عادت واجهة معبد الأقصر، عقب إزاحة الستار عن آخر تمثال للملك رمسيس الثاني، إلى الشكل التي كانت عليه إبان حكم الملك رمسيس الثاني قبل أن تتغير بفعل الزلازل التي ضربت البلاد وتسببت في سقوط وانهيار عدد من التماثيل الضخمة، على الأرجح، ولم يتبق للواجهة سوى المسلّة التي خرجت في عهد محمد علي إلى فرنسا، لتعود الواجهة كما كانت قبل آلاف السنين، إلا أن الشكل الذي خرج عليه التثمال أثار جدلًا بين الأثريين بسبب هيئته "الأوزيرية" -قدماه في وضع متساو- على عكس باقي التماثيل التي تأخذ الشكل الحربي والتي تتقدم فيه القدم اليسرى. ورغم الجدل الدائر بين الأثريين المصريين، والذي حسمته وزارة الآثار المصرية والبعثة الأمريكية العاملة في الأقصر، إلا أن المعبد لاقى إقبالًا كبيرًا من الوفود السياحية التي قادها الشغف لرؤية شكل الواجهة كما كانت قبل 1400 سنة. الدكتور أحمد عربي مدير معبد الأقصر يقول ل"مصراوي": "ما حدث في معبد الأقصر إنجاز أثري عظيم بأيدي مجموعة من شباب المرممين المصريين الأكفاء، أشاد بمجهودهم رؤساء البعثات الأمريكية والفرنسية والألمانية العاملين في الأقصر، بعد أن تمكنوا من ترميم 3 تمثايل لرمسيس الثاني وإعادة واجهة المعبد لما كانت عليه قبل 1400 عامًا، في أقل من 3 سنوات، إلا أن البعض حاول التقليل من إنجازهم بترديد معلومات مغلوطة ودون إلمام بالحق الزمنية التي توالت على المعبد". يشير عربي إلى أن ما أثير عن أن الهيئة الأوزيرية لتمثال رمسيس الثاني، تخالف التصور الموجود عن واجهة المعبد، ينم عن عدم دراية كافية بتاريخ معبد الأقصر، مضيفًا أن هناك 3 نقوش موجودة على جدران معبد الأقصر تمثل 3 ماكيتات متباينة عن واجهة المعبد، إحداها به مسلتان فقط، والأخرى بها تمثالين ومسلتين، والثالثة بها 6 تماثيل إحدها على الوضع الأوزيري ومسلتين، وهو ما يعني أن واجهة المعبد كانت تتغير بتوالي الحقب الزمنية والتي يتم فيها إضافة تماثيل للواجهة. ويوضح مدير معبد الأقصر، أنه من المرجح أن يكون التمثال الذي يؤخذ الوضع الأوزيري كان موجودًا داخل المعبد في بداية عهد رمسيس الثاني، ونقل إلى الواجهة فيما بعد، لكن لا أحد يستطيع تحديد الحقبة الزمنية التي حدث فيها ذلك، قائلًا إن هذا التمثال الأوزيري ليس شاذًا لرمسيس الثاني، فهناك تمثال على نفس الهيئة في معبد الكرنك، وتمثالان مماثلان بالقرب من المدخل الغربي لمعبد الأقصر، فضلًا عن أن النشرة العلمية التي وثقها الدكتور محمد عبدالقادر الذي عُثر على التمثال عام 1958 تؤكد أن التثمال يأخذ الهيئة الأوزيرية. يضيف عربي: "المعبد منذ إزاحة الستار عن آخر تمثال لرمسيس الثاني في واجهته، وهو يستقبل آلاف السياح يوميًا، حيث تقف المجموعات السياحية أمام الواجهة وتستمع لشروحات عن تاريخ الواجهة وأعمال الترميمات الأخيرة التي تمت بها من قبل المرشدين السياحيين المرافقين لهم". من ناحية أخرى، يقول راي جونسون رئيس البعثة الأمريكيةبالأقصر التابعة لجامعة شيكاغو ورئيس دار شيكاغو هاوس، إن الوضع الأصلي لتمثال رمسيس الثاني وترميمه صحيحان 100%، مضيفًا أنه هو الوضع الذي كان عليه التمثال قبل 1400 عام. وأكد جونسون تصريحات عربي، موضحًا أن النقوش الموجودة في نهاية الفناء المفتوح الأول بمعبد الأقصر، التي تمثل واجهة المعبد المكونة من الصرح والمسلتين وصواري الأعلام والتماثيل، نحتت قبل وضع التماثيل في أماكنها وتعكس التخطيط الأصلي الذي لم يكتمل كليةً أبدًا. وأضاف أنه يبدو من التخطيط الأصلي للصرح أن التماثيل الضخمة المنحوتة من "الجرانوديوريت" للملك رمسيس الثاني، تصوره إما في الوضع جالسًا أو واقفًا أو سائرًا، ولكن لسبب ما فقد تم تغيير هذه الخطة فتم جلب تمثالين سابقين من الجرانيت الأحمر وتم نقش اسم الملك رمسيس الثاني عليهما أحدهما على أقصى الجانب الأيمن والآخر على أقصى الجانب الأيسر، وكان التمثال الضخم على أقصى الجانب الغربي في الأصل للملك أمنحتب الثالث وهو مختلف أيضًا، لأن على رأسه التاج الأبيض وليس التاج المزدوج وهو أيضًا منحوت من الجرانيت الأحمر. تابع أن التمثال الضخم على أقصى الجانب الشرقي المنحوت من الجرانيت الأحمر والذي تم إعادة إقامته منذ بضعة أيام بدعم مادي من مؤسسة "شيكاغو هاوس Chicago House" والسفارة الأمريكية- فهو عبارة عن تمثال ضخم من أواخر الأسرة ال18 ربما لحورمحب (وتم إعادة نحت الوجه) وتدل الأجزاء الباقية من التمثال على أنه كان في الهيئة الأوزيرية. وأوضح أن القاعدة الأصلية للتمثال والموجودة بمكانها الأصلي كانت صغيرة الحجم جدًا لتسع تمثالًا في الوضع سائرًا والذي يؤكد أن التمثال كان في الوضع واقفًا، وليس في الوضع سائرًا لذا فإن إعادة البناء والوضع الأصلي للتمثال صحيحان 100%.
