نقابة المحامين تدعو الجمعية العمومية لمناقشة تعديل المعاشات واعتماد الميزانيات    لاجارد تترأس مجموعتين ببنك التسويات الدولية خلفا ل جيروم باول    13.439 مليار جنيه صافي أرباح بنك التعمير والإسكان حتى نهاية سبتمبر 2025    سعر كرتونه البيض الأحمر والأبيض للمستهلك اليوم الأربعاء 12نوفمبر2025 فى المنيا    رسميًا.. ستاندرد بنك يفتتح مكتبًا في مصر لتعزيز الاستثمارات بين إفريقيا والشرق الأوسط    جوتيريش يجدد مطالبة إسرائيل بالانسحاب ووقف الاعتداءات على لبنان    منتخب إيطاليا يفقد ثنائيا بارزا في تصفيات مونديال 2026    بث مباشر.. تونس تواجه موريتانيا وديًا اليوم ضمن استعدادات كأس الأمم الإفريقية 2025    توخيل يحمّل لاعبي إنجلترا مسؤولية إشعال أجواء ملعب ويمبلي    كرة يد - بعثة سموحة تصل الإمارات مكتملة تحضيرا لمواجهة الأهلي في السوبر    انتشال جثة شاب من تحت أنقاض عقار الجمرك المنهار بالإسكندرية    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    ما عدد التأشيرات المخصصة لحج الجمعيات الأهلية هذا العام؟.. وزارة التضامن تجيب    تعليم دمياط تعقد اجتماعا استعدادا لانتخابات مجلس النواب 2025    للمرة الثانية.. حجز الفنان محمد صبحي في الرعاية المركزة    محمود الليثى باكيا من عزاء إسماعيل الليثى: مع السلامة يا طيب    أسماء جلال ترد بطريقتها الخاصة على شائعات ارتباطها بعمرو دياب    المتحف المصري الكبير ينظم الدخول ويخصص حصة للسائحين لضمان تجربة زيارة متكاملة    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    استشاري مناعة يوجه رسالة تحذيرية عن لقاح الإنفلونزا (فيديو)    طريقة عمل فتة الشاورما، أحلى وأوفر من الجاهزة    هبة التميمي: المفوضية تؤكد نجاح الانتخابات التشريعية العراقية بمشاركة 55%    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. آثارنا تتلألأ على الشاشة بعبق التاريخ    جنوب سيناء.. تخصيص 186 فدانا لزيادة مساحة الغابة الشجرية في مدينة دهب    بحماية الجيش.. المستوطنون يحرقون أرزاق الفلسطينيين في نابلس    19 ألف زائر يوميًا.. طفرة في أعداد الزائرين للمتحف المصري الكبير    ذكرى رحيل الساحر الفنان محمود عبد العزيز فى كاريكاتير اليوم السابع    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    الغرفة التجارية بمطروح: الموافقة على إنشاء مكتب توثيق وزارة الخارجية داخل مقر الغرفة    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    بتروجت يواجه النجوم وديا استعدادا لحرس الحدود    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    موعد مباراة مصر وأوزبكستان الودية.. والقنوات الناقلة    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    اليابان تتعاون مع بريطانيا وكندا في مجالي الأمن والاقتصاد    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    نهلة الصعيدي: الأزهر ظل عبر تاريخه الطويل منارة للعلم وموئلا للطلاب من شتى بقاع الأرض    الحبيب الجفرى: مسائل التوسل والتبرك والأضرحة ليست من الأولويات التى تشغل المسلمين    دار الإفتاء توضح حكم القتل الرحيم    الأهلي يضع تجديد عقد ديانج في صدارة أولوياته.. والشحات يطلب تمديدًا لعامين    المشدد 15 و10 سنوات للمهتمين بقتل طفلة بالشرقية    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    قصر العينى يحتفل بيوم السكر العالمى بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    وزير الخارجية يعلن انعقاد المنتدى الاقتصادي المصري – التركي خلال 2026    الداخلية تضبط 316 كيلو مخدرات و55 قطعة سلاح ناري خلال يوم    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    المصرية جمانا نجم الدين تحصد لقب أفضل قنصل لعام 2025 في المملكة المتحدة    اليوم.. محاكمة 6 متهمين ب "داعش أكتوبر"    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسة على خط النار.. حكايات طلبة مصريين غادروا السودان خوفًا على حياتهم
نشر في مصراوي يوم 05 - 03 - 2019

حاول "معتز" الاعتكاف داخل منزله متجاهلا ما يحدث حتى تملكه الخوف مع اقتحام الشرطة لشقته، فيما ما زالت تلتصق رائحة الغاز المسيل للدموع بأنف "عبدالله"، تُنهك الحيرة عقل "حازم" تضرب رأسه التساؤلات اليومية "هو أنا هارجع امتى؟".
قبل سنوات حمل "محمد" حقيبته وسافر إلى السودان بهدف الدراسة، الآن حقيبته مُكدسة بأوراق وطلبات موجهة للجهات الرسمية، أما "دُعاء" فلا تعلم ماذا تفعل بعدما قضت ثلاث سنوات دراسية فى السودان، هل تعود إلى القاهرة وتخسر ما فات؟، أم تنتظر حتى استئناف الدراسة المُعلقة في جامعتها لأجلٍ غير مُسمى، وفيما يحدث هذا كله، تستمر مدام "بُثينة" والدة الطالب "مصطفى" في ضرب الكفين، عسى الأمل أن يتجدد منذ اندلعت مظاهرات السودان في ديسمبر 2018.. نسرد لكم قصصًا أبطالها طلبة مصريين في الخرطوم، تتخلله ردودٌ رسمية لا تسد مطالبهم، وحكاية الخوف من العودة لاقتناص دراسة على خط النار في السودان.
اتخذ "معتز" الطالب بإحدى الجامعات الخاصة بالخرطوم، قراره بعدم الخوض في نقاشات تتعلق بالمظاهرات، اكتفى بالجلوس داخل شقته القريبة من الميادين هناك، رفض العودة إلى مصر، وظل مُحتمياً داخل شقته هو وزملاؤه، أصوات هتافات المتظاهرين آنستهم دومًا، وكون شقتهم في عقار بأحد الشوارع الجانبية، فقد كانت شُرفتهم بمثابة مقصورة الجماهير لمشاهدة الكرّ والفر بين الشرطة السودانية والمتظاهرين، لكن ذلك اليوم كان مختلفاً، فأصوات الرصاص والاشتباكات اقتربت من آذانهم بشدة "كانوا تحت العمارة عندنا"، تسلل إلى مسامعهم وقع أقدام وخطوات سريعة على درجات سُلم العقار، تلاه طرقات عنيفة على باب شقتهم، تملكهم الخوف جميعًا، فتحوا الباب، فكانت قوات من الشرطة، اقتحموا الشقة، فتشوا وقلبوا الغرف رأسًا على عقب، ووجدوا أنها خالية من السودانيين فغادروا، فيما وقف الطلبة المصريون مشدوهين وخائفين، حينها فقط بدل "معتز" رأيه وقرر العودة دون عودة.
داخل شقة بمنطقة المهندسين؛ جلست "أم مصطفى" وزوجها يتابعان مواقع السوشيال ميديا، معلقٌ أمامهما تلفاز يطل من شاشته شاب سوداني، يقرأ نشرة الأخبار، خيم الصمت على الجلسة المحفوفة بالقلق، تخاطب زوجها: "إحنا لازم نشوف حل ونرجع الولد بأسرع طريقة"، يصُب الزوج تركيزه لمشاهدة فيديو عبر موقع فيسبوك، للمظاهرات التي اندلعت في أرجاء الخرطوم، قبل أن يُجيبها: "هيرجع إن شاء الله..."، يرن جرس هاتف "بثينة"، يتصل بها رقم سوداني، تُجيب فتجد ابنها يُحادثها: "أنا كويس"، قبل أن تُقاطعه: "لازم تنزل حالا يا مصطفى....".
كانت كلية التجارة هي الخيار الوحيد ل "مصطفى" بعد حصوله على 87 % في الثانوية العامة، فكر والديه في التقديم له في الجامعات الخاصة، لملموا أوراق ولدهم، وذهبوا إلى كلية الصيدلة بجامعة سيناء الخاصة، حيث تقبل الطلبة بمجموع أقل 5 % بشكل استثنائي، لكن لسوء الحظ فإن الأعداد الكثيفة من الطلبة المتقدمين وقفت حائلاً أمام قبوله، فقرر الوالدين الذهاب إلى السودان "الولد مكنش هينفع في تجارة"، توجهوا إلى وزارة التعليم العالي المصرية فاطمئنوا بعد السؤال بأن الدراسة هناك مُعترفٌ بها، تم قبول "مصطفى" في كلية الصيدلة بجامعة السودان العالمية، قضى العام الدراسي حتى اندلعت المظاهرات، تقول والدته إنه لولا عدد من السودانيين هناك لما عرف سبيلاً للخروج "سافر قبل ما يقفلوا مطار الخرطوم بيوم واحد بس".
مع إسدال ليل الثلاثاء 18 ديسمبر ستائره، كان الهم على "دُعاء" ثقيلاً، إذ أن غدًا، لديها معركة شاقة من أجل البحث عن "حالات". فوجودها في السنة الرابعة كلية طب الأسنان، يتطلب من حين إلى آخر البحث عن مواطنين، لفحصهم وعلاجهم كنوع من التدريب العملي، لكن ذلك الأربعاء الذي وافق 19 ديسمبر 2018، كان مختلفًا تمامًا، فما إن خرجت إلى الشوارع، حتى رأت تظاهرة لمواطنين سودانيين، بدأت من شارع الستين، مرورًا بأنحاء الخرطوم، ارتبكت ولم تدرِ ما عليها وزميلاتها فعله، غير الاحتماء داخل أحد المحال، التي قرر صاحبها استضافتهن فيها حتى تهدأ الأمور. عبر الجدار الزجاجي للمحل أخرجت هاتفها، لتوثيق الحدث، وهو ما جعل موقفها حرج للغاية "كنت فاكره الموضوع عادي".
ويشهد السودان احتجاجات على الغلاء منذ 19 ديسمبر 2018، ما لبثت أن تحولت لمطالبات بإسقاط النظام بقيادة الرئيس عمر البشير. وأسفرت الاحتجاجات عن مقتل نحو ثلاثين شخصًا بحسب الحكومة، مقابل إحصائية أخرى تتعدى الخمسين قتيلا، بحسب جهات معارضة ومنظمات حقوقية.
7000 دولار، قيمة المصاريف التي يدفعها "حازم" سنوياً لاستكمال دراسته في كلية طب أسنان بجامعة النيلين الحكومية، يُضاف عليهم 2000 دولار شهرياً، لزوم السكن والأكل والشُرب، كان يذهب ويعود من الجامعة عبر الشوارع الجانبية "رغم إن ده كان خطر أكبر على حياتنا"، حتى فوجئ في أحد الأيام عند ذهابه للجامعة، بوجود لافتة مُعلقة على بابها، تُعلن تعليق الدراسة لأجل غير مسمى.
أعتقد "حازم" أنها مظاهرات مؤقتة "كل فترة كانت بتطلع مظاهرات والدنيا تهدا".. لكن الأمر لم يهدأ قط، انتظر الطالب 10 أيام، حتى نفدت أمواله، أوشك طعامه وزملاؤه على النفاد، ونفد صبرهم أيضًا، فقرروا العودة، لكن قبل ذلك توجهوا صوب القنصلية المصرية بالخرطوم، حيث رد عليه أحد المسؤولين بقوله: "روحوا ذاكروا في مصر.. ولما الدنيا تهدا ابقى ارجعوا.. وده قرار داخلي في الجامعة وإحنا ملناش أي علاقة بيه".
هوت يد صاحب المطعم على هاتف "دُعاء" فأسقطه أرضًا، خاطبها في حِدة: "انتي عاوزاهم يقبضوا عليكي؟!"، لم تكن تتخيل الطالبة بكلية طب الأسنان أن الأمر بالغ الخطورة، تفهمت الأمر، ظلت تعد الدقائق حتى تسللت هي وزميلاتها وصولاً إلى البيت، صعدن جميعًا، وقررن المكوث داخل الشقة حتى عودة الأمور إلى طبيعتها، في مساء اليوم التالي، فتحت "دعاء" باب الشقة بعد دقات عنيفه على بابه، وجدت طالبات كانت قد تعرفت عليهن في الجامعة: "هما أصلا بلدياتي من المنصورة"، طلبن منها استضافتهن في الشقة لأن مسكنهم تُحيطه المظاهرات، وافقت "دُعاء" على الفور "كُنا 10 بنات في شقة أوضة وصالة"، قسمن أنفسهن؛ يومياً تنزل طالبتين منهن الشارع، يأتين بالطعام والشراب، ظلّ الأمر هكذا لأيام، كادت أموالهن تنفد، والجامعات علقت الدراسة، خدمة الإنترنت مُعطلة إلا الVPN، تملكهن الرعب، أحاديثهن صباحًا عن المظاهرات، ومساءً تحذيرات من الاقتراب من الشبابيك أو فتحها: "كانوا بيقولوا إن فيه قناصة"، قررن حجز أول طائرة للقاهرة "لقينا المطار مقفول"، انتظرن حتى عاد للعمل "حجزنا علطول ومشينا"، وما زالت وزميلاتها في مصر، ينتظرن فتح الجامعات من أجل العودة: "السنة بتضيع علينا ومتعلقين في الهوا.. وعاجزين نعمل أي شيء"، تقول "دُعاء " الطالبة بكلية اليرموك الخاصة بالخرطوم.
مع بداية العام الدراسي 2014/2015؛ تهللت أسارير "محمد"، كونه أصبح طالبًا في جامعة سيناء، لكن مع منتصف أكتوبر وبداية الدراسة، وقع هجوم إرهابي على كمين "كرم القواديس" بالشيخ زويد، أدى إلى توقف الدراسة في الجامعة بسبب الظروف الأمنية، قدم طلبًا بالحصول على منحة داخل جامعة النيلين الحكومية، خوفًا من عدم استكمال العام الدراسي في سيناء، قبلوا أوراقه، درس الهندسة، لمدة ثلاث سنوات سارت الأمور على ما يرام "تقديراتي ما بين جيد وجيد جدًا". بعد انتهاء النصف الدراسي الأول لموسم 2018 / 2019، ازدادت المظاهرات "في يوم نزلت أنا وزمايلي، كنا رايحين القنصلية، ننسق الورق الخاص بشهادة القيد.. وفجأة لقينا الشرطة بتطاردنا"، اختبأوا داخل أحد العقارات بُرهةّ، ثم اتجهوا سريعًا صوب شقتهم بعد هدوء الأوضاع.
لم يكن "معتز" وحده الذي تملكه الرعب، ف "عبدالله" الطالب بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، كان له نصيبًا مما يحدث في السودان، يُلخص قصته، عندما كان داخل شقته التي هي جزء من عقار جميعه سودانيين، عددًا منهم واظبوا على المشاركة في المظاهرات، وفي إحدى لحظات الكر والفر، اقتحمت الشرطة العقار، وحدثت اشتباكات، شباب من سطح العقار يواجهون الشرطة، فيما تسللت قنابل غاز مسيلة للدموع لتستقر داخل شقة "عبدالله"، في اليوم التالي للواقعة قرر العودة.
في 26 ديسمبر الماضي، واجه البشير مطالبات المحتجين، واصفًا إياهم بأنهم "خونة ومرتزقة"، قبل أن يعود بعد نحو شهرين في خطاب للشعب مساء الجمعة 22 فبراير، ليفرض حالة الطوارئ لمدة عام واحد، مع حل حكومة الوفاق الوطني، وحل حكومات الولايات، ودعوة البرلمان لتأجيل النظر في التعديلات الدستورية المطروحة عليه، انتهاءً بدعوة القوى المعارضة للحوار مع دعوة القوى السياسية والمجتمعية لاستيعاب الشباب.
عُمر "حازم" في السودان 3 سنوات، حصل خلالها على تقديرات جيد جدًا وامتياز، كانت الأمور مستقرة "كان فيه أماكن مفيهاش مظاهرات.. دلوقتي معظم الأماكن فيها"، أزمة الطالب البنهاوي ليست في عودة الدراسة، بقدر ما إنه يومًا تلو الآخر، سيزيد ضغط المذاكرة عليه: "أنا مش عارف أعمل ايه؟!.. لو رجعت ما هي الجامعات مقفولة!.. ولو قعدت في مصر مستقبلي هيضيع".
وطالب النائب محمد الغول، عضو بمجلس النواب، بضرورة حل مشكلة الطلبة المصريين في السودان، مؤكدًا أنه خاطب رئيس الوزراء عبر طلب إحاطة تقدم به.
وأشار إلى قرار الحكومة الخاص بعودة الطلاب المصريين في جامعات دمشق بعد الثورة السورية.
بالنسبة للطلبة الفلسطينيين في السودان، نسقت مؤسسة الأقصى للخدمات الجامعية - وهي معتمدة من وزارة التعليم العالي الفلسطينية - مع الطلبة هناك، من أجل التحويل إلى الجامعات الحكومية (القاهرة – عين شمس) وذلك وفقًا لعدد من الشروط، منها أن يكون الطالب حاصل على مجموع 80 % فما أكثر.
رغم المنحة التي حصل عليها "محمد" للدراسة داخل جامعة حكومية في السودان، إلا أنه يدفع مصاريف تقارب من ال 4000 دولار سنوياً. يحمل الطالب بجامعة النيلين حقيبته المُكدسة بخطابات موجهة للجهات الرسمية، لا يجد ردًا شافياً، يتواصل مع أساتذته الجامعيين في السودان، فيؤكدون عدم استئناف الدراسة بعد.
أستاذ جامعي بجامعة النيلين الحكومية في السودان، فضل عدم ذكر اسمه، أكد في تصريحات ل مصراوي أن أسباب تعليق الدراسة في الجامعات، هو خشية الحكومة من أماكن التجمهر والتي من بينها الجامعات، لذا جاء قرار وقف الدراسة.
في يناير 2015، استقبلت جامعة بني سويف الطلبة المصريين العائدين من أوكرانيا عقب تدهور الأوضاع هناك، وفي فبراير من العام نفسه قرر وزير التعليم العالي وقتها الدكتور السيد عبدالخالق، تقديم كافة التسهيلات اللازمة للطلاب المصريين العائدين من ليبيا،. ما يتمناه الطلبة المصريون في السودان هو مبدأ المعاملة بالمثل كما حدث مع الطلاب في أوكرانيا وليبيا.
جامعة بني سويف المصرية تعلن عن قبول عدد من الطلبة المصريين القادمين من أوكرانيا وليبيا
عبد الخالق يُصدر تعليماته بتقديم التسهيلات للطلاب العائدين من ليبيا
الدكتور الصادق المهدي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي السوداني، علق على أزمة الطلاب المصريين في الخرطوم بقوله إن الاحتجاجات سلمية نتيجة الأزمة الاقتصادية، مؤكدًا أن السودان بها 36 جامعة حكومية، و104 جامعة وكلية خاصة.
وقال - في كلمته خلال المؤتمر الصحفي المنعقد على هامش افتتاح فعاليات الملتقى الأول للجامعات المصرية والسودانية-: "معظم الطلاب المصريين في الجامعات الخاصة وبدأنا الفتح التدريجي في الجامعات الخاصة بنسبة 80 %"، وهو ما ينفيه عدد من الطلاب المصريون هناك.
يجلس "مصطفى" طالب سنة أولى صيدلة بجامعة السودان العالمية الخاصة، مهمومًا، تقول والدته "بثينة" إنه أصيب بشبه صدمة عصبية، آخر أيام له في الخرطوم لم يغمض له جفن، كان يخاف من اقتحام أحدًا لشقته، ويخشى النزول إلى الشارع بسبب المظاهرات وأصوات الرصاص التي أنهكت عقله "يعني طالب لسه سنة أولى كلية واتغرب وشاف ده كله.. المفروض يكمل تعليمه ازاي، تقول والدته.
اللواء هاني أباظة، رئيس لجنة التعليم العالي بمجلس النواب، أكد – في تصريحات ل مصراوي - تقدمه بطلب إحاطة لرئيس الوزراء لتأمين الحماية للطلبة المصريين في السودان، وجاؤه الرد بشكل غير رسمي أن هناك بُعد استراتيجي لابد من مراعاته، وهو العلاقات المصرية السودانية، وسيكون من الصعب أن تكون مصر أول الدول التي تسحب الطلبة المصريين من الخرطوم.
تواصل "مصراوي" مع المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير أحمد حافظ، لكن دون رد، وحصلنا من مصادرنا على خطاب رسمي من القنصلية المصرية بالخرطوم يُخاطب وزارة التعليم العالي المصرية، بضرورة النظر في أمر الطلبة المصريين في كلية شرق السودان للعلوم الطبية والتكنولوجيا، نظرًا لتوقف الدراسة في هذه الجامعة، ورغبة عددًا منهم في التحويل إلى مصر، خوفًا من ضياع سنواتهم الدراسية السابقة.
في فيديو عبر الصفحة الرسمية للوزارة؛ أكد الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي، أن الوزارة على استعداد لفتح باب التحويلات للطلاب المصريين بالسودان للكليات المناظرة لهم في الجامعات الحكومية والخاصة بشرط أن ينطبق عليهم المقاييس القانونية للقبول وهي المجموع المحدد لكل كلية حسب السنة التي تخرج فيها الطالب من الثانوية العامة.
المتحدث الرسمي باسم وزارة التعليم العالي، الدكتور عادل عبدالغفار، قال في تصريحات ل مصراوي، إن وزير التعليم العالي السوداني الصادق المهدي، أكد خلال وجوده في القاهرة الشهر الماضي، أن 80% من الطلبة المصريين في السودان يدرسون داخل الجامعات الخاصة، وتم استئناف الدراسة في عدد كبير منها حتى الآن. وقال: "مفيش مشكلة دلوقتي.. الوضع الحالي بيقول إن الدراسة تم استئنافها وعلى الطلاب المصريين العودة".
"دُعاء"، التي تدرس داخل كلية اليرموك الطبية الخاصة في السودان، تؤكد أن الدراسة تم استئنافها بالفعل، لكن هناك عوائق أمام عودتها "الدفعة بتاعتنا كلها معتصمة عن الدراسة.. وفيه تهديدات واضحة بإن أي عودة للطلاب المصريين هيكون فيه خطر على حياتهم.. لأن السودانيين المتضامنين مع الثورة شايفين إن ده ممكن يؤثر على ثورتهم هناك".
لا يملك متحدث التعليم العالي أي تعليقات أخرى عن الأمر، مكتفياً بتصريحات وزير التعليم العالي السوداني بشأن تأكيده استئناف الدراسة هناك.
طرقت مدام بُثينة أبواب وزارة التعليم العالي فرد عليها أحد المسؤولين: "ابنك جايب كام في الثانوية؟ (87 %).. لأ لأ.. مش هينفع يتقبل هنا في نفس كليته اللى في السودان حتى لو في جامعة خاصة"، فتخاطبهم: "احنا مستعدين ندفع المصاريف بالدولار زى ما كنا بندفعها هناك"، فيجيبوهم: "مش هينفع.. روحي وزارة الخارجية".
تذهب والدة "مصطفى" صوب وزارة الخارجية فيقابلها المسؤول الثقافي بعد طول انتظار، يحفظ بياناتها فى ورقة، ثم يعدها بالنظر في الأمر، فيرد بعد أيام: "للأسف وزارة التعليم العالي هي اللي مختصة بالأمر"، تضرب "بثينة" كفًا على كف، لا تيأس، فترسل خطابات بعلم الوصول إلى رئاسة الجمهورية، يخاطبها بعد أيام أحد الأشخاص عبر الهاتف من رقم "خاص"، يؤكد لها أننا ندرس الأمر، يمر يناير، ثم فبراير، يليه مارس، فتعود إلى نفس الدائرة مرة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.