في مشهد انتظرته القلوب قبل العيون، تزينت حقول القمح بمحافظة الإسماعيلية هذا العام بلون الذهب، واكتست الأرض بسنابل الخير التي حملت معها البهجة والفخر لمزارعي القمح، الذين احتفلوا بموسم الحصاد وسط مشاعر ممتزجة بالرضا والإنجاز، بعد شهور من الكد والعمل تحت الشمس وفي برد الشتاء. "تعبنا ما راحش على الفاضي، السنة دي القمح وشّ خير علينا"، هكذا عبّر الحاج محمود السيد، أحد مزارعي مركز فايد، عن فرحته وهو يجمع محصوله من القمح وسط أسرته وجيرانه، حيث تحوّل الحقل إلى ساحة احتفال شعبية صغيرة، تعلو فيها الزغاريد والضحكات، ويعلو معها الأمل بموسم قمح ناجح. الموسم الحالي شهد اهتمامًا كبيرًا من الدولة، حسبما أكد محافظ الإسماعيلية، مشيرًا إلى أن القمح يُعد من المحاصيل الاستراتيجية المرتبطة مباشرة بالأمن الغذائي، وهو ما دفع القيادة السياسية لتوفير التقاوي الجيدة بأسعار مدعمة، ودعم الفلاحين بكل الوسائل الممكنة. في قرية سرابيوم، وقفت الحاجة فاطمة، سيدة تجاوزت الستين، تتابع حصاد القمح بأرضها التي ورثتها عن والدها، وتقول بفخر "من صغري وأنا بحصد القمح، بس السنة دي حسيت إن الدولة حاسة بينا، وفروا التقاوي وساعدونا، وكمان سعر الأردب رفعوه، الحمد لله". من جانبه، أشار الدكتور محمد شطا، وكيل وزارة الزراعة بالإسماعيلية، إلى أن مساحة الأراضي المزروعة بالقمح هذا العام بلغت 34 ألف فدان، وأن المستهدف من التوريد يصل إلى 40 ألف طن، موضحًا أنه تم حتى الآن توريد أكثر من 8 آلاف طن، وسط التزام كبير من الفلاحين. وأضاف أن جهود الإرشاد الزراعي والتواصل المباشر مع المزارعين ساهمت بشكل كبير في تحسين جودة المحصول وزيادة الإنتاج، حيث تم تنظيم ندوات دورية، وتقديم دعم فني من قبل علماء مركز البحوث الزراعية والمهندسين المختصين، إلى جانب توزيع تقاوي محسّنة مجانًا للحقول الإرشادية. وفي الوقت الذي تجهز فيه المحافظة صوامعها وشونها لاستقبال المحصول، قال عم حسن، مزارع من القنطرة شرق، وهو يحمّل شوالات القمح على العربة: "أنا زرعت وسقيت وانتظرت، والحمد لله ربنا كافأني بمحصول كويس وسعر يرضينا، المهم إننا نحس إن فيه حد واقف معانا". وتوفر محافظة الإسماعيلية خمسة مواقع تخزين جاهزة لاستقبال المحصول بسعة إجمالية تبلغ 126,300 طن، موزعة بين صوامع القنطرة وأبوصوير، ومراكز تجميع في القصاصين وأبوسلطان، لضمان استلام القمح في ظروف تخزينية آمنة. ويأتي قرار وزير التموين رقم 46 لسنة 2025 ليدعم جهود الفلاحين، حيث تم تحديد سعر الأردب من 2100 إلى 2200 جنيه حسب درجة النظافة، مع حافز إضافي من الدولة، ما أشعل فرحة المزارعين الذين شعروا بأن تعبهم طوال الموسم لم يذهب سدى.