تصوير-جلال المسري: في اللحظات الأولى للشروق، يتحرك "عاطف دهب" من بيته بغرب سهيل النوبية، إلى جزيرة "بربر" وسط النيل، التي حولها خلال سنوات إلى قِبلة الأجانب وأبناء أسوان، لقضاء ساعات لا مثيل لها داخل المياه وفوق الجِمال وأحياناً أسفل الرمال. لم يكن أحد يقترب من الجزيرة قبل عام 2000، فقط "دهب" وعدد من ذويه لزيارة منازل العائلة التي عاشت يوما ما لأجيال متعاقبة في المكان، قبل أن تراوده فِكرة إحياء الجزيرة واستقبال الأجانب بها. منذ 18 عاما، اتخذ "دهب" خطوته الأولى، حضر إلى الجزيرة "وعملت كشك صغير بنقدم شاي للسياح" حينها كانت الحركة قليلة لكن الأمال كبيرة. يومًا بعد يوم بات أعداد الوافدين على الجزيرة في تزايد "ودا خلانا نعمل تطوير في الجزيرة، مكان للدفن تحت الرملة، ومنطقة للأكل، والجزء الخاص بنزول المايه لكن حافظنا على التراث والشكل النوبي" يذكرها دهب بفخر. هربًا من حرارة الشمس، وعدم إمكانية السَفر إلى الإسكندرية وغيرها من المدُن الساحلية، يلجأ أهالي أسوان إلى "بربر" لنزول المياه والتمتع بيوم عائلي بديع. الجزيرة متاحة للجميع طوال ساعات اليوم، لكن "دهب" يرى أن الوقت الأفضل هو الحضور في السابعة صباحاً أو بعد غروب الشمس. لنحو 74 ساعة متواصلة، يعيش "دهب" بصورة كاملة داخل الجزيرة، لا يغادرها إلا بحضور أحد أقاربه ليعود إلى منزله بغرب سهيل. كانت الأجواء مثالية قبل ثورة 25 يناير، صارت الجزيرة مزدحمة بالأجانب والمصريين "كنت بقعد قصاد النيل، وأعد عشرات المراكب اللي جاية عندنا" لكن ذلك تغير بحلول الثورة. في السنوات الأخيرة، عادت الحياة رويداً إلى الجزيرة، لكن "دهب" يتمنى انتعاش السياحة من جديد بعد سنوات العجاف. حينما يُسأل "دهب" عن أكثر ما يميز المكان، يرد بابتسامة "احساس الناس بالأمان، ممكن يجيلي ناس بليل وميبقوش قلقانين من حاجة، ولو ضاع منهم فلوس أو غيره لو جيه بعد كام سنة هيلاقيهم".