ينبض قلب يمنى علي فرحًا كلما تستعيد كلمات الأمهات لها "بنتي رجعت المدرسة تاني بسببك"، إذ اتخذت المعيدة بكلية السياسة والاقتصاد بجامعة السويس عهدًا على نفسها بمساعدة أصحاب الإعاقات الحركية، من خلال توعية الأمهات بكيفية التعامل معهن أو من خلال تهيئة الأماكن الدراسية لذوي القدرات الخاصة. عيب خلقي في العمود الفقري كان سببًا لاستخدام يمنى للكرسي المتحرك، وخلال رحلتها الدراسية أدركت أهمية تهيئة الأماكن لذوي القدرات الخاصة "في أهالي مبيودوش عيالهم المدرسة بسبب ده، وعشان التنمر". لكن عائلة يمنى ثابرت وصممت على استكمالها دراستها برغم الصعوبات "في الثانوية العامة كنت منازل، ولما جيبت مجموع يدخلني كلية تربية زي ما بحلم اترفضت لأن القانون القديم مكنش مسموح، الكليات العملية لذوي القدرات الخاصة". داخل كلية التجارة بجامعة السويس درست الفتاة العشرينية ثم حصلت على تمهيدي الماجستير بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية "والسنة دي عملت الماجستير وخدت تقدير جيد جدًا، وعلى بُعد خطوات من إني أكون أستاذ مساعدة". بجانب دراستها اهتمت يمنى بمساعدة المارين بنفس تجربتها أو أصحاب نفس التشخيص المرضي على فيسبوك "في جروبات لمستخدمي الكرسي المتحرك، فكنت بكتب تعليقات لو في سؤال باعتباري في التجربة"، حتى استقبلت رسالة من إحدى الأمهات قبل عامين. وجود يمنى داخل أرجاء الجامعة تطوف بكرسيها المتحرك كان باعثًا برسالة أمل للأمهات "بعتت لي أنا عايزة تشكرني لأنها بعد ما شافت صورتي قررت تدخل بنتها المدرسة ". كانت الصغيرة قد بلغت عامها التاسع ولم تلحق بأقرانها "مامتها كانت خايفة عليها". من وقتها وصارت يمنى تستقبل رسائل مشابهة، أمهات يخشين على أطفالهن من عدم تهيئة المدارس أو من تعرضهم للتنمر والتضييق بسبب إعاقتهم الحركية "بحاول أشجعهم وأقولهم خطوات يقدروا يقاوموا بيها المشاكل اللي بيتعرضوا لها مع ولادهم". أحيانًا يتعدى الأمر الأسئلة وتصبح "فضفضة" من الأمهات مع يمنى "ساعات الضغط مبيبقاش من المجتمع برة لكن حتى من العيلة، بيبقى في عنف ولوم تجاه الأم إن أنت جيبتي طفل كدة"، تقدم الدعم لهن قدر الاستطاعة فيما تحاول التوعية بكيفية مواجهة ذلك "أي مرض بيأثر على شكلنا وطبيعتنا، وإننا لازم نتقبل حالنا أيًا كان"، حينما تنتهي المحادثة بين الأم ويمنى تمسح الأخيرة الرسائل بينهما "حفاظًا على خصوصيتها عشان أحينًا بيبقوا عايزين يسمعوا حد يفهمهم ويقدرهم مش أكتر". من السويس تأتي الأسئلة إلى يمنى، تقدم المشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأحيانًا تلتقي بالأمهات في مدينتها "وفي مرة جيت القاهرة لبعض الأمهات"، تدور الأسئلة في فلك المرض وكيفية التعامل معاه طبيًا واجتماعيًا "وللأسف المرض ده بيستنزف موارد مادية كتير فبحاول أوجه غير القادرات لأطباء يساعدوهم". بشكل فردي تُفعّل يمنى مبادرتها، بسبب عملها والانهماك في الجانب الدراسي لم تستطع أن تتشارك مع مبادرات أخرى لكنها تأمل أنيُسمع أصوات أصحاب الإعاقات الحركية وتمكينهم دراسيًا، فيما تُحب ألا تُصنف بسبب مرضها "وإني اتحط بين خانتين يا شخص مُلهم وبطل يا شخص عاجز.. لكن أنا شخص عادي بيسعى في الطريق اللي بيحبه وكل اللي عاوزه يبقى مُمهد له ولكل اللي بيمروا بنفس التجربة".