ماكرون: نمضي قدما نحو سلام راسخ ودائم في أوكرانيا    طقس الثلاثاء.. استمرار تأثير المنخفض الجوي وأمطار متفاوتة الشدة    حالة الطقس ودرجات الحرارة اليوم الثلاثاء في مصر    جمارك مطار أسيوط تضبط تهريب كمية من مستحضرات التجميل    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    وزير قطاع الأعمال العام: عودة منتجات «النصر للسيارات» للميني باص المصري بنسبة مكون محلي 70%    بعد حادث حاويات قطار طوخ، مواعيد قطارات «القاهرة – الإسكندرية» اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر 2025    بتكلفة 2.5 مليون جنيه.. إنشاء أكبر شلتر للكلاب الضالة بمدينة 15 مايو    رغم التأكيد أنه لن يغادر بلاده، دولة تعلن استعدادها لمنح اللجوء السياسي للرئيس الفنزويلي    قاتل النساء الصامت.. RSV الخطر الذي يهدد حياة الرضع    وزير التموين: أسعار أسواق اليوم الواحد أرخص 30%.. وكرتونة البيض تراجعت ل 110 جنيهات    حورية فرغلي: لسه بعاني من سحر أسود وبتكلم مع ربنا كتير    جلال برجس: الرواية أقوى من الخطاب المباشر وتصل حيث تعجز السياسة    حورية فرغلي: بقضي وقتي مع الحيوانات ومبقتش بثق في حد    وكيل صحة الغربية يعلن افتتاح وحدة التصلب المتعدد والسكتة الدماغية بمستشفى طنطا العام    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 16 ديسمبر    لإجراء الصيانة.. انقطاع التيار الكهربائي عن 21 قرية في كفر الشيخ    أيامى فى المدينة الجامعية: عن الاغتراب وشبح الخوف!    انهيار ضريح وظهور رفات الجثامين يثير موجة غضب في المنوفية    وفاة شخص وإصابة شقيقه في مشاجرة بالغربية    مباراة ال 8 أهداف.. بورنموث يفرض تعادلا مثيرا على مانشستر يونايتد    لقاح الإنفلونزا.. درع الوقاية للفئات الأكثر عرضة لمضاعفات الشتاء    إنقاذ قلب مريض بدسوق العام.. تركيب دعامتين دوائيتين ينهي معاناة 67 عامًا من ضيق الشرايين    العربية لحقوق الإنسان والمفوضية تدشنان حوارا إقليميا لإنشاء شبكة خبراء عرب    ثماني دول أوروبية تناقش تعزيز الدفاعات على الحدود مع روسيا    لوكاشينكو يؤكد أن أبواب بيلاروس مفتوحة أمام مادورو    «المؤشر العالمي للفتوى» يناقش دور الإفتاء في مواجهة السيولة الأخلاقية وتعزيز الأمن الفكري    5 أعشاب تخلصك من احتباس السوائل بالجسم    كأس العرب، حارس مرمى منتخب الأردن بعد إقصاء السعودية لسالم الدوسري: التواضع مطلوب    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    مصرع طفلين وإصابة 4 أشخاص على الأقل فى انفجار بمبنى سكنى فى فرنسا    شيخ الأزهر يهنئ ملك البحرين باليوم الوطني ال54 ويشيد بنموذجها في التعايش والحوار    فتش عن الإمارات .. حملة لليمينيين تهاجم رئيس وزراء كندا لرفضه تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية    منذر رياحنة يوقّع ختام «كرامة» ببصمته... قيادة تحكيمية أعادت الاعتبار للسينما الإنسانية    الكونغو: سجن زعيم المتمردين السابق لومبالا 30 عامًا لارتكابه فظائع    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    تحطم زجاج سيارة ملاكي إثر انهيار شرفة عقار في الإسكندرية    نهائي كأس العرب 2025.. موعد مباراة المغرب ضد الأردن والقنوات الناقلة    منتدى «السياحة والآثار» وTripAdvisor يناقشان اتجاهات السياحة العالمية ويبرزان تنوّع التجربة السياحية المصرية    في جولة ليلية.. محافظ الغربية يتفقد رصف شارع سيدي محمد ومشروعات الصرف بسمنود    محافظ الجيزة يتابع تنفيذ تعديلات مرورية بشارع العروبة بالطالبية لتيسير الحركة المرورية    العمل: طفرة في طلب العمالة المصرية بالخارج وإجراءات حماية من الشركات الوهمية    الثلاثاء إعادة 55 دائرة فى «ثانية نواب» |139 مقرًا انتخابيًا بالسفارات فى 117 دولة.. وتصويت الداخل غدًا    حضور ثقافي وفني بارز في عزاء الناشر محمد هاشم بمسجد عمر مكرم    غزل المحلة يطلب ضم ناصر منسى من الزمالك فى يناير    السعودية تودع كأس العرب دون الحفاظ على شباك نظيفة    حسام البدرى: من الوارد تواجد أفشة مع أهلى طرابلس.. والعميد يحظى بدعم كبير    الأهلى يوافق على عرض إشتوريل برايا البرتغالى لضم محمد هيثم    الأمر سيصعب على برشلونة؟ مدرب جوادلاخارا: عشب ملعبنا ليس الأفضل    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    الإدارية العليا ترفض الطعون المقدمة في بطلان الدوائر الانتخابية في قنا    اللمسة «الخبيثة» | «لا للتحرش.. بيئة مدرسية آمنة» حملات توعية بالإسكندرية    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟ الأزهر للفتوي يوضح    وزير التعليم: تطوير شامل للمناهج من رياض الأطفال حتى الصف الثاني الثانوي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أناكاتو: هذا بيتى وفندقى فى غرب سهيل
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 01 - 2010

«ناس غريبة تيجى تعيش فى القرية؟ الناس تاكل وشى»، هكذا كان رد يحيى طاهر فى بداية الأمر على الاقتراح بإنشاء فندق للسياح على قطعة أرض يملكها على أطراف قريته النوبية. ثم بدأ طاهر يتحمس للفكرة ولكنه اشترط أن يبقى مالكا للأرض، فامتلاك غير النوبى لأرض داخل النوبة أمر شديد الحساسية.
«تقاليد النوبة ترحب بالضيوف لكن تمنع حد غريب يعيش وسطنا وممنوع حد غريب يملك أرض فى القرية». والقرية هى «غرب سهيل» بأسوان.
شريط ضيق يمتد لمسافة 5 كم على الشاطئ الغربى للنيل. اسمها اكتسبته من موقعها المواجه لجزيرة سهيل، التى استخدمها قدماء المصريين لاستخراج الجرانيت. تبعد «غرب سهيل» نحو 10 دقائق مشيا عن شاطئ بربر، حيث دير الأنبا هيدرا وضريح الأغاخان إمام الطائفة الإسماعيلية الشيعية.
ويحيى طاهر عاد إلى مسقط رأسه بعد 10 سنوات قضاها فى إسبانيا، معلما للرقص والموسيقى النوبية فى فرقة باليه مدريد. هناك، صمم استعراض باليه عن الرواية الكلاسيكية الإسبانية الأشهر «دون كيشوتى» على خلفية موسيقية نوبية راقصة، ودار مع الفرقة ليعرض فنه فى أوروبا والأمريكتين وأرجاء العالم.
«بعد ما رجعت اشتغلت فى السياحة»، فطاهر يدير شركة تتخصص فى جلب سياح إسبان إلى مصر.
«من حوالى 15 سنة، أصبحت السياحة هى الشغل الرئيسى لأهل القرية»، القرية التى عانى أهلها الأوائل من التهجير أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات بعد بناء السد العالى، وفقدوا أراضيهم الزراعية وفقدوا تدريجيا الاهتمام بالصيد.
أدرك أهل القرية، مثل غيرهم فى قرى النوبة، أن حياتهم التقليدية وأزياءهم مثيرة للسياح، فحولوا حياتهم اليومية إلى مصدر للدخل. والفكرة تقوم على تجهيز البيوت لتصبح مزارات سياحية. يستضيف أهل القرية السياح من حول العالم، ويصحبونهم فى جولة داخل البيوت النوبية ليشاهدوا طرازها المعمارى، والأزياء التقليدية وأسلوب الحياة.
البعض يستضيف أيضا فى صحن بيته حفلات للموسيقى النوبية، يشاهد فيها السياح نساء النوبة وهم يخبزون العيش الشمسى ويطهون الأكلات التقليدية. ولا يكاد بيت من بيوت القرية يخلو من بازار للتحف النوبية مثل الخناجر ذات المقابض المصنوعة من عظام الجمل، والشيلان البيضاء النوبية الشهيرة، والطواقى الملونة. لا يفوت بعض سكان القرية أن يربى خارج منزله كلبا أو قطة، فالحيوانات الأليفة تدفع بعض السياح لدفع «تبرعات».
رغم كرم الضيافة النوبى، السائح يقضى جولته ثم يرحل. لذلك استجاب طاهر لفكرة الفندق.
«اناكاتو»، بتشديد النون، والذى يعنى بالنوبية «هذا بيتى»، وتكلف إنشاؤه ما يقارب 5 ملايين جنيه، طبقا لطاهر.
لكن النشاط الاقتصادى الجديد لم يمر دون مشكلات، «فوجئت بأن فيه حكم غيابى ضدى بالحبس سنة مع الشغل»، بتهمة البناء بدون ترخيص.
يتحدث طاهر بغضب شديد عن تعنت الحكومة التى تمتنع عن استخراج أوراق تثبت ملكية أهل النوبة لأراضيهم، ثم تتعسف ضدهم فى استخدام القانون، على حد قوله. «مافيش حاجة فى النوبة اسمها ترخيص بناء، إحنا من آلاف السنين بنبنى بيوتنا بالفطرة من غير تصميم هندسى ولا تصاريح ولا أى حاجة ليها علاقة بالبيروقراطية بتاعة القاهرة».
وفى الاستئناف حصل طاهر على البراءة، لكن لم يكن «التعنت الحكومى» هو العائق الوحيد أمام المشروع. «طبعا كان فيه رفض شديد من الأهالى»، والحديث لإبراهيم عابدين، مدير الفندق. يتفهم عابدين أسباب غضب الأهالى من إنشاء فندق على أرض النوبة، فهو نفسه نوبى من سكان غرب سهيل. «أكيد فيه خوف من الثقافة الوافدة الجديدة وأثرها على الناس»، لكن إبراهيم يؤكد أن هذا الرفض قد بدا يتلاشى رويدا رويدا، «فكل العاملين فى الفندق من أهل القرية، من أول الغفير لحد المدير».
يقول عابدين إن أحد الأسباب الرئيسية التى جعلت الناس تتقبل وجود الفندق هو مراعاته للطابع الثقافى للمنطقة، فكلمة الفندق قد تثير فى الذهن صورا لمبان أسمنتية ضخمة وحمامات سباحة وملاهى راقصة.
لكن «أناكاتو» بيت مبنى من دورين على الطراز النوبى التقليدى ويحوى 11 غرفة تسع 28 زائرا.
وكل الخدمات اللى بنقدمها بيئية»، طبقا لعابدين. العلاج بالدفن فى الرمال أو الطين، وركوب الخيل ورحلات السفارى فى الظهير الصحراوى للقرية.
ولا يقدم الفندق الخمور، وإن كان يسمح للسياح بإحضارها معهم إن شاءوا.
أهالى قرية غرب سهيل قد عبروا عن غضبهم العارم مرارا فى وسائل الإعلام المختلفة ضد الاستثمار الفندقى على أرضهم، حين سمعوا عن محاولة شركة «إعمار» للاستثمار العقارى بناء منتجع سياحى ضخم يسمى «بورتو أسوان» على غرار «بورتو مارينا» و«بورتو السخنة». إلا أن نجاح «أناكاتو» يثبت أن الاستثمار فى أرض النوبة ليس مستحيلا طالما راعى المستثمر خصوصية المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.