أثارت عديد من المشاهد الدرامية في مسلسلات رمصان هذا العام جدلا فقهيا كبيرا، ولعل أبرزها مسلسل "لعبة نيوتن" الذي أثار قضايا الطلاق والتعدد والاغتصاب الزوجي، وأيضا مسلسل "ملوك الجدعنة" وقضية نبش القبور ومشهد تغسيل الطفلة "حبيبة".. وفي الصفحات التالية نستعرض أبرز هذه القضايا: 1- جدل "لعبة نيوتن".. والرأي الشرعي في زواج "هنا" من "مؤنس" أثارت أحداث مسلسل لعبة نيوتن الجدل مجددًا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كانت صحة زواج بطلة المسلسل "هنا" والتي تقوم بدورها الفنانة منى ذكي، من "مؤنس"، محمد فراج- محل شك، بعد أن طلقها زوجها "حازم"، محمد ممدوح، أثناء حملها وبعد ذلك ردها بغير علمها، فما الحكم الشرعي في هذه الحالة؟ وفي فتوى سابقة لمجمع البحوث الإسلامية حول وقوع الطلاق في وقت الحمل، أكدت لجنة الفتوى أن طلاق الحامل يقع باجماع العلماء، وأن عدة الحامل تنتهي بوضع الحمل حيث قال تعالى: "وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ". أما في حال طلق الزوج زوجته، وقام بردها بغير علمها، ثم تزوجت بعد العدة، تقول أمانة الفتوى بدار الإفتاء إن زواجها صحيح إن كان قد تم بعد انقضاء عدتها والذي لا يعلم إلا من جانبها، فإن لم تكن هناك موانع شرعية أخرى بين المتزوجين يكون زواجهما صحيحًا، ولا تكون بذلك قد جمعت بين زوجين، والتحقيق في عدم علمها بالرجعة إن كانت هناك رجعة من عدمه محله القضاء، والأصل فيه عدمه حتى يدلل المطلق عليه. 2- "لعبة نيوتن" يثير قضية الاغتصاب الزوجي.. وأحمد كريمة يعلق الحلقة السادسة والعشرون من مسلسل "لعبة نيوتن" قضية ما يسمى ب "الاغتصاب الزوجي" أو إجبار الزوجة على ممارسة العلاقة الحميمية بالإكراه، باعتبارها حقا من حقوق الزوج شرعًا، حيث أجبر "مؤنس" زوجته "هنا" على ممارسة العلاقة الزوجية بالإكراه رغم رفضها وصراخها.. فما هو حكم الشرع في ذلك؟ يجيب الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن بجامعة الأزهر، في حديث خاص لمصراوي، مؤكدًا أن إجبار الزوجة على العلاقة الزوجية ممنوع قولًا واحدًا.. فيقول كريمة إن العلاقة الزوجية التي أحلها الله سبحانه وتعالى وهي من آثار عقد الزواج الصحيح ينبغي أن تقوم على المحبة والتفاهم والاقتناع والرضا حتى تحقق الغرض المأمول منه من الإعفاف بين الزوج والزوجة، وبطبيعة الحال، يوضح كريمة، أنه إذا كانت المرأة في حالة حيض أو نفاس فهذا ممنوع، "وأيضًا إذا كانت مريضة سواء كان مرضا نفسيا أو عضويا، فلا ضرر ولا ضرار، فهي آدمية ولها مشاعر".أما ما ورد من بعض الأخبار من أن المرأة تجبر ولو كانت على ظهر جمل وما إلى ذلك، فيؤكد كريمة أن هذا الكلام غير مسلم به فقهيًا ومطعون فيه، لأن هناك من الآثار الثابتة التي تخالف ذلك ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم لا يقع أحدكم على زوجته كما يقع البهيمة، فلابد من يرسل رسولًا فقالوا ما الرسول قال القبلة والكلام الطيب، "فلابد من الكلام الطيب الذي يؤانس قلب الزوجة ويجعل العلاقة الحميمية في مشاعر متبادلة بين الزوج والزوجة"، ويؤكد كريمة أن الإكراه أو الاجبار أو الممارسة في غير ما رسمته الشريعة الإسلامية فهو ممنوع شرعًا ويتنافى مع كرامة الآدمي إذ قال تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم". وحتى في حال امتناع الزوجة عن زوجها بغير عذر، يؤكد كريمة أن الزوج عليه أن يعذرها فإن لم يكن لها أعذار عضوية فقد يكون لها أعذار نفسية ولا يجوز له أن يجبرها على العلاقة الزوجية مؤكدًا "الإجبار ممنوع قولًا واحدًا". 3- تناولها محمد رمضان في المسلسل.. أستاذ بالأزهر: أكل الثعابين جائز في هذه الحالة إحدى حلقات مسلسل "موسى" الذي يعرض الآن على القنوات، لجأ بطل المسلسل "محمد رمضان" إلى أكل الثعابين بعدما هرب إلى الجبال ليتفادى القتل على يد أعدائه، وهو ما أثار الجدل حول تأثير ذلك على صحة الإنسان، وأيضًا التساؤل حول حكم الشرع في أكل الثعابين.. وقد توجه مصراوي بالسؤال للدكتور محمد خليفة البدري، مدرس أصول الفقه بجامعة الأزهر، ليوضح حكم الشرع في أكل الثعابين والحيات. يقول البدري إن الله قد أحل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث فأكل الخبائث مثل الحيات والعقارب حرام إلا في حالة الضرورة لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم الحية والعقرب والحدأة والفأرة والكلب العقو"، وأيضًا قال أيضًا في حديث عن بن عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ على الْمِنْبَرِ يقول: "اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ"، قال عبد اللَّهِ: فَبَيْنَا أنا أُطَارِدُ حَيَّةً لِأَقْتُلَهَا فَنَادَانِي أبو لُبَابَةَ لَا تَقْتُلْهَا، فقلت إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ قال إنه نهى بَعْدَ ذلك عن ذَوَاتِ الْبُيُوتِ وَهِيَ الْعَوَامِرُ. أمر النبى صلى الله عليه وسلم بقتلها في الحل والحرم، يقول البدري موضحًا أنه صلى الله عليه وسلم سماهن فواسق لأنهن يفسقن أى يخرجن على الناس ويعتدين عليهم فلا يمكن الاحتراز منهن كما لا يحترز من السباع العادية، ويوضح البدري أنها لو كانت مما تؤكل لأمر بالتوصل إلى ذكاتها فيما تتأتى فيه الذكاة منها، "فلما أمر بقتلها، والقتل إنما يكون لا على وجه الذكاة ثبت أنها غير مأكولة، ولما ثبت ذلك في الغراب والحدأة كان سائر ما يأكل الجيف مثلها"، ويضيف البدري أن في ذلك دليل على أن ما كان من حشرات الأرض فهو محرم كالعقرب والحية، وكذلك اليربوع لأنه جنس من الفأر. ويلفت البدري النظر إلى ما ذهب إليه أكثر المالكية من جواز أكل الحية إن أمن الآكل سمها، إلا أن يكون بالآكل مرض ينفعه ذلك فيجوز له أكلها بسم، وقال الإمام النووي في شرح المهذب: مذهبنا في حشرات الأرض كالحيات والعقارب... والفأرة ونحوها أنها حرام، وبه قال أبو حنيفة وأحمد وداود، لقوله تعالى: "وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِث"، وأكد البدري أن الأولى عدم أكل الثعابين إلا عند الضرورة، ومعنى الضرورة هي بلوغ الإنسان حدا إن لم يفعل المحظور هلك أو قارب الهلاك. 4- "ملوك الجدعنة" يثير جدل "نبش القبور" وإجهاض حمل الاغتصاب.. وهذا رأي الشرع في الحلقة الرابعة والعشرين من مسلسل "ملوك الجدعنة" التي أذيعت أمس، أثيرت عدة قضايا أثارت الجدل من الناحية الشرعية، وهي نبش القبور وإجهاض جنين الاغتصاب، حيث نقل "سرية" في أحداث المسلسل جثة والدته "عطية" إلى مكان جديد داخل قصره حيث يقيم، بينما رفضت "نجلا" شقيقة "سفينة" إجراء عملية إجهاض بعد أن تعرضت للاغتصاب وكان رأي أخيها ان تقوم بإجهاض الجنين.. وفي السطور التالية نوضح رأي الشرع في نقل الميت من قبره وكذلك حكم إجهاض الجنين الناتج من الاغتصاب. لا تنبش القبور إلا لضرورة " إذا كانت هناك حاجةٌ مُلِحَّةٌ لنقل الميت بعد دفنه ولم يكن جسمه قد انفجر ولا رائحته قد تغيرت ورُوعِيَ في النقل الحفاظُ على حرمته؛ يجوز في هذه الحالة نقله" هكذا أجاب الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، باختصار، على قضية نبش قبر الميت ومتى تجوز، وأوضح الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في فتوى سابقة عبر إحدى حلقات البث المباشر بالصفحة الرسمية لدار الإفتاء المصرية، أنه لا يجوز نبش القبر ونقل جثمان الميت إلا لعذر شرعي حتى لا تنتهك حرمته، ونقل قول الإمام النووي من أن نبش القبر بعد الدفن ونقل الجثة غير حرام إلا لضرورة، كأن يكون الميت قد دفن بغير غسل أو في أرض أو ثوب مغصوبين، أو وقع فيه مال، أو دفن في غير اتجاه القبلة، واضاف الامام ابن حنبل انه يجوز ذلك إن كان هناك شيء يؤذيه. وبذات الرأي أكدت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، إذ أوضحت أن حرمة المسلم ميت كحرمته حي، فلا يجوز نبش قبره إلا لضرورة شرعية وكذلك لا يجوز نقله إلا لضرورة أيضًا. اجهاض الجنين الناتج عن الاغتصاب. أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن بجامعة الأزهر، في حديث سابق لمصراوي، أنه لا يجوز إجهاض ابن الزنى إذا كانت العلاقة حدثت بين الرجل والمرأة بالتراضي، أما إذا كان اغتصابًا فيجوز في حالة الاغتصاب الإجهاض، والولد، سواء ذكر أو أنثى، ينسب لأمه من الناحية الفقهية الإسلامية، ويحدث الإجهاض في تلك الحالة في أي وقت وكلما كان مبكرًا كلما كان أفضل. وقد سبق وأفتت دار الإفتاء المصرية بجواز إجهاض المغتصبة لجنينها، حيث أجازت دار الإفتاء في فتوى صدرت عنها عام 2008 أن تجهض المغتصبة جنينها لكن بشرط ألا تكون مدة الحمل قد تجاوزت أربعة أشهر، وترتب على ذلك أن اجازت النيابة العامة لمن حملت نتيجة اغتصاب بالتخلص من ذلك الحمل في أحد المستشفيات الحكومية وبإذن قضائي وذلك حسبما ذكرت مواقع وتقارير صحفية نشرت في نفس العام. 5- أستاذ بالأزهر يعلق على مشهد تغسيل الطفلة "حبيبة": غير جائز شرعًا في الحلقة الحادية عشرة من مسلسل "ملوك الجدعنة" الذي يعرض في رمضان، جاء مشهد أثير حوله الكثير من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي وأغضب كثيرين، حيث ظهرت الطفلة "حبيبة" في أحداث المسلسل بعد أن تم الاعتداء عليها وقتلها بينما يتم تغسيلها وتكفينها وحتى نزولها إلى القبر في مشهد أثار التساؤل حول حكم الشرع في نشر مثل تلك المشاهد.. وأجاب ل مصراوي الدكتور محمد خليفة البدري، مدرس أصول الفقه بجامعة الأزهر، مؤكدًا أنه غير جائز شرعًا. وفسر البدري أسباب عدم جواز ذلك قائلًا إنه يظهر في المشهد كشف لأجزاء من جسد صبية قاربت البلوغ دون ضرورة شرعية وتم عرضه على شاشة التلفاز، الأمر الآخر الذي يجعله غير جائز شرعًا ما فيه من إيذاء للمجتمع حسب تعبير البدري، وعلى الرغم من أن هدف منتجي العمل هو إظهار مشهد وفاة وتغسيل حقيقي ومؤثر، إلا أن البدري يلفت النظر إلى أن عملية الغسل كانت فيها مخالفة لصفة الغسل حيث بدأت الفنانة "ياسمين رئيس" والتي قامت بتغسيل الطفلة في المشهد، بالبداية بالشمال ثم اليمين وبهذا يروّج للمخالفة، حسبما ذكر البدري مشيرًا إلى أن الصواب كان أن تغطى الفتاة كاملة أو يشار إلى أنها ستغسل دون ظهورها، وأضاف البدري أن ما حدث يحتم على أهل الاختصاص إصدار تشريع بإلزام عرض الأعمال التي فيها أمور شرعية مثل الغسل والتكفين وغير ذلك على الأزهر قبل عرضها ومعاقبة المخالفين بأشد العقوبات.