حكايات من ميادين الثورة.. كيف استقبل المصريون بيان 3 يوليو؟    زيادة القبول وتنوع الجنسيات.. التعليم العالي: 125 ألف وافد مسجلين بالجامعات    الحماية المدنية تسيطر علي حريق داخل مخبز بمنشأة القناطر    افتتاح المركز التكنولوجي بالعلمين لتعزيز التحول الرقمي وخدمة المواطنين    لليوم الثالث.. «التموين» تواصل صرف مقررات يوليو    محافظ أسيوط يتفقد مشروع الوحدة الثالثة بمحطة كهرباء الوليدية -صور    إطلاق الطرح الثاني بمدينة الجلود بالروبيكي.. 36 مصنعًا بتيسيرات تمويلية    سعر الجنيه الاسترليني يسجل 67.51 جنيه للشراء اليوم الخميس 3-7-2025    مفاوضات غزة.. حماس تطالب بضمانات للقبول باتفاق وقف النار    من أفغانستان إلى إيران.. هل تنجح التدخلات العسكرية الأمريكية؟    أحمد عبدالوهاب يكتب: بين قمع الاحتلال وهجمات المقاومة.. إلى أين تتجه الضفة؟    الكرملين يتحفظ على الإعلان المسبق بشأن توقيت مكالمات بوتين وترامب    فيديو يرصد اللحظات الأولى فى حادث وفاة جوتا نجم ليفربول    الشرطة الأمريكية: مقتل 4 وإصابة 14 بإطلاق نار فى شيكاغو    يورجن كلوب ينعي وفاة جوتا    "أول طريق الفشل".. نجم الزمالك السابق يوجه رسالة نارية ل جون إدوارد: خايف    صدمة جديدة.. نجم الأهلي يجري عملية ويغيب عن الفريق شهرين    كل ما تريد معرفته عن تحركات الأهلى فى الانتقالات الصيفية    الحماية المدنية تسيطر علي حريق نشب داخل شقة سكنية بالعمرانية    حبس الأب المتهم بذبح أطفاله الثلاثة بالمنيا 4 أيام على ذمة التحقيقات    إصابة 9 أشخاص في تصادم سيارة ملاكي بتروسيكل بالمنيا    تامر حسين يشارك ب 5 أغيات في ألبوم عمرو دياب «ابتدينا»    بيومي فؤاد يفتح قلبه في "فضفضت أوي": أعتذار لكل من أسأت إليه دون قصد    مصر ضيف شرف.. افتتاح معرض فنزويلا الدولى للكتاب فى دورته 21    لجنة الفتوى بالبحوث الإسلامية توضح حكم من شرع فى صيام يوم عاشوراء ثم أفطر    فحص 1300 مواطن مجانا ضمن قوافل حياة كريمة الطبية بدمياط    محافظ بورسعيد يشيد بمستوى الخدمات الطبية بمستشفى النصر التخصصى    وفاة وإصابة 11 شخصًا في انفجار خزان ضغط هواء في الدقهلية    محافظ المنوفية يسلم سيارة ميكروباص جديدة لأسرة مالك سيارة حادث الإقليمي    إصابة طالب بمغص معوي خلال امتحانات الثانوية العامة بقنا    تواصل أعمال البحث عن 4 مفقودين في حادث غرق حفار جبل الزيت    مستقبل وطن يستضيف آخر اجتماعات الأحزاب للتوافق حول القائمة الوطنية ل انتخابات مجلس الشيوخ    صندوق النقد يراجع موقفه من إصلاحات مصر.. مفاجآت تهدد صرف «الدفعة الخامسة» من القرض    وزارة الرياضة توافق على طلبات الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمصري والاتحاد السكندري    بعد 36 يوم.. جمهور تامر حسني ينفق 84.5 مليون جنيه لمشاهدة أحدث أفلامه (تفاصيل)    رامي جمال يكشف لأول مرة سبب انسحابه من جمعية المؤلفين والملحنين    رضوى الشربيني ل شيرين عبدالوهاب: «الناس زعلانين عليكي مش بس منك»    خالد تاج الدين يدافع عن شيرين عبدالوهاب: «حافظوا عليها» (فيديو)    رئيس الجامعة البريطانية يلتقي رئيس كلية كوينز بالمملكة المتحدة    آبي أحمد يواصل استفزازه: سندعو مصر لحفل افتتاح سد النهضة في سبتمبر    جدول وظائف المعلمين وفقًا لمشروع قانون التعليم الجديد.. 6 درجات    مطروح تحتفل بالذكرى ال12 لثورة 30 يونيو المجيدة.. صور    نقابة الموسيقيين تُقيم عزاء للمطرب الراحل أحمد عامر    ليفربول ناعيا جوتا: صدمة مروعة ورحيل لا يُصدق    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    من يتحمل تكلفة قيمة الشحن في حال إرجاع السلعة؟.. أمين الفتوى يجيب    مجدي الجلاد ينتقد تعليقات التشفي بعد وفاة المطرب أحمد عامر: هل شققتم عن قلبه؟    شرطي وهزيمة بخماسية.. من هو داني ماكيلي حكم مباراة الهلال وفلومينينسي؟    جيش الاحتلال يعتقل 21 فلسطينيا في الضفة الغربية بينهم طلاب ثانوية    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى حلوان العام: إجراءات عاجلة لتقليل زمن الانتظار    افتتاح جناحي إقامة وVIP و24 سرير رعاية مركزة ب "قصر العيني الفرنساوي"    "نقلة جديدة".. أسوان تنضم رسميًا لمنظومة التأمين الصحي الشامل    وزارة الأوقاف توضح القيم المشتركة بين الهجرة النبوية وثورة 30 يونيو    ماذا قدم محمد شريف مع الأهلي قبل العودة لبيته فى الميركاتو الحالى؟    توقعات بإعلان توفير 115 ألف وظيفة جديدة في أمريكا خلال يونيو الماضي    وفاة 4 أشخاص وفقدان 38 آخرين إثر غرق عبارة في إندونيسيا    9 جنيهات لكيلو البطاطس.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    تريلا تدهس 7 سيارات أعلى الطريق الدائري بالمعادي.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استوديو المشاهير والبسطاء.. ملامح مصر في نصف قرن بعدسة مصور أرمني (صور)
نشر في مصراوي يوم 08 - 12 - 2021

تنتهز بسنت البدراوي أيةَ فرصة لرؤية تفاصيل الحياة في مصر فتصحب قريبتها أماني أبو زيد. إلى قلب ميدان التحرير، توجها هذه المرة للتعرف للتعرف على نحو 150 وجهًا جمعتهم "وسط البلد" في مكان واحد، داخل استوديو تصوير، وثقت ملامحهم عدسة واحدة لمصور فوتوفوغرافي عاش في القاهرة منذ الأربعينيات، فترك أرشيف ضخم من عشرات الصور لأهل المحروسة.
في 20 نوفمبر الماضي، افُتتح معرض van leo cairo "فان ليو القاهرة" بمقر الجامعة الأمريكية على أن يستمر إلى 10 ديسمبر الجاري. ذلك اليوم الذي بمروره يكون انقضى مائة عام على ميلاد ليفون ألكسندر بوياجيان الشهير بفان ليو.
عام 1924 فر ألكسندر بأسرته من تركيا مثل العديد من الأرمن، نجا الأب وزوجته وأبنائه الثلاثة مما يحدث من مجازر، سكن مصر، فيما كان أصغر أولاده الصبية "ليفون" في الثالثة من عمره.
شب فان ليو في وسط القاهرة، ما كان شيء يبهره أكثر من الإضاءة وترويضها وتآلفها مع الظلال، لمعت عيناه لصور نجوم هوليود التي رأى بعضها على البطاقات البريدية حتى أنه انشغل بجمعها وهو طالب في المدرسة الإرسالية الإنجيلية، تلك الحالة الدرامية التي تطل من الصور. كيف يلتقطها المصور، ماذا يفعل ليصبح لديه مثل تلك الصور؟
التحق فان ليو باستوديوهات تسمى فينوس، ثم انقطع ليدرس بالجامعة الأمريكية بعدما انهى الثانوية العامة، لكنه بعد عام واحد ترك الدراسة وعاد إلى الاستوديو والتدريب مرة أخرى. عرف فان ليو مكانه وما يهوى.
بعد ثلاثة أشهر من التدريب، قرر فان ليو أن يستقل، شجعه صديق له كان ضابط بريطاني يدعى بول هاندز، وتعاون معه شقيقه الأكبر أنجيلو، وساعدهم والدهم بالسماح لهما باستخدام غرفة المعيشة لتصبح استوديو، وبإعطائهم المال لشراء كاميرا (10×10سم)، تلك التي التقطت عشرات الوجوه في مسيرة المصور الأرمني الحافلة بالعديد من الشخصيات المشهورة وأهل مصر من عامة الشعب.
في يناير 1941، بدأت مسيرة فان ليو في استوديو "انجيلو" مع شقيقه، ثم بعدها بنحو ستة أعوام استقل مرة أخرى بشراء استوديو يحمل اسم "مترو" في 7 شارع فؤاد (26 يوليو حاليًا)، ليصبح استوديو فان ليو لفن التصوير، حينها وفقط حقق حلمه الذي استمر حتى انهى رحلته مع الحياة والكاميرا عام 2002.
في قاعة "فيوتشر" بمبنى الجامعة الأمريكية في التحرير، دخلت بسنت بصحبة أماني، ما إن التفتت إلى مجموعة الصور الحاملة لإمضاء فان ليو والمعلقة يسارًا، حتى توقفت أمام صورة لسيدة، صاحت الشابة "دي طنط رجاء". دارت بعينيها لتجد صورة أخرى لرجاء سراج، صديقة أسرتها، التي امتهنت التمثيل وعملت مساعدة للمصور الأرمني في بداية حياتها.
تسمرت بسنت أمام صورة رجاء لثوان، أخذت تسرد ما تعرف عنها لقريبتها أماني"شوفتها وكانت صديقة للعيلة لغاية وفاتها في 2008"، تفاجأت الشابة بمعرفتها لأحد الوجوه الموجودة بالمعرض، لكنها لم تكن المفاجأة الوحيدة.
قبل الذهاب للمعرض عرفت بسنت من أبيها "إنه اتصور عند فان ليو وهو في ثانوي"، كان ذلك بدافع من رجاء صديقة الأسرة، لكنها باتت ذكرى لا تنسى في حياة والد الشابة "لسه فاكر قد إيه كان شخص ودود واتكلم معاه وهو بيصوره".
كان محظوظًا من يدخل استوديو المصور الأرمني الواقع في 26 يوليو بمنطقة وسط البلد كما علمت بسنت من والدها، أرادت الشابة ورفيقتها أماني الخمسينية العمر أن تلمسا تلك الحالة بزيارة المعرض، ولأجل أن يعيش الزائرون تجربة استوديو فان ليو عكفت علا سيف على عرض الصور.
منذ تسلمت علا مسؤولية أرشيف الجامعة الأمريكية عام 2006، ما إن ترى صورة للمصور الأرمني تعبر عن"التركيبة الاجتماعية للقاهرة"، إلا وتضعها جانبًا وتقول "خليها للمعرض الكبير"، فمنذ عام 2012 وتقام معارض لفان ليو، لكن هذا المعرض الأكبر كما تقول الأستاذة بالجامعة الأمريكية لمصراوي.
أرشيف كبير تركه المصور الأرمني "حوالي 50 ألف نيجاتيف بلا مبالغة اخترت منهم 150 صورة بس" كما تقول علا، انتقت مسؤولة المعرض على مدار أشهر ما يتلائم مع الفكرة "فان ليو القاهرة". رأت الأستاذة الجامعية أن المصور الراحل لم يعرف وطنًا غير مصر "جه وهو عنده 3 سنين عاش واشتغل ومات في القاهرة. وسط البلد هي رمزية المكان اللي ارتبط بيه ووثق للناس اللي عاشوا في زمنه".
في المعرض، يستقبل الزائر صورة ميدان التحرير يمينًا وبجوارها فان ليو وتوقيعه الشهير على الصور، ويسارًا صورة التقطها للأهرامات. تتوزع الصور في أربعة أركان، تحرص علا على وصف كل منها باللوحة. تجذب ملامح المشاهير والشخصيات العامة الأنظار في الحائط المقابل لباب الدخول.
رشدي أباظة، زبيدة ثروت، فريد الأطرش، محمد عبد الوهاب، محمد صبحي وسمير صبري في مقتبل العمر، داليدا في صورتها الشهيرة بفيلم اليوم السابع، وعميد الأدب العربي طه حسين في أكثر الصور تداولاً له، وغيرهم الكثير وثقت عدسة فان ليو ملامحهم بالأبيض والأسود وحتى الألوان، وبدت السمة الأساسية للقطاته في استخدام الإضاءة والظل.
يسار الدخول، تبدأ جولة المعرض بصورة لصديق فان ليو المصور الأمريكي باري ايفرسون وزوجته نهال. كان ايفرسون سبب قويًا في إقناع فان ليو بإعطاء أرشيفه إلى الجامعة الأمريكية في إبريل 1998 بعدما لم يعد المصور الأرمني قادرًا على مزاولة ما يحب وأعلن إغلاق الاستوديو الخاص به. أراد ليو أن تظل صوره في مكان واحد وتكون متاحة للجمهور ولا تصبح عرضه للبيع والشراء.
تبادلت بسنت وأماني الدهشة من لقطات فان ليو، "إزاي كان بياخد الكادرات دي في وقت مافيهوش كاميرات حديثة"، ينظرا إلى الوجوه المطلة من الصور، في ركن المشاهير، اخذا يعددا ما يعرفونه، يدققا في الملامح الظاهرة بالأبيض والأسود، ويتعجبا من الصور الملونة، تخبر بسنت رفيقتها عما عرفته "طنط رجاء كانت بتقول إنه كان بيلون الصور بإيده مش بيحمضها بالألوان زي ما هو معروف".
ما هي إلا خطوات ويتأكد الأمر في الركن الخاص بالصور التي التقطها فان ليو لنفسه "سيلفي" كما هو معروف حاليًا، إحدى الصور تُظهر كيف كان يقوم بالتلوين الذاتي باستخدام عدسة مكبرة وريشة دقيقة، فيما توضح مسؤولة المعرض أن ذلك كان في الخمسينيات، وحينما عرف المصورون التحميض بالألوان لم يرغب ليو في هذا واستمر في التلوين اليدوي.
خلال عامي 1942 و1944 التقط فان ليو ما بين 300 و400 صورة لنفسه، تعلم المصور الأرمني التصوير بالممارسة والقراءة، أراد إضفاء الحالة الدرامية أو الهوليودية للقطاته، فعكف على التجربة حتى أن والده في بداية مسيرته كثيرًا ما نهره وقال "أحنا فاتحين الاستوديو عشان تصور نفسك وتهدر ورق"، لكن تلك العادة لازمته حتى بعدما أصبح مصورًا معروفًا.
بين الملامح تطل صور لعائلات، عرائس، سيدات مصريات وأجنبيات، شخصيات عامة وعسكرية. حاولت علا أن تحمل استوديو فان ليو لزائري المعرض، فوضعت في الاستقبال مكتبه، وفي ركن الصور الذاتية أعمدة الإضاءة التي استخدمها والعتبة التي كانت بالمكان، فكل تفاصيل مملكة ليو الفوتوغرافية في 7 شارع 26 يوليو انتقلت إلى الجامعة الأمريكية "بعد وفاته اتحولت كل مقتنياته للجامعة لأنه مااتجوزش ومفيش حد من أسرته عايش".
بلمسات مماثلة لما كان في أستوديو فان ليو، رغبت علا أن تظهر "الاستوديو حصل فيه إيه. إزاي كان زي الخروجة الواحد بيلبس أحلى ما عنده ويروح مع أسرته وكل حد ياخد صورة تبقى ذكرى ما تتعوضش". كان مجهودًا شاقًا كما تقول مسؤولة أرشيف الجامعة الأمريكية لكنه محبب لها "من حوالي 10 سنين كل اللي بعمله أني أشوف صور واعمل مدونات وافهم أكتر عن المجتمع من خلال الصور".
حتى آخر صورة بالمعرض، لم ينخفض حماس بسنت وأماني، حققت الرفيقتان الهدف من الزيارة "نشوف الدنيا كانت عاملة إزاي زمان وتفاصيل الحياة". تواصلات تبادل التعليقات، تقول السيدة الخمسينية "خلينا نتفرج وننضف عنينا شوية"، فيما تصر الشابة أن تبحث عن صورة أبيها الملتقطة بأيدي فان ليو. كان المصور الأرمني مثابرًا، مبدأه طيلة حياته "هطلع صورة حلوة يعني هطلع صورة حلوة" كما تقول مصممة المعرض، التي لا تعتبر فان ليو مجرد مصور رحل ومر على ميلاده مائة عام بل ذاكرة لأكثر من نصف قرن أرادت أن تُحييها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.