح الدين، التابعة لمركز بدر في محافظة البحيرة. قدّمت للتاجر ورقة فئة 25 جنيها، وطلبت "لبان" بالباقي. أمرٌ عادي، لكنه لم يكن كذلك بالنسبة لصاحب المحل، الذي قابل طلبها بتنمر فج تروي أمل الواقعة: سألته: اللبان بكام؟ قاللي بزعيق: ب"جنيه ونص"، ضحكت وقلتله: دا بجنيه ف كل حتة! وأضافت: "فجأة وشه اتغير، وزعق وقاللي: "أنا عندي بجنيه ونص، خدي فلوسك وامشي بوشك دا، ورمى الفلوس في وشي، قدام الناس". لم تتمالك أمل دموعها، شعرت بالضعف، بالإهانة، لكنها لم تستسلم لإهانتها أمسكت هاتفها، واتصلت بخط النجدة. لم تكن تنتظر شيئًا، لكنها أرادت أن تقول فقط: "أنا تأذيت". بعد دقائق معدودة، توقفت سيارة شرطة أمام المحل، ونزل منها ضابط شاب، وتوجه نحوها قائلاً: "الرئيس بنفسه موصي عليكم.. وببلاغكم". ارتبك البائع، وتبدلت ملامحه من الغرور إلى الخوف، أما أمل، فشعرت أن كرامتها عادت، وعرض الضابط عليها تحرير محضر، وسألها عمّا يرضيها لكنها، رغم كل شيء، قررت التنازل بعد أن اعتذر لها التاجر، لم يكن هدفها العقاب، بل الاحترام. لاحقًا، كتبت أمل على صفحتها الشخصية بموقع "فيسبوك"، تحكي الواقعة، وتشيد بسرعة استجابة رجال الشرطة، كلماتها الصادقة وجّهت تحية للرئيس عبدالفتاح السيسي، وثمنت جهوده التي جعلت المجتمع ينظر لذوي الهمم بعيون تقدير لا شفقة. وقالت: "أنا فخورة إني مصرية، وفخورة إن فيه ناس بتسمع صوتي وبتحترمني.. وبأتمنى أقابل الرئيس وأشكره بنفسي."