رئيس جامعة القاهرة يستقبل رئيس المكتب الثقافي الكويتي لبحث التعاون ودعم الطلاب الوافدين    افتتاح توسعات جديدة بمدرسة تتا وغمرين الإعدادية بالمنوفية    بالتعاون مع «الدواء المصرية».. الجامعة الألمانية بالقاهرة تنظم ورشة عمل عن «اليقظة الدوائية»    رئيس جامعة كفر الشيخ يتسلم نسخا من المشروعات التدريبية لشعبة الصحافة بكلية الآداب    البنك التجارى الدولى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بجلسة الاثنين    ماذا ينتظر أسعار الذهب؟.. توقعات صادمة للفترة المقبلة    برلمانية: وحدة الصف الداخلي والالتفاف الشعبي حول القيادة السياسية باتت ضرورة وطنية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الفلسطيني تطورات غزة وتداعيات التصعيد الإقليمي    إيران تعلن إسقاط 3 طائرات مسيرة إسرائيلية    مفوض الأونروا: يجب ألا ينسى الناس المآسي في غزة مع تحول الاهتمام إلى أماكن أخرى    الرئيس النمساوي يبحث مع زيلينسكي سبل إنهاء الحرب "الروسية الأوكرانية"    مباريات أفضل الأندية في العالم : أبرز إنجازات الأندية المصرية    وزيرا الشباب والعمل يشهدان احتفال مرور 10 سنوات على انطلاق «مشواري»    تقرير يكشف موعد خضوع فيرتز للفحص الطبي قبل الانتقال ل ليفربول    ضبط قائد سيارة "ربع نقل" وضع إشارة خلفية عالية الإضاءة حال سيره بالجيزة    تفاصيل القبض علي المتهم بتقييد نجلته وسحلها بالشارع في حدائق أكتوبر    المشدد 10 سنوات لسائق توك توك خطف طفلة بالشرقية    انقلاب سيارة محملة بمادة ك أو ية على طريق السنطة - طنطا دون حدوث إصابات (صور)    كشف ملابسات فيديو وضع سائق إشارة خلفية عالية الإضاءة بالجيزة    وزير الثقافة يشارك في إزاحة الستار عن "استديو نجيب محفوظ" بماسبيرو    مجانا حتى 21 يونيو.. فرقة بني مزار تقدم "طعم الخوف" ضمن عروض قصور الثقافة    إلهام شاهين توجه الشكر لدولة العراق: شعرنا بأننا بين أهلنا وإخواتنا    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    الجامعة الألمانية تنظم ورشة عمل مع هيئة الدواء والمهن الطبية عن اليقظة الدوائية    رئيس جامعة المنوفية والمحافظ يدشنان قافلة طبية متكاملة بمنشأة سلطان    بعد عيد الأضحى‬.. كيف تحمي نفسك من آلالام النقرس؟    وفود دولية رفيعة المستوى تتفقد منظومة التأمين الصحي الشامل بمدن القناة    إيراد فيلم ريستارت فى 16 يوم يتخطى إيراد "البدلة" في 6 شهور    «حسبي الله في اللي بيقول أخبار مش صح».. لطيفة تكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل وفاة شقيقها    اليوم .. محاكمة 15 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في مدينة نصر    ما هي علامة قبول الطاعة؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    تخفيف عقوبة 5 سيدات وعاطل متهمين بإنهاء حياة ربة منزل في المنيا    إسرائيل تستعد لإطلاق رحلات جوية لاستدعاء العسكريين والعاملين في الصناعات الدفاعية من الخارج    تنسيق الجامعات.. 6 أقسام متاحة لطلاب الثانوية ب حاسبات حلوان    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    حقيقة استبعاد محمود تريزيجيه من مباراة بالميراس البرازيلي    المصرف المتحد سابع أكبر ممول لإسكان محدودي ومتوسطي الدخل ب3.2 مليار جنيه    وزير الزراعة يفتتح ورشة العمل الأولى لتنفيذ استراتيجية إعلان كمبالا للبحث والتطوير الزراعي في أفريقيا    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    الثانوية العامة 2025.. أبرز المعلومات عن كلية علوم الرياضة للبنات بالجزيرة    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    الدخول ب 5 جنيهات.. 65 شاطئًا بالإسكندرية في خدمة المصطافين    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    أسعار الفراخ اليوم.. متصدقش البياع واعرف الأسعار الحقيقية    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    إيران تنفذ حكم الإعدام فى مدان بالتجسس لصالح إسرائيل    إعلام إسرائيلى: تعرض مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب لأضرار جراء هجوم إيرانى    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    ارتفاع قتلى الهجوم الإيراني على إسرائيل إلى 16 قتيلا    النفط يرتفع مع تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثلية والدين: موقف البابا فرانسيس من المثليين يحرج المحافظين
نشر في مصراوي يوم 24 - 10 - 2020

لم يعد سرّاً أنّ مواقف البابا فرانسيس ال"تقدّمية" تحرج التيارات المحافظة في الكنيسة الكاثوليكية. وقد جاء التصريح المنقول عنه أخيراً، حول "حقّ المثليين بعائلة"، ليستفزّ معارضيه.
ولم يتردّد الكاردينال الأمريكي رايموند بورك، المعروف بمواقفه "السلبية" من البابا فرانسيس، بتوجيه انتقاد علنيّ للحبر الأعظم، قائلاً إنّ ما نقل عنه "يذرّ الارتباك في أوساط الكاثوليك، ويثير حيرتهم".
بدوره قال الأسقف الأمريكي توماس توبين، إنّ تصريح البابا يتعارض مع "تعاليم الكنيسة حول اقتران أشخاص من الجنس ذاته، ولا يمكن للكنيسة أن تدعم قبول علاقات غير أخلاقية"، بحسب تعبيره.
انتشر تصريح البابا المثير للجدل في وسائل الإعلام قبل يومين، بعد عرض فيلم وثائقي بعنوان "فرانشيسكو" في "مهرجان روما السينمائي"، يتناول مواقف البابا الأرجنتيني من الأزمات الراهنة في العالم.
وفي أحد مقتطفات الفيلم، يقول فرانسيس: "يحقّ للمثليين أن يكونوا ضمن العائلة. إنهم أبناء الله. ولديهم الحق أن ينتموا لعائلاتهم. لا يمكن طرد أحد من العائلة أو جعل حياته بائسة لسبب مماثل. يجب أن تكون هناك تشريعات لشراكات مدنية، وبذلك يحظون بتغطية القانون".
اختلفت وسائل الإعلام بشأن الترجمة الدقيقة لهذا الكلام عن لغة الأصل، ولكن من المؤكد أنّ هذا هو التصريح العلنيّ الأول لرأس الكنيسة الذي لا يتضمّن موقفاً سلبياً من ارتباط المثليين، سواء قصد حقهم بتأسيس عائلة، أو حقّهم بالانتماء لعائلاتهم التي ولدوا فيها.
موقف قديم
قبل أن يصل إلى رأس الكنيسة في العام 2013، كان الكاردينال خورخي بيرغوليو بطريركاً لبيونيس آيرس، حين كانت الأرجنتين أول دولة في أمريكا اللاتينية تسمح بزواج المثليين عام 2010.
وينقل المتابعون لمواقفه خلال تلك المرحلة، أنّه عارض زواج المثليين، لكنّه وافق على الشراكات المدنية بينهم كإطار لترتيب وضعهم القانوني.
ويرى محلّلون أنّ موقف فرانسيس الذي شغل العالم خلال اليومين الماضيين، ليس جديداً، وإن كانت وطأته أقوى لأنه يطلقه بصفته بابا، وليس بصفته أسقفاً.
مع العلم أنّ الجملة الواردة في الفيلم الوثائقي "فرانشيسكو"، جاءت خلال حديث أجراه البابا مع تلفزيون مكسيكي في العام 2019، لكنّها لم تبثّ، بل اقتطعها فريق الفاتيكان من شريط المقابلة قبل تسليمه للقناة.
وبحسب "نيويورك تايمز"، أتيح لمخرج الفيلم الوثائقي غيني أفينيفسكي الاطلاع على أرشيف الفاتيكان، فحاز على "الجائزة الكبرى"، عبر استخدام ذلك المقتطف القديم في فيلمه.
ويرى بعض المحللين أنّ المخرج الروسي الأصل والذي يحمل الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية، ربما تعمّد ألا يوضح مباشرة مصدر المقابلة القديمة، لكي يحقّق ضجّة إعلامية.
"الزواج يخصّ رجلاً وامرأة"
هذه ليست المرّة الأولى التي ينشغل فيها العالم بمواقف البابا فرانسيس الذي يبدو شخصية دينية من قماشة مختلفة، تجسّد بأدائها قطيعة مع ارث الكنيسة المتصلّب والمحافظ.
وغالباً ما تبثّ تصريحاته حول احتضان المثليين الحيرة، حول الفرق بين موقفه الشخصي وموقف الكنيسة كمؤسسة. ولكن، إذا عدنا إلى تعاليم الكنيسة الكاثوليكية الرسمية، سنجد أن موقف البابا لا يخالفها بشكل صريح، لكنّه يؤولها بطريقة "سمحة" تجاه فئة اجتماعية تقابل بالرفض والنبذ.
ويمكن الاطلاع على كتيّب تعاليم الكنيسة الكاثوليكية على الموقع الرسمي للكرسي الرسولي بكافة اللغات، ومنها العربية. ويتطرّق الفصل الثالث بعنوان "الحياة في المسيح" لمواضيع مثل الزواج والأسرة والسعادة والحريّة.
ويشير إلى أنّ الهدف من الزواج والأسرة "هو خير الزوجين وإنجاب البنين وتنشئتهم"، وأنّ الأسرة تتألف من "الرجل والمرأة المتحدين بالزواج مع أولادهما".
وفي فقرة بعنوان "العفة واللواط"، تشير التعاليم إلى أنّ الانجذاب إلى أشخاص من الجنس نفسه "فساد خطير"، وأنّه "يتعارض مع الشريعة الطبيعية لكونه يغلق الفعل الجنسي على عطاء الحياة".
وتعتبر التعاليم الرسمية أنّ ميول المثليين "محنة"، وتدعوهم إلى العفّة، وتحثّ على "تقبلهم باحترام وشفقة ولطف، وتحاشي كلّ علامة من علامات التمييز الظالم تجاههم".
وفي تصريحه الأخير، لم يتطرق البابا لموضوع الزواج، ولا لموضوع العفّة، بل أشار إلى ما قد يراه بعض الكاثوليك، أحد حلول "الرحمة" تجاه فئة مهمّشة اجتماعياً، عبر منحهم غطاءً قانونياً، من خلال تشريعات وضعية.
التعاليم والعقيدة
في التعاليم الكنسية، يعدّ الزواج سرّاً مقدّساً، في تقاليد لانت لكنها لم تتغيّر منذ مئات السنين. وكما يعرف، فإنّ الكنيسة تطلب من أتباعها العفّة، والامتناع عن الجنس خارج إطار الزواج، كما أنّها تحرّم الطلاق، إلا في حالات خاصة جداً، ويسمّى "بطلاناً للزواج".
وتتشدّد الكنيسة الكاثوليكية في كلّ ما يتعلّق بالأسرة، فتعدّ من أبرز الرافضين لوسائل تنظيم النسل والإجهاض، وهذا ما يمثّل أيضاً موقف الكثير من التيارات المحافظة والدينية في أوروبا والولايات المتحدة.
ولا تشكّل تصريحات بابا الفاتيكان أو مقابلاته الصحافية أو تفسيراته اللاهوتية إيذاناً بتغيير التعاليم الكنسيّة، لكنّها في حالة فرانسيس إيذان باعتماده مقاربة مختلفة لهذه التعاليم.
وتميّز الكاثوليكية بين العقيدة التي لا تمسّ، والتعاليم القابلة للتأويل. ويهتمّ ما يعرف ب"مجمع العقيدة والإيمان"، بالحفاظ على العقيدة و"حمايتها من الهرطقة"، ويعدّ أقدم مؤسسات الكنيسة إذ تأسس في العام 1542.
ويقصد بالعقيدة الإيمان المسيحي الأساسي، وقد شهد التاريخ حقباً دمويّة، قبل الاتفاق على عقيدة موحّدة. ومن بين العقائد التي لا تمسّ أسرار الكنيسة، ومنها المعمودية والزواج والكهنوت.
أمّا التعاليم، فقد تتحوّل وتلين بحسب العصر، إذ يلاحظ المؤرخون اختلاف موقف الكنيسة عبر الزمن من قضايا مثل العبودية، والحريات الدينية، وتحديد النسل، وبعض الاختبارات الطبيّة، والعلوم على أنواعها، وحتى الإقرار بخلاص أتباع الأديان الأخرى الذي اعتمد في المجمع الفاتيكاني الثاني عام 1962.
"العصمة الباباوية"
لا يمكن للبابا أن يحدث تغييرات في العقيدة، ولكنّ المجمع الفاتيكاني الأوّل عام 1870 أقرّ ما يعرف ب"العصمة الباباويّة". ولا يعني ذلك أنّه معصوم عن الأخطاء كفرد بحدّ ذاته، بل أنّه "ينال إلهام الروح القدس حين يتحدّث باسم الكنيسة، وحين يعمل بصفته راعياً للمسيحيين ومعلّماً لهم".
ويُعمل بهذه العقيدة في مواقف محدّدة، إذ تستوجب أن يكون قرار البابا صادراً عن "الكرسي الرسولي" أي كرسي القديس بطرس تلميذ المسيح الذي يعدّ الباباوات خلفاء له، وأن ينال مشورة المجامع المسكونية والأساقفة. ولا تعني اصدار عقائد جديدة، بل تفسير ما هو ثابت أساساً في الايمان.
وكما في كلّ المؤسسات الدينية، تتصارع التيارات الفكرية وتتضارب في عقر الكنيسة، وتلعب خلفيّة كلّ بابا دوراً في أدائه. فالبابا فرانسيس أوّل حبر غير أوروبي يحكم دولة الفاتيكان، منذ ألف عام.
يُضاف إلى ذلك نشأة الكاردينال بيرغوليو في أمريكا اللاتينية، وتشبعه بإرث لاهوت التحرير المنحاز للفقراء. كما أنّه يسوعي، أي أنّه ينتمي إلى تيار فكري يصبّ اهتمامه على إظهار الورع والإيمان من خلال فعل الخير، عوضاً عن التبشير العقائدي.
حبّ ورحمة
تختلف صورة البابا فرانسيس الاستثنائية عن صورة من سبقوه، لأنّها تبدو أكثر انفتاحاً وتسامحاً. وقد يرى بعض معارضيه في الكنيسة، أنّه يغازل "الليبراليين"، ويقدّم تنازلات على حساب العقيدة "القويمة"، بحسب تعبيرهم.
فيما يرى مناصروه أنّ "العقيدة القويمة" في المسيحية، تعني اللين وليس الصلابة، والنعومة وليس الجلافة. ففي كلّ عظاته، يركّز فرانسيس على الحبّ، والحنان، والعطاء، والرحمة، وذلك برأي بعض المفسرين هو جوهر الرسالة المسيحية.
ويرى الكاتب الأمريكي وليام ساليتان في موقع "سلايت" أنّ مواقف البابا حول المثليين والعائلة وغيرها من القضايا التي توصف بأنّها "ليبرالية"، لا تعني أنّه مهتمّ بهذه المواضيع، بل أنّه يحاول "التخلّص منها"، لإفساح المجال أمام شؤون تهمّه حقاً، مثل المهاجرين، والعمال، والسجناء، والمشردين.
صحيح أنّ البابا فرانسيس يتخذ مواقف متقدّمة لإعطاء الكاثوليكية جدوى خارج دوائر المحافظين، إلا أنّ أولوياته في مكان آخر، وتحديداً في الدور الذي يمكن أن تلعبه الكنيسة في مساعدة الفقراء، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومكافحة التغيّر المناخي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.