«راوية» الأم المثالية    وزيرة التنمية المحلية: حريصون على تحسين كفاءة الإنفاق    الصليب الأحمر يعلن تعرض أحد مكاتبه في غزة للقصف    مدرب الزمالك يكلف معاونيه بتجهيز تقرير عن سيراميكا كليوباترا    رامي عياش: مصر أنقذت مسيرتي الفنية.. كنت بغرق ووقفت جنبي    المخرج أحمد خالد أمين : نقدم ملحمة والصراع فى المسلسل يختلف عن «أفراح إبليس»    وزارة الخارجية تُفعِّل خدمة استلام وتسليم التصديقات عبر مكاتب البريد    رسميا.. اتحاد الكرة يخطر اللجنة الأولمبية بصحة موقفه فى أزمة مباراة القمة    وفاة محامي إثر سقوطه من قطار بمحطة المنيا    الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الثلاثاء 25 مارس 2025.. ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة    مفوض التجارة الأوروبي يصل واشنطن لبحث تفادي اشتعال حرب تجارية    سفير سيراليون بالقاهرة يزور معسكر الفريق قبل مواجهة الفراعنة.. صور    موعد عرض الحلقة التاسعة من مسلسل "الغاوي" على ON    محافظ المنيا خلال حفل تكريم الأمهات المثاليات: الأم أيقونة العطاء ودورها عظيم    تكبيرات عيد الفطر 2025 وعدد ركعات صلاة العيد وكيفية أدائها    شيخ الأزهر يوضح شروط الدعاء المستجاب    دعاء الإفطار.. اللهمَّ لكَ صمتُ وعلى رِزْقِكَ أفطرتُ    اليوم العالمى للسل 2025.. 10 حقائق عن المرض الأكثر فتكا في العالم    أسهل طريقة لعمل الغريبة في المنزل وبأقل التكاليف    ننشر رابط تحميل التقييمات الأسبوعية للصف الرابع الابتدائي    البابا تواضروس الثاني يزور مشيخة الأزهر لتهنئة الإمام الأكبر بعيد الفطر    الصفدى: الجهود الأردنية من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة لم تنقطع    "الصحة": 4 آلاف ندوة بالمحافظات للكشف والعلاج والتوعية بصحة الفم والاسنان    لليوم الرابع والعشرين.. «البترول» تواصل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر فبراير    28 مارس.. برنامج فني حافل باليوم العالمي للمسرح في المغرب    إياد نصار يكشف سر اسم مسلسل "ظلم المصطبة"    موعد مباراة منتخب مصر ضد سيراليون في تصفيات كأس العالم والقنوات الناقلة    سيف الدرع: الانضمام إلى برشلونة كان حلم بالنسبة لي.. ولم أعد اللاعب الصغير    الفيلم الوثائقي "الثلاثة الكبار" يعكس مكانة هانيا الحمامي وأندية وادى دجلة كرواد للاسكواش العالمي    غدًا .. «بيت الزكاة والصدقات» يقرر صرف 500 جنيه إضافية لمستحقي الدعم النقدي بمناسبة عيد الفطر المبارك    محافظ الغربية يوزع ملابس العيد على 100 طالب من ذوي الهمم ويشاركهم يوما ترفيهيا    موعد أذان المغرب اليوم الإثنين 24 مارس 2025 في الأقصر    جهاز مستقبل مصر يشتري حصة إضافية في أجواء للصناعات الغذائية بقيمة 21 مليون جنيه    تعليم بورسعيد وحزب حماة الوطن يكرمان الفائزين بمسابقة القرآن الكريم    الشرق الأوسط.. نار فوق الرماد    رغم محاولات الإساءة إليها واستغلالها.. حفلات الإفطار الجماعى صورة مصرية أصيلة    على المصيلحى بعد رحلة علاج السرطان: محبة الأهالى والعزيمة سبب تخطى المحنة    بني سويف تستجيب لشكاوى المواطنين ضمن مبادرة «صوتك مسموع»    المنطقة الغربية العسكرية تنظم لقاء وحفل إفطار لعدد من شيوخ وعواقل مطروح    شاهد مصنع كولواي الإسباني لتوطين إنتاج المكونات الداخلية للقطارات ببنى سويف    مدبولي يستعرض جهود صندوق مصر السيادي في تعظيم العائد من أصول الدولة    الخارجية الصينية: لا صحة لأنباء عن مشاركة بكين في مهمة حفظ السلام بأوكرانيا    إصابة 3 عاملات في حادث انقلاب تروسيكل ب«صحراوي المنيا»    أسماء ضحايا تصادم «تريلا» وسيارة ملاكي بالطريق الصحراوي الغربي بقنا (صور)    أسعار البلح السيوى اليوم الإثنين 24- 3-2025 فى أسواق محافظة مطروح    وزير العمل يُعلن عن فرص عمل لأفراد أمن في شركة حراسة بدولة خليجية .. اعرف التفاصيل    الاحتلال يعتقل 30 فلسطينيًا على الأقل من الضفة الغربية    وكيل صحة القليوبية يتفقد مستشفى شبين القناطر ويستمع إلى المرضى    سنة أولى أمومة.. أفضل وأسوأ المشروبات لصغيرك    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 17 مليون جنيه خلال 24 ساعة    مد مهلة تخفيض 50% من رسوم التنازل عن الوحدات والأراضي بالمدن الجديدة    السيسي يستقبل السفراء الجدد ويؤكد حرص مصر على التواصل وتعزيز العلاقات الثنائية    ضبط عملات أجنبية بالسوق السوداء بقيمة 17 مليون جنيه    محمود ناجي حكما لمواجهة الأهلي ضد طلائع الجيش في كأس عاصمة مصر    مواعيد مباريات اليوم في تصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم والقنوات الناقلة    مصدر يكشف : الزمالك ينتظر رد زيزو على العرض التاريخى    درجات الحرارة اليوم الإثنين في مصر    بعد 24 عامًا من الزواج.. الفنان أحمد العيسوي يرد على شائعة انفصاله عن إيناس عز الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أناكاتو: هذا بيتى وفندقى فى غرب سهيل
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 01 - 2010

«ناس غريبة تيجى تعيش فى القرية؟ الناس تاكل وشى»، هكذا كان رد يحيى طاهر فى بداية الأمر على الاقتراح بإنشاء فندق للسياح على قطعة أرض يملكها على أطراف قريته النوبية. ثم بدأ طاهر يتحمس للفكرة ولكنه اشترط أن يبقى مالكا للأرض، فامتلاك غير النوبى لأرض داخل النوبة أمر شديد الحساسية.
«تقاليد النوبة ترحب بالضيوف لكن تمنع حد غريب يعيش وسطنا وممنوع حد غريب يملك أرض فى القرية». والقرية هى «غرب سهيل» بأسوان.
شريط ضيق يمتد لمسافة 5 كم على الشاطئ الغربى للنيل. اسمها اكتسبته من موقعها المواجه لجزيرة سهيل، التى استخدمها قدماء المصريين لاستخراج الجرانيت. تبعد «غرب سهيل» نحو 10 دقائق مشيا عن شاطئ بربر، حيث دير الأنبا هيدرا وضريح الأغاخان إمام الطائفة الإسماعيلية الشيعية.
ويحيى طاهر عاد إلى مسقط رأسه بعد 10 سنوات قضاها فى إسبانيا، معلما للرقص والموسيقى النوبية فى فرقة باليه مدريد. هناك، صمم استعراض باليه عن الرواية الكلاسيكية الإسبانية الأشهر «دون كيشوتى» على خلفية موسيقية نوبية راقصة، ودار مع الفرقة ليعرض فنه فى أوروبا والأمريكتين وأرجاء العالم.
«بعد ما رجعت اشتغلت فى السياحة»، فطاهر يدير شركة تتخصص فى جلب سياح إسبان إلى مصر.
«من حوالى 15 سنة، أصبحت السياحة هى الشغل الرئيسى لأهل القرية»، القرية التى عانى أهلها الأوائل من التهجير أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات بعد بناء السد العالى، وفقدوا أراضيهم الزراعية وفقدوا تدريجيا الاهتمام بالصيد.
أدرك أهل القرية، مثل غيرهم فى قرى النوبة، أن حياتهم التقليدية وأزياءهم مثيرة للسياح، فحولوا حياتهم اليومية إلى مصدر للدخل. والفكرة تقوم على تجهيز البيوت لتصبح مزارات سياحية. يستضيف أهل القرية السياح من حول العالم، ويصحبونهم فى جولة داخل البيوت النوبية ليشاهدوا طرازها المعمارى، والأزياء التقليدية وأسلوب الحياة.
البعض يستضيف أيضا فى صحن بيته حفلات للموسيقى النوبية، يشاهد فيها السياح نساء النوبة وهم يخبزون العيش الشمسى ويطهون الأكلات التقليدية. ولا يكاد بيت من بيوت القرية يخلو من بازار للتحف النوبية مثل الخناجر ذات المقابض المصنوعة من عظام الجمل، والشيلان البيضاء النوبية الشهيرة، والطواقى الملونة. لا يفوت بعض سكان القرية أن يربى خارج منزله كلبا أو قطة، فالحيوانات الأليفة تدفع بعض السياح لدفع «تبرعات».
رغم كرم الضيافة النوبى، السائح يقضى جولته ثم يرحل. لذلك استجاب طاهر لفكرة الفندق.
«اناكاتو»، بتشديد النون، والذى يعنى بالنوبية «هذا بيتى»، وتكلف إنشاؤه ما يقارب 5 ملايين جنيه، طبقا لطاهر.
لكن النشاط الاقتصادى الجديد لم يمر دون مشكلات، «فوجئت بأن فيه حكم غيابى ضدى بالحبس سنة مع الشغل»، بتهمة البناء بدون ترخيص.
يتحدث طاهر بغضب شديد عن تعنت الحكومة التى تمتنع عن استخراج أوراق تثبت ملكية أهل النوبة لأراضيهم، ثم تتعسف ضدهم فى استخدام القانون، على حد قوله. «مافيش حاجة فى النوبة اسمها ترخيص بناء، إحنا من آلاف السنين بنبنى بيوتنا بالفطرة من غير تصميم هندسى ولا تصاريح ولا أى حاجة ليها علاقة بالبيروقراطية بتاعة القاهرة».
وفى الاستئناف حصل طاهر على البراءة، لكن لم يكن «التعنت الحكومى» هو العائق الوحيد أمام المشروع. «طبعا كان فيه رفض شديد من الأهالى»، والحديث لإبراهيم عابدين، مدير الفندق. يتفهم عابدين أسباب غضب الأهالى من إنشاء فندق على أرض النوبة، فهو نفسه نوبى من سكان غرب سهيل. «أكيد فيه خوف من الثقافة الوافدة الجديدة وأثرها على الناس»، لكن إبراهيم يؤكد أن هذا الرفض قد بدا يتلاشى رويدا رويدا، «فكل العاملين فى الفندق من أهل القرية، من أول الغفير لحد المدير».
يقول عابدين إن أحد الأسباب الرئيسية التى جعلت الناس تتقبل وجود الفندق هو مراعاته للطابع الثقافى للمنطقة، فكلمة الفندق قد تثير فى الذهن صورا لمبان أسمنتية ضخمة وحمامات سباحة وملاهى راقصة.
لكن «أناكاتو» بيت مبنى من دورين على الطراز النوبى التقليدى ويحوى 11 غرفة تسع 28 زائرا.
وكل الخدمات اللى بنقدمها بيئية»، طبقا لعابدين. العلاج بالدفن فى الرمال أو الطين، وركوب الخيل ورحلات السفارى فى الظهير الصحراوى للقرية.
ولا يقدم الفندق الخمور، وإن كان يسمح للسياح بإحضارها معهم إن شاءوا.
أهالى قرية غرب سهيل قد عبروا عن غضبهم العارم مرارا فى وسائل الإعلام المختلفة ضد الاستثمار الفندقى على أرضهم، حين سمعوا عن محاولة شركة «إعمار» للاستثمار العقارى بناء منتجع سياحى ضخم يسمى «بورتو أسوان» على غرار «بورتو مارينا» و«بورتو السخنة». إلا أن نجاح «أناكاتو» يثبت أن الاستثمار فى أرض النوبة ليس مستحيلا طالما راعى المستثمر خصوصية المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.