حرائق مستعرة، تحرق مساحات شاسعة في أوروبا، تؤججها موجات حر غير مسبوقة، تكافح حكومات الدول بالقارة العجوز لمكافحتها بنسب متفاوتة. فخلال الشهر الماضي، يوليو2022، لم تنج دولة أوروبية من حرائق الغابات، التي يرجع سببها الرئيسي، وفقا لدراسات بيئية إلى التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، ورغم أن بلدان البلقان والبحر المتوسط أكثر عرضة لحرائق الغابات، لكن عدد الحرائق والمساحات المحروقة في الدول الأوروبية خلال عام 2022 زادت عن المتوسط المعتاد في الفترة من 2006: 2021. في هذا التقرير المدفوع بالبيانات، نرصد ونتتبع أسباب زيادة وتيرة حرائق الغابات في أوروبا، وإلى أي مدى لعبت التغيرات المناخية دورا في زيادة المساحات المحروقة، وفقا لبيانات نظام معلومات حرائق الغابات الأوروبي "EFFIS". تتصدر دول جنوب قارة أوروبا، الزيادة القياسية في حرائق الغابات، حيث يسجل متوسط المساحات المحروقة في البرتغال 96 ألفا و625 هكتارا في السنة، ويقل تدريجيا كلما اتجهنا شرقا، ليسجل 46 ألفا و795 هكتارا في تركيا، بينما النرويج أبرز دول شمال أوروبا، تسجل 820 هكتار سنويا، ويقل معدل الحرائق في وسط القارة، حيث لا تزيد المساحات المحروقة في التشيك سنويا عن 9.6 هكتار، وفق نظام معلومات حرائق الغابات الأوروبي. ويتوقع اتساع رقعة المناطق المعرضة لخطر حرائق الغابات، وزيادة فترة موسم الحرائق في معظم المناطق الأوروبية، وفقا لوكالة البيئة الأوروبية (EEA). هو ما حدث في دولة المجر، حيث زاد عدد الحرائق من بداية 2022 وحتى يوليو الماضي، 9 أضعاف الحرائق المسجلة خلال عام 2021، كما زادت في رومانيا 8 أضعاف عن العام الماضي، إذ سجلت هذا العام 740 حريقا مقابل 83 حريقا العام الماضي. تضاعف حرائق الغابات في الدول الأوروبية زاد على إثره متوسط المساحات المحروقة في أنحاء القارة. وسجلت دول حرائق لأول مرة منذ 5 سنوات؛ مثل التشيك التي شهدت حتى الآن 1252 هكتارا من المساحات المحروقة، رغم أنها لم تسجل أية حرائق منذ عام 2018، كما سجلت ألمانيا 27 ضعفا للمساحات المحروقة عن الموسم الماضي، إذ سجلت 3321 هكتارا من المساحات المحروقة بينما سجلت العام الماضي 121 هكتارا فقط. وفي بولندا دمرت الحرائق 528 هكتارا من الغابات حتى الآن، بواقع 13 ضعفا عن العام الماضي الذي سجل 40 هكتارا فقط. أما عدد الحرائق الأسبوعية فسجل في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي 74 حريقا، مقابل 41 حريقا كمتوسط سنوي لعدد الحرائق في الفترة من 2006 وحتى 2021. وتشير بيانات نظام معلومات حرائق الغابات الأوروبية إلى زيادة قياسية في عدد الحرائق الأسبوعية خلال الأسبوع الأول من أبريل الماضي، وهو عدد ناتج عن حرائق القمح في أوكرانيا نتيجة القصف المدفعي وليس حرائق الغابات. أما من حيث العدد التراكمي، سجلت حرائق الغابات 2084 حريقا منذ بداية العام الجاري، مقابل 446 حريقا، كمتوسط سنوي للحرائق خلال الفترة من 2006 وحتى 2021. وخلال الأسبوع الأخير من شهر يوليو المنصرم، سجل عدد المساحات المحروقة في أنحاء القارة الأوروبية 92 ألفا و536 هكتارا؛ وهي مساحة تساوي 5 أضعاف متوسط المساحة المحروقة خلال الفترة الزمنية من 2006 وحتى 2021، بعد أن سجلت زيادة قياسية أيضا في الأسبوع الأخير من مارس الماضي. وارتفعت المساحات المحترقة خلال الأسبوع الأخير 4 أضعاف المتوسط السنوي، إذ وصلت عددها حتى 30 يوليو2022، 587 ألفا و868 هكتارا مقابل 132 ألفا و910 هكتار متوسط المساحات المحروقة في الفترة من 2006 وحتى 2021. ووفقا لبيانات نظام معلومات حرائق الغابات الأوروبي، يتوقع استمرار ارتفاع درجات الحرارة على جميع الأنحاء الأوروبية، خلال شهر أغسطس الجاري، ولكن بدرجة أقل عن شهر يوليو المنصرم. ويتوقع أن يتأثير اثنان من كل ثلاثة أشخاص يعيشون في القارة الأوروبية من التغيرات المناخية وموجات الحر وغيرها من الكوارث الطبيعة، وفق ل"سي إن إن"، إذ تشير التقديرات إلى أن الطقس قد يتسبب في حدوث 152 ألف حالة وفاة سنويا في أوروبا، بين عامي 2071 و2100، مقارنة ب 3000 حالة وفاة مرتبطة بالكوارث المناخية سنويًا بين عامي 1981 و 2010.