أثار تصريح الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، بشأن ارتفاع مرتبات المعلمين، حفيظة عدد كبير منهم، مستنكرين عدم اطلاعه على التقرير الأخير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2017، والذي يؤكد أن رواتب المعلمين هي الأقل بين موظفي الدولة. وخلال الجلسة العامة بالنواب، بتاريخ 16 أبريل الجاري؛ لمناقشة مشروع قانون تعديل السلك الدبلوماسي والقنصلي، الصادر برقم 45 لسنة 1982، الذي سيجري تطبيقه بأثر رجعي من منتصف يونيو 2015 فيما يتعلق ببند المرتبات، طالب النائب هيثم الحريري بزيادة مرتبات المدرسين، مشيرًا إلى أن المعلم الذي مضى على خدمته 28 عامًا، ويكفل أسرة يتقاضى راتبًا قدره 2500 جنيه فقط. وعلق عبدالعال، على اعتراض الحريري قائلًا: "مرتبات المدرسين أعلى من كده بكتير ومن أفضل المرتبات، وموازنة الدولة بها أكبر قدر من أجور الموظفين الذين حدثت لهم زيادات في السنوات الأخيرة لم تحدث في تاريخ مصر، بعد تطبيق قانون الخدمة المدنية". ويقول يحيى المنشاوي، أحد المعلمين على درجة "معلم أول أ"، وتفصله أيام قليلة عن الحصول على درجة "معلم خبير"، إنه يعمل بالتربية والتعليم منذ عام 1991، أي منذ 27 عامًا، ولم يتجاوز راتبه 2200 جنيه شهريًا، مضيفًا أنه اضطر لامتهان مهنة أخرى بجانب التدريس للوفاء بحاجة أسرته المكونة من زوجة و7 أبناء. ويضيف المنشاوي، لمصراوي، أن المعلمين بالكاد يصل راتبهم ل3 آلاف جنيه، تزامنًا مع سن التقاعد، وبعدها يحصلون على معاش ضئيل، لا يتناسب مع الأمراض التي تصيبهم من المهنة: "مفيش مدرس بيطلع معاش مش عنده الغضروف والضغط والسكر من التدريس، والمعاش اللي مش بيكمل 1000 جنيه هيعمل إيه في الأمراض دي؟ بعضهم بيشتغل على توك توك بعد المعاش". ويوضح المنشاوي، أن الفئة الوحيدة التي أوصى الدستور باحترامها ورعايتها ماديًا وأدبيًا هي فئة المعلمين، وأقسم جميع المسؤولون على احترام الدستور والقانون، ومع ذلك فإن المعلمين هم أكثر فئة مهانة. ويلفت المعلم إلى أن معظم الجداول التي تعلنها الحكومة بشأن مرتبات المعلمين لا تتفق والواقع، لأنه يعرضونها قبل الاستقطاعات من المرتبات، وأحيانًا يضيفون عليها مكافأة الامتحانات: "أنا ليا بالمرتب اللي باخده في إيدي وبصرفه على ولادي، إنما هما بيعلنوه قبل الاستقطاعات، وبرضو مرتبات هزيلة". واستنكر المنشاوي نية الوزير لتطبيق نظام تعليمي جديد قبل الارتقاء بأوضاع المعلمين: "الوزير قعد يقول هبحث تحسين أوضاع المعلمين، وماعملش حاجة، وأول مافكر يعمل تابلت لطلاب الثانوي بتكلفة 3 مليارات جنيه عرف يجيب الميزانية في ثانية، مع إن تحسين حال المعلم بداية مشوار الإصلاح". وتتابع ياسمين نبيه، إحدى المعلمات المعينات بمسابقة ال30 ألف وظيفة منذ عام 2015، أن راتبها بدأ ب1040 جنيهًا، وعقدها يعتبر من العقود المميزة، إذ يتقاضى بعض المعلمين العاملين معها بنفس المدرسة، والمعينين قبلها بسنوات 850 جنيهًا. وتضيف ياسمين، لمصراوي، أنه بعد ارتفاع الأسعار، حصل الموظفون على علاوة 10%، وعلاوة غلاء، فتحسن راتبها ليصل إلى 1298 جنيهًا، ولكن هذا المبلغ أيضًا غير كاف. ولفتت إلى أن مكافآت وحوافز المعلمين تحتسب على أساسي عام 2014، في حين أن الخصومات تحتسب على أساسي عام 2017: "يعني أساسي مرتبي أول ما اشتغلت كان 260 جنيهًا، وبعد التعيين بقى 460، فلو خدت يومين مكافآة باخدهم على الأساسي القديم اللي هو 260 جنيه، ولو خدت يومين خصم بيتخصموا على أساس ال460 جنيه". وقالت ياسمين، إن الحكومة تعتمد على إعطاء بعض المدرسين دروس خصوصية، وكذلك على مكافآت الامتحانات التي يتقاضاه المعلمون بواقع 200 يوم كل عام: "على فكرة مش كل المدرسين بيدوا دروس خصوصية، وإزاي الحكومة بتعتمد عليها في تحديد رواتب المعلمين وهي عايزة تلغيها، وأنا باخد 1500 جنيه مكافأة امتحانات هل ده يعتبر مبلغ يعتمد عليه؟". واستنكرت ياسمين، وهي معلمة بمرحلة رياض الأطفال، التطوير الذي يسعى الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم لإحداثه بدءًا من هذه المرحلة: "الوزير عايز يطور التعليم بدءًا من رياض الأطفال، وبيقول هيدرب المعلمين وهيعمل مناهج جديدة، هيبقى لينا نفس إزاي نواكب التغيير ده واحنا مرتباتنا بالشكل ده؟". وأعلنت نقابة المهن التعليمية، أسفها الشديد من تصريح رئيس مجلس النواب، مشيرة إلى أن أكثر من 400 ألف معلم تقل رواتبهم عن 1500 جنيه. وطالبت النقابة في بيان لها، من رئيس مجلس النواب، أن يعيد الأمور إلى نصابها بما يليق بمكانة رئيس المجلس الذي يعبر عن مشاكل وهموم الشعب بما فيهم المعلمين، ويقوم بتصحيح هذا التصريح، حتى يندفع المعلمون إلى أحضان المعارضة. ولفت إبراهيم شاهين، وكيل النقابة، إلى أن مرتبات المعلمين تبدأ من 1100 جنيه عند بداية التعيين، ونتهي ب3500 جنيه، بعد مرور 38 عامًا من الخدمة، مؤكدًا أن تصريح رئيس مجلس النواب "مأساة"، وهناك عتاب شديد على معلمي أسوان الذين انتخبوا الدكتور علي عبدالعال ليمثلهم بمجلس النواب، دون اطلاعه على مشكلات المعلمين. وأضاف شاهين – في تصريح لمصراوي- أنه على الرغم من نص قانون 155 الخاص بكادر المعلمين، على أن المعلمين يستحقون أي زيادات تطبق على موظفي الدولة، إلا أن المعلمين لم يحصلوا على هذه الزيادات، وأبرزها حافز الإثابة الذي يصرفه كل موظفي الدولة بنسبة 200%، ولكن المعلمين لا يصرفونه. وكان الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، قال إنه يبحث تحويل بعض الموارد لصالح رواتب المعلمين، إلا أنه لا يمكن إصلاح الأوضاع المتردية منذ 50 عامًا، بضغطة زر، مشيرًا إلى أن الإصلاح يأتي تدريجيًا. جدير بالذكر أن المعلمين يخضعون لكادر خاص ينظمه القانون رقم 155 لسنة 2007 المعدل بالقانون رقم 93 لسنة 2012، وبالتالي لا يشملهم قانون الخدمة المدنية.
