حزب المؤتمر: إشراف قضائي كامل في انتخابات الشيوخ المقبلة    المهن الطبية: نقف على مسافة واحدة من الجميع    وظائف حقيقية في انتظارك.. أكثر من 2900 فرصة عمل في كبرى الشركات الخاصة ب الشرقية والمحافظات    كرم جبر وعمرو الشناوي يستقيلان من «الوعي».. ورئيس الحزب يعلق    مجدي البدوي: نرفض افتتاح سد النهضة دون اتفاق ملزم يحفظ حقوق مصر المائية    تراجع سعر الذهب في السودان وعيار 21 الآن بداية تعاملات الجمعة 4 يوليو 2025    هتدفع كام؟ اعرف قيمة إيجار شقتك في قانون الإيجار القديم    الفاصوليا البيضاء ب 80 جنيها.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية الجمعة 4 يوليو 2025    رئيس هيئة الاستثمار: المستثمر لن يضطر للتعامل مع 70 جهة.. والمنصة الرقمية تنهي الإجراءات ب 20 يوما    هاني محمد يكتب: «بين المالك والمستأجر» مخاوف مشروعة يا حكومة    ترامب: سنعمل على ضمان أمان الشعب الفلسطيني في غزة    ترامب: أريد أن أرى أهل غزة آمنين بعد أن مروا بالجحيم    5 شهداء جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في خان يونس    جريمة مكتملة الأركان.. الاحتلال يغتال مدير مستشفى الأندونيسي وأسرته في غزة    ملف يلا كورة.. اعتزال شيكابالا.. عروض وسام.. وصلاح يقطع إجازته    يلا كورة يكشف.. تفاصيل طلب الوصل الإماراتي لضم وسام أبو علي ورد الأهلي    «ظهور تلفزيوني»..شيكابالا يبدأ مهمته الجديدة بعد اعتزال كرة القدم    «الطقس× أسبوع».. شديد الحرارة رطب والأرصاد تحذر من الشبورة الكثيفة والرياح بالمحافظات    بالعصا والأسلحة البيضاء..إصابة شخصين فى مشاجرة بكوم أمبو    طوال أشهر الصيف.. فتح شواطئ الإسكندرية أمام جميع الرياضات الشاطئية لخدمة الرواد    ضبط 5 أطنان دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء بكفر الشيخ    كان يلهو بالشارع.. تفاصيل مصرع طفل أسفل عجلات سيارة نائب بشبين القناطر    اكتشفها خالد يوسف .. من هي ملكة جمال العرب سارة التونسي    حمو بيكا يثير الجدل مجددًا بسبب حذف أغاني أحمد عامر: «عارفين ربنا ومبنعملش الغلط»    لماذا الإسلام دين السلام؟| عالم بالأوقاف يُجيب    في شهر التوعية.. ما لا تعرفه عن مرض الساركوما    الشاي ب لبن| أخصائي تغذية يكشف حقيقة أضراره    مهرجان عمّان السينمائى .. خارج النص    "معكم" يعرض مجموعة من الصور النادرة لأم كلثوم ترصد مسيرة كوكب الشرق    شاهد لحظة غرق حفار البترول العملاق فى البحر الأحمر.. فيديو    مدرب فلومينينسي: الهلال يمتلك الأموال.. والمباراة صعبة على الفريقين    ماكرون يهدد طهران بإجراءات انتقامية بسبب اتهام فرنسيين بالتجسس لصالح إسرائيل    في عيد ميلاد علاء مرسي.. رحلة ممتدة من النجاحات ويبوح ل "الفجر الفني" بأمنية لا تشبه أحدًا    السيطرة على حريق داخل محطة وقود بقرية سرسنا في الفيوم    روبيو يؤكد إبقاء العقوبات الأمريكية على الأسد.. ويبحث مع نظيره السوري ملفات الإرهاب والعلاقات الإقليمية    تصل للحبس والغرامة.. عقوبة تسلق الأثار دون ترخيص (تفاصيل)    حماس: سنسلم ردنا على مقترح الهدنة بعد انتهاء المشاورات    مراجعة ليلة الامتحان في الرياضيات فرع (الإستاتيكا) للثانوية العامة 2025 (pdf)    "محدش جابلي حقي".. شيكابالا يوجه رسالة لجمهور الأهلي    كارولين عزمي على البحر ومي عمر جريئة.. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    «حد كلمني أخليه يعتزل».. ممدوح عباس يكشف مفاجأة بشأن شيكابالا    خالد الجندي: "عاشوراء" سنة نبوية قديمة ليست مقتصرة على الإسلام    خالد الجندي: شرع من قبلنا شرعٌ لنا ما لم يخالف شرعنا    "فرقعة إعلامية".. أول تعليق من لجنة التفاوض بشأن الانتهاء من بناء سد النهضة    ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة إلى 101 منذ فجر الخميس    لميس جابر: الإخوان وضعوني على قوائم الإرهاب وفضلت البقاء في مصر رغم صعوبة فترتهم    ارتفاع العجز التجاري لأمريكا خلال مايو الماضي    خالد الغندور: جون إدوارد لديه مشروع جديد والزمالك يحتاج الدعم الكامل    تفاصيل القبض على أصحاب فيديو السباق في مدينة 6 أكتوبر.. فيديو    منتخب الشباب يؤدي تدريبه الأول استعدادا لوديتي الكويت    أمين حزب العدل: نتحالف في القائمة الوطنية ونتنافس بالفردي.. وقانون الانتخابات هو السبب    مبيعات التجارة الإلكترونية في السعودية تتجاوز 69 مليار ريال خلال الربع الأول من 2025    مستشفى 15 مايو ينجح فى إنقاذ مريضين في عمليات حرجة تنتهي بلا مضاعفات    مدير التأمين الصحي بالقليوبية تتفقد مستشفيات النيل وبنها لضمان جاهزية الخدمات    تساؤلات المواطنين تتزايد: هل ارتفعت أسعار شرائح الكهرباء؟    من يتحمل تكلفة الشحن عند إرجاع المنتج؟.. الإفتاء المصرية توضح الحكم الشرعي    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى حلوان العام ومركز أطلس ويوجه بإجراءات عاجلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبنان: دور الصورة الفوتوغرافية في رصد ملامح المجتمع
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 02 - 2014

لى مدى سنوات كانت الصور الفوتوغرافية عن لبنان تبرز أبنية دمرتها عمليات قصف أو تحكي مآسي أناس من الناحية الإنسانية، غير أن أرشيفا من الصور يعود للفترة بين خمسينيات وسبعينيات القرن الماضي يكشف صورة مغايرة تماما، بل يعتبر بمثابة سجل لحياة خفية عن أعين الكثيرين.بدأ المصور هاشم المدني في التقاط الصور الفوتوغرافية عام 1948 باستخدم كاميرا صندوقية في غرفة معيشة والديه، وبعد سنوات استطاع أن يفتتح له استوديو لممارسة المهنة، حيث كانت يلتقط الصور الخاصة لبطاقات الهوية الشخصية وصورا للأطفال وحديثي الزواج ومجموعات الأصدقاء.
كانت يتجول في فترة ما بعد الظهيرة الهادئة بحثا عن زبائن في المتاجر والورش وعلى الشواطئ وحتى داخل السجون المحلية.
كانت ذورة مجد المدني، الذي يبلغ من العمر حاليا 86 عاما، في فترة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي حيث كان يستقبل نحو مئة زبون يوميا في الاستوديو الخاص به الكائن في مبنى شهرزاد التسوقي في مدينة صيدا الساحلية.
ثم اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية كما غزت القوات الإسرائيلية في عام 1982 الأراضي وضربت قذيفة نافذة الاستوديو أسفرت عن مقتل صديق له وتضررت مهنته التي واجهت صعوبات في التعافي بعد ذلك.
لكن بعد 16 عاما خرج الفنان اللبناني من محنته عندما بدأ الفنان أكرم زعتري، الذي تحظى معارضه وأعماله التي تتضمن صورا تاريخية بشهرة عالمية، البحث عن صور تاريخية لسيارات، وكان استوديو شهرزاد يزخر بالعديد من صور مصلحي السيارات والعديد من الأشياء الأخرى. فكان ذلك بمثابة الإلهام.
لم يكن ذلك توثيقا من المدني لنحو 90 في المئة من سكان بلدته خلال خمسة عقود فحسب، بل كان هناك بعض الصور الاستثنائية في مجموعته.
كان الاستوديو بالنسبة للشباب في تلك الفترة بمثابة فرصة لاستعراض حركات المصارعة
فرصة كبيرة
كان الاستوديو بالنسبة للشباب في تلك الفترة بمثابة فرصة لإبراز العضلات وارتداء زي رعاة البقر الذي كان شهيرا في ذلك الوقت وايضا استعراض حركات المصارعة أمام عدسة الكاميرا.
ويقول زعتري إن ذلك كان أمرا عاديا في خمسينيات القرن الماضي، "إن أردت التقاط صورة لك، فحينئذ تغتنم الفرصة لخلق شئ مختلف لنفسك. كان (الناس) يحبون أن ينظروا إلى أنفسهم كما لو كانوا ينظرون إلى نجم أفلام سينمائية"، كان شيئا ممتعا.
كانت الأفلام السينمائية مصدرا خصبا لإلهام مرتادي استوديو المدني من الزبائن. وكان من بين اللقطات التصويرية تمثيل عملية تقبيل تجمع شخصين، لكنها كانت بين رجال فقط و نساء فقط.
قال المدني لزعتري "في ظل مجتمع محافظ مثل صيدا، كان الناس يقبلون بعضهما من نفس الجنس، ونادرا ما كان يجري ذلك بين رجل وسيدة"، ويتذكر أن ذلك حدث مرة واحدة فقط.
وأضاف "إذا نظرت إلى هذه الصور في وقتنا الراهن ستسأل، أهذه ثقافة لمثليي الجنس؟ لكن بالطبع لا. كانت القيود الاجتماعية مختلفة في ذلك الوقت، فإن كنت ترغب في تقبيل أحد فلن يكون مقبولا سوى تقبيل شخص من نفس جنسك."
المدني: "في ظل مجتمع محافظ مثل صيدا، كان الناس يقبلون بعضهما من نفس الجنس"
كان الرجال يبرزون صورهم، عكس الوضع بالنسبة للنساء حيث كانت الصورة تتسم بالحميمية ولا يمكن تداولها إلا مع القلة التي تحظى بالثقة.
ومازال يحتفظ المدني بنسخة الصور الفوغوتغرافية السالبة التي تعرضت لخدوش من بينها تلك التي تحكي مأساة السيدة بكاري وزوجها الغيور الذي هدد بتدمير المحل وطلب نسخة الصور السالبة عندما علم بصور زوجته.
لكن المدني رفض تسليمه الصورة السالبة وقال :"اتفقنا في النهاية على خدش الصور السالبة لزوجته باستخدام قلم، وفعلت ذلك أمامه."
لكن الحياة كانت قاسية على السيدة بكاري التي انتحرت بعد ذلك.
وأضاف المدني "بعد سنوات من ذلك وبعد أن احرقت (السيدة) نفسها وماتت هربا من مأساتها، جاء (زوجها) وطلب مني تكبير هذه الصور، كان يبكي عندما شاهد الصور للمرة الأولى."
يحتفظ المدني بنسخة الصور السالبة التي تعرضت لخدوش من بينها صورة السيدة بكاري
الصورة والسياسة
كان للسياسة دور في الصور التي التقطتها عدسة المدني على مدى سنوات، لكنه لم يتعرض لمشكلات من السلطات، وأقرب حدث يتذكره عندما التقط صورا لاحتجاج مناهض للرئيس كميل شمعون وجاء الجيش إلى مكتبه يطلبون الصور السالبة.
كان أرشيف المدني يحتوي أيضا على صور لعملاء تابعين للاستخبارات السورية وحزب البعث العراقي الذي كان له مكتب في المبنى.
وبعد وفاة الرئيس المصري جمال عبد الناصر، أطلق أفراد لحاهم حزنا عليه، و"جاءوا لالتقاط صور بوجوه حزينة، وكانت سمة الحزن سائدة في ذلك الوقت عندما مات عبد الناصر."
لم يرفض المدني التقاط صور لأحد على الإطلاق، وقال "دعني أخبرك بشئ تعلمته، إن كنت صبورا وتتحدث بلطف مع الأخرين، حينئذ سيحبك العالم."
قرر زعتري الاقتراب من حياة المدني وعمله كما لو كان بحث في التنقيب عن الآثار. كانت بداية تعاون أثمرت عن معرض لصور في شتى أرجاء العالم.
قال زعتري "أنا مهتم بشدة بالدور الذي يلعبه الشخص والحميمية مع التاريخ، وما أفعله هو صياغة للتاريخ، أو (ملء) ثغرات التاريخ من خلال استخدام وثائق مصورة."
قرر زعتري الاقتراب من حياة المدني وعمله كما لو كان بحث في التنقيب عن الآثار
وأضاف "أشعر بمزيد من الحرية من خلال مقارنة عصور قديمة بعصري الراهن. هذا أيضا مشكلة تواجهني عند النظر لانتفاضات الربيع العربي اليوم في وسائل الإعلام. لا أعرف حتى الآن أين ستقودني. فالأمر مع هاشم المدني يدفعني إلى القول بأن هذا نتاج عمل امتد 55 عاما في استوديو شهرزاد، لكن لا استطيع أن أقول نفس الشئ عن أمر مازال مستمرا، لا أفهم."
من جانبه لا يؤمن المدني بالتقاعد قائلا "البقاء في المنزل يصيبني بالملل والتعب. خلال النهار أذهب إلى الاستوديو الخاص بي وأفتش في ذكريات الماضي. أحن إلى الماضي وأرغب في استعادة هذه الأيام. أنام أربع ساعات في اليوم، وأعمل بقية الوقت."
ومازال المدني يلتقط صورا حتى الأن ولكن باستخدام آلات تصوير رقمية حديثة.
ويفخر المدني باختيار زعتري له في البحث، كما يعرب عن سعادته بمواصلة رؤية أعمله، حيث يرافق الفنان في معارض دولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.