إحباط زواج طفلة 14 عاما في قرية الدير بقنا    إحباط محاولة زواج طفلة قاصر بعمر 14 عاما بقنا    وزير العمل يكشف عقوبة عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور    مكتب نتنياهو يعلن تسلم جثة أحد الأسرى داخل غزة عبر الصليب الأحمر    مصر تدفع ب 12 معدة ثقيلة إلى القطاع    طارق قنديل: ميزانية الأهلي تعبر عن قوة المؤسسة وسيتم إنشاء فرعين خارج القاهرة    صلاح محسن: ضربت الحارس لهذا السبب.. وذلك ما أحتاج إليه لأتألق    نائب محافظ الغربية يتفقد موقع انقلاب ناقلة محملة بالزيت على الطريق الدولي طنطا – السنطة    خبير آثار: المتحف المصري الكبير سحب البساط من كبرى متاحف العالم    فريدة سيف النصر توجه الشكر لكل من قدموا واجب العزاء فى شقيقها    مؤلف كارثة طبيعية يرد على تساؤلات الجمهور قبل طرحه على watch it: واقعى مش خيال    حلقة ساخنة انتظروها.. باسم يوسف فى آخر لقاء له بكلمة أخيرة غدا على شاشة ON    توقعات بزيادة 8 ملايين سائح بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. فيديو    قادة الرقابة المالية فى شرم الشيخ |الفيصل:«الإنكوساى» حدث استثنائى    إقبال جماهيري كبير على ليالي مهرجان الموسيقى العربية 33 في الإمارات    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    كيف تحافظ على عظامك قوية رغم برودة الشتاء؟    بدون شرائح اللحم.. اعرفي أسهل طريقة لعمل الشاورما اللحمة المصري    الأهالي يودعون صغيرهم سليم بعد سقوطه في بالوعة للصرف الصحي    إزاى تقدم على معاش تكافل وكرامة ؟.. خطوات الاشتراك والمستندات المطلوبة    تعرف على مواقيت الصلاة الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 في مطروح    مدير «تعليم المنيا»: المعلمين الركيزة الأساسية في بناء الأجيال وصناعة مستقبل الوطن    ألفاريز يقود هجوم أتلتيكو مدريد أمام بيتيس في الدوري الإسباني    عبد المنعم سعيد: حماس دمّرت اتفاق أوسلو.. ومصر تبذل جهودًا كبرى لتوحيد الصف الفلسطيني    وزيرة التضامن تشهد الاحتفال باليوبيل الماسي للهيئة القبطية الإنجيلية    كل ما تريد معرفته عن التوقيت الشتوي في مصر 2025.. الموعد وطريقة الضبط الدقيقة    هدف عكسي.. أهلي جدة يتقدم على الباطن في الشوط الأول    انطلاق مبادرة «عيون أطفالنا مستقبلنا» في المنيا لفحص إبصار طلاب المرحلة الابتدائية    خروج جثمان طفل شبرا الخيمة من مستشفى ناصر التخصصى بعد تصريح النيابة بالدفن    لدغتها تصيب بالحمى والقرحة.. مخاطر «ذبابة الرمل السوداء» بعد وفاة طفل في الأردن    ضبط 2800 لتر من زيوت السيارات مجهولة المصدر بالخانكة    هل يضاعف حساب الذنوب حال ارتكاب معاصي بعد العمرة أو الحج؟.. فيديو    استمرار محادثات السلام بين باكستان وأفغانستان لليوم الثالث في ظل توترات حدودية    ملك الأردن: لن نرسل قوات إلى غزة ومستعدون لدعم الشرطة الفلسطينية    مكتبة مصر العامة تحتفي بالتراث الفلبيني في احتفالية ومعرض فني بعنوان باجكيلالا – الاعتراف    ينطلق الليلة.. موعد عرض مسلسل "اللعبة" الموسم الرابع على MBC مصر    محمد صلاح ضمن قائمة المرشحين لأفضل 11 لاعباً فى العالم من فيفبرو    شيخ الأزهر يلتقي الرئيس الإيطالي ويؤكدان ضرورة الالتزام بخطة السلام في الشرق الأوسط    تأجيل محاكمة 89 متهما بقضية "خلية داعش مدينة نصر" لجلسة 11 يناير المقبل    حكم طلاق المكره والسكران في الإسلام.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل ويوضح رأي الفقهاء    بث مباشر.. الفتح في ضيافة الرياض الليلة الساعة 5.35 في دوري روشن السعودي 2025    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    لجنة فلسطين بالبرلمان العربي تعتمد مجموعة من التوصيات لدعم القضية    «الجيل»: تعديل لائحة مجلس الشيوخ لتوسيع المشاركة الحزبية وتحقيق المساواة ضرورة    مصر تواصل إرسال مساعداتها إلى غزة.. وصول شاحنات وقود وغاز (فيديو)    رسمياً.. يوفنتوس يقيل تودور بعد أسوأ سلسلة نتائج منذ 2009    مشهد صادم على الطريق.. سائق ميكروباص يدخن "شيشة" وهو يقود في الإسكندرية    رئيس الوزراء يتابع مع محافظ بورسعيد عددًا من المشروعات الاستثمارية الجاري تنفيذها في المحافظة    مفتي الجمهورية: الجماعات المتطرفة توظف العاطفة الدينية للشباب لأغراضها الخاصة    الأجهزة الأمنية بالقاهرة تشن حملات مكبرة على كافة قطاعات العاصمة.. صور    المشاط: الإحصاءات تُمثل ركيزة أساسية في صنع القرار ودعم مسيرة التنمية    هل ستتعرض القاهرة الكبري لأمطار خلال الساعات المقبلة ؟ الأرصاد تجيب    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    بكام اللحمه البلدى..تعرف على أسعار اللحوم اليوم الإثنين 27اكتوبر 2025فى مجازر المنيا    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    بالصور.. مصرع وإصابة 28 شخصا في حادث تصادم أتوبيس بسيارة نقل بطريق رأس غارب - الغردقة    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا تعرف عن المرض الذي يأكل لحم ضحاياه ويزداد انتشارا في أستراليا؟
نشر في مصراوي يوم 17 - 02 - 2021

لاحظ آدم نويل في أبريل 2020 بقعة حمراء متورمة قليلا أسفل الكاحل كان يحسبها لدغة بعوضة. لكنها لم تتحسن بعد أسبوع. وظن الأطباء أنها نوع من الحساسية. وبعد أسبوعين أصبح لديه ثقب في كعب القدم، ثم قرر الذهاب لمستشفى "أوستن" في ملبورن لفحصها مرة أخرى.
ولأن المستشفيات حينها كانت تئن تحت وطأة ارتفاع إصابات فيروس كورونا، أخبره الأطباء أن الجرح سيلتئم قريبا. لكن لم تكد تمر أيام حتى اتسع الثقب وأصبح في حجم كرة التنس إلى درجة أنه بإمكانك رؤية أوتار الكعب من خلاله بوضوح.
وذهب نويل هذه المرة إلى مستشفى سانت فينسنت، أكبر مستشفيات أستراليا. ومكث في المستشفى أسبوعا حتى يتمكن الأطباء من تشخيص المرض. واكتشفوا أن السبب هو قرحة بورولي، وهو مرض بكتيري يسبب جروحا كبيرة مفتوحة وقد يؤدي، في حالة إهمال علاجه، إلى تشوهات دائمة.
وبعد ستة أسابيع من ملاحظة البقعة في كاحله، حصل نويل أخيرا على العلاج المناسب، وقال له الأطباء إنه كان من الممكن أن تبتر قدمه لو لم يبادر بالذهاب للمستشفى.
وقبل ظهور هذه البقعة الحمراء، كان نويل يعمل في حديقته ويحفر التربة لبناء سقيفة كبيرة. ويقول: "قطعت عدة أشجار لم تُمس منذ 20 عاما، وأكاد أجزم أن ظهور القرحة تزامن مع قطع الأشجار وموطن حيوان الأبسوم".
ويرى العلماء بالفعل أن هذا الحيوان الليلي قد يؤدي دورا كبيرا في انتقال عدوى قرحة بورولي إلى البشر. فحيوان البوسوم يعاني أيضا من المرض، واكتشفت كميات كبيرة من جراثيم المتفطرة المقرِحة، المسببة للمرض، في براز هذه الحيوانات.
وقد أدى التوسع العمراني إلى تدمير المواطن الطبيعية لحيوانات الأبسوم، ودفع أعدادا كبيرة منها للانتقال بالقرب من البشر، وربما ترتب على ذلك ارتفاع حالات الإصابة بالمرض.
وتقترب الآن عدوى قرحة بورولي أكثر فأكثر من مدينة ملبورن، ويحاول الأطباء والعلماء إيقاف العدوى قبل أن تتفشى بين سكان المدينة التي يبلغ تعداد سكانها خمسة ملايين نسمة.
تهديد متزايد
يعيش نويل في ملبورن، وتمتلك عائلته منزلا في شبه جزيرة مورنينغتون التي تبعد 100 كيلومتر عن ملبورن. وقد يبدو مستغربا أن تنتشر في هذه المنطقة الثرية التي أصبحت وجهة سكان المدن لقضاء الإجازات، بكتيريا آكلة للأنسجة. لكن معظم حالات قرحة بورولي في ولاية فيكتوريا اكتشفت في هذه المنطقة.
وارتفعت حالات الإصابة في ولاية فيكتوريا أكثر من ثلاثة أضعاف، من 65 حالة في عام 2014 إلى 299 في عام 2019، و218 حالة العام الماضي.
ويقول دانييل أوبراين، الطبيب المتخصص في الأمراض المعدية والخبير بقرح بورولي، إنه يفحص في عيادته ما يتراوح بين 5 و10 حالات إصابة جديدة أسبوعيا.
وقد تتلف قرحة بورولي الجلد والأنسجة الرخوة سريعا ما لم تعالج بتوليفة من المضادات الحيوية والستيرويدات لأسابيع أو لشهور أحيانا. ويقول أوبراين: "إن هذا المرض يؤثر بشدة على المريض بغض النظر عن حجم القرحة".
فقد تسبب القرحة الشديدة تشوها جسيما وتحتاج لعملية جراحية خطيرة وقد تؤدي إلى إعاقة طويلة الأمد. ويقول أوبراين، إن البكتيريا قد تظل تتلف الأنسجة في أحد الأطراف حتى تدمره بأكمله. ويرتاد عيادة أوبراين أطفال قد يتطلب علاجهم من القرحة ما يصل إلى 20 عملية جراحية.
وثمة أعباء اقتصادية أيضا للمرض. فقد توقف نويل عن العمل شهرا كاملا بسبب الثقب في قدمه، فضلا عن أن العلاج يوهن المرضى. ويقول نويل إن أدوية الستيرويد جعلته عصبي المزاج. ولا يزال يتلقى المضادات الحيوية منذ سبعة أشهر. واشتكى بعض المرضى من أن المضادات الحيوية تسبب الغثيان والطفح الجلدي وآلام المعدة.
وتقول تشيريل مايكل، المتقاعدة التي أصيبت بقرحة بورولي في وجهها في أغسطس 2020: "إن العقاقير مزعجة بشدة ولها أعراض جانبية عديدة. فقد أصابتني أدوية الستيرويد بالاكتئاب وكنت منهكة بشدة ومثبطة العزيمة". وسببت لها المضادات الحيوية اضطرابات في المعدة حتى أصبحت تخشى مغادرة المنزل.
وتعالج قرحة بورولي بجرعة مكثفة من نوعين من المضادات الحيوية، مثل ريفامبيسين الذي يستخدم لعلاج أمراض بكتيرية أخرى مثل السل والجذام، وموكيفلوكساسين، الذي يستخدم لعلاج الطاعون، ويستغرق العلاج عدة أسابيع وكثيرا ما يمتد لشهور. وقد يحتاج المريض لجرعات كبيرة من الستيرويدات وأحيانا عملية جراحية، بحسب عمق القرحة وشدتها.
أسئلة محيرة عن القرحة
ثمة أسئلة عديدة لا تزال تحير العلماء والأطباء المكلفين باحتواء انتشار قرحة بورولي الآكلة للأنسجة. ويقول أوبراين: "ثمة أسئلة علمية مهمة حول الطريقة التي تغادر بها البكتيريا البيئة والمستودعات الحيوانية للبكتيريا، بخلاف حيوان الأبسوم، وكيفية انتقالها إلى البشر. ولن نتمكن من مكافحة هذا المرض ما لم نتوصل لإجابات لهذه الأسئلة المهمة".
ويفترض العلماء الآن أن حيوان الأبسوم وفضلاته تسهم في انتشار البكتيريا، ثم ينقل البعوض وغيره من الحشرات الناقلة للأمراض هذه البكتيريا من حيوان الأبسوم أو البيئة إلى البشر، فتخترق هذه الحشرات الجلد وتنقل البكتيريا التي تسبب قرحة بورولي. لكن هذه مجرد فرضية، ولا أحد يعرف بعد ما إن كانت البكتيريا تنتقل للبشر من البعوض أو التربة أو من حيوانات الأبسوم.
وصنفت منظمة الصحة العالمية قرحة البورولي كواحد من الأمراض المهملة التي لا تحظى بالاهتمام الكافي ولا يعرف الكثير عنها. واكتشف المرض في أوغندا في عام 1897، ويقول أوبراين: "لم تخصص أموال ولا جهود ولا موارد كافية لإجراء أبحاث عن هذا المرض"، لأنه يصيب في الغالب المجتمعات الفقيرة التي تفتقر للرعاية الصحية.
وأمضى أوبراين سنوات في غرب أفريقيا، حيث عالج الكثير من المرضى الذين كانوا يعانون من قرحة بورولي وغيرها من الأمراض ذات الصلة، مثل الجذام والسل.
وعندما ظهرت قرحة بورولي في ولاية فيكتوريا في عام 1948، لم تكن حالات الإصابة تتعدى أصابع اليد الواحدة، لكن الخبراء الآن يقولون إن قرحة بورولي أكثر انتشارا من أي وقت مضى.
وتقول كيم بلاسديل، كبيرة الباحثين بمنظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية في أستراليا، إن أحدا لا يعرف بعد كيف وجدت البكتيريا طريقها إلى أستراليا، حتى إن بعض سكان شبه جزيرة مورنينغتون لم يسمعوا عنها قط. وتقود بلاسديل فريق الباحثين المكلف بفهم العلاقة بين حيوان الأبسوم وبين قرحة بورولي التي تصيب البشر.
وتقول بلاندسيل: "إذا كان سكان المناطق التي تعد بؤرة انتشار المرض لم يسمعوا عن قرحة بورولي، فمما لا شك فيه أن الناس خارجها لا يعرفون شيئا عنها"، والمشكلة أن المرض قد يتطور لدى المرضى الذين قد ينتظرون أسابيع لتشخيص المرض ويؤدي لعواقب كارثية.
نشر المرض
قد تكون مكافحة المرض مرهونة بفهم أسباب ارتفاع حالات الإصابة في المنطقة. وتقول بلاسديل: "شهدت المناطق، التي رصدت فيها حالات إصابة عديدة بالمرض، الكثير من التوسعات العمرانية مؤخرا".
ومنذ وصول الأوروبيين إلى شبه جزيرة مورنينغتون في عام 1803، أخذوا في قطع الأشجار المحلية لتوفير الحطب لمدينة ملبورن. وزاد التوسع العمراني بالتوازي مع الزيادة السكانية، ودمرت الكثير من المواطن الطبيعية للحيوانات.
وتقول بلاسديل: "عندما يقطع البشر الأشجار لبناء منزل أو يزيلون الغطاء النباتي المحلي تنتقل الحيوانات الأصلية، بما فيها الأبسوم، التي كانت تتخذها موطنا إلى المساحات الخضراء المتبقية في المنطقة. وإذا تركزت أعداد كبيرة من حيوانات الأبسوم في رقعة خضراء صغيرة، ستتركز في هذه الرقعة أيضا الجراثيم، مثل جرثومة المتفطرة المقرحة".
وبسبب التوسع العمراني زادت فرص الاحتكاك بين البشر والحيوانات البرية. وبينما يعيش حيوان الأبسوم على الأشجار الأصلية، فإن هذه الكائنات الصغيرة قد تتكيف مع البيئة الحضرية، مثل الحدائق الخلفية، إذا لم تجد بديلا.
وتعشق هذه الحيوانات النباتات الورقية، وتتغذى على أوراق أشجار البلوط والأزهار في المتنزهات العامة، وأشجار الفاكهة التي تنمو بكثرة في الحدائق في هذه المنطقة.
وتقول بلاسديل: "تفضل حيوانات الأبسوم النباتات والأشجار الأصلية التي توجد بكثرة في حدائق المنازل في هذه المنطقة، وتعيش وسط أغصانها، وتملأ الحدائق بفضلاتها".
ويعد حيوان الأبسوم من الأنواع المحمية في أستراليا التي يحظر القانون قتلها أو إيذاءها. وكثيرا ما يحاول الناس إبعادها عن حدائقهم بهز الأشجار أو باستخدام رذاذ الفلفل الحار أو صلصة السمك، مع أنهم بذلك يزيدون فرص التعرض لهذه الحيوانات ومن ثم الإصابة بالعدوى.
وعلى الجهة المقابلة من شبه جزيرة مورنينغتون، أقيمت مبان ومنشآت عديدة جديدة في شبة جزيرة بيلارين، تتخللها بحيرات وجداول مائية. وبينما قد تضفي هذه المجاري المائية على المنطقة منظرا مبهجا، فإن بلادسيل وزملاءها يرون أنها تهيء الفرص لتكاثر البعوض الذي ربما يكون قد لعب دورا في انتقال عدوى قرحة بورولي إلى البشر، فضلا عن أنه من المعروف أنه ناقل لأمراض أخرى.
ولاحظت شيريل مايكل، التي انتقلت إلى المنطقة في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، التغيرات التي طرأت مؤخرا على المنطقة، وتقول: "زاد البعوض حتما على مدى العقود الأخيرة، وزادت أيضا حالات الإصابة بقرحة بورولي، التي لم تكن جزءا من البيئة إلا مؤخرا".
وربطت دراسة في عام 2018 بين فقدان الغطاء النباتي وتغيير استخدام الأراضي وبين ظهور أمراض جديدة في أستراليا. وتقول روزماري ماكفارلين، الأستاذة المساعدة في الصحة العامة بجامعة كانبيرا، وشاركت في الدراسة: "نحن نضع ضغوطا هائلة على النظم البيئية الطبيعية، فعدد البشر والمواشي فاق عدد الحيوانات البرية بمراحل. وتزيد فرص التقارب والاحتكاك بين الحيوانات البرية والمواشي والبشر كلما زاد التنافس على الموارد".
فالمشكلة إذا لا تكمن في حيوان الأبسوم في حد ذاته، بل تكمن في اقترابنا منه أكثر من اللازم. ولهذا لا ينبغي أن نلقي عليه باللائمة، خاصة أنه يمثل جزءا مهما من النظام البيئي الأسترالي، إذ تغذي فضلاته التربة.
ويبدو أن تركز المرض بالقرب من ملبورن وغيلونغ هو محصلة لعوامل بيئية وعمرانية. وقد يساعدنا فهم أسباب وجود المرض لدى حيوان الأبسوم وفي البيئة في ولاية فيكتوريا في التنبؤ بمسار المرض في أستراليا.
البحث عن إجابات
في عام 2018، نشر أوبراين مقالة في الدورية الطبية الأسترالية طالب فيها بتمويل أبحاث علمية ضرورية استجابة لتزايد حالات الإصابة بقرحة بورولي. وتزامنا مع ذلك، نشرت فتاة عمرها 13 عاما عريضة لمطالبة الحكومة بتمويل علاجها بعد أن عانت من قرحة خطيرة في ركبتها تطلبت ثلاث عمليات جراحية وشهورا من العلاج. وبعد أسبوع واحد، حصل أوبراين على تمويل بقيمة ثلاثة ملايين دولار أسترالي.
وبالتعاون مع خبراء آخرين، يستكشف أوبراين كيفية انتقال المرض إلى البشر. ويقول أوبراين: "هذا المرض ينتج عن تفاعل بين البيئة والحيوانات والبشر"، وستكون الوقاية من هذا المرض عسيرة لو لم نفهم بوضوح طرق انتقاله.
ويشارك في الفريق باحثون بيئيون وعلماء أمراض معدية وخبراء سلوكيات البشر. ويتعاون أوبراين أيضا مع باحثين منهم بلاسديل.
وفي أحد أيام أكتوبر/تشرين الأول 2020، كانت بلاسديل تجوب شوارع شبه جزيرة مورنينغتون وتجمع عينات من فضلات الأبسوم تحت الأشجار الأصلية التي يفضلها. وفي الوقت نفسه، أجرى الفريق استطلاعات رأي للتعرف على سلوكيات سكان شبه جزيرة مورنينغتون، مثل ما إذا كانوا يرتدون قفازات أثناء تشذيب النباتات في الحدائق، وهل يعيشون بالقرب من مصادر مياه راكدة تجتذب البعوض.
وجمعت بلاسديل أيضا عينات من البيئة للبحث عن البكتيريا في التربة حول المنازل. وكل هذه المعلومات ستساعد العلماء في الكشف عن كيفية انتقال المرض من البيئة إلى البشر.
وبحلول المساء، انطلق فريق بقيادة ساراس وينديكر، الباحثة بجامعة ملبورن، لحصر أعداد الأبسوم في شوارع المنطقة. وبينما كانت تعثر على نحو 30 منها في الأمسية الواحدة شمال ملبورن، فإنها عندما اقتربت من شبه جزيرة مورنينغتون، لاحظت ارتفاعا في أعدادها، إذ كانت تعثر على 100 منها في الأمسية الواحدة.
ويسجل الفريق أيضا المناطق التي يكثر فيها البعوض، بسبب الدور الذي يعتقد الباحثون أنه يؤديه في انتقال المرض من البيئة إلى البشر.
وبناء على هذه المعلومات، ستضع وينديكر وفريقها نظاما تحذيريا للمجتمعات والمسؤولين الصحيين بشأن المناطق التي ترتفع فيها مخاطر الإصابة بالبكتيريا.
ولن يستفيد بنتائج هذه الأبحاث سكان مورنينغتون فحسب، إذ يصاب نحو 3,000 شخص سنويا بقرحة بورولي حول العالم. غير أن هذه الأبحاث توقفت بسبب جائحة كورونا، ولم يكتشف الباحثون بعد الطريقة التي تصيب بها البكتيريا البشر بالعدوى.
ويخشى أوبراين أن ننشغل بالوباء العالمي ونتجاهل مرة أخرى قرحة بورولي. ويقول: "قد يكون كوفيد-19 مرضا تنفسيا، في حين أن قرحة بورولي مرض بكتيري، لكن كليهما مصدره الطبيعة وكليهما يدق ناقوس الخطر حيال أساليب التفاعل مع الطبيعة، وكليهما يسبب أضرارا جسيمة لصحة البشر".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.