كعادتها استيقظت السيدة الخمسينية "حبه" مع أذان الفجر مساء السبت الماضي لأداء الفريضة، ثم أيقظت حفيدتها الجامعية "أميرة" لتلحق بامتحانها، لكن الجدة وحفيدتها واجهتا مأساة راح ضحيتها شقيق الطالبة الجامعية الأصغر. في نشاط وهمة، استيقظت الفتاة العشرينية، بدأت في مراجعة دروسها ضمن كلية التربية الرياضية، وفور انتهائها همت بالصعود إلى منزل والديها بالطابق الأعلى تاركة شقيقها "آدم" نائمًا بجوار جدته، لكنها أحست بارتفاع التيار الكهربائي "وهج الأنوار ارتفع وزادت سرعة المروحة بشكل غريب"، تروي الفتاة لمصراوي ما حدث. فصلت "أميرة" الكهرباء سريعًا وعندما رأت "شرر" من غرفة شقيقها "آدم" فصرخت، ثم تبعتها الجدة بالاستغاثة من نافذة حجرتها "الحقونا الكهرباء ولعت في الشقة". في ذاك الوقت كانت النيران تلتهم السجاد والمراتب في غرفة الطفل البالغ من العمر 10 سنوات لتحاصره النيران وحيدًا، تقول الجدة "مقدرتش أنقذه من الدخان والنار". على وقع الصراخ، استيقظ علي عبدالرحيم والد أميرة وآدم من نومه مفزوعًا، هرول بملابس النوم ناحية شقةوالدته، قرر الدخول لإنقاذ نجله لكن النيران منعته فاستسلم للقدر منتظرًا سيارات الإطفاء. "ابني ملحقش يفرح بنجاحه.. كان لسه رايح خامسة ابتدائي" كلمات قالتها الأم المكلومة على فلذة كبدها، قائلة "أنا كنت نائمة وصحيت على صوت صراخ ببص كده لقيت الشقة ولعت ومقدرتش أنقذه من النار". لم تكن محاولة الأب والأم هي المحاولة الوحيدة لإنقاذ "آدم"، ذكرت الأم أن شقيقها الصغير قفز من الطابق الأعلى إلى بلكونة حجرة الصغير لكن فشلت المحاولة أيضًا. فوق سرير يتسع لفردين كانت جثة آدم علي مسجاة داخل الغرفة المحترقة، الملابس كقطع الفحم، وبقايا أثاث التهمه الحريق. "اتصل بيا وأنا في الشغل قال لي أنا مستني تيجي تنام معايا على سرير تيتا".. كانت تلك فحوى آخر مكالمة بين أسامة شقيق آدم الأكبر، يستعيد "أسامة" مآثر شقيقه "اداني التليفون بتاعه علشان أروح بيه الشغل واتصل بيا قبل ما يموت وقلي أنا عايز ألعب بالتليفون". يتابع شقيقه: "كان نفسي آجي أنام معاه بس مات من غير ما يشوفني يا ريتني كنت أنا مكانه". حملت الإسعاف جثة الطفل المتفحمة وحاول الوالدين إدخاله مستشفيات عدة رفضوا استقباله عدا واحدة قبلته حتى استخرجت الأسرة تصريح الدفن. حدوث ماس كهربائي داخل الشقة لم تكن الأولى؛ تقول "أميرة" التي فقدت "عفش زواجها" إن الماس سبق أن حدث يوم وقفة عيد الفطر الماضي ما أدى لانفجار الأجهزة الكهربائية. وعن رد فعل مسؤولي الكهرباء بعد حدوث الماس للمرة الثانية، قالت أميرة في حديثها لمصراوي "قالولنا انتوا سايبين الطفل يلعب في الكهرباء.. وأخويا كان نايم ساعتها ومات مخنوق". وبعد دفن الطفل، طلب خال المتوفى من شركة الكهرباء توصيل التيار فرد أحدهم "اشتروا الكابلات ووصلوها وإحنا نيجي نشوفها هتنفع ولا لا ". يشير أحد أهالي شارع فرج يوسف بحدائق المعادي إلى أن مشكلة ارتفاع التيار الكهربائي متكررة في المنطقة ما يهدد حياة أطفالهم، مناشدًا المسؤولين بحلها.