من مسافة بعيدة، حذرت السفينة الحربية الصينية المدمرة الأمريكية "ديكاتور" من الاقتراب أكثر في نفس الاتجاه الذي تسير فيه، لأنها تتحرك في "مسار خطير" في بحر الصين الجنوبي. ما حدث كان مفاجئًا، حيث سارعت السفينة الحربية الصينية إلى الأمام، واقتربت بشكل خطير من المدمرة الأمريكية، حتى بدت الأوضاع على وشك الاصطدام. هكذا وصف مسؤول في القوات البحرية الأمريكية، رفض ذكر اسمه لصحيفة "نيويورك تايمز"، ما حدث منذ شهرين مضيا في بحر الصين الجنوبي، من صدام وشيك للغاية، بين أكبر قوتين عالميتين في الوقت الحالي. السفينة الأمريكية "ديكاتور"، حذرت الصينية بصافرات إنذار، إلا أن الخصوم لم ينتبهوا، واستعدوا لإلقاء مصدات كبيرة ممتدة للصدمات من أجل حماية سفينتهم، في محاولة لإخراج المدمرة الأمريكية من المياه الإقليمية بالقوة. بحسب كبار مسؤولين في البحرية الأمريكية، تفادت "ديكاتور" السفينة الصينية، بعدما أخذت منعطفًا خطيرًا للغاية، ليبعدها بضع ياردات عن الخصم، ليتفادى دمار محتمل للسفينتين، ومقتل جميع أفراد الطاقمين. أكدت "نيويورك تايمز"، أن مواجهة الثلاثين من سبتمبر بين المدمرتين الأمريكيةوالصينية، تعد إشارة إلى ما يخشاه القادة في الولاياتالمتحدة، من مرحلة جديدة محفوفة بالمخاطر في المواجهات في الممر المائي المتنازع عليه. في هذا الصدد، قال برندان تايلور، الخبير في بحر الصين الجنوبي في الجامعة الوطنية الأسترالية: "إن واشنطنوبكين تلعبان لعبة الدجاجة، حول نقاط الضوء في آسيا"، مؤكدًا: "أنها مسألة وقت فقط قبل حدوث صدام"، مضيفًا أن هناك إمكانية كبيرة لتصعيد مثل تلك المواجهات إلى أزمات كبيرة. وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه من المتوقع أن يبذل جيمس ماتيس رئيس البنتاجون، ووزير الدفاع الصيني جهودًا كبيرة لتهدئة التوترات المتصاعدة والحد من مخاطر سوء التقدير في اجتماعاتهما اليوم. وأكدت أنه في الوقت ذاته، الخصومات التجارية بين الدولتين، خاصة عندما أعلن مايك بينس، الشهر الماضي، أن الولاياتالمتحدة ستتخذ موقفًا أكثر تشددًا تجاه الصين، سيجعل من اجتماعات وزيري دفاع الدولتين، غير مفيدة بشكل كبير، ولن يقلل من حدة التوتر بينهما. وأشارت "نيويورك تايمز"، إلى أنه على الرغم من المخاطر المحيطة بالجانبين، إلا أنه لا يبدو أنهما مستعدان للتراجع. فيما حذر قائد العمليات البحرية الأمريكية، الأدميرال جون م. ريتشاردسون، من أن الولاياتالمتحدةوالصين سوف يلتقيان ببعضهما البعض أكثر فأكثر في أعالي البحار، خلال الأيام المقبلة. على الجانب الآخر، تنشر الصين –بحسب نيويورك تايمز- المزيد من الطائرات والسفن لتحدي الهيمنة الأمريكية في المنطقة، ما يمكن أن يزيد من احتمالية تكرار مثل تلك المواجهات في بحر الصين الجنوبي. وتقول الولاياتالمتحدة إن هناك 18 حادثًا غير أمن في الجو وفي البحر بين سفن وطائرات صينية وأمريكية في منطقة المحيط الهادي العام الماضي، وهو زيادة طفيفة عن الاعوام السابقة. ويقول محللون إن عدم التوصل لاتفاق بين الصينوالولاياتالمتحدة بشأن قواعد اللعبة في بحر الصين الجنوبي يثير خطر وقوع كارثة مميتة. في عام 2001، أدى حادث تصادم بين طائرة مقاتلة صينية وطائرة تجسس أمريكية من طراز EP-3 فوق المياه قبالة جزيرة هاينان إلى مقتل طيار صيني وتوتر العلاقات لعدة أشهر. واتفقت الحكومتان في وقت لاحق على إنشاء خط ساخن بين جيشيهما للتعامل مع مثل هذه الحوادث ، لكن تلك القناة لم تكن فعالة بالكامل. في مايو الماضي، صرح رئيس القيادة الهندية والمحيط الهادئ للولايات المتحدة ، الأمير س. ديفيدسون ، للكونجرس بأن بكين تسيطر على بحر الصين الجنوبي "في جميع السيناريوهات القريبة من الحرب"، ما أدى إلى إعادة تقييم أولويات الاستراتيجية والإنفاق الخاصة بالبحرية. في عام 2017، كان لدى الصين 317 سفينة حربية وغواصات مقارنة ب 283 في البحرية الأمريكية، حتى مع وجود 60٪ من القوات البحرية في المحيط الهادئ، فإن القوة الكلية الأصغر تعني عددًا أقل من عمليات الانتشار حول محيط الصين. ويشير أحد توقعات وزارة الدفاع الأمريكية إلى أنه بحلول عام 2025، سيكون لدى القوات المسلحة الصينية 30 في المائة من الطائرات المقاتلة وأربع حاملات طائرات مقارنة بسلاحها الحالي. كما يتوقع أن يكون لدى الصينيين مدمرات أكثر صرامة موجهة للصواريخ وأنظمة حربية متقدمة تحت سطح البحر وصواريخ تفوق سرعة الصوت.