فيروس قاتل يصل بريطانيا.. إصابات بمرض يسبب الشلل وتورم المخ

أكد خبراء بريطانيون تسجيل أول حالة إصابة محلية بفيروس التهاب الدماغ المنقول بالقراد (TBEV)، وهو مرض فيروسي خطير قد يؤدي إلى التهابات شديدة في الجهاز العصبي المركزي، مثل التهاب السحايا والتهاب الدماغ.
ورغم ظهور حالات إصابة بالفيروس في بريطانيا سابقًا، فإن معظمها كانت لأشخاص أصيبوا بالعدوى أثناء السفر إلى الخارج، لكن الدراسة الجديدة، التي نشرتها مجلة Eurosurveillance، كشفت عن أول إصابة مؤكدة داخل البلاد دون سجل سفر، مما يثير القلق بشأن انتشار المرض محليًا.
أول إصابة محلية
في واقعة غير مسبوقة، تعرض رجل يبلغ من العمر 28 عامًا للدغات قراد أثناء سيره بالقرب من بحيرة إيرن في اسكتلندا، وبعد يومين بدأ يشعر بالإرهاق الشديد، ثم تطورت حالته إلى تصلب في الرقبة، حساسية للضوء، وصداع حاد، وبعد عدة أيام، ازدادت الأعراض سوءًا ليعاني من الرؤية المزدوجة، مما دفعه إلى طلب المساعدة الطبية.
عند إجراء الفحوصات، أكدت نتائج اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) إصابته بفيروس TBEV، ليصبح أول شخص يتم تشخيصه بالمرض داخل بريطانيا دون تاريخ سفر، ورغم تلقيه العلاج اللازم واستقرار حالته، إلا أنه لا يزال يعاني من الصداع وضعف التوازن والدوار حتى بعد مرور ثمانية أسابيع على الإصابة.
ارتفاع حالات الإصابة
في عام 2024، تم تسجيل حالة مماثلة لرجل يبلغ من العمر 50 عامًا في يوركشاير، لكنه كان قد عاد مؤخرًا من اليونان، ورغم أن الفيروس غير شائع في اليونان، فإن الأطباء رجحوا إصابته بالمرض داخل بريطانيا نظرًا لأنه تعرض للدغات القراد قبل سفره.
تزايد أعداد الإصابات، إلى جانب تأكيد أول إصابة محلية، يشير إلى أن الفيروس قد أصبح مستوطنًا في بعض المناطق البريطانية، ويرجح الخبراء أن يكون القراد المصاب قد وصل إلى المملكة المتحدة عبر الطيور المهاجرة من أوروبا القارية، حيث ينتشر الفيروس على نطاق واسع.
كيف ينتقل الفيروس؟ وما مخاطره الصحية؟
ينتقل فيروس التهاب الدماغ المنقول بالقراد عبر لدغات القراد الماص للدماء، والذي أصبح أكثر انتشارًا في بريطانيا، خاصة في المناطق الغنية بالغابات والمراعي، ويُعتقد أن زيادة أعداد الغزلان ساهمت في انتشار القراد بشكل أكبر.
ورغم أن معظم حالات الإصابة بفيروس TBEV تكون خفيفة وتشبه أعراض الإنفلونزا، إلا أن بعض الحالات تتطور إلى التهابات خطيرة في المخ قد تؤدي إلى مضاعفات عصبية دائمة أو حتى الوفاة، وتشير التقديرات إلى أن الفيروس يسبب الوفاة لحالة واحدة من بين كل 200 إصابة، بينما يعاني 2% من المصابين من مضاعفات طويلة الأمد.
إجراءات الوقاية والحماية من لدغات القراد
رغم أن مسؤولي الصحة العامة في بريطانيا يؤكدون أن خطر الإصابة بفيروس TBEV لا يزال منخفضًا، إلا أنهم ينصحون المتنزهين ومحبي الطبيعة باتخاذ الاحتياطات اللازمة، وتشمل هذه الإجراءات:
ارتداء الملابس الواقية: يوصى بتغطية الجلد جيدًا عند السير في المناطق العشبية، وإدخال أطراف السراويل داخل الجوارب لمنع وصول القراد إلى الجلد.
استخدام طارد الحشرات: يُفضل استخدام المنتجات التي تحتوي على مادة DEET للحماية من لدغات القراد.
تفقد الملابس والجسم بعد الخروج: يُنصح بإجراء فحص دقيق للجسم والملابس بعد التواجد في المناطق المشجرة أو العشبية، وإزالة أي قراد على الفور.
طلب المساعدة الطبية عند ظهور الأعراض: في حالة الشعور بالحمى، الصداع، أو أعراض عصبية بعد التعرض للدغات القراد، يجب استشارة الطبيب فورًا.
هل هناك لقاح ضد الفيروس؟
يتوفر لقاح ضد فيروس التهاب الدماغ المنقول بالقراد، لكنه يُستخدم بشكل محدود ويُنصح به فقط للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بشكل كبير، مثل العاملين في الغابات أو الرحالة الذين يسافرون إلى المناطق الموبوءة في أوروبا. وبما أنه لا يوجد علاج محدد للفيروس بعد الإصابة، يبقى الوقاية الوسيلة الأفضل لتجنب المرض.
انتشار القراد في بريطانيا.. هل يشكل تهديدًا صحيًا؟
مع تزايد انتشار القراد في بريطانيا، يحذر الخبراء من احتمال ارتفاع حالات الإصابة بأمراض تنقلها هذه الحشرة، بما في ذلك مرض لايم والتهاب الدماغ المنقول بالقراد.
وتدعو الأوساط العلمية إلى تكثيف حملات التوعية العامة حول مخاطر الإصابة بالقراد، وإدراج فيروس TBEV ضمن قائمة الأمراض التي تستهدفها برامج الصحة العامة.
ويظل الوضع تحت المراقبة، حيث يعمل الباحثون على دراسة مدى انتشار الفيروس داخل المملكة المتحدة، والتأكد مما إذا كان القراد المحلي قد أصبح بالفعل ناقلًا دائمًا لهذا المرض الخطير.