تحظى التركيبة السكانية في محافظة السويس بتنوع فريد، فما سميت بلد الغريب حقيقة ومجازا إلا لكثرة الوافدين عليها من المحافظات المختلفة، وانطبع ذلك بمرور الوقت على عادات أهلها في الاحتفالات واستقبال الأعياد لا سيما عيد الأضحى إذ يجمع بين الفرحة والطعام الطيب. نهج مختلف يتبعه العربان بالسويس في عاداتهم وطرق إعداد اللحوم في عيد الأضحى على الرغم من اندماجهم في مجتمع المدينة لكنهم حافظوا الموروث الثقافي، وينتشر العربان على الشريط الساحلي المتاخم لخليج السويس عند الوديان المنحدرة من جبل عتاقة والجلالة، وفي بعض المناطق بحي الجناين. ويقول محمد سليمان من شباب قبيلة العمارين، إن أبناء القبيلة رغم التمدن والتحضر واستبدال المنازل البسيطة بأخرى حديثة مزودة أجهزة الترفيهية، لكنهم لم يتخلوا عن عاداتهم في العيد سواء في اختيار الأضحية أو طريقة تجهيزها. وأوضح محمد سليمان أن العربان يشتروا الخراف والماعز في أول شهر رجب، بعمر لا يزيد عن 4 شهور للضأن و8 شهور للماعز، كون الخراف تفي بعد 6 شهور، والماعز بعد بعمر سنه، وخلال 130 يوما يتم تغذيتها في بيته على القمح والفول، ولا يطعمها الذرة للحفاظ على دهونها خفيفة، ويضمن سلامة مطعمه وصحته. وأشار إلى أن العربان يفضلون لحم الأغنام خاصة الضأن عن الأبقار والجاموس، وينحرها البدوي بنفسه ولا يستعين بجزار، كما أن الاضحية لا تكسر عظامها بالساطور، إنما تُفصل بطريقة معينة باستخدام السكينة من عند مفاصل الأطراف وسلسلة الظهر. "بعد تقسيم الأضحية تعد السيدة البدوية طبق المقلقل" يقول الشيخ محمد خضير شيخ قبيلة العمارين، ويوضح أن ذلك الطبق مكون من الكبد والطحال والقلب وقطعة من "لية" الخروف وتقطع إلى أجزاء صغيرة وتطهى بالبصل، وتؤكل بخبز الفراشيح وهو خبز طري من الدقيق ولا يُخمر ورقيق تعده ربة المنزل صباح يوم العيد والمقلقل هو وجبة الإفطار الرئيسية. بعد الإفطار، يبادل العربان الزيارات والتي تكون في "المقعد" وهي الغرفة المخصصة لاستقبال الضيوف، يتناولون داخلها الشاي الأخضر المغلي ويجهز على الفحم ويقدم في أكواب صغيرة. رغم أن أنسجة لحم الرقبة من أكثر القطع طراوة في الأنعام على اختلافها، إلا أن تقديم رقبة الخروف أو الماعز للضيف أمر غير مقبول ويسئ للضيف، ويلام صاحب البيت على ذلك. يخبرنا شيخ قبيلة العمارين أن بعد تقطيع الأضحية تفصل الرقبة بالسكين من عند الكتفين، ويأكلها أهل الدار، ولا تقدم للضيف لان ذلك على حد وصفه من المحرمات، وتمثل إهانة للضيف، ووضعها أمامه أمر محرم، رغم أنها من أفضل وأطيب اللحم فالدهون بها قليلة ونسيجها طري. ويفسر ذلك أكثر ويقول إن الضيف بوجوده ضيفا في دار غيره يكون في حمايته وصاحب الدار يفديه برقبته، وإذ وضع صاحب المكان الرقبة لضيفه فهي إهانة له وتقليل من شأنه وكأن صاحب المنزل يقول له أنت سفيه ويساوي رقبة ضيفة برقبة الشاه. واستطرد، أن الرقبة تقدم للسيدات في المنزل ليأكلنها، وإذا ما قدمت للضيف فمن الممكن أن يقاضيه عرفيا وتقام للأمر جلسة عرفية يحكم فيها على صاحب المنزل بغرامة.