مياه الأمطار تخفي إطارات السيارات المتراصة أمام الفيلات والبنايات الإدارية في القاهرة الجديدة، وتمتد إلى مداخل العقارات، بينما جراجات السيارات تحولت إلى خزانات مياه بسبب الأمطار التي تساقطت بغزارة مساء أمس "الثلاثاء". وتواصلت على مدار ساعات متقطعة من اليوم الأمطار في السقوط، وعجزت شبكة الصرف الصحي على ابتلاع مياه الأمطار التي أغرق طرق المدينة الممتد بطول 1150 كليومترًا. وكان المهندس مصطفي فهمي، رئيس جهاز مدنية القاهرة الجديدة، أكد في تصريحات ل"مصراوي"، أن العمل جاري منذ أمس في جميع شوارع المدنية لرفع المياه التي تجمعت بسبب الأمطار. "مصراوي" تجول في شوارع القاهرة الجديدة لرصد أثار ما بعد سقوط الأمطار، وكانت البداية من منطقة التجمع الخامس، وتحديدًا شارع التسعين الشارع الأكبر، والأشهر بالمدينة التي تنتمي إلى الجيل الثالث، والمصنفة بالأحدث في المدن المصرية. أمام أحد الفيلات المطلة على شارع التسعين، شرع سليمان نصر (بواب فيلا) برفقة زوجته في دفع المياه التي تراكمت فى مدخلها. ويقول سليمان، إن المياه وصلت إلى الغرقة التي يقيم فيها مع زوجته وابنه بسبب عدم تصريف المياه: "البلاعة مسدودة بالتراب" وبمجرد توقف الأمطار، يبدأ هو مباشرة في دفع المياه من أمام البوابة باستخدام (المقشات) خوفًا من تساقط الأمطار مرة أخرى، وتزايد تراكمها، مما يؤدي إلى دخولها مجددًا الغرفة التي يقيم بها. ويحاول محمد شعبان، تدوير محرك سيارته الملاكي لاستكمال رحلته، بعد توقفها بسبب مياه الأمطار، فيقبل عليه أحد عمال العقارات محاولات مساعدته، والذي يخبر العامل بأن المياه وصلت إلى "مارش" السيارة: "العربية مش هتدور إلا لما المارش ينشف الأول". ويحاول شعبان، برفقة العامل ركن السيارة بعيدًا عن منتصف الطريق، لكنه يفشل في إبعادها عن مياه الأمطار ليضطر في النهاية إلىالاتصال ب"ونش" لرفع السيارة، ونقلها إلى منزله. ويبرر رئيس جهاز مدنية القاهرة الجديدة، تجمع المياه في شوارع منطقة التجمع الخامس بصفة خاصة، وجميع أحياء المدنية بأن القاهرة الجديدة أنشأت فوق طبيعة جغرافية غير مستوية وبها مناطق مرتفعة وأخرى منخفضة، مشيرًا إلى أن الأخيرة كانت السبب في تجمع برك المياه. وأكد رئيس الجهاز، أن شبكات الصرف الصحي بالمدنية، كانت السبب في التخلص من كمية كبيرة من مياه الأمطار، رافضًا التعليق على وجود مشكلة في البلاعات الخاصة بصرف مياه الأمطار، معتبرًا أن السبب الرئيسي هو أن مدنية القاهرة الجديدة "مختلفة المناسيب". ويرى المهندس عادل الكاشف، رئيس جمعية الطرق، أنه لا يوجد ما يسمى ب"مدينة مختلفة المناسيب"، فهناك دول مثل لبنان وسويسرا وأوروبا لديهم طبيعة جغرافية معينة والطرق لديهم غير متساوية "طالعة ونازلة" والأمطار تسقط بها طوال العام، ورغم ذلك بعد انتهاء الأمطار بنصف ساعة تكون الشوارع والطرق خالية تمامًا من المياه، مرجعًا ذلك إلى إنشاءها بمعايير هندسية دقيقة. وبينما حسام مسعود، أحد سكان حي النرجس بالقاهرة الجديدة، يؤكد أن وجود مشكلة في بلاعات الأمطار هي السبب في تراكم مياه الأمطار، حيث يوجد بالشارع 3 بلاعات تمكن عمال الحي من إصلاح واحدة منهم أمس، ولا تزال المياه متراكمة فوق البلاعتين الأخرتين. والقاهرة الجديدة مدينة لم يتجاوز عمرها 18 عاماً، وتصنف بأنها أحد أرقى المدن المصرية وذات بنية تحتية قوية. ويرجع المهندس عادل الكاشف رئيس جمعية الطرق، غرق المدنية إلى عدم وجود شبكة لتصريف الأمطار مطابقة للمعايير الهندسية، واصفًا الأمر ب "كارثة في حد ذاتها"، مشيراً إلى أن معظم المدن الجديدة مثل الشروق والرحاب والتجمع غرقت في مياه الأمطار بسبب عدم وجود إشراف جيد على المشروعات، وغياب الضمير بجانب ضعف الكفاءات البشرية الهندسية، واصفًا الأمر ب"المهزلة"، على حد قوله. وأشار رئيس جمعية الطرق، إلى أن المعايير الصحيحة الواجب مراعتها عند تصميم الطرق، وجود شبكة تصريف أمطار، ومراعاة المناسيب ويراعى الطبيعة الجغرافية للمكان "في حالة الطرق غير المتساوية يكون له شغل آخر عند إنشائه".