"التحرش جريمة لا تقبل التبرير" هكذا بدأ عبد الله رشدي الداعية الشاب المثير للجدل الحديث مجددًا عن رأيه في التحرش، بعد توجيه الاتهام لأحد طلاب الجامعة الأمريكية بالتحرش بالعديد من الفتيات، وليس التحرش فقط، بل اتهمته بعض الفتيات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالاغتصاب، وهو ما أعاد الجدل حول ربط التحرش بزي المرأة وملابسها واحتشامها من عدمه، فاتهم البعض الداعية بالتشجيع على التحرش وإيجاد مبررات له، بينما رأى البعض الآخر رشدي مدافعًا عن الدين وقيمه.. فهل حاول الداعية تقديم مبررات للتحرش؟ أم كان يهدف فقط إثارة الجدل وجذب المتابعين حسبما يتهمه البعض؟.. في التقرير التالي يوضح مصراوي القصة الكاملة ل جدلية عبد الله رشدي و"التحرش" التي استمرت لعدة أيام تتصدر مناقشات السوشيال ميديا.. الجولة الأولى: إعادة نشر.. وبداية الجدل كانت بداية الجدل حين أعاد رشدي نشر كلماته السابقة التي كتبها في العام الماضي، فذكر رشدي في ست نقاط رأيه حول التحرش، قائلًا فيها: 1-التحرش جريمة..لا تقبل التبرير..ليس لها أعذار..لو كانت المرأة بدون ملابس أصلاً..نرجو الله لنا ولها الهدايةَ..لكن لا يجوز التحرش بها ولا النظر إليها، مع القطع بأنها على معصيةٍ..وهذا من مُسَلَّمات الشرع الشريف. 2-هناك أسباب للجريمة عديدة..من ضمنها الملابس الصارخة التي تعتمد على الإغراء..هذا سبب فقط من ضمن مجموعة أسباب، وليس هو السبب الوحيد. 3-هذا السبب لابد من معالجته كغيره من الأسباب التي تؤدي للتحرش..لكن هذه الأسباب لا تُبيح ولا تُبرِّرْ للمتحرِّش فعلَه المرفوض بحالٍ من الأحوال. 4-هناك فرق بين محاولة علاج الأسباب التي قد تساهم في حدوث الجريمة..وبين اعتبار هذه الأسبابِ شيئاً مبرراً للجريمة فهذا مرفوض. 5-نلتزم بغض البصر كما أمر الله وبالحجاب والاحتشام كما أمر الله، ونؤكد أنَّ تبرير التحرش عبث، وكذلك محاولة التغاضي عن معالجة أسبابه -ومن ضمنها الملابس الفاضحة- هي أيضاً عبث. 6-كتبت هذه الكلمات من أجل توضيح أكثر لما كتبتُه العامَ الماضي ولأجل من يتصيدون في الماء العَكِر ليوهموا الناس بأن علماء الدين يبررون التحرش أو يرون أن البنت غير المحتشمة تستحق التحرش..فأحببتُ إيصادَ الباب دونَهم. وعلى الرغم من آخر كلماته التي أكد فيها أنه لا يبرر التحرش وإن كلامه يهدف لإغلاق هذا الباب أمام من يروجون أن علماء الدين يبررونه، إلا أن ما حدث عكس ذلك تمامًا، حيث انقسم متابعوه إلى فريقين، فانهالت عليه التعليقات المعترضة والمهاجمة لكلامه من الفريق الأول، فذكرت بعض الفتيات في التعليقات أن التحرش موجود حتى للبنات الملتزمات بحجابهن الشرعي، وهو ما رد عليه رشدي قائلًا: "بسبب الكبت الجنسي اللي بيشوفوا من اللي بيلبسوا لبس ملفت..عمال يتشحن فبيدور على أي شيء يوجه طاقته الجسدية له" مؤكدًا مرة أخرى: "طبعا دا مش مبرر..بنتكلم عن الأسباب بس"، بينما انتقده آخرون معتبرين أنه يبرر للتحرش ذاكرين موقفه من لاعب المنتخب القومي "عمرو وردة" حين تم اتهامه بالتحرش ودعمه له، أما الفريق الثاني فأيد رأيه بشدة وهاجم من يهاجمونه، وأشاد بعضهم بثباته على رأيه على الرغم من الضغوط التي وقعت عليه في المرات السابقة. الجولة الثانية: تشبيه التحرش بمرأة غير محتشمة ك"سرقة سيارة مفتوحة" بعد ذلك خرج عبد الله رشدي في فيديو "لايف" توضيحًا لما كتبه في المنشور السابق، ومؤكدًا مرة أخرى: "مفيش شيء يبرر أن واحد يتحرش بواحدة محجبة أو غير محجبة ولو حتى بتمشي في الشارع عريانة، كل فعل تحرش بواحدة حرام، بل مجرد النظر لواحدة حرام سواء محجبة أو غير محجبة"، وفرق رشدي بين المبررات والأسباب التي جعلت الناس يهاجمون كلامه فالمبررات التماس أعذار لفعل معين، إنما الأسباب هي الأمور التي أدت لفعل معين سواء كان يصلح معها التبرير أو لا، وضرب مثالًا لرجل غني ترك سيارته مفتوحة الأبواب والزجاج وترك بداخلها شنطة بها مليون دولار فسرقت، فسرقتهم للسيارة حرام وليس له مبرر، لكن صاحب السيارة في نفس الوقت قصر في الحفاظ على سيارته. وكتب عبد الله رشدي بعدها منشورًا على الفيس بوك بنفس محتوى المثال السابق للسيارة، وهو ما أثار غضب كثيرين حيث رأوا ان المثال بعيد وأن جسد المرأة ليس كالسيارة، بينما عبر آخرون عن رفضهم لربطه التحرش بالمرأة التي تكشف عن جسمها، "مشكلتي الوحيدة مع كلامك انه معظمة عن التحرش بالمرأة اللي مبينة جسمها، لماذا لا تتكلمون وتسلطون الضوء عن المتحرش بالمحجبة؟"، بينما أيد آخرون ما قاله معتبرينه متحدثًا بالحق ومعبرًا عن الشرع، "عارف أنت لو بتدعم المثلية كانوا حبوك وبقيت من أعظم الناس". موقف عبد الله رشدي من بياني الأزهر والإفتاء لم يتوقف عبد الله رشدي عن الحديث في تلك القضية، فتابع حتى الأمس نشر كلماته عبر الفيس بوك محاولًا توضيح وجهة نظره ومجيبًا على أسئلة منتقديه، فقال إن الأطفال والمحجبات يتم التحرش بهن نعم فللتحرش أسباب أخرى غير الملابس، لكنه قال إنه لا يتكلم في سواها لأن بقية الأسباب الاجتماعية والنفسية لا جدال حولها ولا يتم رفضها باستثناء الملابس التي أمر الله بها بشكل محدد قائلًا: "دوما ما يتم محاولة نفي ذلك الشكل الذي أمر الله به، وواجبي كشيخ أن أقف موضحًا للناس ذلك، كما أنني لست متخصصًا في مجال الاجتماعيات والنفسيات، فمن الطبيعي أن يتكلم كل إنسان في اختصاصه". وعلى الرغم من ذلك فإن الأزهر الشريف ودار الإفتاء قد أصدرا بيانين حول التحرش، حيث ذكرت دار الإفتاء أن إلصاق جريمة التحرش على نوع الملابس التي يلبسها النساء "تبرير واهم لا يصدر إلا عن ذوي النفوس المريضة والاهواء الدنيئة" مؤكدة أن المسلم مأمور بغض البصر عن المحرمات في كل الأحوال والظروف، وأكدت دار الإفتاء على حرمة التحرش الجنسي قائلة: "التحرش الجنسي حرامٌ شرعًا، وكبيرةٌ من كبائر الذنوب، وجريمةٌ يعاقب عليها القانون، ولا يصدر إلا عن ذوي الأهواء الدنيئة، والنفوس المريضة التي تُسوِّلُ لهم التلطُّخَ والتدنُّسَ بأوحال الشهوات". وهو نفس ما أكده الأزهر في بيان مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية، الذي ذكر ان التحرش سلوك عدواني مناف لكل القيم الإنسانية والدينية، منبها أن الإسلام حرم وجرم كل ألوان الإيذاء والاعتداء البدني أو النفسي على المرأة "حتى تسير وهي آمنة على نفسها مصونة عن كل ما يجرح شعورها"، وذكر الأزهر في بيانه 9 توصيات للحد من ظاهرة التحرش ليس من بينها الإشارة إلى زي المرأة، لقراءة تلك التوصيات في مواجهة التحرش.. الأزهر للفتوى يصدر 9 توصيات تحد من الظاهرة البغيضة وكان تعليق عبد الله رشدي على بياني الأزهر والإفتاء بسبب استناد مهاجميه إليهما باعتبارهما يدحضان أفكاره قائلًا: "بيانان جميلان يرفضان تبرير التحرش بالملابس أو تبريره بأي شيء آخر وهذا هو الحق وقد قلناه مراراً وتكراراً.. قلنا بغض النظر عن الملابس فليست مبرراً للتحرش مطلقاً بحال من الأحوال". هجوم الفنانين أثار حديث عبد الله رشدي هجوم مشاهير عليه أبرزهم فنانون مثل الممثلة رانيا يوسف التي شبهت منطقه بالمنطق الحيواني الذي يشجع القطيع على التحرش بغير المحجبة باعتبارها "تستاهل، باعتبارها شمال"، متسائلة عما سيفعله إذا سافر إلى أحد الدول الغربية ورأى النساء في الشوارع "كاسيات عاريات"، وعلق كذلك السيناريست محمود ياسين منتقدًا موقف رشدي قائلًا: "إصرارك على التشويش على القضية الأساسية وهي اعتبار التحرش جريمة ونقطة من أول السطر وإدخال قضايا أخرى على نفس الخط صار مستفزا، فاذا كنت مهتما بقضية ملابس السيدات فتحدث عنها منفصلة عن قضية التحرش حتى لا تعطي ضعاف النفوس بنج موضعي يخدر به ضميره عندما يقرر التحرش بفتاة لا ترتدي حجابا أو ترتدي ملابس لا تعجبه". الجولة الأخيرة؟ رشدي يحذر من "المواقع الإباحية والممثلات الخليعات" عاد عبد الله رشدي بعد هجوم بعض المشاهير عليه، ليؤكد في منشور أخير على صفحته الرسمية على الفيس بوك ما ذكره من قبل على وجوب الاحتشام لمعالجة أسباب التحرش، منبهًا أن ذلك لا يبيح لأحد أن يمد عينيه أو يديه لما حرمه الله، "وإن كانت من أمامك مبتذلة في زيها عاصية لربها، فادع لها بالهداية وانصحها إن رأيتها تقبل نصحك"، محذرًا الشباب والفتيات من مشاهدة ما يثير غرائزهم "كالمواقع الإباحية أو الممثلات الخليعات"، ومنبهًا على ضرورة عدم تهوين ترك الاحتشام والحجاب مستندًا إلى قوله تعالى: "وتحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم".