في ظل أوضاع إنسانية كارثية يعيشها قطاع غزة، وبينما تتصاعد الانتقادات الدولية بشأن تسييس المساعدات، أعلنت "مؤسسة غزة الإنسانية" المسؤولة عن توزيع المساعدات الإغاثية في القطاع تعيين القس الإنجيلي الأمريكي جوني مور رئيسًا جديدًا لها. جاء تعيين مور بعد أيام من استقالة المدير التنفيذي السابق جيك وود، الذي تحدث عن مخاوفه من عدم حياد المنظمة، قائلًا في بيان استقالته أواخر مايو الماضي: "بات من الواضح عدم إمكانية تنفيذ خطة المنظمة مع الالتزام الصارم بالمبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية التي لن أتخلى عنها". من هو جوني مور؟ -مور هو عضو في لجنة الولاياتالمتحدة للحرية الدينية الدولية ومؤسس شركة الاستشارات المتخصصة "كايروس". -تم تعيين مور، مساء أمس الثلاثاء، رئيسًا للمؤسسة بعد الهجمات التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي والتي أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 27 شخصًا وإصابة أكثر من 150 آخرين وهم يحاولون الوصول إلى موقع مساعدات تابع ل"غزة الإنسانية". وعلق مور على التقارير التي أفادت باستشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين على يد الاحتلال أثناء سعيهم للحصول على المساعدة في غزة "أكاذيب ينشرها الإرهابيون"، وذلك في منشور كتبه على منصة "إكس" مخاطبًا فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش. زعم مور تسليم مؤسسة الإغاثة العالمية لأكثر من 7 ملايين وجبة في الأسبوع الماضي، وهي أرقام لم يتم التحقق منها بشكل مستقل، كما انتقد التقارير الإعلامية حول التمويل الغامض والتوزيع الفوضوي لمراكز توزيع المساعدات في القطاع. وذكر مور في بيان للمنظمة "تثبت مؤسسة غزة الإنسانية أنه من الممكن نقل كميات هائلة من الطعام إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليه، بأمان وكفاءة وفاعلية"، مضيفًا "تؤمن مؤسسة غزة الإنسانية بأن خدمة سكان غزة بكرامة ورفق يجب أن تكون الأولوية القصوى"، وفق زعمه. -دعم مور علنًا اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن تتولى واشنطن السيطرة على قطاع غزة. -زار مور إسرائيل بعد نحو 3 أشهر من بدء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة أكتوبر 2023، وعلق قائلًا: "لم أر مثل هذا الرعب من قبل". وبعد الزيارة بأسبوعين، نشر مور مقطعًا مصورًا بعنوان "تعالوا لزيارة غزة الجميلة"، وذلك بعدما قال ترامب في فبراير الماضي إن غزة ستصبح "ريفييرا الشرق الأوسط" بعد أن تشتريها وتمتلكها الولاياتالمتحدة. -"صديق إنجيلي بارز لإسرائيل"، لعب دورًا هامًا في التواصل الأمريكي مع حكومات الشرق الأوسط، بما في ذلك إبرام "الاتفاقات الإبراهيمية" لتطبيع العلاقات بين إسرائيل، وفق ما تصفه سيرة ذاتية على الموقع الالكتروني لشركة "كايروس". -كان المستشار الإنجيلي السابق للبيت الأبيض خلال فترة ولاية دونالد ترامب الأولى. وجراء الشكوك الكثيرة التي أثارتها المؤسسة بشأن طبيعة أعمالها ومصادر تمويلها؛ تخلى شركاء رئيسيين عنها، منهم مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG)، وهي شركة استشارات أمريكية كبرى، أعلنت أمس الثلاثاء أنها ألغت عقدها مع "غزة الإنسانية". ووفق شبكة "سي إن إن"، فإن مجموعة بوسطن الاستشارية، كانت تتولى التخطيط اللوجستي الرئيسي، عن المشروع في أواخر الأسبوع الماضي، وقال ممثل للشبكة إن "أعمال المتابعة غير المعتمدة المتعلقة بغزة كانت تفتقر إلى الدعم من أصحاب المصلحة المتعددين وتم إيقافها في 30 مايو". تعيين مور قد يثير مخاوف الأممالمتحدة قد يثير تعيين جوني مور مخاوف منظمة الأممالمتحدة، نظرًا لدعمه سيطرة الولاياتالمتحدة على قطاع غزة ورفضه الانتقادات والاتهامات الموجهة ل"مؤسسة غزة الإنسانية"- التي رفضت الأممالمتحدة ومنظمات دولية أخرى التعامل معها في مهمة توزيع المساعدات، وفق وكالة "رويترز". وفي 26 مايو الماضي، كتب مور في منشور "يجب على الأممالمتحدة وغيرها من الجهات أن تتصرف بشكل أفضل وتعمل مع أمريكا"، مضيفًا "من المؤكد أن هذه المنظمات الإنسانية العريقة التي تمولها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي لن تترك الناس يتضورون جوعًا في مقابل أن تكون على حق، في حين أنها تعلم أن ما فعلته لم ينجح، بل زاد الحرب المروعة سوءا"، بحسب ما نقلته الوكالة. كما اتهم جوني مور الأممالمتحدة بتجاهل من وصفهم ب"الأشرار" الذين يسرقون المساعدات في قطاع غزة- في إشارة لحركة حماس التي لطالما اتهمتها إسرائيل والولاياتالمتحدة بسرقة المساعدات-. ومن جانبها لم ترد المنظمة الدولية على هذا الاتهام حتى الآن. وفي مجزرة مروعة، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على فلسطينيين جائعين كانوا يحاولون الحصول على طعام من موقع لتوزيع المساعدات تديره "مؤسسة غزة الإنسانية"، ما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء والمصابين، وسط اتهامات دولية بأن الاحتلال يستخدم التجويع كسلاح. ويعاني الفلسطينيون في قطاع غزة من أوضاع إنسانية مأساوية جراء الحرب الإسرائيلية التي شنها جيش الاحتلال على القطاع في أكتوبر 2023، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 54 ألفًا و607 شخصًا وإصابة 125 ألفًا و341 آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية بغزة.