جامعة سوهاج تستعد للعام الدراسي الجديد.. خطة متكاملة لتطوير المدن الجامعية    جامعة قناة السويس تُعلن الفائزين بجائزة "أحمد عسكر" لأفضل بحث تطبيقي للدراسات العلمية    سفيرة الاتحاد الأوروبي تزور الإسكندرية غدا    د.أحمد ماهر أبورحيل يكتب: تكافل وكرامة انتقل بالحكومة من الأقوال إلى الأفعال    تنهي الحرب.. إعلام إسرائيلي يكشف عن مقترح أمريكي لصفقة شاملة في غزة    وزير التجارة العراقي: القمة التنموية لحظة مفصلية بمسار التعاون العربي المشترك    نجم الأهلي يتعرض لحادث مروع.. تعرف على التفاصيل    «التموين»: 588 قضية للمخابز البلدية بالقاهرة.. واستمرار الحملات الرقابية    المشدد سنة ل3 أشخاص بتهمة حيازة المخدرات في المنيا    ضبط المتهمين بالتعدى على طفلة بالشرقية.. فيديو    وزير الثقافة ناعيًا الفنان الكبير عصمت داوستاشي: رحيل مبدع استثنائي    «لا للعري».. مهرجان كان السينمائي يضع ضوابط لإطلالات النجوم قبل انطلاقه    "الصحة": إنقاذ سائحين من روسيا والسعودية بتدخلات قلبية دقيقة في مستشفى العجوزة    وزير الصحة يؤكد على التنسيق الشامل لوضع ضوابط إعداد الكوادر الطبية    تحرير (138) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    ندوه بالعريش لتوعية السيدات بأهمية المشاركة السياسية    طلب إحاطة في البرلمان حول إغلاق قصور الثقافة: تهديد للوعي والإبداع في مصر    توريد 282 ألف طن من القمح لشون وصوامع المنيا    رئيس «اقتصادية قناة السويس»: توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا هدف رئيسي باستراتيجية الهيئة    موعد والقناة الناقلة ل مباراة الأهلي والزمالك اليوم في نصف نهائي دوري السوبر لكرة السلة    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا.. اعرف الشروط والتخصصات    التموين: إطلاق شوادر عيد الأضحى 20 مايو الجارى لتوفير احتياجات المواطنين    اليوم.. وزير الرياضة يفتتح البطولة الأفريقية لمضمار الدراجات    البنك الأهلي يوقع بروتوكول مع مجموعة أبوغالى لتوريد وتسليم سيارات "جيلي" بمصر    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    نائب رئيس الوزراء يتفقد محطات الأتوبيس الترددى ويستقل حافلة.. صور    التصريح بدفن جثة طفلة سقطت من علو في مدينة الخصوص    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    غدا آخر موعد للتقديم.. وظائف شاغرة في جامعة أسيوط    الاتحاد الأوروبي: لن نستأنف واردات الطاقة من روسيا حتى لو تحقق السلام في أوكرانيا    مصر تسترد 25 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأمريكية    صنع الله إبراهيم.. لمحة من حياة أحد رواد الأدب العربى المعاصر    قريبًا.. كريم محمود عبد العزيز يروج لمسلسله الجديد "مملكة الحرير"    الخارجية الإسرائيلية: لا نزال نعمل على الوصول لاتفاق آخر مع حماس    قلق أممى لمواجهة سكان غزة التجويع المتعمد وخطر المجاعة    مشكلة أمنية.. واشنطن بوست تفجر مفاجأة حول الطائرة القطرية المهداة لترامب    نجاح جراحة نادرة لإصلاح عصب حسى فى اليد بمستشفى السنبلاوين    صحة المنوفية تتابع سير العمل بمستشفى بركة السبع المركزي    20 مصابًا في تصادم مروع بين أتوبيس وسيارة نقل ثقيل بالشرقية    داعية إسلامي: احموا أولادكم من التحرش بالأخذ بالأسباب والطمأنينة في التوكل على الله    هل يحق للزوجة طلب زوجها "الناشز" في بيت الطاعة؟.. محامية توضح الحالات والشروط    التشكيل المتوقع للزمالك أمام بيراميدز بالدوري    مدير عمل بني سويف يسلم عقود توظيف لشباب في مجال الزراعة بالأردن    وزير الري يتابع موقف الأنشطة التدريبية الإقليمية بالمركز الإفريقي للمياه والتكيف المناخي (PACWA)    وزير الخارجية الباكستاني: "المفاوضات مع الهند طويلة الأمد وضرباتنا كانت دفاعًا عن النفس"    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي كأس السوبر الافريقي لكرة اليد    إرشادات دقيقة لأداء مناسك الحج والعمرة كما فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم    الملالي لاعب أنجيه الفرنسي معروض على الزمالك.. وطلباته المالية تتخطى مليون دولار    صبحي خليل يكشف أسباب تألقه في أدوار الشر وممثله المفضل ورسالة محمد رمضان له    مواعيد مباريات الثلاثاء 13 مايو - بيراميدز ضد الزمالك.. والأهلي يواجه سيراميكا كليوباترا    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    الأرصاد تحذر من حالة الطقس خلال الأسبوع القادم: أمطار ورياح    بيان هام من محامية بوسي شلبي بشأن اتهامات خوض الأعراض: إنذار قانوني    الأهلي يحصل على توقيع موهبة جديدة 5 سنوات.. إعلامي يكشف التفاصيل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 13-5-2025 في محافظة قنا    اليوم| محاكمة 73 متهمًا في قضية خلية اللجان النوعية بالتجمع    جدول أعمال زيارة ترامب الخليجية فى ظل ديناميكيات إقليمية معقدة    سقوط طفل من مرتفع " بيارة " بنادي المنتزه بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العظماء السبعة في دولة التلاوة
نشر في مصراوي يوم 17 - 03 - 2022

تطمئن النفس إلى صحة مقولة إن مصر هي عاصمة دولة التلاوة، وإن مدرسة القرآن المصرية كانت -وما زالت- هي الأولى والأهم والأشهر والأكثر نفوذًا وتأثيرًا، بكل ما تتفرد به من بصمة خاصة في فن الأداء، وما تتميز به بالحفظ التام والتمكن وحلاوة الصوت الذي يصل بالمعاني إلى شغاف القلوب.
وإذا كانت المطابع قد دارت من قبل وقدمت أعمالًا في هذا الصدد، لعل أشهرها «ألحان السماء» (1959) لمحمود السعدني، فإن الكاتب الصحفي أيمن الحكيم يُقدِّم تجربة مغايرة لا تقوم على الرأي فحسب وإنما تدعم المحتوى بمقابلات ومعلومات جديدة، وذلك عبر كتابه «مزامير القرآن: العظماء السبعة لدولة التلاوة» (منشورات إبييدي، 2022).
يرصد الحكيم في كتابه الذي يقع في 208 صفحات من القطع المتوسط، مسيرة حياة سبعة من كبار قراء القرآن المصريين الراحلين، هم: محمد رفعت ومصطفى إسماعيل وعبدالباسط عبدالصمد ومحمود خليل الحصري ومحمد صديق المنشاوي ومحمود علي البنا ومحمد محمود الطبلاوي.
غير أنه لا يستهل كتابه بالتأسيس لبدايات مدرسة القرآن في مصر، ويشير إلى أن هناك شبه إجماع على اعتبار الشيخ أحمد ندا هو المؤسس الفعلي، وبه تبدأ المسيرة والصفحة الأولى. الشاهد أن ظهور الشيخ أحمد ندا في بدايات القرن العشرين يمثل حدثًا فارقًا وتأسيسًا فعليًا لمدرسة القرآن المصرية الحديثة. اشتهر الشيخ أحمد ندا بعذوبة صوته، وكانت له طريقة خاصة في التلاوة، تأخذ بالأسماع والقلوب.
وما نعلمه هو أن الشيخ أحمد ندا أصبح في عصره أغلى مقرئ في مصر، وقفز أجره في سنوات معدودات من خمسة جنيهات إلى 100 جنيه، وحقق ثروة كبيرة، فانتقل من حارته في العباسية إلى قصر اشتراه وكان يقيم به ندوات يدعو إليها رجال الحُكم والسياسة والأدب، كما أصبحت له عربة «حنطور» تجرها ستة خيول، الأمر الذي أغضب الخديوي، فأجبره على أن يكتفي في عربته بحصانين فقط.
اللافت للانتباه أن الشيخ أحمد ندا رفض تسجيل القرآن، وكانت حجته شرعية، فالأسطوانة التي ستحمل صوته قارئًا لكتاب الله لا تليق بجلاله، ومعرضة للإلقاء في أماكن لا تتفق مع قدسيته.
وكان من حُسن الحظ أن فترة مطلع القرن العشرين شهدت سطوع أسماء أخرى في عالم التلاوة، ومنهم الشيخ يوسف المنيلاوي، الذي عاصر الشيخ ندا، بل كان أكبر منه عمرًا، وكان صديقًا للشيخ سلامة حجازي الرائد المسرحي الشهير، وكان يتمتع بصوتٍ متفرد وصفه الشيخ عبدالعزيز البشري، الكاتب والصحفي المرموق، بأنه كان شجيًا وفيه حزنٌ وشجن.
هناك أيضًا الشيخ محمد القهاوي، المقرئ المفضل للزعيم سعد زغلول، وكان المثل الأعلى لتلميذه الشيخ محمد رفعت، الذي كان وصفه بأنه أجمل الأصوات وأرقها وأعذبها. بطبيعة الحال، هناك أسماء أخرى لامعة في عالم التلاوة، مثل منصور الشامي الدمنهوري، محمد عمران، حمدي الزامل، كامل يوسف البهتيمي، راغب مصطفى غلوش، طه الفشني، محمد الفيومي، عبدالفتاح الشعشاعي، أبو العينين شعيشع، عبدالعظيم زاهر، أحمد الرزيقي.. وغيرهم.
يتناول الكاتب جانبًا من سيرة الشيخ محمد رفعت (1882-1950)، الذي جمع صوته بين القوة والتمكن والخشوع. ورغم بدائية التسجيلات التي نسمعها للشيخ محمد رفعت، فإن صوته يظل بحق «قيثارة السماء». دعونا لا ننسى أن صوت الشيخ محمد رفعت كان مطواعًا وفيه سخاء شديد مهما اختلفت الطبقة التي يؤدي منها، سواء من «قرار» صوته أو من «جواباته» العليا.
وقد لا يعرف كثيرون أن الشيخ محمد رفعت كان متصوفًا، ينتمي إلى الطريقة النقشبندية، وهي طريقة أسسها شاه نقشبند.
أما الشيخ مصطفى إسماعيل (1905-1978) فقد تبارى عشرات من أكابر أهل القرآن في إبداء الإعجاب بصوته وقدراته، منذ أن جاء من طنطا إلى القاهرة، ليصبح طوال أكثر من ربع قرن أبرز نجوم دولة التلاوة. صوت مكتمل الجمال والقوة في جميع درجاته، يجيد الإحساس بكل ألفاظ القرآن ومفرداته. وليس سرًا أن أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب كانا من أحرص الناس على الاستماع إلى تلاوته للقرآن الكريم.
ويمثل صوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد (1927-1988) حالة فريدة. وإذا كان محمود السعدني يرى أن صوت الشيخ رفعت له مذاق التفاح، وصوت الشيخ مصطفى إسماعيل في حلاوة العنب البناتي، ويشعر في صوت الشيخ محمود خليل الحصري بطعم الجوافة، وصوت محمود علي البنا له حلاوة البطيخ الشلين، وفي صوت الشعشاعي مذاق الرمان.. فإنه اختار لصوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد مذاق الخوخ. ويظل صوت الشيخ عبدالباسط واحدًا من العلامات الكبرى في دولة التلاوة المصرية؛ إذ يجمع بين الرقة والخشوع والصفاء والحزن النبيل.
صوت يتسم بطول النفس والقدرة على تلاوة الآيات في نفسٍ واحد بسهولة وعذوبة.
ويعد الشيخ محمد صديق المنشاوي (1920-1969) صوتًا يفيض بالخشوع، حتى إنه نال لقب ريحانة المقرئين، وكان يوصف بأنه قطب التلاوة، وكانت له مدرسته في التلاوة، فلم يقلد أحدًا، وكان شعاره «أنا لا أخرج من الصعيد.. ولا الصعيد يخرج مني»!
ويُنظر إلى الشيخ محمود علي البنا (1926- 1985) على أنه أمير قرآن الفجر وملك «القفلات». والذين عاشوا زمن البنا وسعدوا بالاستماع إليه في تلاواته الحية، يدركون معنى الأجواء الملائكية التي كانت تحف بهذه المجالس، خاصة في تلاوات صلاة الفجر، حيث كان يتجلى فيها صوته ويصل بأدائه إلى ذُرىً رفيعة.
ويمكن أن نطلق على الشيخ محمود خليل الحصري (1917-1980) لقب «حارس القرآن» و«وزير دولة التلاوة»؛ إذ كان صاحب أداءٍ فذ في القراءة المتقنة والالتزام الصارم بالأحكام. من هنا يمكن فهم الحرص على تسجيلات الشيخ الحصري وبثها عبر إذاعة القرآن الكريم منذ انطلاقها في 25 مارس 1964. كان ابن قرية شبرا النملة في محافظة الغربية صاحب مدرسة في التلاوة اعتبرها كثيرون «الميزان» الذي يمكنك أن تقيس عليها وتحتكم إليها.
أما الشيخ محمد محمود الطبلاوي (1934-2020) فقد اعتبره محمود السعدني «آخر حبة في سبحة المقرئين العظام» بفضل صوته الذي يمتاز بالحلاوة والطلاوة، وكان يفاخر بأنه أغلى مقرئ في مصر، وكان يركب سيارات فارهة. وكان المقرئ المصري الوحيد الذي طلبه العاهل الأردني الملك حسين ليقرأ في عزاء والدته الملكة زين، وطلبه الرئيس السوري حافظ الأسد ليقرأ في عزاء ابنه باسل.
كتاب «مزامير القرآن: العظماء السبعة لدولة التلاوة» متعة لا تُضاهى، تستدعي أسماءً وأصواتًا خالدة في علم تلاوة القرآن في مصر ومحيطها العربي بل وفي الأقطار الإسلامية ككل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.