«المشاط»: التأمين الصحي الشامل هدف استراتيجي للدولة المصرية ضمن منظومة التنمية البشرية    الرقابة المالية تحدد قواعد استثمار صناديق التأمين الحكومية.. استثمار 5-20% في الأسهم المصرية    بعد سحب الجنسية الكويتية منه، من هو الداعية طارق سويدان وما هي جنسيته الحقيقية؟    "ذا جارديان": خطة ترامب في أوكرانيا صفقة قذرة تهدد مستقبل أوروبا نفسها    اتهامات متبادلة بعدم الاتزان العقلي بين عمران خان ورئيس أركان الجيش الباكستاني    تجنب الوقوف بجوار اللاعب الإسرائيلي، تصرف ذكي من محمد السيد في كأس العالم للسلاح    عقب تداول فيديو، ضبط متهم في واقعة التعدي على سيدة بالجيزة    جريمة اسمها حرية الرأي    وزير السياحة والآثار: إعلان خطة تطوير المتحف المصري بالتحرير قريبا    انتخابات متعثرة.. إلا قليلًا    رئيس جامعة سوهاج يتحدث عن المبادرة الرئاسية "تمكين" لدعم الطلاب ذوي الهمم    الإدارية العليا تبدأ نظر 300 طعن على نتائج المرحلة الثانية لانتخابات النواب    وزير الخارجية يبحث تطورات الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي    هزتان ارتداديتان قويتان تضربان ألاسكا وكندا بعد زلزال بقوة 7 درجات    تقارير: الدورى السعودي يستعد لاستقطاب محمد صلاح براتب أكبر من رونالدو    ارتفاع عدد قتلى حريق بملهى ليلي إلى 25 بينهم 4 سائحين بالهند    قرار هام من القضاء الإداري بشأن واقعة سحب مقررين من أستاذ تربية أسيوط    حبس الحكم العام و3 من طاقم الإنقاذ في غرق لاعب السباحة يوسف محمد على ذمة التحقيقات    حسام حسن VS حلمى طولان    موعد مباراة ريال مدريد أمام سيلتا فيجو في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    استقرار أسعار الخضراوات داخل الأسواق والمحلات بالأقصر اليوم 7 ديسمبر 2025    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة والعظمى 20 درجة    كثافات مرورية للقادم من هذه المناطق باتجاه البحر الأعظم    حصاد حملات الداخلية خلال 24 ساعة.. آلاف القضايا في النقل والكهرباء والضرائب    الأمن يضبط 7 أطنان دقيق مدعم قبل ترويجها بالسوق السوداء    هيئة الرقابة المالية تلزم شركات التأمين بإمساك بعض السجلات    مصر تنضم إلى مركز المعرفة للتغطية الصحية الشاملة UHC Hub    «ميلانيا» تفتح أبواب الجحيم    التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا بمحافظات الجمهورية خلال نوفمبر الماضي    روجينا تبدأ تصوير مسلسل "حد أقصى" وتحتفل بأولى تجارب ابنتها في الإخراج    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    وزير الصحة يعلن اليوم الوضع الوبائى لإصابات الأمراض التنفسية    مستشفى كرموز تجح في إجراء 41 عملية لتغيير مفصل الركبة والحوض    وزارة الصحة توضح أعراض هامة تدل على إصابة الأطفال بالاكتئاب.. تفاصيل    تعليمات من قطاع المعاهد الأزهرية للطلاب والمعلمين للتعامل مع الأمراض المعدية    هل تعلم أن تناول الطعام بسرعة قد يسبب نوبات الهلع؟ طبيبة توضح    حضر التلاميذ وغاب المدرسون، استياء بين أولياء الأمور بسبب غلق أبواب مدرسة بمطروح    نظر الطعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    وزير الرياضة يهنئ محمد السيد بعد تتويجه بذهبية كأس العالم للسلاح    تراجع سعر اليورو اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025 أمام الجنيه بالبنوك المصرية    المتهم بقتل زوجته فى المنوفية: ما كنش قصدى أقتلها والسبب مشاده كلامية    الخشت: تجديد الخطاب الديني ضرورة لحماية المجتمعات من التطرف والإلحاد    نظر محاكمة 9 متهمين بقضية خلية داعش عين شمس اليوم    رئيس جامعة حلوان: منتدى اتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية منصة لتبادل الخبرات    كان معاه 20900 جنيه.. "اهل مصر" تنشر اعترافات أحد سماسرة الأصوات بقنا    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    مواعيد مباريات الأحد 7 ديسمبر 2025.. ختام المجموعة الأولى بكأس العرب وريال مدريد وقمة إيطالية    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 7 ديسمبر    جيروم باول يتجه لخفض أسعار الفائدة رغم انقسام الفيدرالي الأمريكي    إنقاذ شخص من الغرق في نهر النيل بالجيزة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإيراني تطورات الملف النووي والحلول الدبلوماسية لخفض التصعيد    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    "ولنا في الخيال حب" يفاجئ شباك التذاكر... ويُحوِّل الرومانسية الهادئة إلى ظاهرة جماهيرية ب23 مليون جنيه    محسن صالح: توقيت فرح أحمد حمدى غلط.. والزواج يحتاج ابتعاد 6 أشهر عن الملاعب    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    خالد الجندي: الفتوحات الإسلامية كانت دفاعا عن الحرية الإنسانية    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استوديو المشاهير والبسطاء.. ملامح مصر في نصف قرن بعدسة مصور أرمني (صور)
نشر في مصراوي يوم 08 - 12 - 2021

تنتهز بسنت البدراوي أيةَ فرصة لرؤية تفاصيل الحياة في مصر فتصحب قريبتها أماني أبو زيد. إلى قلب ميدان التحرير، توجها هذه المرة للتعرف للتعرف على نحو 150 وجهًا جمعتهم "وسط البلد" في مكان واحد، داخل استوديو تصوير، وثقت ملامحهم عدسة واحدة لمصور فوتوفوغرافي عاش في القاهرة منذ الأربعينيات، فترك أرشيف ضخم من عشرات الصور لأهل المحروسة.
في 20 نوفمبر الماضي، افُتتح معرض van leo cairo "فان ليو القاهرة" بمقر الجامعة الأمريكية على أن يستمر إلى 10 ديسمبر الجاري. ذلك اليوم الذي بمروره يكون انقضى مائة عام على ميلاد ليفون ألكسندر بوياجيان الشهير بفان ليو.
عام 1924 فر ألكسندر بأسرته من تركيا مثل العديد من الأرمن، نجا الأب وزوجته وأبنائه الثلاثة مما يحدث من مجازر، سكن مصر، فيما كان أصغر أولاده الصبية "ليفون" في الثالثة من عمره.
شب فان ليو في وسط القاهرة، ما كان شيء يبهره أكثر من الإضاءة وترويضها وتآلفها مع الظلال، لمعت عيناه لصور نجوم هوليود التي رأى بعضها على البطاقات البريدية حتى أنه انشغل بجمعها وهو طالب في المدرسة الإرسالية الإنجيلية، تلك الحالة الدرامية التي تطل من الصور. كيف يلتقطها المصور، ماذا يفعل ليصبح لديه مثل تلك الصور؟
التحق فان ليو باستوديوهات تسمى فينوس، ثم انقطع ليدرس بالجامعة الأمريكية بعدما انهى الثانوية العامة، لكنه بعد عام واحد ترك الدراسة وعاد إلى الاستوديو والتدريب مرة أخرى. عرف فان ليو مكانه وما يهوى.
بعد ثلاثة أشهر من التدريب، قرر فان ليو أن يستقل، شجعه صديق له كان ضابط بريطاني يدعى بول هاندز، وتعاون معه شقيقه الأكبر أنجيلو، وساعدهم والدهم بالسماح لهما باستخدام غرفة المعيشة لتصبح استوديو، وبإعطائهم المال لشراء كاميرا (10×10سم)، تلك التي التقطت عشرات الوجوه في مسيرة المصور الأرمني الحافلة بالعديد من الشخصيات المشهورة وأهل مصر من عامة الشعب.
في يناير 1941، بدأت مسيرة فان ليو في استوديو "انجيلو" مع شقيقه، ثم بعدها بنحو ستة أعوام استقل مرة أخرى بشراء استوديو يحمل اسم "مترو" في 7 شارع فؤاد (26 يوليو حاليًا)، ليصبح استوديو فان ليو لفن التصوير، حينها وفقط حقق حلمه الذي استمر حتى انهى رحلته مع الحياة والكاميرا عام 2002.
في قاعة "فيوتشر" بمبنى الجامعة الأمريكية في التحرير، دخلت بسنت بصحبة أماني، ما إن التفتت إلى مجموعة الصور الحاملة لإمضاء فان ليو والمعلقة يسارًا، حتى توقفت أمام صورة لسيدة، صاحت الشابة "دي طنط رجاء". دارت بعينيها لتجد صورة أخرى لرجاء سراج، صديقة أسرتها، التي امتهنت التمثيل وعملت مساعدة للمصور الأرمني في بداية حياتها.
تسمرت بسنت أمام صورة رجاء لثوان، أخذت تسرد ما تعرف عنها لقريبتها أماني"شوفتها وكانت صديقة للعيلة لغاية وفاتها في 2008"، تفاجأت الشابة بمعرفتها لأحد الوجوه الموجودة بالمعرض، لكنها لم تكن المفاجأة الوحيدة.
قبل الذهاب للمعرض عرفت بسنت من أبيها "إنه اتصور عند فان ليو وهو في ثانوي"، كان ذلك بدافع من رجاء صديقة الأسرة، لكنها باتت ذكرى لا تنسى في حياة والد الشابة "لسه فاكر قد إيه كان شخص ودود واتكلم معاه وهو بيصوره".
كان محظوظًا من يدخل استوديو المصور الأرمني الواقع في 26 يوليو بمنطقة وسط البلد كما علمت بسنت من والدها، أرادت الشابة ورفيقتها أماني الخمسينية العمر أن تلمسا تلك الحالة بزيارة المعرض، ولأجل أن يعيش الزائرون تجربة استوديو فان ليو عكفت علا سيف على عرض الصور.
منذ تسلمت علا مسؤولية أرشيف الجامعة الأمريكية عام 2006، ما إن ترى صورة للمصور الأرمني تعبر عن"التركيبة الاجتماعية للقاهرة"، إلا وتضعها جانبًا وتقول "خليها للمعرض الكبير"، فمنذ عام 2012 وتقام معارض لفان ليو، لكن هذا المعرض الأكبر كما تقول الأستاذة بالجامعة الأمريكية لمصراوي.
أرشيف كبير تركه المصور الأرمني "حوالي 50 ألف نيجاتيف بلا مبالغة اخترت منهم 150 صورة بس" كما تقول علا، انتقت مسؤولة المعرض على مدار أشهر ما يتلائم مع الفكرة "فان ليو القاهرة". رأت الأستاذة الجامعية أن المصور الراحل لم يعرف وطنًا غير مصر "جه وهو عنده 3 سنين عاش واشتغل ومات في القاهرة. وسط البلد هي رمزية المكان اللي ارتبط بيه ووثق للناس اللي عاشوا في زمنه".
في المعرض، يستقبل الزائر صورة ميدان التحرير يمينًا وبجوارها فان ليو وتوقيعه الشهير على الصور، ويسارًا صورة التقطها للأهرامات. تتوزع الصور في أربعة أركان، تحرص علا على وصف كل منها باللوحة. تجذب ملامح المشاهير والشخصيات العامة الأنظار في الحائط المقابل لباب الدخول.
رشدي أباظة، زبيدة ثروت، فريد الأطرش، محمد عبد الوهاب، محمد صبحي وسمير صبري في مقتبل العمر، داليدا في صورتها الشهيرة بفيلم اليوم السابع، وعميد الأدب العربي طه حسين في أكثر الصور تداولاً له، وغيرهم الكثير وثقت عدسة فان ليو ملامحهم بالأبيض والأسود وحتى الألوان، وبدت السمة الأساسية للقطاته في استخدام الإضاءة والظل.
يسار الدخول، تبدأ جولة المعرض بصورة لصديق فان ليو المصور الأمريكي باري ايفرسون وزوجته نهال. كان ايفرسون سبب قويًا في إقناع فان ليو بإعطاء أرشيفه إلى الجامعة الأمريكية في إبريل 1998 بعدما لم يعد المصور الأرمني قادرًا على مزاولة ما يحب وأعلن إغلاق الاستوديو الخاص به. أراد ليو أن تظل صوره في مكان واحد وتكون متاحة للجمهور ولا تصبح عرضه للبيع والشراء.
تبادلت بسنت وأماني الدهشة من لقطات فان ليو، "إزاي كان بياخد الكادرات دي في وقت مافيهوش كاميرات حديثة"، ينظرا إلى الوجوه المطلة من الصور، في ركن المشاهير، اخذا يعددا ما يعرفونه، يدققا في الملامح الظاهرة بالأبيض والأسود، ويتعجبا من الصور الملونة، تخبر بسنت رفيقتها عما عرفته "طنط رجاء كانت بتقول إنه كان بيلون الصور بإيده مش بيحمضها بالألوان زي ما هو معروف".
ما هي إلا خطوات ويتأكد الأمر في الركن الخاص بالصور التي التقطها فان ليو لنفسه "سيلفي" كما هو معروف حاليًا، إحدى الصور تُظهر كيف كان يقوم بالتلوين الذاتي باستخدام عدسة مكبرة وريشة دقيقة، فيما توضح مسؤولة المعرض أن ذلك كان في الخمسينيات، وحينما عرف المصورون التحميض بالألوان لم يرغب ليو في هذا واستمر في التلوين اليدوي.
خلال عامي 1942 و1944 التقط فان ليو ما بين 300 و400 صورة لنفسه، تعلم المصور الأرمني التصوير بالممارسة والقراءة، أراد إضفاء الحالة الدرامية أو الهوليودية للقطاته، فعكف على التجربة حتى أن والده في بداية مسيرته كثيرًا ما نهره وقال "أحنا فاتحين الاستوديو عشان تصور نفسك وتهدر ورق"، لكن تلك العادة لازمته حتى بعدما أصبح مصورًا معروفًا.
بين الملامح تطل صور لعائلات، عرائس، سيدات مصريات وأجنبيات، شخصيات عامة وعسكرية. حاولت علا أن تحمل استوديو فان ليو لزائري المعرض، فوضعت في الاستقبال مكتبه، وفي ركن الصور الذاتية أعمدة الإضاءة التي استخدمها والعتبة التي كانت بالمكان، فكل تفاصيل مملكة ليو الفوتوغرافية في 7 شارع 26 يوليو انتقلت إلى الجامعة الأمريكية "بعد وفاته اتحولت كل مقتنياته للجامعة لأنه مااتجوزش ومفيش حد من أسرته عايش".
بلمسات مماثلة لما كان في أستوديو فان ليو، رغبت علا أن تظهر "الاستوديو حصل فيه إيه. إزاي كان زي الخروجة الواحد بيلبس أحلى ما عنده ويروح مع أسرته وكل حد ياخد صورة تبقى ذكرى ما تتعوضش". كان مجهودًا شاقًا كما تقول مسؤولة أرشيف الجامعة الأمريكية لكنه محبب لها "من حوالي 10 سنين كل اللي بعمله أني أشوف صور واعمل مدونات وافهم أكتر عن المجتمع من خلال الصور".
حتى آخر صورة بالمعرض، لم ينخفض حماس بسنت وأماني، حققت الرفيقتان الهدف من الزيارة "نشوف الدنيا كانت عاملة إزاي زمان وتفاصيل الحياة". تواصلات تبادل التعليقات، تقول السيدة الخمسينية "خلينا نتفرج وننضف عنينا شوية"، فيما تصر الشابة أن تبحث عن صورة أبيها الملتقطة بأيدي فان ليو. كان المصور الأرمني مثابرًا، مبدأه طيلة حياته "هطلع صورة حلوة يعني هطلع صورة حلوة" كما تقول مصممة المعرض، التي لا تعتبر فان ليو مجرد مصور رحل ومر على ميلاده مائة عام بل ذاكرة لأكثر من نصف قرن أرادت أن تُحييها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.